أضواء
محسن علوي أبو بكر باعلوي
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 6 .. ص 23
رابط العدد 6 : اضغط هنا
لمحة عن واقعة الحُكم القضائي للشَّيخ سعيد عَوًض بن طاهر:
الحكم وقع سنة (1356هـ)، وهي السنة التي وُلِّي فيها الشيخ سعيد بن طاهر القضاء بمدينة غيل باوزير، والذي وَلَّاه قضاء الغيل هو النائب علي بن صلاح القعيطي الذي ناب عن السلطان صالح سنة (1356هـ) أثناء غيابه بالهند.
نَصُّ الدَّعْوَى المقدَّمة للقاضي الشَّيخ سعيد عوض باوزير:
بسم الله الرحمن الرحيم
أدَّعي وأنا (سعيد أحمد باحَبَارة) حال كوني وكيلاً عن(مريم بنت سالم أحمد بامَعْرِفة) ثابتة الوكالة شرعاً على (علي صالح بلعصر) الغائب عن البَلَد الغَيبة الشَّرعيَّة المجوِّزة لسَماع الدَّعْوَى، والحُكم عليه؛ وهو:(أنَّه وَضَع يَدَه على كُرْتتين(1) من القُماش الطابرز النَّاعِم دقيق الغَزْل الجديد كل واحدة مشتملة على ستة أذرع بذراع التُّجار عن (اثنا عشر ذراع)(2)، قيمة الذراع خمسة حُروف(3)، قيمة ذلك من الرُّوبيَّات(4) البِنْقالي سبع رُوبيَّة(5)، ونص بما عليها من الزري المسمَّى بالتَّل العَدَني (ثمانتعشر ذراع)(6) بذراع التُّجار، قيمة الذراع ثلاثة حُروف، وثلاث بِيَس(7) قيمة سبع رُوبيَّة(8)، ونص، وثمن (وانه)(9) وثلاث قواقر.
واحدة منهن: صَارُوم باتِيك غليظ طولها أربعة أذرع بذراع التُّجار، وعرضُها ذراعين(10) ونص، قيمة رُوبيَّة إلاّ رُبع بِنْقالي.
والثانية: حرير صرطي ناعم طولها أربعة أذرع بذراع التُّجار، وعرضها ذراعين(11)، ونص، قيمة رُوبيتين إلاّ رُبع بِنْقالي.
والثالثة: كَريْب (12) ناعم طولها أربعة أذرع بذراع التجار، وعرضها ذراعين(13) ونص قيمة رُوبيَّة إلاّ ربع بنقالي، ومقلمة من الحرير الإبريسم الأحمر الناعم المسمَّاة في عُرف بلدنا زنجبارية أم طرفين قيمة أربع عشر(14) رُوبية بِنْقالي، ومقلمة فيصل المعمُولة من نوع السُّلُب(15) خشنة طولها أربعة أذرع بذراع التُّجار، وعرضها ذراعين(16) إلاّ رُبع قيمة رُوبيَّة؛ ونص بنقالي، وثَوب لاسو(17) أصفر من الغَزْل الكَتَّان طول أربعة أذرع بذراع التُّجار، وعرضه ثلاثة أذرع إلاّ رُبع قيمة رُوبيَّة إلاّ رُبع بِنْقالي بما عليه من زري المسمَّى بالتَّل العَدَني اثنا عشر ذراع(18) بذراع التُّجار، قيمة الذراع حرفين(19) قيمة ثلاث رُوبية(20) بِنقالي، وكُرْته كَريْب معمُولة من السُّلب النَّاعم طولها ستة أذرع بذراع التُّجار بما عليها من زري المسمَّى بالتَّل العَدني قيمة رُوبيتين إلاّ رُبع بِنقالي.
و(حُلي اثنين صُموط(21) فضة حق اليد، ميزان رُبع رطل، وثمن قيمة سبعة ريال(22)، واثنين جَمَك(23) ميزان أوقية قيمة قرشين(24)، وشكَّتين (25) من الفرج(26) المعروف، فيهن ثمانتعشر(27) حبة، الحبة ميزان نص أوقية قيمة تسعة ريال.
وجُملة قيمة المُدَّعَى به ثمانتعشر ريال(28)، ومن الرُّوبيَّات البِنْقالي تسعة وثلاثين(29)، وثلاثة حُروف ونص.
فطالبتُهُ أن يرفعَ يدَه من المُدَّعى به المذكور أعلاه، فامتنع، وهو يلزمُهُ أنْ يرفعَ يدَه مما ادَّعيتُ به، ويُسلِّم ذلك لِمُوَكِّلتي، وأنا مُطالبُهُ بذلك، ولي بيّنةٌ تشهد بما ادَّعيتُ يعْلَمُها القاضي، أريد أنْ أقيمها.
