انهمارات حضرمية
كتابات
أ. سالم العبد الحمومي


المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 7 .. ص 83
رابط العدد 7 : اضغط هنا
لطالما كانت الدولة من أبرز وأهم الإنجازات الإنسانية على مدى الدهور والأزمان، وسرعان ماعضد الإنسان فكر وثقافة وفلسفة الدولة حماية لها من البطر والنوازع البشرية المتفردة والمتحكمة في مصائر المجتمعات وسيرورتها التواقة
للنماء والتطور والاستقرار باكتشاف آخر يوازي كالظل فكر وفلسفة الدولة وبناء قوتها وتمكين قواعدها.. وهي المؤسسة بحيث لا يجنح الأفراد ويستأثرون بالحضور والتأثير والشطحات بعيداً عن مرجعية ملزمة وحاسمة تحدد علاقات الحاكم بالمحكومين وفق نسق تبادلي في المسئوليات والواجبات باتجاه يصب في خدمة نماء وترف واستقرار المجتمعات والبلدان.. فصارا متوازيين لا يخل بنسقهما إلا نمرود.
ونحن لا ننكر مرور عقود على استهداف المؤسسة وتكريس الحضور الطاغي للفرد كموازٍ مشوه لأصل الأشياء واستنطاق التراكم التاريخي لمسيرة الإنسان في بناء الدولة وإحياء المؤسسة.. وهنا في حضرموت استنطق التاريخ بشقه التراكمي المعرفي روح المؤسسة في أفراد المجتمع فانطلقت رياح التغيير سريعة وعاتية لتصد وتوقف منهج مكرس لتحريف الفكر المدني الذي عرفته حضرموت مبكراً وصاغت من خلاله كل أشكال وممارسات المؤسسة والمدنية المتلازمتين .. حتى خضع السلطان القعيطي لمجلس الدولة ولصوت القضاء المستقل!! بما يترجم في لغة العصر باستقلال السلطات الثلاث !! وغابت لزمن زاهر براعم النشوء الطفولي لمفهوم الدولة وحياة المؤسسة، و توارى – إلا ظاهرياً – سطوة الأفراد المختزلين لفكر وممارسات الدولة والمؤسسة. وهيمنت كل أشكال وصور المؤسسة لتضعنا أمام بوابات المستقبل وتطورات العصر واستيعاب مفردات حضارته .. فكانت السينما والفنون والبعثات العلمية وديمقراطية الأحزاب والصحف إلى آخر القائمة.
وإذن فنحن نؤمن بمساندة الإله لإدارة الإنسان الخيرة، وهو زمن خاص مترع بالخصوبة وتربة النماء لنتسامق فوق مفهوم وثقافة حضور الأفراد الفقير على حساب المؤسسة المدنية الموحدة لجهود المجتمع في صياغة مستقبل شرود لطالما تقنا إلى تطويعه ليرفع اسم حضرموت في فضاءات الأمل المفضي إلى الاستقرار والنماء ومشاركة البشرية في صياغة مفردات حضارتها الحاضرة والمستقبلية.