آفاق
وليد التميمي
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 2 .. ص 113
رابط العدد 2 : اضغط هنا
نماذج كثيرة انطوت عليها العملية الاتصالية، وشكلت في مجملها ملامح سيرورة تطورها اللامتناهي، هذا النماذج تعتبر بمثابة خرائط تفصيلية للمعالم الأساسية لعملية الاتصال والتي تخضع لتحولات قد تبدو مرتبطة أيضا بنظريات التأثير الإعلامي.
يعد نموذج لاسويل أحد نماذج العملية الاتصالية الذي تجاوز النموذج الخطي أو المباشر الذي كان يرى أن عناصر الاتصال هي المرسل والرسالة والمستقبل، ويصف الباحث هارولد لاسويل عمليات الاتصال في نموذجه بوساطة ما يمكن أن نسميها معادلة 5*5، وتشمل 5 أسئلة، هي من؟ يقول ماذا؟ بأية وسيلة؟ لمن؟ وما هو التأثير الحاصل؟. ويشارك في الإجابة عليها 5 مركبات، هي، المرسل و الرسالة والوسيلة والمستقبل والثأثير.
نموذج لاسويل:
لقد انصب تركيز لاسويل على المستقبل الذي يسعى المرسل للتأثير عليه، مفترضاً أن الرسائل الاتصالية دائماً لها تأثير، وهو ما عرض طرحه للانتقادات، وجعل نموذجه قابل للاستخدام والتطبيق في تحليل الدعاية السياسية لقياس أثرها على الرأي العام وخاصة في تحليل الحروب النفسية وفي عملية الإعلان التجاري.
النموذج الدائري:
بعدها ظهر النموذج الدائري للاسجود وشرام، الذي يعتبر النموذج السائد حالياً، ويعتمد على دراسة سلوك المرسل والمستقبل في تفسير عملية الاتصال، يقوم النموذج على فكرة ما توجد في ذهن المؤلف (المرسل) يريد أن يوصلها إلى المستقبل أو حتى يشاركه فيها، فيعمد إلى تحويلها إلى رمز على شكل كلمات منطوقة أو مكتوبة أو إشارات يضعها في رسالة للمستقبل الذي يضع أيضاً فكرته أو مشاعره في رموز ويصوغها في رسالة جديدة يرسلها للمرسل الأصلي (المستقبل الجديد)، الذي بدوره يحولها إلى رموز بعد تفسيرها أو ترجمتها ليتمكن أيضاً من فهمها، وهكذا دواليك.
دراسة خصائص الجمهور:
ومن الملاحظ في نموذج لاسجود وقبله لاسويل أن الرسالة الإعلامية حتى تحقق هدفها في التأثير على المستقبل وتجعله يتفاعل معها ويتبادلان الأدوار سوية، فأنها تقتضي من المرسل دراسة خصائص الجمهور، ومعرفة أبرز احتياجاتهم، والتناغم مع قيمهم، والحرص على عدم ضرب معتقداتهم ومهاجمة رموزهم، إلى جانب أنها تتطلب اختيار الوسيلة الإعلامية التي تتناسب مع المستوى التعليمي والإمكانيات التكنولوجية للمستقبل، فلا يجوز مثلا أن نستهدف جمهور في الصحراء برسالة تلفزيونية وهم يعيشون في البراري بلا أي خدمات بما فيها الكهرباء، كما أنه من غير المعقول أن نوزع صحف في منطقة أغلب من يقطنها هم من الأميون ممن لا يعرفون لا القراءة ولا الكتابة، وفي هذا الحالة يفترض التوجه إليهم بالرسائل الاتصالية عبر جهاز المذياع مثلا.
النفوذ والخبرة:
إلى جانب ذلك لا بد أن يتمتع المرسل بالنفوذ والخبرة التي تضفي تأثيرا أعلى للرسالة الإعلامية.. كتقديم طبيب متخصص للحديث عن كيفية مواجهة وباء والحد من انتشاره، وأن يتحلى بالمصداقية في الطرح والموضوعية في العرض قدر الإمكان، ونذكر هنا أن إذاعة bbc تحظى بسمعة طيبة لدى شريحة واسعة من الجمهور العربي نظراً لحرصها على إذاعة الخبر من مصدرين مختلفين، دون إغفال حقيقة أن التلفزيون كوسيلة إعلامية مازال هو السلاح الأكثر تأثيرا في التأثير على المستقبل لأن له علاقة بالواقع غير تأثير الصورة، فهو يتفاعل مع كل الحواس، كما أكد ذلك عالم الاتصال مكلوهان في نظريته وسائل الاتصال كامتداد للحواس التي كشف عنها في الستينات، بالإضافة إلى أنه بإمكان المرسل الاستعانة بقادة الرأي للتأثير على الشرائح الاجتماعية المستهدفة من خلال تفسير الرسائل الإعلامية والتعليق عليها، وهو ما يحيلنا لفهم أكثر لنظرية انتقال المعلومات على مرحلتين.
تغيير وتمسك:
إن الرسالة التي يصوغها المرسل عادة ما ترمي إلى إحداث تغيير في فهم الجمهور لواقع قائم أوحدث طارئ، أو أنها تجعلهم يتمسكون بمواقفهم وآرائهم إزاء قضية تهم الرأي العام، لذلك نجد أنها تخاطب عقولهم وتسعى للتأثير على قناعاتهم، من خلال إخضاعهم للمشاهدة المتكررة تحقيقا لمبادئ نظرية التأثير التراكمي، أو التركيز على جزئية معينة من الحقيقة دون إظهارها كاملة في رسالتها المبثوثة عبر وسائل الإعلام المختلفة، بما يتماهى مع نظرية التأطير الإعلامي، إلى جانب تحقيق خاصية التفاعلية بين طرفي عملية الاتصال التي تقدم توصيف كامل لها نظرية الاستخدامات والاشباعات التي أسقطت تهمة سلبية الجمهور، وأظهرت أنهم شركاء في اختيار المضمون الإعلامي الذي يلبي حاجاتهم النفسية والاجتماعية.
المراجع:
1- مدونة الاعلام الرقمي وعلم المعلومات
2- نماذج الاتصال- خليل عبدعلي خليل- صحيفة الوسط البحرينية- العدد146
3- كتاب نظريات التأثير الإعلامية – عبدالحافظ صلوي.
4-مفهوم المصداقية- مدونة مدرسة الصحافة المستقلة