لغويات
أ.د. عبدالله صالح بابعير
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 1 .. ص 42
رابط العدد 1 : اضغط هنا
من ألفـاظ اللغة :
نقل الثعالبي في ( فقه اللغة ) عن أحمد بن يحيى ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، الألفاظ الدالَّةَ على الحُسْن في العربية ، وتقسيمها على أجزاءٍ مختلفة :
ـ فالصَّـباحَة في الوجه ، ففي تاج العروس : (( والصَّبَاحَةُ : الجَمالُ ، هكذا فَسَّره غيرُ واحدٍ من الأَئمَّة ، وقَيَّده بعضُ فقهاءِ اللُّغَة بأَنه الجَمالُ في الوَجْهِ خاصَّةً …. وقد صَـبُحَ ، ككَرُمَ ، صَبَاحَةً : أَشْرَقَ وأَنارَ … فهو صَبِيحٌ وصُبَاحٌ وصُبّاحٌ … وصَبْحانُ … والأُنثَى فيهما بالهاءِ ، والجمع صِبَاحٌ … وقال اللَّيث : الصَّبِيْـحُ : الوَضِيءُ الوَجْهِ )) . وفي الاشتقاق لابن دريد : (( ورجلٌ صَبِيْحٌ بَيِّـنُ الصَّباحةِ ، إذا كان جميلاً ، من قومٍ صِباح )) .
ـ والوَضاءَةُ في البَشَرَة عامَّةً ، وفي اللسان : (( والوَضَاءَةُ : مصدرُ الوَضِيءِ ، وهو الحَسَنُ النَّظِيفُ . والوَضاءَةُ : الحُسْنُ والنَّظافةُ . وقد وَضُؤَ يَوْضُؤُ وَضَاءَةً ، بالفتح والمدِّ : صار وَضِيئًا ، فهو وَضِيءٌ من قَوْم أَوْضِياءَ وَوِضَاءٍ ووُضَّاءٍ …. وفي حديث عائشة : لَقَلَّما كانتِ امرأَةٌ وَضِيئةٌ عند رجلٍ يُحِبُّها . الوَضَاءَة : الحُسْنُ والبَهْجةُ . يقال وَضُؤَتْ ، فهي وَضِيئةٌ . وفي حديث عمر t لِحَفْصةَ : لا يُغُرَّكِ أَن كانَتْ جارَتُكِ هي أَوْضَأَ مِنْكِ ، أَي أَحْسَنَ )) يقول علي بن الجهم :
وَضِيءٌ كَنَصْلِ السَّيْفِ إِنْ رَثَّ غِمْدُهُ إِذا كانَ مَصقُولَ الغِرارَينِ مِخْـذَما
ـ والجمال في الأنف ، وقيل : الجمالُ مطلَقُ الحُسْن ، يقع في الأجسام والأفعال . يقول صاحب اللسان : (( والجَمَال : مصدر الجَمِيل ، والفعل جَمُـلَ . وقوله عز وجل : } ولَكُمْ فيها جَمَالٌ حِيْنَ تُرِيْحُونَ وحِيْنَ تَسْرَحُونَ { ، أَي بَهاءٌ وحُسْن . ابن سيده : الجَمَال الحُسْنُ ، يكون في الفِعْل والخَلْق . وقد جَمُلَ الرجُلُ ، بالضم ، جَمَالاً ، فهو جَمِيلٌ وجُمَال ، بالتخفيف ، هذه عن اللحياني ، وجُمَّالٌ ، الأَخيرة لا تُكَسَّر . والجُمَّال ، بالضم والتشديد : أَجمل من الجَمِيل . وجَمَّـلَهُ أَي زَيَّـنَه …. وامرأَة جَمْلاءُ وجَميلةٌ … قال :
وَهَبْـتُهُ مِنْ أَمَـةٍ سَوْداءِ لَيْسَتْ بِحَسْـناءٍ ولا جَمْـلاءِ
وقال الشاعر:
