أضواء
نائف بن ناصر بن محمد بن سالمين بن مزبر المنهالي
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 9 .. ص 20
رابط العدد 9 : اضغط هنا
يتناول هذل المقال صفحات من تاريخ الصحراء الشرقية بحضرموت (ثمود) مستمداً معلوماته من الذكريات والخواطر المكتوبة والشفاهية التي تحكي جوانب بعضها غير معروف من تاريخ ثمود جغرافيا وعادات أهلها.
هذا عدد من الروايات حول لفظة ثمود:
الرواية الأولى عن ثمود:
قوم من أقوام ثمود نجوا مع نبي الله صالح عليه السلام فنزحوا إلى صوب جنوب الجزيرة العربية، بشد رحالهم من وادي الحجر بين الحجاز والشام الممتد إلى العقبة بالأردن، وبذلك الترحال بعد مراحل الانتقال حطوا رحالهم بالصحراء الشرقية المتاخمة للربع الخالي، وبطبيعة الحال فإن اسم الصحراء كلمة عربية بمعنى (الأرض الجرداء) أو الصخور القاحلة، ونتيجة لتلك الأحوال الصحراوية قامت تلك الأقوام النازحة من الجزيرة العربية إلى جنوبها في الشرق البعيد بحفر بئر ماء، فسميت تلك البئر والصحراء بـ(ثمود) منسوبة إلى أولئك القوم من ثمود وهم المؤمنون من قوم نبي الله صالح عليه السلام. علمًا بأن قبر نبي الله صالح عليه السلام قريب من مدينة القطن بوادي حضرموت، وله زيارة تقام مثل زيارة نبي الله هود عليه السلام بشعب هود بأسفل وادي بحضرموت الجاري في مجرى ذلك الوادي النهر المسمى (هود) الممتد منه إلى بلدة سناء، وفي مسيال ذلك الوادي الكبير تجري السيول إلى منتهاها لا سيما أن السيول الكبيرة تبلغ وادي المسيلة، ومنها تصب بعيص سيحوت في مصب بحر العرب.
بالنسبة للرواية الثانية فهي تُحكى على أساس أن قومًا كان يتزعمهم أحد أمراء مملكة قديمة حطوا رحالهم واستقر بهم المقام حينها إلى ذلك الحين في تلك الصحراء الشرقية من الربع الخالي، وللظروف الصحراوية حينذاك تم حفر بئر ماء، فسميت تلك البئر باسم أمير أولئك القوم الذي يُدعى (ثمود)، وبالمثل سميت هذه المنطقة الصحراوية من الرمال العربية بذلك الاسم آنف الذكر.
وكذا بالمثل من أسباب التسمية بذلك الاسم (ثمود) خصوصية الصحراء، التي تتصف بشحة المياه؛ ولذلك سميت بذلك الاسم، لا سيما أن هذه التسمية مشتقة من كلمة (الثمد) التي تعني أن المياه في الصحراء بكميات قليلة فـ(الثمد) أي (الماء القليل)، وهذا الوصف العام لخصوصية الصحارى.
الرواية الرابعة مفادها حسب ما جاء من أفواه كبار السن من ذوي المعرفة في هذا الشأن بأن البئر الحالية التي سميت (ثمود)، توجد غيرها بئر اسمها (ثميد) وحتى الآن غير معروف مكانها، إلا أن البعض منهم قال بأن بئر (ثميد) قريب موقعها من بئر ثمود الحالية، والماء الذي في باطنها ماء سطحي وليس من المياه الجوفية، بل إن مياه بئر (ثميد) يتناول باليد من قبل الوردة الواردين عليها من البدو في العقود الماضية، وليس بدلو الزانة الذي يطلع من خلاله الماء من قعر بئر (ثمود) بطريقة النزح بالأيدي إلى أحواض سقي الإبل والأغنام. وتعد هذه البئر من الآبار المفتوحة في العهد القديم.. علمًا بأنه من خلال كثرة استخدام النزح بأيدي الواردين على الماء ظلت معالم زانة الدلو بارزة حتى اليوم في ظفرة جدران البئر تلك الظفرة المكونة من الأحجار الصلبة.
من أسباب عدم على العثور على بئر (ثميد) بالصحراء، هي تلك العوامل الطبيعية، ومنها زحف الرمال من فجاج الربع الخالي صوب صحراء ثمود، فصارت مطمورة بالرمال، وعلى مرور الزمن دفنت تلك البئر مثلما دفن تاريخ الصحراء بين ذرات الرمال.
