حديث البداية
أ. محمد بن سالم بن علي جابر
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 3 .. ص 4
رابط العدد 3 : اضغط هنا
ونحن نضع بين يديك – عزيزي القارئ – العدد الثالث من مجلتكم (حضرموت الثقافية) نكون في مركز حضرموت للدراسات التاريخية والتوثيق والنشر قد طوينا عامنا الأول من عمره العلمي والبحثي والثقافي، إذ جاءت انطلاقته في العشرين من ديسمبر من العام 2015م محاولة جادة لاستعادة الدور الحضاري الذي عرفته حضرموت في حقب بعيدة، وسعياً عميقاً لاستلهام تراثها الفقهي والعلمي والفلكلوري الشعبي الأصيل.
إننا ندرك – جيداً – حقيقة الفعل الثقافي والتراكم المعرفي الذي تنشغل به الكثير من المراكز البحثية والمكونات الثقافية الرصينة وهي ترسم خطى الرحلة وتنقش أهدافها العميقة فتترجمها واقعاً من خلال البرامج والأنشطة والفعاليات والندوات والمحاضرات والمؤتمرات وحلقات النقاش والإصدارات، التي تؤسس لهذا الفعل وذلك التراكم.
لقد كنا نعي – ومازلنا – أن المشهد الثقافي والعلمي والبحثي في حضرموت قد مرّ بسنوات عجاف أثرت كثيراً على حيويته وديمومته، وأحدثت – هذه السنون – انقطاعاً معيباً لحضرموت التاريخ والثقافة والحضارة التي امتد تأثيرها في كل المهاجر الحضرمية وحيثما حط (الحضرمي) رحاله معلناً عن تجربة إنسانية جديدة تمتح من ذلك الإرث الحضاري الذي تمثله وتمتص رحيق الراهن الذي انغمست فيه فصارت جزءاً أصيلاً من مكوناته وخير تعبير عنه وعنواناً له.
ولكننا – أيضاً – سررنا كثيراً واستعدنا الثقة في منظومة الوعي الثقافي والحضاري في حضرموت الوطن والمهجر عندما لمسنا ذلك الصدى الطيب والتفاعل الكبير عند إصدار مجلة (حضرموت الثقافية) وما أحدثته من حراك ثقافي ومعرفي يزداد تشكلاً ويتعمق حضوراً ويتنوع رؤى ويتجدد مواقف وزوايا نظر لماضينا التليد وراهننا الملبد بغيوم تتبدد شيئاً فشيئاً، وما هذه الدراسات والأبحاث والكتابات والحوارات والاستطلاعات والتراثيات التي يحتضنها العدد الثالث إلا دليل على نفض المثقف الحضرمي في داخل الوطن وخارجه لغبار تلك السنين الذي خيم على المشهد الثقافي في حضرموت الأرض والإنسان والتاريخ والتراث.
إن ما نتمناه – ونحن نطوي أسطر هذه الافتتاحية من جميع النخب الأكاديمية والثقافية والمهتمين بالتاريخ والتراث – هو استمرارية العطاء وجدية المساهمة وتنوع الكتابات لمجلتكم (حضرموت الثقافية) لتؤدي دورها ورسالتها باستمرار، فحضرموت الثقافية هي خلاصة حقيقية لجهودكم الطيبة وتفانيكم المثمر لتبديد ما تبقى من غيوم ولرسم مشهد جديد لحضرموت، كل حضرموت.