فَهْيَ جَمْـلاءُ كَبَـدْرٍ طالعٍ بَـذَّتِ الخَـلْق جميعًا بالجَمَالْ
وفي حديث الإِسراءِ : ثم عَرَضَتْ له امرأَةٌ حَسْناءُ جَمْلاءُ ، أَيْ جَمِيلةٌ مليحةٌ ))
ـ والحَـلاوةُ في العينـين ، أي أن يكون الشيءُ حُلوًا في النظر . جاء في اللسان : (( والحُـلْوُ من الرجال : الذي يَسْـتَخِفُّه الناسُ ويَسْتَحْـلُونَه وتستَحْـلِيهِ العينُ ؛ أَنشد اللحياني :
وإني لَحُـلْوٌ تَعْـتَرِيْنِي مَرَارَةٌ وإنِّي لَصَعْبُ الرأْسِ غيْـرُ ذَلُولِ
والجمع حُلْـوُونَ ، ولا يُكسَّر ، والأُنثى حُلْـوَةٌ ، والجمع حُلْواتٌ ، ولا يُكسَّر أَيضًا . ويقال : حَلَتِ الجاريةُ بعينِي وفي عيني ، تَحْـلُو حَلاوَةً .واسْتَحْلاه : من الحَلاوة كما يقال استجادَه من الجَوْدة )) ، ويقول أبو تمام :
فَلَقِيْـتُ بَيْنَ يَدَيْـكَ حُـلْوَ عَطائِهِ وَلَقِـيْتَ بَيْنَ يَـدَيَّ مُـرَّ سُؤَالِهِ
ـ والمَـلاحةُ في الفـم : وفي اللسان : (( والمِلْحُ: الحُسْنُ ، من المَلاحة . وقد مَلُحَ يَمْـلُحُ مُلُوحةً ومَلاحةً ومِلْحاً ، أَي حَسُنَ ، فهو مَلِـيْحٌ ومُلاحٌ ومُلاَّح . والمُلاَّحُ أَمْـلَحُ من المَليح …. وجمع المَلِيحِ مِلاحٌ ، وجمعُ مُلاحٍ ومُلاَّحٍ : مُلاحُون ومُلاَّحُونَ ، والأُنثى مَلِيْحَة …. والمُلْحَة والمُـلَحةُ : الكلمة المَليحة )) يقول عمر بن أبي ربيعة :
قُـلْ لِلمَـليْحَةِ قَد أَبلَتْـنِيَ الذِكَرُ فَالـدَّمْعُ كُـلَّ صَباحٍ فيْـكِ يَبْتَدِرُ
ـ والظَّـرْف في اللسان ، جاء في تاج العروس : (( والظَّرْفَ : الكِياسَةُ كما في الصِّحاحِ ، وهكذا صَرَّحَ به الأَئمة ، قال شيْخُنا : وبعضُ المُتَشَدِّقِينَ يقولونه بالضمِّ ، للفَرْقِ بينَه وبينَ الظَّرْفِ الذي هو الوِعاءُ ، وهو غَلَطٌ محضٌ لا قائِلَ به . وقد ظَرُفَ الرَّجُلُ ، ككَرُمَ ، ظَرْفًا وظَرافَةً …. فَهو ظَريفٌ من قَوْمٍ ظُرَفاءَ هذه عن اللِّحْيانِيِّ ، قالَ ابنُ بَرِّي : وقد قالوا : ظُرُف، ككُتُبٍ، وقوم ظِراف ككِتابٍ ، وظَرِيفِينَ ، وقد قالوا : ظُرُوف قالَ الجوْهَرِيّ: كَأنَّهُم جَمَعُوه بعدَ حَذْفِ الزائِدِ … أَو الظَّرْفُ إِنَّما هو في اللِّسانِ ، فالظَّرِيفُ هو البَلِيغُ الجَيِّـدُ الكَلامِ ، قاله الأَصْمَعِيُّ، وابنُ الأَعرابيِّ ، واحْتَـجَّا بقَوْلِ عُمَرَ في الحَدِيثِ : إِذا كانَ اللِّصُّ ظَريفًا لَمْ يُقطَعْ ، أَي إِذا كانَ بلِيغًا جيِّدَ الكَلامِ احْتَجَّ عَن نَفْسِه بما يُسْـقِطُ عنه الحَدَّ )) وفي الأغاني من أخبار حسين بن الضحاك : (( ويقال: إنه أول من جالس منهم محمد الأمين . شاعرٌ أديبٌ ظريفٌ مطبوعٌ ، حسنُ التصرف في الشعر حلوُ المذهب ، لشعره قبول ورونق صافٍ )) وفي الأمالي لأبي علي القالي : (( قال معاوية للناس : كيف ابنُ زيادٍ فيكم ؟ قالوا: ظريفٌ ، على أنه يَلْحَنُ ، قال فذاك أظرفُ له . ذهب معاوية إلى اللحن الذى هو الفطنة ، وذهبوا هم إلى اللحن الذى هو الخطأ ))
ـ والرشاقـة في القَـدِّ ، جاء في اللسان : (( والمُرْشِقُ والرَّشِيقُ من الغِلمان والجَواري : الخَفِيفُ الحَسَنُ القَـدِّ اللَّطِيفةُ . وقد رَشُقَ ، بالضم ، رَشاقةً . التهذيب : يقال للغلام والجارية إذا كانا في اعْـتِدال : رَشيقٌ ورَشِيقةٌ ، وقد رَشُقا رَشاقة . وناقة رَشِيقة : خفيفة سريعة )) . وفي الأغاني : (( كان حنين غلامًا يحمل الفاكهةَ بالحيرة ، وكان لطيفًا في عمل التحيات ، فكان إذا حمل الرياحين إلى بيوت الفتيان ومياسير أهل الكوفة وأصحاب القيان والمتطربين إلى الحيرة ، ورأوا رشاقته وحُسْنَ قَـدِّه ، وحلاوتَه وخفةَ روحه ، استحلَوْه ، وأقام عندهم وخفَّ لهم )) يقول أبو نواس :
تَقِـيُّ النَّفْسِ أزْهَـرُ قُرْطَـقِيٌّ رَشِيْـقُ القَـدِّ كالظَّبْيِ النَّعُـوسِ
ـ واللـباقة في الشَّـمائل ، وفي اللسان : (( اللَّـبَقُ : الظَّرْفُ والرِّفْقُ . لَبِـقَ، بالكسر، لَبَـقًا ولَباقَةً ، فهو لَبِـقٌ … والأُنثى لَبِقَةٌ . ولَـبُقَ فهو لَبِيْـقٌ كلَبِقٍ ، والأُنثى لَبِيْقَةٌ … وقيل : اللَّبِـقَةُ واللَّبِيقة : الحَسَنَةُ الـدَّلُّ واللِّبْسةُ اللبيبةُ الصَّـنَاعُ ، وقال الفراء : اللَّبِقةُ التي يشاكلها كلُّ لباسٍ وطِيْبٍ . الليث: رجل لَبِقٌ ويقال لَبِيق ، وهو الحاذق الرفيق بكل عمل ، وامرأَةٌ لبيقة ظريفة رَفيقةٌ ويليق بها كلُّ ثوب . أبو بكر: اللَّبِـقُ الحُـلْوُ اللَّـيِّنُ الأخلاقِ ، قال: وهذا قول
ابن الأَعرابي ، قال: ومن ذلك المُلَبَّـقة ، إنما سميت مُلَبَّـقةً لِلِـيْنِها وحلاوتِها ، وقال قوم : معناه الرفيقُ اللطيفُ العمل … وهذا الأَمر يَلْبَـقُ بك ، أي يوافقك ويزكو بك . الأَزهري: العرب تقول هذا الأَمر لا يليق بك ولا يَلْيَقُ بك ، فمن قال لا يليق فمعناه لا يحسن بك حتى يَلْصَق بك ، ومن قال لا يَلْبَـقُ فمعناه أَنه ليس يوفَّق لك . ومنه لَبِقَ به الثوبُ أَي لاق به ))
ـ وكمالُ الحُسْنِ في الشَّـعَر . وهذا ما ختم به الثعالبيُّ تقسيم ألفاظ الحُسْن والجَمال ، فتَبارَكَ اللهُ أحسنُ الخالقين .