وأما بالنسبة لما جاء في الراوية الخامسة الأخيرة، وربما تكون ليست الأخيرة، فيقول فيها الراوي إنَّ تلك البئر التاريخية التي انشق اسمها من (الثمد) أو (الثميد)، ونتيجة لاستمرارية البدو الرحل منهم وارد وصادر على مورد تلك البئر، صار اسمها (ثمود) بتكرار لفظ تلك الكلمة عبر العصور.
جغرافية ثمود:
شهدت جغرافية ثمود أحوال التمدد تارة والانكماش تارة أخرى، وذلك حسب المراحل التاريخية التي شهدتها المنطقة وبخاصة ما يتعلق بالوضع الجغرافي والإداري، فكانت صحراء ثمود في عهد الدولة القعيطية الحضرمية تابعة لقائم مقام منطقة عينات، ومن ثم لقائم بلدة دمون باللواء الإداري شبام.
وفي مطلع عام 1968م في ظل النظام الاشتراكي صارت إداريًا تابعة لمركز السوم بوادي حضرموت، ولأهمية موقعها الاستراتيجي المتاخم لحدود أكثر من دولة من دول الجوار فقد حظيت بالعناية لأسباب سياسية وجغرافية من خلال ذلك القرار المركزي المتضمن انتقال الوضع الإداري لصحراء ثمود من منطقة تابعة لمركز إداري محلي إلى الارتباط المباشر بدار الرئاسة، ومن ثمَّ بوزارة الإدارة المحلية لشئون الحكم المحلي بعدن، وذلك في عام 1972م، وبالقرار الرئاسي صارت ثمود مديرية مستقلة غير مرتبطة بأي محافظة من محافظات الجمهورية، بل ذات ارتباط مركزي بعدن، وعلى هذا الأساس حددت مراكزها الإدارية ذات الطبيعة الجغرافية المكونة من الهضاب، والحزوم، والقفاف، والشعاب، والوديان، والجبال، والصحارى، والرمال الثابتة والمتحركة على النحو الآتي:
بناء على هذه الأسس تم استحداث مركز رماه، وبنيت في ذلك المركز الإداري برماه مشاريع تنموية وخدمية، مثلما تم بناؤه بالمركز الإداري الأول ثمود، مع إضافة بناء مستشفى برماه مرتبط بوزارة الصحة بعدن، وإقامة مزرعة نموذجية برماه، وهذه هي المشاريع التي تم إنجازها في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
الارتباط الإداري:
في مارس 1978م صارت مديرية ثمود من ضمن مديريات حضرموت، بناء على القرار الحكومي الذي تضمن بأن تكون ثمود مديرية إسوة بالمديريات ذات الارتباط الإداري بعاصمة المحافظة المكلا، وفيما بعد عام 1994م حتى تاريخه صارت ثمود مرتبطة إداريًا بديوان سيئون.
مركز شيبوت:
في مارس من عام 1978م تم انضمام مركز شيبوت لثمود، هذا المركز الإداري الذي يشمل تلك المناطق النائية، ومنها حات، وصون، ووادي شحن، وحبروت، ثم صدر القرار الرئاسي القاضي بتحويل ذلك المركز إلى محافظة المهرة، وصار من ضمن المراكز الإدارية بها، ومن ثمَّ مديرية من مديريات محافظة المهرة.
القرى والوديان:
وما ذكر آنفًا فيما يتعلق بالمراكز الإدارية بمديرية ثمود من خلال مراحل المد والجزر الجغرافي في حدودها، فإن المديرية تشمل عدة مناطق من القرى والوديان على مستوى مراكزها الإدارية، في إطار المساحة الجغرافية خلال مراحل سابقة على النحو الآتي:
مركز ثمود: ثمود، وسون، وغصون، والنخرية، وأسفل قناب، وعرشمات، وبالذياب، وبنوات، وحراض، ومحمدين، ومقديش، وتعرنات، وحرضة، وسطول، وقناب، وحراض حرضة، واللحي، وقصيوم، ويتب، وحلية، والحليوة، وكرع، وكريع، والمضنيات، وبغلين، والعلابة، وشعرة، وجربان، ومنهويت، وططية، والقيعان، واللحي، ومقصر.
ومن مرتفعات مديرية ثمود (قارة حبشية)، التي تعد من أكبر جبال صحراء ثمود بارتفاع (1240) مترًا.
