مدارات
د. أحمد صالح رابضة
د: أحمد صالح رابضة .. أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية وتحقيق التراث الخطي المشارك جامعة عدن
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 7 .. ص 67
رابط العدد 7 : اضغط هنا
لعل من أبرز الأهداف والوسائل التي كان يهدف مركز الأبحاث الثقافية في عدن إلى تحقيقها ، البحث عن المخطوطات القيّمة وجمعها وتحقيقها ونشرها كما جاء في المادة (5) من الباب الثالث من قانون المركز ([1]) ، ونصت المادة 14 من الباب السادس أن له في سبيل تحقيق هذه الأغراض ، حيازة كل أثر ثقافي يمني بما في ذلك المخطوطات والمؤلفات ذات القيمة العلمية عن تاريخ اليمن وحضارته ([2]) .
وعلى ضوء هذا القانون ، سعت إدارة المركز منذ تأسيسها إلى إعداد اللجان العلمية الهادفة إلى رصد أماكن ومواضع المخطوطات في المحافظات ومنها شبوة ويافع وحضرموت وسواها، ثم تركزت جهودها على حضرموت؛ حيث البيوتات العلمية التي تحتفظ بالتراث الخطي ، وتشكلت وفقًا لذلك مكتبة الأحقاف بدعم من هذه البيوتات العلمية ، وبجهود كل من الأساتذة عبدالله أحمد محيرز، وعلي عقيل بن يحيى، وعبدالله عبدالكريم الملاحي، وعبدالقادر محمد الصبان، وعلي سالم بكير، وسواهم من ملاك المخطوطات وأرباب البيوتات العلمية في حضرموت، الذين بذلوا قصارى جهودهم في جمع المخطوطات اليمنية في حضرموت، وحملت كل مكتبة خطية أسم مؤسسها، وعدد مقتنياتها، وفهرست على ضوء ذلك، فهناك مكتبة بن سميط ، وآل الحداد، وآل باسهل، وآل بن يحيى، وآل الكاف وسواهم .
ولم تهيئ الظروف السياسية والثقافية لإدارة المركز فرصة سانحة للدفع بالكفاءات الراغبة في التأهيل في هذا المجال، وعلى الأخص في علم المخطوطات، وطرائق التحقيق والتوثيق، ويحسن بنا أن نعرف أن أحد العاملين في هذا الحقل قد شارك في دورة طويلة المدى في علم المخطوطات والتوثيق، وعند عودته لم يحظَ بالعناية والمساهمة في مجال تخصصه، فانكفأ ثم تحول إلى عمل إداري آخر … وقد ألمحنا فيما تقدم أن ضعف الرؤية السياسية وقتئذ أو انعدامها قد أسهم في ضعف هذا المجال، ومجالات ثقافية عدة .
وقد حرص الأستاذ عبدالله أحمد محيرز مدير عام المركز، بعد أن أوصدت الأبواب أمامه بشأن المخطوطات وتحقيق التراث على العناية بالآثار والتنقيب عنها في مناطق أثرية عدة في جنوب اليمن في شبوة وأبين وحضرموت، وقامت البعثات الأوروبية والفرنسية بالتنقيب في هذه المواقع، يرافقها عدد من الآثاريين ممَّن أكملوا دراساتهم في الآثار .
لجنة نشر المخطوطات
وفي أحد اجتماعات مجلس الأبحاث، الذي انعقد في المركز في مطلع سنة 1983م، عرض مدير عام المركز الأستاذ عبدالله محيرز خطة المركز، التي تضمَّنتْ تأسيس وتشكيل لجنة نشر المخطوطات، وهي أول لجنة تُعْنَى بنشر المخطوطات في جنوب اليمن، وبعد نقاش مستفيض أقر الحاضرون انعقاد أوَّل اجتماعاتها في سيئون وتريم .
وتشكلت اللجنة من التالية أسماؤهم :
أ . حسن ســـــالم باصـــــــديق
وعقدت اللجنة أول اجتماعاتها في 27- 29 أكتوبر من سنة 1983م في فندق السلام ، ومكتبة الأحقاف للمخطوطات بتريم ، وتركزت المناقشة حول ثلاثة محاور :
وخلصت الاجتماعات إلى اختيار ثلاث مخطوطات كمرحلة أولى :
واستعرض الأستاذ عبدالله محيرز مشروعه ومنهجه في العمل، واتفق الحاضرون أن تنشر هذه المخطوطات في حالها الأصلية، وتوضع لها المقدمات، والتعريفات، وتراجم المؤلفين، وفهارس المدن والقرى والقبائل اليمنية، وتفسير الألفاظ العامية والأقوال والمأثورات، ومعالجة التصحيفات والتحريفات بالرجوع إلى مخطوطات ومصادر أخرى .
وتم توزيع العمل على النحو الآتي :
وأقر المجتمعون ميزانية مقترحة خاصة، واتفقوا أن تدفع اللجنة للمحقق دينارًا واحدًا على كل صفحة من المخطوط .
وكانت قد تشكلت سكرتارية للجنة، مكوَّنة من الأستاذين: جعفر محمد السقاف، وكاتب هذه السطور، وحرّر المحضر يوم السبت 29/10/1983م ([3]) .
وأيًّا كان الأمر ، فقد تنبّهت بعد حين، وبعد إلمامي بفن وعلم تحقيق النصوص، إلى أنَّ الأستاذ عبدالله أحمد محيرز مدير عام المركز ورئيس جلسات اجتماعات اللجنة كان محقًّا حينما أطلق على اللجنة لجنة نشر المخطوطات، ولهذا أشارت بعض توصياتها بنشر المخطوطة في حالتها الأصلية، وتضاف إليها التعريفات والتعليقات وسواها.
كان الأستاذ محيرز يعلم علم اليقين أن الكفاءات العاملة في اللجنة، لها اهتمامات مختلفة، ففيها الفقيه، والشاعر، والأديب، والقاصُّ، والباحث، والسياسيُّ، وجلُّهم لم يدرس علم تحقيق النصوص دراسة منهجيَّة أكاديمية، ولعلَّهم بَعْـدُ لم يحققوا نصوصًا خطية في الثمانينيات من القرن الفائت، لكن ما ينبغي توكيده أنَّ هذه اللجنة هي أول لجنة لتحقيق ونشر المخطوطات في جنوب اليمن، وهي خطوة تُحسَبُ لقيادة المركز ممثلة بالأستاذين عبدالله أحمد محيرز، وعلي عقيل بن يحيى، ومن الحق التنويه أنه كان بالإمكان وقتئذٍ أن تكون هذه اللجنة الانطلاقة الأولى نحو تحقيق التراث الخطي، الذي اكتظّتْ به المكتبات الخطية، والبيوتات العلمية المختلفة، والذي تسرّب بعضه إلى خارج الوطن، وبعضه الآخر بيع بأبخس الأثمان، وتعرَّضتْ أعدادٌ أخرى منه للعبث والقوارض، بحكم ضعف الرؤية والعناية على حدٍّ سواء، فبعض السياسيين الجهلاء كان يرى أنه تراث ماضوي، لا يتوافق مع التوجه العام للدولة وقتذاك .
