انهمارات حضرمية

كتابات

أ. سالم العبد الحمومي

الصديق العزيز…

بعد انقطاع ممتلئ قررت أن أمد معك جسور الكتابة، ولكن مع هذا فقد قررت ألا أرسل إليك هذه الكتابة (الحديث)!!

هل تدرك معنى أن أكتب إليك، ولا أطلعك على ما أكتب؟!

يا صديقي إنني أستجلي في شخصك الغائب حضوراً أكثف!! وأبوح مستنداً إلى مزايا فريدة لمستها فيك، مثلاً كونك تبدي فتوراً مصطنعاً تجاه بعض المواقف والأشخاص لم تكن تبديه من قبل!! ولعلها كانت تستدعي منك فوراناً أو قل انفعالاً بهيجاً كرد فعل طبيعي تجاهها.. وهذا مفتاح عجيب لشخص الجديد لا يدركه الكثيرون، دعني أضرب لك مثلاً، عندما تسمع صوتاً من بعيد، من بلد في غياهب الجب الحضاري، فإنك تحرص على كتم انفعالك الطبيعي وتبدي تجاه سماعه شعوراً عادياً أو فاتراً لا يعكس حجم المفاجأة ومساحة الزمن (الشوق) ولا مسافة البعد، بينما داخلك يمور بانفعال جميل صاخب.

لا أدري ما المنطق الذي يدفعك إلى إخراسه وحجبه عن نفسك، وعن المتواصل معك. ومثال آخر، أنك تبدي مرحاً عجيباً وتماسكاً فريداً تجاه النكسات والإخفاقات العميقة التي ربما استدعت منك بحسب منطق الأشياء عبوساً واكتئاباً يليق بلونها الكامد!!

يا صديقي العزيز.. ستظل إلى أن تصل إلى مفترق طريق جديد ذلك الصحفي المبدع الذي ظل طريقه إلى عالم السوق بمادياته المجردة!! وإنني أرى أن هذه الشخصية الجديدة فيك ماهي إلا انعكاس لهذا التحول المرفوض من داخلك، هل أنا محق؟! قد لا أكون! ولكني أفصحت لك عن تصنيفي لحالك، وبعد فإنني أجد نفسي منساقاً لطرح هذا السؤال المكروه، ترى ماهي المساحة الممكنة التي تحتاج إليها العبقرية كي تتمدد بسهولة واقتدار حتى تتحقق؟! ومن ثم تتحقق للبشرية إضافة تستحق أن نقف أمامها ونتمثلها كجديد مرشد في حياتنا.

إنني لا أشك لحظة واحدة بأنك مثلي تماماً تائه في مفازة جرداء، لأنك لم تكن طاغي العبقرية، وأيضاً لم تكن مجرداً منها تماماً عندما وقفت في مفترق الطريق المصيري، ولغرابتك تبعت ألا طريق الذي يفصل بين الطريقين خوفاً من التوهان! فكان هذا مصيرك الموجع.