مركز رماه: رماه، وعيوه، وثوف، وذكير عيوه بئر عيوه، وادي عيوه، وضهون حائرة عيوه ليبنه، والدهوم، والخمقان، وباءوت، وحثوث، ووقوع عيوه، والصعق، والغني، والشيسع، والعليب، وضهيت، والبطون، والسيلة، وأسفل رماه، وتقراية، وعقور، وراس غبارية، وعروق الخراخير، وعشروت، والفرعة، والفرائع، والصيفات، وحمق، ومقرة، وبئر شحر، وربعوت، وصلاو، وغدنة، وضحية، وعربة، وسناو، وأعلى وادي رماه، وتنكلهم، وعبالهم، وعفردوت، وكرفان النطح، وبدحوت، وعيدم، ومعبور، ونحريت، ووادية ثوف، وقوع عربة، وخشم كوب، ومراخية.
مركز القف وحزر: الخيخاة، وقراد، ورسة، وطفح، وعرماه، وشرذوم، وأسفل حزر، وشقهم هذبيل، وظيلم آل الكثير، وقويع آل عبدات، وطروث، ومخية، وأسفل خضرة، ورتيبي، واعلا أذنه، وجباء، والدخان، والمباركة، وظليم العوامر، وخضرة، والماس، وكهيف، والسلاسل، وتبيوت، والصيق، وقطن، وتميس، وجراشب، وهواه، وحوارم، والعرج، وشهماه، وحزر، ورملة حزر.
المراكز مديريات:
في منتصف عام 1990م صارت المراكز مديريات فأصبح كل من مركزي القف ورماه مديرية، وبالمثل مركز ثمود أصبح مديرية، وذلك من ضمن مديريات محافظة حضرموت، إسوة بالمراكز الإدارية في المحافظات الجنوبية، حيث أصبحت مديريات في ظل سلطة الوحدة اليمنية.. وهذا وذاك فيما مضى من تاريخ ثمود ما بين آثارها وذكرياتها.. وأما بالنسبة لأوضاعها الحالية فللأسف الشديد فإن مديرية ثمود تعيش أوضاعًا متردية في أهم المجالات لحياة الإنسان وبالذات المياه، والكهرباء، والاتصالات، والصحة، والتربية والتعليم، والبلدية، وغير ذلك من الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن، وهذا كله لضعف الأداء الحكومي على كافة الصعد بالمديرية.
الحدود الإدارية:
حددت الحدود الإدارية لمديرية ثمود في إطار جغرافية التمدد والانكماش على مستوى الشريط الصحراوي الشرقي من خلال عدة قرارات منها تلك القرارات السابقة واللاحقة، التي نصت على انتقال الوضع الإداري لمنطقة ثمود من حضرموت إلى عدن، من ثمَّ العودة إلى حضرموت، وبانتقال المراكز الإدارية إلى مديريات أصبحت الحدود الإدارية لمديرية ثمود حاليًا من الشرق مديرية رماه، ومن الغرب مديرية القف، ومن الجنوب مديرية السوم، ومن الشمال الخرخير بالربع الخالي، في إطار مساحة جغرافية تقدر بنحو (15182) كم مربع.
برهوت وهود:
من ضمن مساق الترحال لبدو الصحراء تراهم متنقلين من هذا المكان أو ذاك إلى أماكن أخرى في إطار جغرافية مناطق البادية من الوديان والشعاب، ومنها بوداي حضرموت في الشرق البعيد، ومن ثمود إلى برهوت وهود.. فبرهوت وادي به مغارة وفيها (بئر برهوت)، وأساطيرها كثيرة؛ ولكثرة قصص وحكايات الأولين عن (بئر برهوت)، يقال عنها بأن أرواح الكفار في عمقها، وغيرها من روايات مفادها سماع أصوات مزعجة، وهي خليط من أصوات أناس وحيوانات يسمع نهيقها ونباحها صادرة من وحوش في ظلمات الليالي المظلمة، بل تُسمع كما يُقال أصوات غريبة ومخيفة يصعب تمييز نطقها.
بلدة تنعه القديمة هي حاضرة برهوت ولها تاريخ قديم، ومنها يتم توجه البدو الرحل إلى شعب نبي الله هود، مرورًا بحصون آل بن كوب وآل العبيدي تلك الحصون القديمة وموقعها القريب من ذلك الشعب الذي تقام فيه زيارة نبي الله هود عليه السلام في كل عام من أيام شهر شعبان شهر الزيارة (شهر قُصِيّر) حسب تسمية البدو، فتراهم ملتزمين بالحضور مثل غيرهم من الحاضرين في كل موسم من تلك المواسم بموكب في ذلك اليوم من أيام الزيارة.. وهمّ البدو التسوق في سوق الزيارة المشابه لسوق عكاظ القديمة لبيع مواشيهم من الإبل والأغنام وشراء أهم حاجاتهم من تلك المتاجر، بحضور أهالي القرى والبلدات والمدن الحضرمية وما جاورها من مناطق أخرى.