ومما يؤسف له أنَّـه لم تثمر جهود اللجنة، وظلَّت المخطوطات في الأرفف، ولم تر النور في غالب الظن. أكاد أستثني مخطوطة تاريخ حوادث السنين المسمَّاة خطأً ( تاريخ بافقيه الشحري )، التي قمت بدراستها وتحقيقها ثم تقدمت بها إلى كلية الآداب ، جامعة عدن لنيل درجة الماجستير … واطلع الأستاذ الدكتور جعفر الظفاري رئيس مركز الدراسات والبحوث جامعة عدن على مسوَّداتها وأصولها الأولى، وأشاد بالجهود المبذولة فيها، والتقط بعض الهنات التي قمت بتصويبها بعد ذلك ([4])، وكان قد قرأ العمل من الدفة إلى الدفة، ولم يضنَّ بوقته الثمين في مراجعتها، كما نصحني وقتذاك أن أعرضها على جامعة كامبردج في بريطانيا لنيل درجة الدكتوراه، لكن الظروف لم تكن مواتية وقتئذٍ، فلم أجبه إلى ملتمسه، أما التحقيقات الأخرى فلم أقف على واحدة منها، ولم يدعُ مدير المركز بعد ذلك إلى عقد جلسة جديدة لمناقشة نتائج أعمال اللجنة ، وانشغل القوم بمهام أخرى .
وأيًّا كانت الحال فقد تواصلت مساعي الأستاذ عبدالله محيرز رحمة الله عليه في جمع المخطوطات والوثائق بشتى الوسائل المتاحة ، وهيأ الفرصة للمنظمات والمعاهد العلمية ، وفق الخطة العامة لتصوير المخطوطات ، كما استقدم عددًا كبيرًا من الشرائط المقننة للمخطوطات اليمنية في حضرموت وسواها، واعتنى بقسم الميكروفيلم والميكروفيش ، التي أفاد منها الباحثون والاختصاصيون أيَّما إفادة ، وقدم للمكتبة الوطنية عددًا من هذه الأجهزة والشرائط المقننة التي أفاد منها الباحثون بيد أنها تعرضت بعد ذلك للاندثار بفعل الإهمال والحروب التي شهدتها مدينة عدن ، كما نقل وزير الثقافة وقتذاك مكتبة المركز الغنيَّة بالكنوز العلمية في التاريخ والآثار إلى المكتبة الوطنية بعدن.
كان محيرز قد عقد العزم على تأسيس قاعدة بحثية تعد متميزة في تلك المرحلة ، فوفر الكتب والمخطوطات والوثائق والأجهزة المختلفة ، لكنه أخفق في اختيار الكفاءات البحثية من ذوي المهارات بسبب ضعف الرؤية العلمية عند أصحاب القرار في الحكومة وقتئذٍ التي لم تهيءْ له فرصة اختيار الكفاءات المتخصصة في مجالات البحث العلمي ، بل أخذت هذه الجهات في تعيين أفراد لا صلة لهم البتة بالبحث العلمي ، فكانوا عبئًا ثقيلًا على المركز ، وظل هذا التوجه المقيت قائمًا حتى يوم الناس هذا. فالمراكز البحثية في بلادنا لم تتمكن من استقطاب الكفاءات العلمية المتخصصة ولا العلماء والمفكرين والباحثين الذين لم يجلسوا على مقاعد الدرس الأكاديمي.
دراسة وتحقيق مخطوطة تاريخ حوادث السنين :
هذه واحدة من المخطوطات المهمة التي تناولت أخبار القرن العاشر الهجري وعلى الأخص موضوعين مهمين :
أحدهما : يتعلق بجوانب من تاريخ الدولتين الكثيرية والطاهرية.
وثانيهما : أحداث وأخبار الغزو البرتغالي لبعض المدن الساحلية مثل : عدن والشحر وضواحيها ([5]) . وقد اقتنى العلامة سارجنت أصولها سنة 1947م ، وكانت له صولات وجولات في ربوع حضرموت باحثًا مستقصيًا ومتنقّـلًا من منطقة إلى أخرى ، ومن مكتبة خطية إلى أخرى ، وابتاع ـ على غالب الظن ـ عددًا من المخطوطات اليمنية في حضرموت، بعضها محفوظ اليوم في المتحف البريطاني أوفي سواه من المكتبات الخطية العالمية . وقد اطّلعْتُ على نسخة باعطب منها في مكتبة الأحقاف أثناء اجتماعات لجنة نشر المخطوطات سنة 1983م ، وعقدت العزم على دراستها وتحقيقها ، وكان الأستاذ عبدالله عبدالكريم الملاحي وقتئذ هو القائم بأعمال مدير عام مركز الأبحاث الثقافية ، ولم أكن قد تعرفت على الأستاذ عبدالله محيرز، الذي كان كما بدا لي خارج الوطن ، ورفعت رسالة إلى الأستاذ عبدالله الملاحي لتهيئة الفرصة لتحقيق مخطوطة تاريخ حوادث السنين ، ومراجعة وتصوير نسخها المختلفة في تريم وسيئون ، وبادر الأستاذ عبدالله الملاحي ووجه إدارة المركز باتخاذ الإجراءات اللازمة بصدد سفري إلى سيئون وتريم لتصوير المخطوطة، وشرعت في الرحلة التي بدأت من يوم الثلاثاء 29/1/1985م وحتى الخميس 7/2/1985م لمدة شهر واحد ، وأقمت في فندق السلام بسيئون .
كان مدير فرع مركز الأبحاث الثقافية في سيئون وقتئذ الأستاذ عبدالقادر محمد الصبان رحمة الله عليه ، وكان المركز يتخذ له حيّزًا في قصر السلطان ([6])، وكانت موازنة المركز ضعيفة لا تفي بالأغراض المتوخَّاة منها ، ولما أوفدني المركز الرئيس بعدن إلى سيئون ظن الأستاذ الصبان أنني سأشكل عبئًا عليهم ، ولهذا لم يرحب بي للوهلة الأولى ، وقد أنبأته أنني قدمت لمراجعة وتصوير مخطوطة تاريخ حوادث السنيين للمؤرخ محمد عمر بافقيه المتوفَّى بعد سنة 1001هـ ، فأجاب أن ليس لديه أوراق نسخ ، وبعد أن اختليت به أنبأني أن المركز بعدن يبعث بالموفدين إلى سيئون من غير إشعار مسبق ، كما فعل مع البعثة الروسية ومرافقيها اليمنيين ، وأن موازنة الفرع لا تفي بالمهام الملقاة على عاتقه .
وكنت قد حملت معي حزمة من الأوراق لتصوير ما يمكن تصويره من المخطوطات ، وكان الأستاذ الشيخ علي سالم بكير يعمل مراقبًا لمكتبة الأحقاف حينئذ ، وكان ثمة غرفة في المركز تحتوي على أجهزة وآلات نسخ الرسائل الإدارية والمخطوطات والوثائق ، فشرعت على الفور بالبدء في نسخ المخطوطة بنفسي ، والذي استغرق أيامًا .
من أبرز موظفي المركز ممن التقيت بهم لأول مرة محمد الحبشي ، وعلوي المشهور ، والتقيت بالصدفة الأستاذ عبدالعزيز بن عقيل، الذي قَـدِمَ إلى المركز لغرض ما ، وهو اليوم من الاختصاصيين في علم الآثار في حضرموت .
كانت العهدة المالية التي في حوزتي لن تفي بمصاريف الرحلة العلمية ، ولهذا شرعت في تقنين صرفياتي ، وبت أتناول عشاء مكوّنًا من قطعتين من البسكويت وكوب من اللبن ، وتباع هذه الوجبة الخفيفة بأربعة شلنات في مدينة سيئون ، ويباع فنجان الشاي بشلنين ونصف ، إن لم تخني الذاكرة .
في مكتبة الأحقاف للمخطوطات بتريم ([7]) عثرت على ثلاث نسخ مماثلة من المخطوطة ، نسخة باعطب ، ونسخة بافقيه ، ونسخة بصفر ، وأوراق من نسخة أخرى ناقصة الأول والآخر ، واستعرت نسخة تاريخ الشحر لباحسن جمل الليل الجزء الأول .