أطلب من نائب الشَّرع الشَّريف(30) سماعَها، والحُكمَ بمقتضاها، واللهُ يقولُ الحقَّ، وهو يهدي السَّبيل.
(حُكم الشَّيخ القاضي سعيد عَوَض باوزير):
حيثُ كان المُدَّعَى عليه حاضراً بالمكلا، ولم يتعذَّرْ على المُدَّعي الانتقال إليها، أو إقامة وكيل عنه في الدَّعْوى عليه رفضناها، فلم نسمعها كما نصت عليه المادة 42.
سعيد عوض بن طاهر
(تعقيب الشَّيخ القاضي عبدالله بن عَوَض بُكير):
((بسم الله الرحمن الرحيم))
چ[كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ]آل عمران:110
وفي الحديث الشريف: (مَنْ كَتَمَ علماً ألْجَمَهُ الله بلجامٍ من نارٍ يومَ القيامة)(31).
وإنَّ من أنكر المُنْكر معارضة الشَّريعة، ومدافعة أحكامها بالقوانين والمواد المخالفة لها، ولربما أدَّى ذلك إلى الردة – والعياذ بالله تعالى -، ففي فتاوى العلّامة السَّيد عبدالرحمن مَشْهور (32) نقلاً عن فتاوى العلامة بامخرمة (33): يجب أنْ تكونَ الأحكامُ كلُّها بوجه الشَّرع الشَّريف، وأما أحكامُ السِّياسة فما هي إلا ظنونٌ وأوهام، فكم فيها مأخوذٌ بغير جناية، وذلك حرام.
وأما أحكام العادة والعُرف، فقد مرَّ كفرُ مستحلِّه؛ ولو كان في موضع من يَعْرف الشَّرع لم يجز له أن يحكمَ أو يفتي بغير مقتضاه، فلو طُلِبَ أن يحضرَ عند حاكم يحكم بغير الشَّرع لم يجز له الحضور هناك بل يأثم بحضوره)) اهـ.
ويُعلم من رفض القاضي لهذه الدَّعوى رفض القضاء على الغائب الذي جاءتنا به الشَّريعة المُطهَّرة وقضى به الإمامان: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان -رضي الله عنهما- وغيرهما من الصحابة فمن بعدهم ودرجت عليه الأمة سلفاً وخلفاً. وهذا مما يخل بنظام الهيئة الإنسانية وبمصالحها الذي كلَّفت به الشَّريعة الغرَّاء، فيجب على ولي الأمر -أيده الله- نصر الشريعة وتأييدها بإقامة حدودها وحفظ كيانها، ففي ذلك الحياة الطيبة، والسَّعادة الأبدية. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
وكتبه عبدالله عَوَض بكير
تقريظ العلامة السَّيد مُحسن بن جعفر أبي نُمَي (34):
((بسم الله الرحمن الرحيم))
الحمد لله … عُرِض عليَّ ما كتبه الشَّيخ الفاضل عبدالله بُكير في واقعة الحال المشروحة وجه المسطور، فوجدتُه قد انتصر للشَّرع الشَّريف، ورفَعَ فيما حرَّره منار الدِّين الحنيف، وكبَحَ بتلك النصيحة في وجه القوانين المخالفة للنصوص الصريحة، فأقام بالأمر بالمعروف في وقت راجَ فيه الباطل المألوف، فأفاد وأجاد، وأتى بالمراد.
اللهمَّ وفِّق ولاةَ الأُمور لنُصرة الحق، ودحض الباطل؛ إنَّك على ما تشاء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
وكتبه راجي عفو ربه محُسن بن جعفر بونمي.
_________________
الهوامش:
* الشيخ عبدالله بن عَوَض بُكير، ولد سنة (1314هـ) بغيل باوزير.
واشتغل بطلب العلم على الشيخ عمر بادباه، وقرأ عليه جملة صالحة من الفنون، ولازمه نحو خمسة عشر عاماً، وَجَدَّ في التحصيل والمذاكرة، وطالع بنفسه علوماً كثيرة، وأخذ عن الشيخ عمر بن يعقوب باوزير، ثم رحل إلى (سيئون) وأخذ عن السيد علي الحبشي. ولي إمامة مسجد (الصداع )، ثم إمامة مسجد ( حباير )، ثم ولي الإمامة بمسجد (الروضة) بالغيل، ثم (اليافعي ) بها .