وكذا بالمثل ترى زوّار زيارة هود يغتسلون في (نهر هود) لأخذ الطهور لأداء الصلوات في مصلى عمر ومساجد شعب هود، فترى البدو مفترشين مسيال شعب هود، أما بالنسبة للآخرين من مدينة العلم تريم فتراهم ساكني تلك الخدور أي البيوت المبنية بشعب هود مقيمين فيها في أثناء تلك الأيام المعدودة من أيام تلك الزيارة، فترى كل موقع من مواقع الزيارة مزدحمًا بالزوّار، قد جاءوا من كل حدب وصوب من المدن وأريافها ومن صحاريها ورمالها ومن ثمود، وكذا من بلدة سنا القديمة الواقعة شرقي شعب هود بمسافة ليست بعيدة من مكان الزيارة.
بعد الانتهاء من موسم تلك الزيارة التي تستغرق مدة ثلاثة أيام من السابع من شهر هود (شعبان) ترى البدو عائدين إلى مواقعهم في البادية منهم من يتجه صوب منطقة سنا إلى وديان نطرة ونطيرة الأثرية، وحدرى سد الخلفة؛ ذلك السد القديم الذي تم بناؤه في زمن غابر لا يعرف تاريخه بالتحديد، وما تزال أحجاره باقية حتى اليوم، رغم مرور السيول الجارفة، علمًا بأن الموقع الجغرافي لذلك السد القديم بأسفل وادي حضرموت في الشرق البعيد.. ومن هنا يتنقل البدو إلى وديان عستون، وعسيتون، ونسيم، وريب، وفي أيام الغيث في الصحارى والرمال تراهم نجوعًا أي شادين الرحال للعودة إلى ثمود عبر وادي طباقم في اتجاه تلك النجود للاستقرار حينًا من الزمن، إلا أن ذلك الاستقرار لا يدوم بل تراهم يستأنفون الترحال من خلال شد الرحال وحط الرحال في هذا أو ذاك المكان سعيًا للحصول على المراعي حيثما وجدت، ومهما كانت المراحل بعيدة والمسافات طويلة.
التعداد السكاني:
التعداد السكاني لمديرية ثمود بلغ (5126) نسمة، وفقًا لتعداد عام 2009م، إذ لم تصل أعمال ذلك التعداد إلى بعض تلك المناطق البعيدة، وكذا بسبب انتقال بدو صحراء ثمود من مكان إلى آخر في حالة جفافها.
البنية التحتية:
في عام 1973م حظيت ثمود بالاهتمام لموقعها الاستراتيجي فأقيمت بقريتي ثمود ورماه مشاريع البنية التحتية، وفقًا والخطة الثلاثية، ومن ثمَّ الخطة الخمسية آنذاك في مجال الخدمات العامة، وعلى أساسها تم بناء المدارس الابتدائية والإعدادية لأبناء البدو الرحل، بأقسامها الداخلية المتوفر فيها الإيواء من السكن والتغذية المدرسية وغيرها من الملتزمات للاستقرار التعليمي، بإشراف من قبل الدائرة التعليمية بوزارة الدفاع، مع بناء المراكز الإدارية، والوحدات الصحية، ومراكز تنمية المجتمع، ومن أهم أقسام تلك المراكز الاجتماعية روضة الأطفال، والمشغل النسوي، والطب الوقائي، مع بناء الوحدات البيطرية، ومحطات الكهرباء، ومكتب مياه الشرب بثمود بأقسامه الفنية من مكائن الخراطة، والميكانيك، واللحام، والورشة المتنقلة؛ لصيانة وتشغيل آبار المياه التي حفرت في المناطق المحرومة بحفارات (مشروع تطوير صحراء ثمود)، ذلك المشروع التابع للمنظمة الدولية للأمم المتحدة، بإشراف من قِبل وزارة شئون الإدارة المحلية بعدن، كما تم بناء المستوصفات الطبية، والمساكن الشعبية، ودار الضيافة لاستقبال الوفود الحكومية، التي كانت تزور المديرية، مع تدريب شباب البدو الرحل في المعاهد الفنية بمحطة التأجير (مشروع البمبات الحضرمية) سابقًا بسيئون، والورشة الحكومية بالمكلا، وبورشة لودر بأبين، والمعهد المهني بعدن، والمعهد المهني بالمكلا، وبالتخرج من تلك المدارس التقنية تم توظيف خريجي تلك المعاهد المهنية والفنية لشغل وظائف مهنية بمكتب مياه الشرب بالمديرية (ثمود).