لقد بذل الشيخ علي بكير جلَّ عنايته أثناء إقامتي في تريم ، وكان يتّسِمُ بسِمَاتِ الطيّبي، من دماثة خلق وروح عالية ، وكنت أمتطي دراجته ، التي تقلني إلى قصر القبة ([8])، والدراجات في تريم وسيئون مطايا العصر ، ووسائل النقل النظيفة التي لا تلوث البيئة ، ومعظم أهل المدينة يستخدمونها حتى النساء المخفرات يركبن خلف أزواجهن على الطريقة الأوربية ، فإذا كان التريمي فيما مضى من الأزمان يمتطي الجمال والنوق ، فإن أحفاده اليوم استعاضوا عنها بالدراجات النارية ، ودراجة الأستاذ بكير أفادتني كثيرًا في تنقلاتي من قصر القبة إلى مكتبة الأحقاف ؛ إذ كانت العهدة المالية التي في حوزتي لا تفي بالغرض المتوخَّى منها ، وكان بكير هو قائد الدراجة الأمين ، يتنقل بها من بيته إلى مقر عمله في مكتبة الأحقاف ، وينقل عليها أغراضه اليومية من السوق .
وأنت تتجول في تريم وقتذاك ، ترى الجمال والأبقار والمواشي والفلاحات ، وهن يرتدين قبعات الخوص الواقية من أشعة الشمس الحارقة ، تراهن في الصحارى والفيافي الخضراء التي تحيط بها أشجار النخيل إحاطة السوار بالمعصم ، ولاشك أن هذه المواضع اليوم وبعد مضي خمسة وثلاثين عامًا قد استحالت إلى مباني طينية وعمارات خراسانية ، فقد تطورت تريم وسيئون خلال الأربعة العقود الماضية .
كانت الإقامة اليومية في استراحة قصر القبة بأربعة وأربعين شلنًا ، وأما الوجبات فدرجات ثلاث : الدرجة الأولى 5,500دينار ، والدرجة الثانية 3,300دينار ، والدرجة الثالثة 1,650دينار.
وقد قضيت في القصر أيامًا محدودة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة أو تزيد قليلًا ، والاستراحة ، عبارة عن قصر بديع شيَّـده أحد أثرياء تريم ، ووضع تصميمه المعلم المشهور عمر يعمر باحريش ، وتعرض لجملة من الترميمات ، كان آخرها على أرجح الروايات سنة 1975م ، وأعيد ترميمه وطلاؤه وفق مواصفاته القديمة ، وأصبح استراحة يؤمُّها الزوار والسياح ، ثم فندقًا بديعًا ([9]).
ثم عُدْتُ أدراجي إلى سيئون حيث أتممت تصوير المخطوطات ، وعلى الرغم من شحة إمكانات الفرع، فقد بذل العاملون في المركز قصارى جهدهم من أمثال محمد الحبشي، وعلوي المشهور، وربطتني آصرة صداقة مع الأستاذ عبد القادر الصبان، وإن لم يرحبْ بي في بادئ الأمر لضيق ذات اليد، وشحة إمكانات المركز، وشكواه من إدارة المركز الرئيس بعدن، التي قننت موازنة الفرع، وكانت تبعث البعثات الأثرية والوفود الزائرة من غير سابق إشعار، وأنبأني أنه يحرص على قراءة مقالاتي المنشورة في الصحافة المحلية في الثمانينيات وأوائل التسعينيات، وأنه كان يخالني شيخًا كبيرًا، وكنت أقول له رحمة الله عليه، إن هذه المقالات قد يخطئها التوفيق وقتذاك وتعوزها الدقة، ويؤخذ عليها عدم الإحاطة بالموضوع المطروق فيقول : لقد بذلت فيها وسع طاقتك على كل حال من الأحوال.
لقد أوتي الأستاذ الصبان ، رحمة الله عليه ، حظًّا وافرًا من العلم بشؤون حضرموت، وتاريخها، وعاداتها، وتقاليدها، وأدبها وشعرها، ولم يغادر شاردة ولا واردة عن حضرموت حسب علمي، إلا تناولها بالدرس والكتابة قدر عزمه ، بل كتب كثيرًا عن اليمن كله ، وخلف تراثًا كبيرًا مازال بعضه قيد دفاتره ، وبعضه طبع بالتصوير الفوتوغرافي على آلة النسخ (ستنسل).
وكان الأستاذ الصبان ممن عرفتهم قنوعًا طارحًا التكلف ، ويتسم بالهدوء المشوب بالحدة ، ويميل إلى الصمت والعمل الدؤوب ، وإذا ولجت مكتبه وجدته يطبع بعض نتاجاته على الآلة الطابعه هو ونجله الذي لا يحضرني أسمه الساعة ، وفي خاتمة عمره ، وكسائر زملائه الذين سبقوه ، خرج بخفي حنين ، راتب تقاعدي ضئيل مثل راتب المؤرخ البحري حسن صالح شهاب ، لا يتجاوز التسعة آلاف ريال ، لذلك لم أجد مندوحة من القول إن نتاجات ومصنفات هذا العلم لم يطبع جلها ، على غالب الظن ، داعيًا جهات الاختصاص في حضرموت إيلاء العناية الكافية بتراث هذا الرجل ، وهو تراث الأمة ، أما ما أصاب القوم من علل وأدواء بسبب جهودهم العلمية وعبء الحياة وعدم العناية بهم ، وماتوا عليها ، فلنلتمس الأجر لهم من رب الأرباب .
وفي هذه الرحلة ، التقيت بالأستاذ الوثائقي الباحث جعفر محمد السقاف ، وزرت مركزه الوثائقي ، الذي يضمُّ أرشيفًا وثائقيًّا في منزله، كما زرت حديقة سيئون الواقعة في قلب السوق ، ولفت انتباهي تلك الأسراب من الطيور الجميلة ذات الألوان الخضراء والصفراء ، وذات الرأس الأسود المائل إلى الاغبرار، أنها كما تبدو لي من الطيور الصغيرة النادرة في بلادنا ، وهي شديدة الشبه بالببغاوات الصغيرة ، إن لم تكن هي .
إنَّ هذه الحديثة الغناء بطيورها الصداحة المغردة في أمس الحاجة إلى العناية لاسيما وأن المدينة تخلو من الغربان أو تكاد، والتي تعكر صفو حياتها .
والحقيقة أن الحضارمة أكثر اليمنيين رعاية وعناية وحفاظًا بالمظاهر الطبيعية الخلابة متى تهيأت الأسباب .
تجدر الملاحظة ، أن لا أثر للغربان في سيئون وتريم ونواحيهما ، مما أثرى بيئة العصافير الجميلة ، وهيأ لها سبل النسل والحياة الهادئة ، وتنتشر أعشاشها المحكمة البناء والمتخذة شكلًا كرويًّا في جوانب الحديقة ، وهي مدلَّاة على الأغصان كأنها ثمار ، وترى فتحة العش واضحة في أسفله ، ولعل هذا الصنيع نوع من التمويه للأعداء .
والتقيت مصادفة في هذه الرحلة بالشاعر أحمد عبدالقادر باكثير وتجاذبت أطراف الحديث معه ، وتركته يحدثني عن شتى المسائل المتعلقة بثقافة الأديب الكبير علي أحمد باكثير ، فتحدث وأسهب ، وتطرق إلى الأندية القديمة والصحف والحياة الاجتماعية والصراعات التي نشأت بين الطبقات المختلفة وقتذاك ، ثم أتحفني بنماذج من شعره الرصين ، الذي نظمه في القاهرة حيث كان هناك في زيارة لعمه الأديب علي باكثير ، لقد أطال الحديث ، وكان حديثًا ذا شجون عن الصراعات القديمة، التي تنشب بين العلويين والمشايخ والطبقات المختلفة الأخرى ، وما يعقبه من صراعات عايشها وعاصرها ، وألمح إلى المدارس ودور العلم والأندية ، وأسهب في ذكر دور مدرسة النهضة في إثراء الأدب والفكر في حضرموت ، وكان وقتذاك قد تجاوز العقد الخامس أو دلف إلى السادس .