ولي قضاء بندر المكلا في فاتحة ربيع الأول سنة (1351هـ) =1932م. وكانت له اليد الطولى في إصلاح نظام القضاء، وله فتاوى كثيرة، وأحكام غير مجموعة.
توفي يوم الاثنين 17/جمادى الثانية /سنة (1399هـ) = 14/5 / 1979م.
** الشيخ المؤرخ القاضي سعيد بن عَوَض بن طاهر باوزير، ولد سنة (1332هـ) – ثنتين وثلاثين وثلاثمائة وألف- بغيل باوزير.
تلقى بداية تعليمه في معلامة البكري سنة (1921)م .
ثم التحق بالرباط، وبه أخذ عن السَّيِّد محسن أبي نمي، وباغوزة ، وعبدالصادق بن قويرة .
تقلَّد وظائف عدّة، وعمل كاتباً بالمجلس العالي للقضاء في المكلا.
وكان عارفاً بالأخبار ومؤرخاً أديباً له أكثر من مؤلف في التاريخ وقد انتشرت مؤلفاته في الجهات.
توفي سنة (1398)هـ =1978م.
___________________
(1) الكُرْتة: لفظة غير عربية، وتعني نوع من ألبسة النساء له أكمام، وخاصرة.
(2) كذا في الأصل، والصواب: اثني عشر ذراعاً.
(3) الحرف: عُملة تساوي ثُمُنَ الرُوبية.
(4) الروبية: عُملة هندية تساوي ثمانية حروف.
(5) كذا في الأصل، والصواب: سبع روبيات.
(6) كذا في الأصل، والصواب: ثمانية عشر ذراعاً.
(7) البَيْسة: عُملة تساوي ثلاثة أرادي، وربما قيل لها: السنت، ويجمع على سنوت.
(8) كذا في الأصل، والصواب: سبع روبيات.
(9) كلمة غير واضحة.
(10) كذا في الأصل، والصواب: ذراعان.
(11) كذا في الأصل، والصواب: ذراعان.
(12) الكَريْب: نوع من أنواع القُماش.
(13) كذا في الأصل، والصواب: ذراعان.
(14) كذا في الأصل، والصواب: أربع عشرة.
(15) السُّلب: نوع من أنواع الغزل، تصنع منه الحبال.
(16) كذا في الأصل، والصواب: ذراعان.
(17) اللاسو: كلمة سواحلية تعني الستارة، وهي إما تستر الوجه كالنقبة، وإما تستر أسفل الجسم كالصاروم، ويقال له كذلك: الليسو.
(18) كذا في الأصل، ولعل الصواب: قيمة اثني عشر ذراعاً.
(19) كذا في الأصل، والصواب: حرفان.
(20) كذا في الأصل، والصواب: ثلاث روبيات.
(21) الصُّمُوط: نوع من أنواع الحلي يلبس في عضد اليد.
(22) الريال: عُملة نمساوية كانت تستخدم في حضرموت.
(23) الجَمك: نوع من حلي النساء يلبس في الأذن.
(24) القَرش: عُملة تساوي روبيتين ونصف الروبية، أو عشرين حرفاً.
(25) الشَّكَّة: نوع من الحلي كالقلادة تشك فيها حبات اللؤلؤ أو نحوها.
(26) كلمة غير واضحة.
(27) كذا في الأصل، والصواب ثماني عشرة.
(28) كذا في الأصل، والصواب ثمانية عشر ريالاً.
(29) كذا في الأصل، والصواب: تسع وثلاثون.
(30) نائب الشرع: المقصود به القاضي.
(31) الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند في أكثر من موضع عن أبي هريرة، انظر المسند برقم (10487)، و10597)، وأخرجه أبو داود في سننه، في العلم برقم (3658)، والترمذي في سننه، في العلم برقم (2649)، وابن ماجه في مقدمة سننه (261)، والحديث حسنه الترمذي، وصححه الحاكم، وغيره، قال المنذري في مختصر السنن: والطريق الذي خرّج أبو داود طريق حسن، وقال ابن كثير في تفسيره:(وقد ورد في الحديث المسند من طرق يشد بعضها بعضاً، عن أبي هريرة وغيره أن رسول الله قال: من سئل عن علم فكتمه …الخ.
(32) فتاوى العلامة عبدالرحمن بن محمد المشهور، (ت1320هـ) تسمى بـ(بغية المسترشدين).
(33) فتاوى العلامة عبدالله بن عمر بامخرمة الملقب بالشافعي الصغير،(ت972هـ).
(34) السيد العلامة محسن بن جعفر أبونمي مفتي الساحل، ولد سنة(1306هـ)، وتوفي سنة(1379هـ).