الطاقة الشمسية:
كما توفرت من قبل مشروع الأمم المتحدة في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي الطاقة الشمسية، وتم وضع تلك الطاقة على (بئر ثمود) كتجربة أولية على تلك الآبار المفتوحة، إلا أنه لم يتم التركيب على تلك الآبار، ومنها حلية، والحليوة، وتميس، ورماه، على الرغم من نجاح التجربة، ولكن وبمرور الأيام توقف تشغيل الطاقة على تلك البئر التاريخية، إلا أنه في الآونة الأخيرة تم تركيب الطاقة الشمسية على البعض من آبار هذه المناطق النائية من قبل رجل الأعمال الشيخ خالد بن البخيت بن طناف المنهالي.
وفد الأمم المتحدة:
رجوعًا إلى السبعينيات من عهد منطقة رماه التابعة لمديرية ثمود حينذاك، وذلك بالتحديد في عام 1974م، أتى وفد الأمم المتحدة بمشروع تطوير المناطق الصحراوية بما فيها ثمود والمناطق الواقعة حواليها، ومنها وادي رماه حيث أوصى الوفد الأممي بأهمية ذلك الوادي الكبير (رماه)، الممتد من الصحراء إلى الرمال، ومن تلك الأسباب الموضعية التربة الصالحة للزراعة، بهدف استيطان البدو الرحل تعزيزًا للحفاظ على الثروة الحيوانية التي تتميز بها ثمود وأهمها الإبل الأصائل المحليات صاحبة الناموس.
الآبار المفتوحة القديمة التي حفرت باليد، والتي تعد من المصادر المائية لحياة الإنسان والحيوان، هي المصدر الرئيس من مصادر المياه بالصحراء ومن تلك الآبار (بئر ثمود) التاريخية، و(بئر حلية)، و(بئر الحليوة)، و(أحساء الواسطة) بوادي قصيوم، و(الشبائك) بوادي مقصر، و(حسي باسمرة) بوادي حرضة، وكذلك (بئر زقريت) بسناو بالشرق.. وبالمثل في الغرب (بئر تميس)، وفي اتجاه الشمال الرملي (بئر الخرخير)، و(بئر أرامكو) في الربع الخالي؛ تلك البئر الفوارة التي حفرتها شركة أرامكو السعودية، وكذا الحال آبار مفتوحة منذ عهود قديمة في الصحراء الغربية منها آبار العبر، وعساكر، وزمخ، ومنوخ.
أما بالنسبة للكرفان فقد تم حفرها من قِبل البدو، وهي كرفان النطح، وكريف الزي، وكريف البرقة بوادي رماه شرقي ثمود، وغيرها من الكرفان ومنها بعيوة المناهيل كريف ذراش، وكريف الركاب، وكريف عويض، كما توجد كرفان في محيط ثمود بوادي مقديش، وتعرنات، واللحي، ومنهويت، وفي سطول، والقياعين، وقناب وغيرها كثير هنا وهناك، ومنها بوادي خضرة كريف سحارهم. وهذه الكرفان تحفظ مياه الأمطار، وفي ظل تلك الحياة الفطرية ترى الكرفان بحيرات في أثناء هطول المطر.
البطيخ الأحمر:
أما بالنسبة للمزارع والجروب الزراعية ذات الحيازة الشخصية، التي تعد مصالح شخصية، فقد نجحت تجربة زراعة الحبحب (البطيخ الأحمر) في جروب وادي عيوة المناهيل، وهذه الزراعة التي مسقاها قطر المطر كان منتوجها الزراعي من الحبحب بكميات تجارية، وهو يغطي الطلب المحلي على مستوى الإقليم، وبذلك الارتباط بأرض الزراعة صارت هذه العوامل عاملًا مساعدًا على الاستقرار الاجتماعي بدلًا من الترحال من خلال الانتقال من مكان إلى مكان آخر إذ ساعد هذا على إيجاد أوضاع شبه مستقرة في اتجاه الاستقرار في تجمعات سكانية.
منطقة ثمود تتكون اجتماعيًا من مجتمع قبلي من قاطني الصحراء الشرقية الممتدة من شحن شرقًا إلى وادي حزر غربًا، تلك القبائل الصحراوية التي تعد قبائل رحل من سكان الشريط الصحراوي المتاخم لحدود الربع الخالي ومن سكان هذه المناطق الصحراوية (العوامر، والصيعر، والمناهيل، والمهرة، والرواشد) وهذه القبائل تعيش حياة الترحال في إطار تركيبة اجتماعية ذات خصائص قبلية خاصة بمجتمع ثمود القبلي، كما يتميز المجتمع الثمودي بعادات وتقاليد تحكمها الأعراف القبيلة، وتتصف هذه القبائل بصفات كصفة الاستقامة، والشجاعة، والكرم، والإخلاص لأرض الوطن، والذكاء الفطري، والصبر وغيرها من الصفات الحميدة.