ثم عُدْتُ مُجَدَّدًا إلى المركز ، وأخذت في نسخ بقية المخطوطات التي بين يدي ، كما لو كنت واحدًا من العاملين في المركز ، وفرغت من نسخة بافقيه ، وأخذت في نسخ مخطوطة آل الحداد فنسختها وأتممتها ، ثم دعاني علوي المشهور لزيارة المتحف ، الذي يتّخذُ له حيّزًا في القصر ([10]) ، ويحتوي على عدد من النماذج الحضارية الآثارية الرائعة ، جميعها تعبّر عن البيئة الحضرمية كل التعبير من ملبوسات الزواج والأسلحة العتيقة والأدوية الشعبية التي كان يتداوى بها الناس .
ويعد المشهور ملاحظ المتحف ، أحد مؤسسي المتاحف في حضرموت ، وكان يولي المتحف ومحتوياته عناية خاصّة، ويكاد يحفظ المحتويات عن ظهر قلب ، وأطلعني على جناح المسكوكات التي جمعها بنفسه ، واحتفظ بها في منزله ، ثم أودعها المتحف .
لقد أوشكت العهدة المالية على النفاذ ، وبقي لها منها خمسة عشر دينارا أكثرها سينفق في استراحة تريم ، ذلك لأنني سأدفع أجرة الغرقة وقدرها 2,200دينار لليوم الواحد ، أما الوجبات الغذائية فسأختار ولاشك أقلها تكلفة ، وقد تبين لي من خلال زيارتي للاستراحة أن أقل الوجبات تكلفة ذات الدينار وستمائة وخمسين فلسًا ، هذا إنْ راق وطاب لي طعام الاستراحة ، ولاشك أنه سيطيب .
ثم عقدت العزم ، بعد إتمام نسخ المخطوطات ، إلى مراجعة بعض الأصول مثل قلادة النحر للفقيه الإمام العلامة أبي محمد الطيب بن عبدالله بن أحمد بن علي بامخرمة ([11])، وغرر البهاء الضوي لمحمد بن علي بن علوي خرد ([12])، وديوان محجة السالك لأبي بكر بن عبدالله العيدروس ، وديوان عمر بن عبدالله بن أحمد بامخرمة ، والنور السافر لعبدالقادر العيدروس ومخطوطات كثيرة متعددة ذات صلة وثيقة بالموضوع، أبرزها على سبيل المثال: ذيل على طبقات الأسنوي لبامخرمة، الذي استند وعوَّل عليه محمد بن عمر بافقيه ونقل حوادث الغزو البرتغالي على مدينتي الشحر وعدن إلى كتابه، وتاريخ حوادث السنين.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الذيل اندثر ولا أثر له في المكتبات الخطية في حضرموت .
لم يأل الأخوة الأفاضل في مكتبة الأحقاف للمخطوطات ، وفي مقدمتهم الأستاذ علي سالم بكير ، جهدًا إلَّا بذلوه معي في تذليل مصاعب البحث ، في مظان المخطوطات ، من أمثال المشهور وشهاب والكاف وسواهم ، والذين قدموا خدمات جليلة للمكتبة منذ تأسيسها حتى يوم الناس هذا ، وكانوا على علم ودراية وفهم لمقتنيات المكتبة ومظانها ومحتوياتها .
في الظهيرة اصطحبني الشيخ علي سالم بكير إلى منزله حيث تناولنا طعام الغداء ، وكانت الفاكهة المفضلة التمر المهروس ، وقيل لي إن النسوة يقمْن بهرسه بأرجلهن ، ويحفظ في آنية محكمة الإغلاق للشتاء القادم ، وتناولنا شاي البخاري المتميز في حضرموت ، وتجاذبنا أطراف الحديث ، وحدثني طويلًا عن تأسيس مكتبة الأحقاف ، وكان هو ممَّن بذلوا جهودًا في جمع المخطوطات ، وكان قبلئذ يعتني بمكتبة آل الكاف ، ولما اضطربت الأمور في البلد أراد بعض الجهلة الذين لا يدركون شيئًا عن مآثر اليمن وحضارته ومخطوطاته ووثائقه أن يحرقوا المخطوطات بحجة أنها تراث ماضوي كهنوتي، وتحركت الأيادي الغيورة ، واتصلت بالقائمين على التراث والمهتمين بالمخطوطات ومنهم الأستاذ علي عقيل بن يحيى والجهات المختصة فكفَّ وأحجم هؤلاء الجهلة عن جهلهم ، وتشكلت لجنة جمع المخطوطات والتراث سنة 1972م ، وضمَّت لفيفًا من المهتمين ، منهم علي سالم بكير، وحسين الكاف، وعمر شهاب، وغيرهم، وجمعت أكبر عدد من المخطوطات من البيوتات العلمية ، ثم أودعت مكتبة المطبوعات التابعة لإدارة الثقافة ، ولما بُنِي مسجد الجامع الجديد ([13]) دعا بكير إلى تخصيص قاعة لمكتبة المخطوطات ، وفي إثر ذلك نقلت المكتبة إلى الجامع ، وبذل بكير وموظفو المكتبة قصارى جهودهم في ترتيبها وتنسيقها في دواليب وأرفف خصصت لها ، وعملوا على فهرستها بحسب الإمكانات المتاحة ، وطبعت الفهارس الأولية بالتصوير الفوتوغرافي، ومازلت أحتفظ بنسخ منها ، ثم دعا بكير إلى ضم مكتبة المطبوعات إليها ، إتمامًا للفائدة ، لكن هذا لم يتحقق بعد .
بعدها امتطيت مركبة بكير (الدراجة) ، التي أقلَّتْنِي إلى الاستراحة ، كان الجوُّ كئيبًا ربما بالنسبة لي ؛ لأنني المقيم الوحيد في القصر ، لا أنيس ولا سمير ، ولا رفيق سوى مخطوطة النور السافر للعيدروس ، وهي النسحة الأم على حد قول بكير ([14] ) ، وتاريخ الشحر لباحسن جمل الليل ، أو جمال الليل ، اللذان يجثوان على مقربة مني ، أقلب النظر في محياهما وصفحاتهما .
لقد أسدى إليَّ الأستاذ علي بكير خدمات جليلة من إرشادي إلى أصول المخطوطات وامتطائي دراجته التي تقلُّني من قصر القبة إلى مكتبة الأحقاف ، وهناك أنهل من معين بامخرمة ومن قلادته ودواوين الشاعر بامخرمة .
وخلال هذه الرحلة كنت ألتقط العديد من الصور لمواضع اندثرت أو كادت في كل من سيئون وتريم وغيرهما من مدن الوادي ، ومن سوء المطالع ، أن كل هذه الصور التي التقطتها لمآثر سيئون وتريم ، قبل أربعة عقود من الزمن ، والمدينتان كانتا في وضع يختلف تمام الاختلاف عن وضعهما الحالي ، قد احترق جلها ، وبعضها الآخر ضاعت في أرفف وأدراج الصحافة والصحفيين ودور النشر ، فقد التقطت صورًا بديعة للعشة من منازل آل الكاف، ذات الهندسة المعمارية البديعة ، ومدارس ، ودور ، ومساجد مختلفة ، وزوايا ، وأربطة ، وتسويرات قديمة اندثرت الآن لا محالة ، أو تغيَّرتْ ملامحها .
