أضواء
محمد سالم بن صويلح
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 5 .. ص 20
رابط العدد 5: اضغط هنا
مصنعة(1) آل العمودي بمدينة صيف هي مجموعة من المباني الطينية، تقع فوق تل يشرف ويطل على كل أنحاء المنطقة، وتبدو المصنعة للعيان من جميع الجهات، وتعود لأسر آل العمودي، وقد أشار المؤرخ ابن عبيد الله السقاف في كتابه معجم بلدان حضرموت إلى هذا المعلم بقوله ( ولها – أعني صِيْفاً – قلعة صعبة المرتقى يسكنها الشيخ باعلي وهو شيخ شهم رحب الجناب واسع الصدر كريم الشيم من ذرية الشيخ علي بن سعيد بن عيسى العمودي …) ومما قاله شعراً عندما أتى إلى صيف :
وسرنا إلى صيف ولم تر مقلة كجامعها في ارض دوعن أكتعا
وهبّوا بنا في ضجة وزمـاجر إلى علو حصــن للنجوم تطلـعا
وتعد المصنعة من المعالم الأثرية والسياحية بوادي دوعن محافظة حضرموت .. لم يعرف تاريخ بنائها حتى هذه اللحظة؛ إذ يحتاج الأمر إلى دراسة من قبل المختصين في جانب التاريخ. وتعود المصنعة لأسرة آل العمودي التي جمعت بين سلطة العلم والحكم في آن واحد، وهي مجموعة من المباني المتراصة والمتلاصقة بعضها ببعض، أقدمها الغُلب وهو يشكل المصنعة القديمة، ومع توسع الأسرة تمت إضافة عدة مبانٍ تحيط بالغُلب القديم الذي يوجد به مصلى صغير ومجموعة من مخازن الحبوب والتمور وسلسلة مترابطة من المباني يسهل التنقل بينها من الداخل وهي تعتلي أعلى قمة بمدينة صيف.
ومع مرور الزمن تعرضت هذه المعالم للاندثار بفعل الأمطار وعبث بعض الأيادي التي حاولت أكثر من مرة الاعتداء عليها مما أدى الأمر إلى تغير الكثير من معالم هذه المباني واندثار البعض منها خصوصاً ما يسمى الغُلب الذي تدمر بالكامل واختفت معالمه إذ يعد أعلى موضع بالمصنعة.
ونتيجة لما تعرضت إليه هذه المباني وفي لفتة كريمة من أسرة آل العمودي ملاّكها الذين استقر بهم المقام بالمملكة العربية السعودية كغيرهم من الحضارمة في طلب الرزق تم تمويل مشروع لتأهيل وصيانة وترميم المباني عبر مؤسسة دوعن للتنمية ضمن مشروع أطلق عليه الحفاظ على التراث الإنساني المعماري؛ حيث أوكلت هذه الأعمال للمقاول صالح باشامخة باستخدام عمالة حضرمية ماهرة، روعي خلالها الحفاظ على نمط العمارة الطينية التي اشتهرت بها مباني وادي حضرموت من حيث استخدام الخامات المحلية مثل الطين والنورة وإعادة الرسوم والزخارف الموجودة بالنمط نفسه.
ومما ميّز هذا المعلم التاريخي وإعطاءه لمسة جمالية إعادة غرفة الغُلب بالمصنعة القديمة ضمن أعمال التأهيل والصيانة؛ حيث أصبحت غرفة الغُلب تطل وتشرف على ثلاث جهات لمدينة صيف، وهي أعلى غرفة ضمن مباني المصنعة.
وتمَّت إضافة مئذنة مسجد جحلان، الواقع بجانب هذه المباني بهوية المآذن نفسها بوادي حضرموت، إضافة إلى السور والبوابة التي أنشئت بهدف حماية هذا الموروث من الاعتداء مرة أخرى، مع وضع مسميات لجميع المباني شملت الأسر التي تسكنها من مشائخ آل العمودي ..
ولتوثيق جميع عمليات التأهيل والصيانة التي شهدتها المصنعة على مدى 12 شهر وذلك من ديسمبر 2015م إلى ديسمبر 2016م تم عمل معرض دائم للصور عرضت أثناء الافتتاح الرسمي الذي تم برعاية اللواء أحمد سعيد بن بريك محافظ حضرموت الذي مثله مدير مديرية دوعن الأستاذ سالم علي الهيج لتصبح المصنعة في ثوبها الجديد واجهة تاريخية ومعلماً سياحياً للمنطقة وربوع حضرموت التي نأمل أن تصبح مزاراً سياحياً يوماً ما …