مدن في عيون المحضار .. الحامي

كتابات

صالح باظفاري

(الحلقة الأولى)

هبي صبا نجد واشفي بعض آلامي

وذكريني زمانًا مر بالحامي

وطيب عيش صفا لي في مساكنها قضيته بين أصحاب وارحام

الحامي مدينه تهجع على أحضان البحر، وتستيقظ على مواويل بحارتها، وترانيم أمواجها، ترسم وقع خطواتها على الساحل الجنوبي من اليمن، تسبح في فلك تقاطع دائرة العرض 78/ 14 شمال خط الاستواء وخط الطول 79/ 49 شرق جرينتش.

تكتسي بثوبها الجيلوجي المطرز بتكويناته الرسوبية، التي تغطي به جسدها وتغطي الجزء الآخر الفساتين الرملية.

التي تزيدها جمالًا على جمالها وتظهر المياه الساخنة، التي تجري في شرايينها وأوردتها المنتشرة على جسمها الرشيق الناعم.

ملكة تكتمل فيها مواصفات ملكة جمال المدن الساحلية، حيث يبلغ أعلى ارتفاع لها (100) متر فوق سطح البحر، تتفاوت مقاسات جسدها في تدرج جبلي رسوبي متناغم.

الحامي أسماؤها الأخرى:

من أسماء مدينة الحامي القديمة (عطار) بما يسمى اليوم البلاد الفوقية، وكانت تسمى (ظهار) وهي المنطقة الساحلية المقابلة للبلاد، وهي مرسى للسفن الشراعية آنذاك، كما وضحها ملاحها وشاعرها المبدع (سعيد باطائع) المولود بها سنة 1766م.

في تعريفها:

خد من خباره هلب طرح في ظهاره تعرف سعاره والا بقصد السقيه

وكما قال شاعرنا المرحوم المحضار:

وفي الحامي في رجال المجد والفخري لنا حفظو الذهب هذا شرف وفخار

ونا واجهتهم ما اعطيتهم ظهري ولي تاريخ ماباينتسي بظهار

ومن اسمها أيضا (الليا) او (الملجىء)

الحامي من الأسماء المعمارية، ومصطلحات الفن المعماري، ومعناها عند أصحاب الهندسة المعمارية (السور الحامي للمدينة)، ويقال له (الحامي) لأنَّها تقع بين تلين (تل جحي المقد) في الغرب (وتل القارة) شرقًا، وهما كحماية للقرية، وهذا القول الأرجح.

والتسمية كما أوردها ملاحها باطائع في أكثر من رباعية في منظومتيه الشهيرتين، أليسَ هو القائل:

طرب ونادي سدك بلاد الكسادي

الاسم جادي الحامي المحتميه

هكذا سكن هاجس الاسم عند ابنها الشاعر باطائع، مثلما تملك هذا الاسم وجدان الشاعر المرحوم حسين أبو بكر المحضار المتوفَّى في مدينة الشحر 5/ 2/ 2000م مثلها مثل أخريات المدن التي عاش فيها المحضار مسكونًا وظل عاشقًا لها، لقد تلذَّذ المحضار بحلاوة كثير من أسماء المدن والقرى اليمنية والعربية والأجنبية، وذاب في نسمات هوائها، وبادلها الحنان، وأعطاها من معين حبه الصادق وإحساسه الرقيق الرقيق طيَّب الله ثراه. لقد داعب المدن بكلماته، ولاطفَ أهلَها ببسماته الشعرية المرحة، وفن خفايا مداعباته، حتى في لحظات دموعها وآلام حزنها، نراه باسمًا في فرحها، وكئيبًا في خطوبها، مؤمنًا محتسبًا ناعمًا برخائها، سائدًا لشدائدها، ونرى ذلك جليًّا في القصيدة، التي كتبها في الكويت 29/ 10/ 2019م.