تراث
عبد الله صالح حداد
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 1 .. ص 43
رابط العدد 1 : اضغط هنا
ليس لهذا العلامة الديني أية علاقة بآلة الطرب الموسيقية المعروفة بآلة ( القنبوس ) ولكنها وردت في إحدى كتبه ، لهذا وجب التنبيه .
وباصبرين هو العلامة الفقيه علي بن أحمد بن سعيد بن محمد باصبرين حسبما ورد مكتوباً على غلاف كتابه ( إعانة المستعين ، حاشية فتح المعين ) المخطوط بمكتبة المخطوطات بتريم . وهو من قرية ( قرحة باحميش ) التي تقع بأعلى الفرع الأيمن لوادي دوعن . ولا تعرف سنة ميلاده ولا سنة وفاته . لكن الاحتمال هو ( أن يكون ميلاده في العشرين الثانية من القرن الثالث عشر ووفاته في حدود العشر الأولى من القرن الرابع عشر ) الهجرين . كما يقدر ذلك الفقيه علي سالم بكير المدير السابق لمكتبة الأحقاف بتريم ( انظر الحكمة عدد 135 ، أكتوبر 1988 وكتابه ( رجل وكتاب ) .
ويقيد الحداد في كتابه ( الشامل ) عند ذكره لوادي دوعن بقوله ( القرحه … ويسكنها آل باحميش وآل باصبرين من نوّح وسيبان ) وقل على بكير ( أنه فقيهاً ذكياً ) وقال ابن عبدالله في ادام القوت ( كان جبلاً من جبال العلم ) .
وما يلفت النظر ان المؤرخ عبدالله السقاف لم يترجمه في كتابه المشهور ( تاريخ الشعراء الحضرميين ) والمحتمل انه ( لم يترجمه لشيئ في نفسه ، لاسيما أنه جرت بينه وبين والد مؤلف تاريخ الشعراء أخذ ورد في مسائل الفرووع الفقهية … كما تجاهل ابن عبيد الله أيضاً لشيء جرى بينهما ) جاء ذلك كتاب بكير ( رجل وكتاب )
وقد هاجر العلامة باصبرين إلى الحجاز ومارس هناك التجارة بجدة دار هجرته وبها نشر علمه وله بها تلاميذ كثيرون وقد كان شجاعاً ذا عزم ( واحسب أن له بداً من الثورة التي وقعت بجدة على قناصل الدول وهي واقعة مشهورة وقد تمكن من الفرار فسلم .
وهو الذي أثار العوام على الأبنية التي جعلت على الجمرات الثلاث بمنى فجمعوا عليها وأخرجوها . وطلبه والي مكة الشريف ، فهرب إلى حضرموت طريق البر ولم يستطع بعد ذلك المجيء إلى مكة ظاهراً إلا أ،ه حج مرتين شخصياً براً … مع أن الشريف عمل بإشارته في تحويط الجمرات فسلم الناس الضعفاء من كثير من أضرار الرخام ، فقد كان رأيه موافقاً لرأي الشريف ولهذا بادر الأخي بتنفيذه وطلب منه أن يكثر التردد عليه ) .
وهذه المعلومات مأخوذة من مقال لعلي سالم بكير نشر بمجلة الحكمة ( 153 ) ثم جمعت مقالاته وصدرت في كتاب بعنوان ( رجل وكتاب ) صدر عن دار حضرموت للطباعة والنشر بالمكلا .