على هذا الأساس تم استقرار البعض من البدو في محيط البير، وبالقرب من المركز العسكري بثمود، فنصبت خيامهم التي صارت قبالة المركز والبئر، وذلك من جهة الجنوب، ومن الشمال قبر الغيبر، ومن الغرب غار خدرنة، ومن الشرق وادي النخرية. وفي ذلك الوقت بنى الطماطم بن حربي المنهالي بيتًا له، واستقر مع أسرته، ومن عوامل الاستقرار استقرار الأوضاع الأمنية، فقد ساعدت مجمل هذه الأحوال إلى حد كبير في الاستقرار الاجتماعي للبدو الرحل من خلال ذلك التجمع السكاني، الذي من خلاله أسست قرية ثمود.
عام 1968م تم افتتاح أول مدرسة ابتدائية بثمود، وفي عام 1970م افتتحت أول وحدة صحية، وكان أول من عمل بتلك الوحدة الصحية بثمود المساعد الصحي عمر بن أحمد السقاف، ومن ثمَّ المساعد الطبي حسن بن عمر الحامد. وفي عام 1972م أسس العمل التعاوني بافتتاح أول دكان تعاوني بقرية ثمود، فكان المسئول عن ذلك المحل التعاوني ناصر محمد المنهالي، الذي تولى مهمة جلب المواد الغذائية من شركة التجارة الداخلية بسيئون إلى صحراء ثمود، فصارت تلك المواد الأساسية في حياة الإنسان في متناول البدو الرحل من قاطني الصحراء الشرقية بأسعار مناسبة، والجدير بالذكر بأنه قبل تلك الأعوام الماضية، كانت هذه الواجبات وتلك المهمات من غذاء ودواء وتعليم تقدم للمواطن من قبل قوات (الجيش البدوي الحضرمي) من خلال وجود وحداته العسكرية بصحاري ورمال ثمود والعبر وعساكر وغيرها، وبذلك الوجود العسكري تم تأمين الخائف من الغزوات القبلية، إن كان في الصحراء الشرقية، أو كذا الحال في الصحراء الغربية على امتداد الشريط الحدودي.
من الآثار التاريخية بمنطقة ثمود بئرها الواقعة في وسط شريط صحراء الربع الخالي، وفي غربها (بير تميس) القديمة، مع وجود كتابات، منها رسومات بكهوف وادي قناب، وكذلك في المصنعة بعيوة المناهيل، كما توجد آثار من عصور غابرة في كهوف الغيران في وديان الشريط الصحراوي، وقد اطلع عليها المستشرقون المستكشفون من أوربا، وأكثرهم من بريطانيا، منهم ضباط عسكر من الإنجليز، وخبراء مكافحة الجراد، ورحالة آخرون. ونذكر على سبيل المثال وليس الحصر بأنه نقلت من وادي رماه ومن وادي نطرة ونطيرة بمنطقة سناء أحجار عليها كتابة قديمة من الخرطوشات، وعندما تم فك شفرة تلك الحروف من قِبل خبراء الآثار، أفادوا بأن تلك الأماكن التي وجدت فيها تلك الأحجار القديمة مواقعها في مرتفعات الوديان، وبهذا تعد تلك المناطق محطات تاريخية تحدد مواقع الوقوف إن كان في المساء، أو في وضح النهار، لقوافل عديدة محملة على ظهور الإبل كميات كثيرة من البخور، واللبان، والصبر، من وإلى حضرموت، عبر رمال الربع الخالي، وغيرها من الأوصاف ذات الطابع الأثري، والكثير من تلك الآثار اندثر لعدم الاهتمام والعناية بها، ومن أسباب ذلك تدني الوعي في هذا الشأن المهم. ومن التاريخ الحديث علامات بارزة وضعت في أعلى كهف غار الخدرنة الواقع غربي (بئر ثمود)، وتلك العلامة على شكل مثلث، مصنوع من ركائز من الحديد، تدل على موقع المشروع السوفيتي للتنقيب عن النفط بصحراء ثمود، الذي بدأ أعماله في السبعينيات حتى التسعينيات من القرن العشرين، ومن ثمَّ رحلت تلك الشركة الروسية أسوة بمثيلاتها من الشركات النفطية السابقة واللاحقة.
