إبداع
محمد علي باعيسى
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 6 .. ص 109
رابط العدد 6 : اضغط هنا
لعلَّهُ من قبيل العِرفان أن أكتب شيئاً عن عامي السادس في مدينة الفيسبوك، تلك المدينةُ الزرقاء التي بناها مارك زوكينبيرغو أهداني فيها حباً كبيراً وقدراً عالياً؛ فإذا أشرقت الشمسُ على ربوع المدينة يقول لي [صباح الخير] ، ثمّ إذا خيَّم الليلُ على أرجائها يقول لي [طابٓ مساؤك] ، وحين يراني شارد الذهن يسألني [ماذايخطرببالك] ؟
هذا أنا يامارك؛ شابٌّ عشريني حضرميُّ الهُوِيَّة والهوى، أعيشُ في وطنٍ تكالبتْ عليها الأزمات من كلِّ حدبٍ وصوب، فيه المقاهي تضجُّ ضجيجاً بأحاديث السياسة، والسياسة نجاسة كما يقول صاحب المقهى، ولِحُسْنِ الحظِّ أنَّـني لا أفهمُ من تلك السياسة إلّا بقَدْرِ ما يفهمهُ العجوزُ الأُميُّ من تشخيص الطبيب !
من الأديان السماوية؛ لمْ أعتنقْ غيرَ الإسلام دينًا، فأنَا مُسْلِمٌ على دين النبيِّ الذي سجدَ له الشجرُ، وبكى عليه الحجرُ، محمدٌ رسول الله الذي أمرَني بأنْ أحتفلَ بعيد الفطر وعيد الأضحى المباركَبْنِ فقط من غير سائر الأعياد؛ لذلك وفِّـر لكَ حبركَ يامارك؛ ولاتهنِّئني بأعياد المسيح؛ فأنا لسْتُ ممَّنْ يشتري شجرةَ الكريسمس ليحتفل بأعياد رأس السنة، ولا أذكر أنّٓني آمنْتُ يومًا بخرافات البابا نويل.
عن لوني المُفضَّل؛ أرجوك لاتسألني؛ فسيكولوجيـة الألوان الخاصة بي تختلف كثيراً عن سيكولوجيتك؛ فليس كلُّ أسودَ يُصيبُني بالذُّعْر والخوف، وليس كلُّ أبيضَ يُوحِي إليَّ بالأمان؛ فمثلاً، هذه الكعبةُ شديدةُ السواد لكنّني أشعرُ بالطمأنينة والخشوع حين أنظرُ إليها، وذاك البيت الأبيضُ ناصعُ البياض لكنّني حين أنظرُ إليه يوحي إليَّ أنْ كارثةً ما ستحلُّ بالوطن العربي قادمةً من سفوح واشنطن!
في المجال الرياضي؛ أذكرُ أني شجَّعْتُ المنتخب اليمني ذات مرَّةٍ في بطولة كأس الخليج؛ لكنّ اللاعبين خذلُوني على أرضية الملعب تماماً كما خذلني الوزراء على طاولة الحوار؛ فكابتن المنتخب لاعبٌ، مهاريٌّ، بارعٌ في تسجيل الأهداف ولكن ضدَّمرماه، كذلك وزير الدفاع سياسيٌ، ماكر، ولكنَّـه يستخدم المكرَ ليبطش بالشعب ويشنَّ عليه سلسلةً من الحروب!
نسيتُ أنْ أخبرك عن حالتي الاجتماعية؛ أنا ـ في الحقيقة ـ عازبٌ في هيئة متزوِّج ، وإذا رزقني الله بطفلٍ سأُخبرهُ أنّ محمدًا رسول الله هو أشجعُ رجلٍ عرفتْهُ البشرية، وأنَّ أدولف هِتلر ليس إلّا مُجرم حربٍ مهما حاول المؤرخون تحسين صورته، وإخفاءجرائمه، فرسول الله حين دخل مكّة منتصراً عفا عن مشركي قريش وقال لهم [ اذهبوا فأنتم الطُلقاء ] بينما قام هِتلر بإحراق اليهود عن بكرة أبيهم في ساحة برلين فقط بمجرّد أن استشاط غضباً عليهم! فشتَّانَ بينَ نبيٍّ يقابل الإساءة بالإحسان؛ ومُجرمٍ يبطش ساعة الغضب وهو في الخصام غيرُ مُبين!