في الظهيرة ينتبذ الشيخ بكير ناحية في الجامع ، وينطلق في دروسه اليومية ، يحدث ويدرس طلاب الثانوية ، وجمعًا من رواد المسجد ، دروسًا في النحو والفقه ، وفي ناحية أخرى تحلقت مجموعة من الصبيان الأحداث حول شاب من أسرة آل الكاف يلقنهم القرآن الكريم ويعظهم ، ثم ينطلق صداح المؤذن، فينفض الجمع لأداء الصلاة ، ثم يعود بعضهم ويتحلق حول الشيخ علي ليلقي عليهم درسًا في النحو ، وأفادني أنه عُيِّنَ عضوًا في المكتبة سنة 1976م، حينما قدمت جامعة الدول العربية للمخطوطات ، وصوَّرتْ عددًا من المخطوطات في السنوات 1972- 1976- 1983م .
لقد أوشكت العهدة المالية التي بحوزتي على النفاد ، وبدأ طعامي يقتصر على تناول وجبة الغداء المكوّنة من ربع دجاجة وصحن من الأرز وبعض من البندورة وثمن الوجبة باثني عشر شلنًا ، أما العشاء فقطعتان من البسكويت (أبو ولد أو ميري) .
وها أنا ذا في الأيام الأخيرة من زيارتي لكل من سيئون وتريم ، والتي اختتمتها بزيارة دار المطبوعات ، وكانت زيارة سريعة عابرة ، ثم عدت إلى الأحقاف ، ومكثت سويعات مع بامخرمة في قلادته ، وعرَّجت على عقد الجواهر والدررفي أخبار القرن الحادي عشر لمحمد بن أبي بكر بن أحمد الشلي ، وقلبت صفحات الأهدل وأبي شكيل .
لجنة فهرسة المخطوطات وعرضها على شبكة الإنترنت :
بناء على الاتفاقيات المبرمة بين رئاسة جامعة عدن ممثلة برئيسها الأسبق الأستاذ الدكتور صالح علي باصرة ، وجامعة أكستر في بريطانيا ممثلة برئيس مركز دراسات البحر الأحمر في معهد الدراسات العربية والإسلامية الدكتور عبدالسلام نور الدين ([15]) ، والدكتور أحمد صالح رابضة كرئيس للجنة فهرست المخطوطات ، تشكلت اللجنة برئاسة كاتب هذه السطور بتاريخ 13/ 3/ 2003م ، وتم اختيار عناصرها من مجموعة من المدرسين والمهتمين بالمخطوطات والوثائق في مدينتي تريم وسيئون .
واستنادًا إلى أمر تكليف رئيس الجامعة لنا ([16]) شرعت في قراءة مفردات المجموعة المكونة من أربعمائة مخطوطة ، وتبيَّن لي أنها تميزت بالتنوع ، وحسن الاختيار، والجودة وتفرَّدت بمحتويات ، وموضوعات علمية قيمة في الزراعة ، والطب ، والحساب ، والجبر ، والمقابلة وسواها .
واعتمدنا في فهرستها على طرائق التصنيف المعروفة ، وتتبّعنا أرقام المخطوطات ، ورفوفها وموضوعاتها الخاصة ، والعامة ومؤلفيها ، وتواريخ ميلادهم ، ووفياتهم ، وعدد الأوراق ، ومضامين المحتويات ، وما بها من إحالات وأسماء ناسخيها ، وتاريخ نسخها ، وعدد نسخها ، ومقاساتها ، والتشكيل ، والتنقيط ، والعلامات المائية فيها ، وتوصيفها المادي ، ونوع خطوطها وأوراقها ، ومصادرها ، ومحققيها ، وما طرأ عليها ، وأصابها من هشاشة وتلف في الخياطة ، وتأرض واحتراق ، وبلل ثم نوعية الورق ، والمادة المصنوعة منها إلى غير ذلك .
وتعدَّدت موضوعات هذه المخطوطات ومحتوياتها ، منها ما يقع في نطاق الحساب مثل “الإرشاد في معرفة سباعيات الأعداد” لأحمد الحبشي، و”فائدة جليلة تتعلق بجمع المربعات والمكعبات” لأحمد بن محمد باعلوان، و”الأسرار المنطوية في المثلثات المستوية”، و”شرح الياسمينة في علم الجبر والمقابلة” لمحمد المارديني، و”الطريقة الواضحة إلى الجبر والمقابلة” لصالح بن غالب القعيطي، ومنها في علوم الطب ، الطب الوقائي ، مثل “رسالة في الطب” لمحمد بن عمر بحرق، التي قمت بدراستها وتحقيقها ([17])، و”الأدوية المنتخبة والأدوية المجربة “، مجهول المؤلّف ، و”الدرة السنية في زبدة الكتب الطبية “، و”الزلال الصافي والدواء الشافي” لعبد الرحمن باكثير ، ومن المخطوطات الطبية المفيدة كتاب في الطب ، يعالج أمراض الإنسان الجسدية والنفسية ، مجهول المؤلف ([18] )، وتتناول هذه المخطوطة الأمراض التي تصيب جسم الإنسان وأعضاءه وعلاجها والأمراض وأعراضها وأسبابها .
ومن المخطوطات، تذكرة وأدوية لمؤلفها علي بن حسن العطاس المتوفى 1172هـ ([19])
ومنها في الفلك “الشرك في علم الفلك” لعثمان العمودي ، وفي علم المساحة مخطوطات مثل “شرح الأفهام المراحة في رياض الميسر ة والإراحة” لأحمد عبدالله السانة ، و”الروضة المباحة لمريدي التفاحة”، وفي التعليم “بشرى الكريم بشرح مسائل التعليم” لسعيد باعشن ، وفي أحكام المنشطات “الجواب المحرر لأحكام المنشط والمخدر” لعبد الرحمن بن زياد ، وفي التحذير من التمباك “تحذير الإخوان من شرب الدخان” لأبي بكر الأهدل ، و”مخرج المتباك من دخان التمباك “، و”تحذير النساك عن شرب دخان التمباك” لعمر محمد باذيب ، و”فائدة جليلة في شرب التتن “، وهناك من وقف موقف النقيض من ذلك ، فهذا أحمد بن عوض الحضرمي يسمي مخطوطته “تنبيه الغبي الشاك القائل الجازم بتحريم التمباك” ([20]) مؤكِّدًا جواز تعاطيه دون حرمة أو كراهة ، وفي الأحبار (كيمياء) “نبذة في صفة الحبر وصناعة المداد”، وفي السياسة على غالب الظن “سبائك الأبريز في الرد على الأنقريز” لأحمد بن عمر باذيب ، و”السيف البتار على من يوالي الكفار” لعبدالله بن عبدالباري بن محمد الأهدل .
لقد كانت هذه المجموعة المختارة ، لاسيما العلمية منها ، منتقاة انتقاء نوعيًّا ، يقف على أسس ومعايير دقيقة ، وللأمانة العلمية فقد كان للدكتور عبد السلام نور الدين قصب السبق في ذلك وحسن الاختيار ، وكان قد زار مكتبة الأحقاف في السنوات الماضية ، وانتقى هذه المجموعة العلمية التي امتازت بالتنوع والطرافة والمحتويات العلمية القيمة .
وأيًّا كانت الحال ، فهي تشتمل ، كما ألمحنا فيما تقدم ، على علوم شتَّى في النبات والفلك والزراعة والطب والأغذية والمقابلة والجبر والحساب والمساحة وعلوم البحار والمآثر والمعالم والرحلات والطيور والحيوانات والبلدان والفقه والتفسير والتصوف .