إن العادات والتقاليد لقبائل الصحراء من شرقها إلى غربها متعددة ومختلفة بخصوصياتها ولهجتها إلا أن تلك العادات بطبيعة الحال متقاربة في حد ذاتها فلا يوجد هناك تباين كبير في هذه أو تلك العادة من العادات البدوية لطبيعة خصائص الصحراء.. فالكل يروي رواياته بذاكرته بحسن النية دون مبالغة في سرد الكلام.. وهنا سندلي بدلونا في هذا الشأن بغية التوثيق لبعض من هذه العادات البدوية ومنها:
– الزوامل من قِبل الرجال متكتفين سلاحهم الشخصي مع التاعشير بإطلاق الأعرية النارية من فهوات بنادقهم. – الشرح المريكوز والشحيب رجالًا ونساء.
– المريزة من قِبل الرجال على ضوء موقد النار بحطب أشجار السمر.
– لعبة الدارة اللمس والقبض والقفز بالأحجار للدفع إلى الأمام.
– سباق الهجن (الملز) ومزاينات الإبل الأصائل في مضاميرها.
– مباريات الشباب في مجال الرماية بالذخيرة الحية للتمرس على تسديد الهدف وإصابته من أول طلقة رصاص. فهذا بعض ذلك الموروث الشعبي لدى القبائل الحضرمية.
وهناك عادات -توحي بها بعض المناسبات- عفى عليها الزمن وبعض منها ما زال قائمًا، وهنا نروي ما جادت به الذاكرة البدوية وليس حصرًا.
فمن تلك المناسبات البدوية الختان والزواج ومنها من خلال مراسيم أعراس الزواج المرحلة الأولى الربوط التي تتم في بداية لحظات العرس بطريقة ربط العروس وهي في حالة القيام بمهمتها اليومية في مرعى البوش في ذلك اليوم المحدد للربوط، فتتم متابعتها من قبل والدها أو خالها في مجرى ذلك الوادي فتتسارع خطوات المسير للحاق بها من خلال الهرولة إلى الأمام بالجري في تعرجات المسار، وعند الاقتراب منها يرمي أبوها أو خالها على رأسها شال أو صبيغة سوداء أو سباعية ذات ألوان متعددة لتغطية رأسها، وفي تلك اللحظة يتم حضور النساء من أقارب العروس وتبدأ مراحل الزف بالعروس من مكان الربوط إلى مكان العرس، وبهذه المناسبة يتم إطلاق النار بالتعاشير([1]) في الجو الطلق ويكون الرمي فوق الرأس من قبل المعرس والأهالي على رأس العروس، ومن ثم يتم التوجه من خلال الزف بالعروس إلى مكان الربوط وتستمر التعاشير بالرصاص الحي، وتبدأ الزوامل بقدوم صفوف الملاقين في زوامل رجالية مرحبين بهم أهل الزواج فتراهم في صفوف متقابلين في خطوط مستقيمة كل زامل قبالة الزامل الآخر منشدين بأصوات مرتفعة بأبيات من الشعر البدوي.
وفي صباح اليوم الثاني من أيام الزواج تتم الصفة بوقوف الزوجة وهي في أكمل زينتها أمام ذلك الخدر بموقع الزواج، علمًا بأن هناك اختلافًا في موعد ربوط العروس بالنسبة لهذه أو تلك القبيلة فمنه ما يتم في الصباح الباكر، ومنه ما يتم في وقت الظهيرة من ذلك اليوم المحدد للربوط، فبطبيعة الحال توجد اختلافات بسيطة في هذه أو تلك العادة إلا أن مضمونها واحد فليس هناك تباينات كبيرة بل هي متقاربة.
2- عادات العلاج:
– هو با حمه:
الرعباه.. فمن أنواع أصناف العلاج البدوي للمريض ما تسمى (الرعباه) المتمثلة في مجموعة من البدو تراهم يجلسون متركبين على ركبهم في إطار دائرة على المريض متنحنحين بكلمات غير واضحة بصوت مرتفع بقولهم هو با حمه هو با حمه.. وغيرها من كلمات أخرى مشابهة لتلك النغمة، فتسمعها تارة في صوت منخفض، وتارة أخرى بصوت عال مع حركة أيديهم بطريقة سريعة، وغيرها من حركات. ومنها شفط الدم عبر الفم لإخراج مادة السم من موقع القبصة (اللدغة)، وذلك في حالة لدغة الثعبان السام.
حالة أخرى في العلاج البدوي اللطم في غفلة للمريض من قبل شخص ذا خبرة في ذلك العلاج، أو إطلاق النار فوق رأس المريض وهو في وضع دون انتباه، وبعد هذه وتلك العملية يوضع المريض في مكان مصان تمنع عليه الزيارة لمدة أربعين يومًا.