وللعلامة باصبرين عدد من المؤلفات جلها في الفقه وفروعه والتي منها في مقامنا هذا الموسوم بـ ( الجمل من المهمات الدينية في بعض المرتكب من المناهي الربانية ) وهو عبارة عن رسالة نقد فيها بعض التصرفات الجارية في بلده . وكتب منها نسخاً وارسلها إلى الوجهاء والزعماء والأعيان في كل بلدة … وقد أثارت عليه هذه التوجيهات التي قدمها لمجتمعه حفيظة الرأي العام . رغم خلوص نيته وشعوره بأن هذا واجب يفرضه عليه دينه وعمله . ورغم ذلك ضاعت نسخ هذه الرسالة ما عدى واحدة بمكتبة الأحقاف تحت رقم … كتبها سعيد بن محمد جابر الأحمدي سنة 1303هـ وهي رديئة الخط كثيرة الغلط وتقع في 22 ورقة .
وفي مقدمة هذه الرسالة يقول العلامة باصبرين ( لمّا منّ الله الكريم ………… علي بالوصول إلى وطني الميلادي قرية القرحة أعلى وادي دوعن بعد الحط والترحال من أرض الحجاز المكرمة في واحد وعشرون رمضان المبارك عام ألف ومائتين وأربعة وتسعين ، نظرت إلى ما للناس له من المناهي الربانية وكبون وعليه بتقدير العزيز العليم من المخالفات عاكفون … ولقد جمعت في هذه العجالة خمساً وسبعين من مهمات الدين مما عمّ الابتلاء بالتلبس بها … )
ونحن نركز هنا على المسألة رقم ( 48 ) من هذه الرسالة والتي يقول العلامة باصبرين فيها ( العنفيطة والمزمار والمدروف والقنبوس والربابه كلها ألآت محرمة على معتمد جميع المذاهب بخلاف نفير الحج والحرب والعيد )
ونلاحظ من عنوان الرسالة ومن المقدمة الألفاظ التالية : ( المرتكب ، راكبون ، عاكفون ، عم الابتلاء ) وهي ألفاظ تدل على ان المسائل التي ينتقدها العلامة تمارس …… زين وقبل أن تكتب رسالته هذه في التاريخ الذي يوافق 29 سبتمبر 1877م .
وبما أن الفنان سلطان بن صالح بن الشيخ الذي قيل خطأ أنه أول من أدخل القنبوس والعزف عليه في حضرموت عاش للفترة مابين ( 1286- 1321هـ ) (1869- 1904م ) فإن العلامة باصبرين كتب رسالته وعمر الفتان سلطان ثمان سنوات فقط . وهنا يبطل الإدعاء بهذا القول ، فالقنبوس هذه الآلة الوترية موجودة في حضرموت قبل هذه المدة بكثير ولقد اطلع المستشرق البريطاني روبرت سارجنت على كتاب / رسالة العلامة باصبرين هذه ، أورد ذلك في كتابه ( نثر وشعر من حضرموت ) لكنه قال : ( وعندما استفسرت عن ( العنفيطة التي ذكرها ( باصبرين ) قيل لي بأنها ( الزيتي ) وهي كلمة تستعمل في عدن للصفارة العسكرية ) وكان لابد أن نؤكد أن الزيتي ربما تكون لفظة هندية ، ولكنها لا تعني غير الصفارة في عدن وحضرموت . ولكن الحقيقة غير هذه فالعنفيطة هي الجزء المركب على أحد قصبتي المزمار المجوز ، وهي التي يخرج منها الصوت ، وتكون من القصب ، ويسميها البعض ( الريشة ) ولكل مزمار عنفيطتا أي ريشتان .
والمثل الشعبي يقول ( عنفطي وإلا خشعتش ) ، عنفطي أي زمري اطلقي الصوت ، وخششعتش ، جعلتك تسكتين ولا ينطلق منك الصوت وذلك بكسرك ، وخشع الصوت يعني سكن .
والآن لم يعد لأي إنسان الحق لأن يردد ما سبق ان قبل من ان القابوس آلة طرب ادخلها …….. سلطان بن الشيخ علي ، وعلى ذلك يجب ان تعدل المعلومات في أي كتاب يعاد طباعته وحتى يصح ما يقال أنها طبعة منقحة ومزيدة .
و إلى لقاء في حلقة جديدة