وثمة مخطوطات درست وحققت ونشرت من هذه المجموعة وهي رسالة في الطب لمحمد بن عمر بحرق المتوفى عام 930هـ ، التي قمت بدراستها وتحقيقها ونشرت سنة 2010م ، وشرعت في دراسة وتحقيق رسالة طبية أخرى حالت الظروف دون إتمامها .
نظرات عابرة في المتون النادرة :
وفي أثناء العمل الجاد في الفهرسة ، كنت أجيل النظر في متون بعض المخطوطات ، وعلى الأخص ، الطبية ، ولعلي لا أعدو جانب الحقيقة إذا قلت إن إمعان النظر في المتون أفضل من الفهرسة ، فهي قراءات نادرة قد لا تتكرر ، ولهذا حرصت على نقل بعض الفقرات الطبية ، ففي كتاب الأغذية والأشربة، وهو جزء من مخطوطة “تيسير الأسباب والعلامات في الطبائع والعلاجات” للشارح نفيس بن عوض بن حكيم، وهو مخطوطة كتبت عام 1008هـ ([21]) ، فالحمص الأبيض ، وهو حار في آخر الدرجة الأولى، رطب في وسطها وأكله يهيج شهوة الجماع ويزيد في المني ويحسن النوم ويسمن خاصة إذا خلط بالباقلاء ، وإذا نقع في الماء وأكل على الريق نَيْئًا يحدث ([22]) .
واللوبيا تهيج الباءة وتدرُّ البول والطمث وخاصة اللوبيا الحمراء ، واللوبيا ليست بصالحة للمعدة بل تغثي ، ولذلك ينبغي أن تؤكل بالخل .
وثمة كتاب اسمه ( كتاب في الطب ) في المعروضات عدد أوراقه 181 ، ومؤلفه يمني مجهول ، بناه على طريقة الجداول ، وبطريقة معاصرة حديثة ، ويعد من النوادر ، والنسخة من مخطوطات القرن العاشر الهجري ، وعليها تصحيح وفي صدرها تاريخ 1255هـ .
وهذا نموذج منه على النحو الآتي ورقة 63
عنكبوت عظم عاج عقيق عسل عشر علك ، قيل إن العنكبوت عظم الإنسان ، يقوي القلب ، ينفع من إذا علق على الرأس ، محرق يشفي وينفع من السعال ، ينفع من الصداع ، من الصرع ، الخفقان ، البارد المزمن ، وإذا طبخ بدهن ورد مشروبًا ، يدر البول ، وينفع في الأذن سكت وجعها من وجع الركبتين وألمها ، ويخرج الشوك ، والسلي ، ويلحم الجراحات وينبت .
ومن المخطوطات الطبية ، “الرحمة في علم الطب ” ـ طب شعبي ـ لمهدي بن علي إبراهيم المقري المتوفى 815هـ ([23]) ، وهي تتناول علم الطبيعة ، وما أودع الله فيها من الحكمة وطبائع الأغذية والأدوية ، وما يصلح للبدن ، وصلاح الأمراض الجامعة بكل عضو ، فيضع لك علاجًا لخفة الرأس ، وعدم النوم من العسل منزوع الرغوة والسمن ، ويصف لك علاجًا للشقيقة بنقع أفيون ، وزعفران ، ويسحقان بخل وماء وورد وتطلى به الأصداع ، ولأوجاع الأذن يؤخذ سليط ويطرح فيه ثوم وفلفل ومصطكى وقرنفل ، ويغلى على النار اللينة حتى يزيد زبدًا أبيضًا ، ثم يقطر منه في الأذن فائرًا ، ويجعل منه في قطنة.
وألف سلاطين الدولة القعيطية في حضرموت مصنفات عدة وفي مجالات مختلفة، من ذلك كتاب منسوب للسلطان صالح بن غالب القعيطي المتوفي 1375هـ في الرياضيات في حساب المثلثات المعروف بـ ” الأسرار المنطوية في المثلثات المستوية ، وفيه جداول وأشكال وكتب بخط نسخي إلَّا أنه حديث عهد ، وله كتاب في علوم البحار بعنوان الملاحة البحرية ([24]) يحتوي على شرح جملة من المصطلحات الهندسية ، وشرح مدروس عن الملاحة البحرية ، وآخر في الرياضيات بعنوان “الطريقة الواضحة إلى الجبر والمقابلة” ([25]).
ومخطوطة حسن الاختصار بحل سبك النضار نظم نزهة النظار لعبدالله سعيد باقشير ([26])، وهي تتناول علم الحساب من جمع وضرب وطرح وأشكال الأعداد .
وثمة مخطوطات في صناعة الحبر (كيمياء) منها رسالة لطيفة في معرفة عمل الأحبار وتركيبها ([27]) .
وفي علم الفلك ، ثمة مخطوطة بعنوان “نبذة في علم الفلك ” لعبدالله بن عمر بامخرمة ([28])، تناولت علم النجوم والمواقيت ، وقسمه على أربعة فصول ، ومثلها ” جدولة لمعرفة المواقيت ” لعمر بن حسن باهارون ([29]).
وعن الزلازل ، هناك رسالة صغيرة عن الزلازل عنوانها “كشف الصلصة عن وصف الزلزلة” لعبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ، في أربع أوراق ([30])، وتحتوي على بعض الأذكار والأوراد التي تقال عند وقوع الزلزلة وذلك في الورقتين الأولى منها ، وفيما تلا ذلك ذكر للزلازل التي حدثت من هلاك قوم شعيب وحتى عام 881هـ، وكل حادثة مؤرخة بالعام الهجري .
العلاجات الشعبية للأمراض العصرية :
لقد استفاد الأقدمون والمحدثون من معطيات هذه المخطوطات ، وفي الأخص ، الطبية في علاج الكثير من الأمراض والعلل ، وقد تتبعت هذه العلاجات أثناء دراستي وتحقيقي لمخطوطة “رسالة في الطب ” للعلامة محمد بن عمر بحرق المتوفى عام 930هـ ([31])، وقد برز عدد من الباحثين لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة ، اعتنوا بهذه الدراسات ، يحضرني منهم الساعة الباحث المجتهد عادل حاج باعكيم من أهالي مدينة الشحر ، الذي حقق نموذجين من هذه المخطوطات الطبية في غالب الظن ، وأهداني أحدها وهي” مجربات باهرمز ” في الطب الوقائي .
ومن العلاجات في تريم وحضرموت بعامة ، استخدام الأهالي قهوة اللوز الصنعاني ، بدقه وطحنه وغليه وشربه كقهوة تعالج الأرق ، كما يعتبرون زيت القرع (الدباء) الذي يزرع في تريم ويباع في أسواقها ، علاجًا للمصاب بالأرق ، وذلك بدهن الرأس به ، وطريقة استخلاصه على حد تعبير الراوي (يشخونه) ، أي يقطعونه ثم يغلونه من غير وضع الماء فيه ، ومما يدل على نضجه فإنهم يضعون خوصه في الزيت ، فإذا اشتعلت ، فهذا يعني أنه أصبح زيتًا يدهن به الرأس .
ويأكل بعض الناس الخس ؛ لأنه يجلب النوم ويزيل السهر والوسواس ، وماؤه ينفع من الصداع ، ويذكر صاحب فوائد في الطب من حلية البنات والبنين لمحمد بن عمر الحداد ([32]) أن الزبدة إذا دهنت بها (المره[33]) المرأة بعد طهرها ، أسرع الحمل لها مجرب صحيح على حد تعبيره ، وأنبأني أحد المشاركين في لجنة الفهرسة أن بعض الأهالي يعتقدون بصحة ذلك .
ولوجع الأسنان والضروس، يسحق فلفل وثوم مع لباب خمير الحنطة ، ويضمد به موضع الضرس ، وإذا تآكلت الأسنان ، أو تحركت يكون علاجها بدق العفص ، وثمرة الورد والكركم دقًّـا ناعمًا ، ويعجن بخل ويضمد به أصول الأسنان فإنه يقوِّيها .
دعوة قديمة حديثة :
كنا قد ألمحنا في كثير من المقالات الصحفية , منذ عقدين من الزمان ، إلى ضرورة تحقيق المخطوطات والنصوص والرسائل الخطية العلمية في العلوم النظرية والتطبيقية ، وإدراج مادة تحقيق المخطوطات في مناهج الدرس الجامعي ، وعلى الأخص ، في مساقي الماجستير والدكتوراه ، فكثير من الرسائل والمخطوطات العلمية في مجالات الطب والفلك والرياضيات والجبر والمقابلة والكيمياء وعلوم مختلفة أخرى تحتفظ بها مكتبة الأحقاف ، ومكتبات أهلية كثيرة في حضرموت وسواها لم تحقق ولم تدرس الدراسة المنهجية ، وهي في مسيس الحاجة للعرض على مجهر الفحص العلمي المنهجي ومعرفة محتوياتها ، فقد دأبت مراكز البحث والأكاديميات العلمية في العالم العربي والإسلامي ، بما في ذلك كليات الطب والهندسة والاقتصاد وسواها على تحقيق المخطوطات المتعلقة بكل تخصص في هذه الكليات ، وقد لمست ذلك في مشاركاتي في مؤتمرات تاريخ العلوم عند العرب التي عادة ما تعقد في بلاد الشام (سوريا) وبلدان أخرى ، فوجدت الطبيب يدرس ويحقق المخطوطة الطبية ، والمهندس في كلية الهندسة يحقق مخطوطة في مجالات المعمار والمآثر التاريخية ، وأستاذ الرياضيات يحقق مخطوطة في الجبر والمقابلة ، وأستاذ الكيمياء يحقق مادة أو نصوصًا أو رسالة كيميائية في صناعة الحبر والأحبار إلى غير ذلك ، ووجدت حركة علمية زاهرة في الجامعات العربية ومراكز البحث العلمي تبدو ثمارها جلية في معارض الكتب التي تضم أعدادًا كبيرة من المخطوطات العلمية المحققة ، أما نحن ، فمعظم أطاريحنا يكرِّر بعضها بعضًا ، هذا لمن يمعن النظر في إحصاءات الأطاريح للأعوام الماضية والحالية ، فلا جديد ولا جدة ، حشو ونقول واقتباسات غير منضبطة لا طائل تحتها ، ثم يمنح الطالب في آخر المطاف درجة ممتاز (امتياز) كقاعدة أساسية متبعة اليوم في الجامعة ، ولهذا فإننا ندعوا مجدَّدًا إلى إبراز هذا التراث العلمي ، الذي نؤكد غير مرة أنه لم يدرس دراسة أكاديمية ، بيد أنه طبع بغثه ورثه لاعتبارات تجارية أو فئوية أو مذهبية ليس إلا ، ندعو رئاسة الجامعة ـ جامعة عدن- إلى إصدار قرار تشترط فيه الجامعة لمن يتقدم لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه من دراسة وتحقيق مخطوطة في العلوم النظرية أو التطبيقية استكمالًا للرسالة المزمع تقديمها للأقسام العلمية .
إننا نعلم علم اليقين أن هذا المشروع سيقابل بالرفض ، وسيقف منه بعض الأساتذة والمدرسين، وطلاب الدراسات العليا، موقف الحذر والحيطة وربما الرفض والنقض لأسباب وحجج واهية منها أن هذه المخطوطات طبعت ونشرت ، ونحن لا ننفي صحة ما ذهبوا إليه، خاصة وأننا هجرنا هذا التراث وجعلناه نهبًا للعبث والأرضة، بيد أننا نؤكد أن ما طبع لم يدرس ولم يحقق البتة ، بل نشر بغثه ورثه ، وربما زاد النسَّاخ عليه ما لم يكن منه، فمعظم ما طبع منه ، وهو قليل ، ونادر الوجود ، لا يعدو أصابع اليد الواحدة ، ومع ذلك لم نقف إلا على النزر اليسير منه ، ويوصي بعض الاختصاصيين في علم تحقيق النصوص ، والحال هذه ، بدراسة وتحقيق ما طبع خلوًا من التحقيق ، وإذا لم تتوفر نسخ مماثلة منه ، فالأجدر بنا دراسة المخطوطة ومطابقة محتوياتها بالعلوم الحديثة ، إذا أمكن ذلك ، فهذا مسعى حميد في كل الأحوال ، وإن لم يعد من صلب التحقيق ، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تظل أطاريح رسائل الماجستير والدكتوراه على هذه الشاكلة التي تسوَّدُ اليوم ، وعلى وجه الخصوص ، في العلوم الإنسانية ، فمعظمها اجترار لما سبقها ، ونقول لا قيمة لها البتة .
كما تكتظ مراكز الوثائق في بلادنا بأعداد كبيرة ومتعدِّدة من الوثائق ، أبرزها أرشيف عدن في فترة الإدارة البريطانية على سبيل المثال ، فلم نطلع على رسالة علمية واحدة تناولت هذا الأرشيف أو جانبًا منه تناولًا منهجيًا أكاديميًا ، فالكلُّ ينأى بنفسه عن هذين الاتجاهين ، المخطوطات والوثائق لصعوبة الخوض فيهما ، ويميلون ميلًا شديدًا إلى الأطاريح الجاهزة والنصوص المجمَّدة، التي يسهل اقتباسها ، وهي لا تغني ولاتسمن من جوع .
ومن نافلة القول أن نعيد ما ذكرناه في عقود مضت من أن إغفال الجامعات وجامعتنا على وجه الخصوص ، للعلوم النظرية والتطبيقية في متون المخطوطات والوثائق ، وهما ركيزتا الحضارة والتمدّن في الشعوب ، لأمرٍ لا ينبغي السكوت عنه طويلًا ، فالتحديث يقتضي ذلك في العلوم الإنسانية بخاصة ، ولهذا يجب أن نذكِّر به دائمًا ، وأن نطيل الوقوف أمامه ، ونعالجه بكل ما أوتينا من قدرات وإمكانات متاحة ، ذلك أن مخرجات التعليم الجامعي العالي تميل إلى الانحطاط والانهيار ولا غلو ولا تزيد في ذلك ، إذ ماقارنَّا مخرجات التعليم العالي في بلادنا بمخرجات التعليم العالي في الأردن والعراق وسواهما ، ونزعم أننا في مسيس الحاجة إلى تغيير وتطوير النظم العلمية في مساقَيْ الماجستير والدكتوراه ، على شاكلة النظم الأردنية والعراقية والسورية على سبيل المثال لا الحصر ، وليس هذا الأمر بدعًا أو غريبًا في العمل الأكاديمي ، فالجامعات العربية في الأقل ، تشهد تطوُّرًا علميًّا ومنهجيًّا ، رغم المصاعب والمعوقات ؛ لأنها وقفت على أسس متينة ، فتطورت مناهجها الأكاديمية .
ولعلنا لوْ وقفنا على لائحة تقويم أداء عضو هيئة التدريس في جامعة عدن لسنة 2010م ([34])، الذي أثير حولها لغطًا كثيرًا لا مبرِّرَ له البتة ، أثاره لفيف ممَّنْ لا صلة لهم بالعمل الأكاديمي الهادف إلى تطوير الجامعة ، لو أننا عملنا بها سنتئذ أو بالخطوات الأولية فيها في أدنى حدودها ، لشهدت جامعة عدن ، وهي من الجامعات العريقة في بلادنا ، تطوُّرًا ملحوظًا في الأداء الأكاديمي خلال السبع السنوات الماضية ، ولنبذنا القاعدة التي باتت سائدة اليوم المتمثلة في الامتيازات الجوفاء.
وحريٌّ بنا والحال هذه أن نتحلى بالدقة في اختيار الكفاءات العلمية العاملة في الحقل الأكاديمي، التي يجب أن تتمتع بالقدرة والدراية والخبرة فيما ترغب فيه من تخصصات قبل ولوجها أبواب الماجستير والدكتوراه ، وليس فيما نقول مطعن لطاعن أو إساءة لأحد ، بل هو طموح في الرفعة والعلو ، وعناية فائقة بالعلم ، وأخص بالذكر التراث العلمي الذي تزخر به مكتباتنا الخطية ، والذي نال قسطًا وافرًا من الصد والإهمال ، في حين اعتنى به الأجانب ، وكانوا سبّاقين فيه لحيازة الفضيلة وإبرازه إلى حيز الوجود ، لأن هؤلاء قبل أن يقفوا على أسس البحث العلمي ، ويمتلكوا أدواته ، كانوا منشغلين بالدرس ومحبِّين للبحث ، ولهم مهارات وممارسات ودربات سابقة فيه ، وهي ظاهرة قلَّما نلمسها في الزخم الوظيفي المتنامي في جامعاتنا ، والهادف للأسف إلى امتلاك ناصية الشهادات فحسب ، ولا يغرب عن ذي مسكة في العلم ، قلَّت أو كثرت ، خطأ هذا المنحى ، وضعف هذا المسلك ، الذي يورث المزيد من الضعف في التعليم الجامعي .
واستشعارًا بالمسؤولية الملقاة على عاتقنا تجاه الأجيال ، فقد أدرج مركز الرشيد للتدريب والدراسات في خطته العلمية لسنة 2017م دورة تدريبية لتحقيق المخطوطات ، وكان كاتب هذه السطور هو المشرف والمدرب والمحاضر فيها بتكليف من قبل رئيس مركز الرشيد ، رئيس مجلس الأمناء الأستاذ الدكتور صالح علي باصرة ، وذلك ابتداءً من يوم السبت 1 أبريل حتى الثلاثاء 30 مايو 2017م ، قدمت فيها جملة من المحاضرات تركزت في ثلاثة محاور :
المحور الأول : الجوانب النظرية في التحقيق وطرائقه .
المحور الثاني : التحقيق العملي .
المحور الثالث : تجارب عملية في تحقيق النصوص .
وقد آتت الدورة ثمارها .
بقي لنا في الختام أن ندعو جامعة عدن منفذة (مشروع فهرست مخطوطات الأحقاف وعرضها على شبكة الإنترنت لسنة 2003م) ، والجامعات اليمنية ، ومراكز البحث العلمي أن تسهم في تصوير هذا الكم من المخطوطات العلمية وقدرها أربعمائة مخطوطة من القطع الكبير والصغير والرسائل والمجموعات ، وفق طرائق التصوير الحديثة ، وعرضها على شبكة الإنترنت ؛ كي تكتمل الفائدة ويتمكن الباحثون والمحققون وطلاب الدراسات العليا في مساقَيْ الماجستير والدكتوراه من الاطلاع عليها وتصويرها ودراستها وتحقيقها .
تجدر الإشارة إلى أن رئيس مركز الرشيد قد بذل جهودًا بهدف تصويرها وعرضها على الشبكة ، بيد أن العمل يتطلب ميزانية خاصة لا تقوى على تنفيذها إلا الجامعات ومراكز البحوث والوثائق والمخطوطات وهذا لم يتأت بعد .
والله من وراء القصد
[1]– دار الرئاسة ، قانون رقم (20) لعام 1974م بشأن إنشاء المركز البمني للأبحاث الثقافية , جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، عدن 1974م ص 2.
[2] – دار الرئاسة ، قانون المركز ، ص2.
[3]– لجنة نشر المخطوطات ، النتائج الهامة التي تخص عنها اجتماع لجنة نشر المخطوطات المنعقد في سيئون في تريم 27-29 أكتوبر 1983م.
[4]– محمد عمر بافقية المتوفي بعد سنة 1001هـ تاريخ حوادث السنين ووفاة العلماء العاملين والأولياء والصالحين ، دراسة وتحقيق أحمد صالح رابضة ، دار مطبعة جامعة عدن ، عدن 2010م.
[5] – راجع هذه الأصول في سارجنت ، آ ربي ، حول مصادر التاريخ الحضرمي ، تر: سعيد عبد الخير النوبان،(د) جامعة عدن ، د.ت ص21-23
[6] – الحبشي ، محمد عبدالقادر ، قصر الثورة “الحصن الديل ” المركز اليمني للأبحاث الثقافية والآثار والمتاحف ، سيؤن 1985م.
[7] – بكير باغثيان، علي سالم سعيد ، الجامع في تاريخ الجامع ، د.ت تريم 1975،
[8] – بقع القصر في منطقة عيديد بتريم ، شيده محمد بن حسين الكاف من أثرياء تريم ، وقد استحال القصر إلى فندق بديع ، يقع في باحته مسبح تحف به الأشجار والنخيل ، راجع : الصبان ، تعريفات تاريخية ، ص17
[9] – الصبان ، تعريفات تاريخية ، ص 17
[10] – يطلق عليه حصن البلاد أو الحصن الدويل الذي يعود بأصوله إلى سنة 814هـ 1411م وعاصر تاريخ الدولة الكثيرية في أغلب مراحلها ، وأتخذ فرع مركز الأبحاث الثقافية حيزا له فيه ، وكان مقرا لعدد من المصالح والمرافق الحكومية في سيئون أنظر تفصيلا لذلك في الحبشي ، محمد عبدالقادر ، قصر الثورة ، المركز اليمني للأبحاث الثقافية والآثار والمتاحف ، سيئون د.ت ص 1- 14
[11] – مجموعة آل بن سهل ج 3
[12] – مجموعة آل بن سهل ، تراجم 190
[13] باغيثان بكير ، الجامع في تاريخ الجامع ص 43
[14] – مجموعة بن سهل رقم 161
[15] – أنظر:اتفاقية فهرست المخطوطات ، وثيقة مؤرخة 10/3/2003م
[16] – وثيقة مؤرخة 10/3/2003م المرجع 100/1/2/1
[17] – انظر الطبعة
[18] – رقم المخطوطة 247
[19] – رقم المخطوطة 2458
[20][20] – رقمها 3077 الرف 2 الخزانة 3
[21] – مجموعة آل يحي 67 طب تريم
[22] – لعل المراد يسهل
[23] – رقم المخطوطة 2462
[24] – رقم المخطوطة 2518رقم الرف 1 خزانة 24
[25] – رقم المخطوطة 2505
[26] – رقم المخطوطة 2510 الرف 4 الخزانة 24
[27] – رقم المخطوطة 2490الرف 3 خزانة 24
[28] – رقم المخطوطة 2560 رقم 1 خزانة 15
[29] – رقم المخطوطة 2547 الرف 1 خزانة 25
[30] – رقم المخطوطة 2626 الرف 5 خزانة 25
[31] – لمن أراد الاستزادة فليرجع إلى دراستنا وتحقيقنا للمخطوطة ، طبعة مطابع الإبداع ،عدن 2010م
[32] – رقم المخطوطة 2467 الرف 1 خزانة 24
[33]– كذا في الأصل وهي عامية
[34] – الصادرة عن مركز التطوير الأكاديمي ، سنة 2010م