من ضمن العلاج البدوي كحل العين بميل المكحلة بمادتي الكحل الممزوج بالصبر المسحوق مع بعضه في حالة الإصابة بالرمد وغيرها من أمراض العيون، ويتم الكحل بميل المكحلة.
مثلما يقولون آخر العلاج الكي بالنار في موقع البخس (الوجع) حيثما كان، وتتم عمليات الكي بالنار من قبل أشخاص ذوي خبرة أي من الذين لديهم معرفة في ذلك العلاج البدوي من خلال وضع العلامة المحددة في بداية المرحلة، تليها مباشرة عملية الكي بالنار بموجب تلك العلامات، فيوضع المكوي (الطبيب المعالج) مكواه الحار على كل علامة تم تحدديها في جسم المريض بحركة سريعة.
– علاجات أخرى:
فمثلًا عملية تشخيص المرض يتم عبر الذرع بالحبل من قبل ذلك الخبير، وذلك من خلال الذرع باليد مرارًا وتكرارًا بالحبل من قبل المعالج (المداوي بالذراع) بدوره يقرر العلاج من الأعشاب ومنها أوراق شجر الحرمل التي توضع تحت جسم المريض، وأيضًا غسل الجسم بثمار شجرة الحتيكة مع وريقات شجرة الغصة المسحوقة، وكذا حناء الرأس ودق أغصان شجرة الخضيرة ووضعها في (منغا) رأس الطفل الرضيع في حالة سرعة نبضات (منغا) النخاع، مع ترقيب رقبة الطفل أي التدليك من قبل امرأة ذات خبرة في ذلك العلاج، وفي حالة التهاب اللوزتين يتم فشط اللوزتين بدخول إصبع السبابة في فم المريض من قِبل ذلك المداوي المتعارف عليه عند البدو، فترى مرضاهم متقاطرين إلى أولئك العرّاف في ذلك الزمان.. والله عز وجل هو الشافي لا شافي إلا هو.
3- عادات المرأة:
عنوة المرأة من الرجل من خلال قيام الرجل بلمس أو مسك أطراف جسم المرأة بيده، فتقول له مباشرة: استعنيت منك ببكرة وقعود وما قاله بويه، وهذه العادة البدوية من ضمن حقوق المرأة في المجتمع الذكوري.
وكذا الحال المرأة الشنوف أي الزوجة الخارجة عن طاعة زوجها فتضل عاصية مطالبة بالطلاق من زوجها الذي يرفض طلاقها وبمرور الأيام إن كان عن طريق الصدفة أو بطريقة المراقبة من خلال هذه أو تلك المتابعة ومن نتائجها عند مشاهدة الزوج شخصًا ما يتحدث مع زوجته الشنوف في مجال الغزل فيقول الزوج لذلك الغريم الزمك بالمردوف أي دفع مبلغ المهر بالذبل، وبرجوع الأطراف المعنية بالقضية إلى مقدم القبيلة يتم الفصل في هذه أو تلك القضية بموجب العادات المعتادة عند هذه القبيلة.
4- الختان:
وأما بالنسبة لمناسبة الختان للرجال التي تتم في وقت غير مبكر من العمر بل ما بعد سن الطفولة عند بلوغ سن الفتوة وبتلك المناسبة تقال الأبيات الشعرية من فوق منصة الختان من قبل الفتى المختون من خلال تلك العملية القديمة التي تتم بدون تفتير (أي دون تخدير موضوعي)، فتراه صابرًا على الأوجاع منشدًا بصوت مرتفع بالقصائد مضمون نصها الإشادة والثناء بالفخيذة والقبيلة وبالأخص الوالدين والأخوال والإخوان.
تصدر الأحكام العرفية من قبل مقدم القبيلة بموجب العرف القبلي الذي تحكمه السوارح والسوالف والعادات والتقاليد عند هذه أو تلك القبيلة من أعراف القبائل وسوف ذكر بعضها فمنها:
السلم والحرب والصلح والبراء والثأر والأسر والأخذ بالوجه واللوم والشؤم والوثر وغيرها، ومنها العدائل وهي عبارة عن بندقية سلاح حسب التحديد من قبل مقدم القبيلة بحجم القضية الماثلة أمامه، ومن ثمَّ تبدأ الدعوى من قبل المدعي والجواب على الدعوة من قبل المدعى عليه، ومن ثمَّ يتحدث المقدم بمضمون نص القضية وحيثياتها نتيجة لما طرح عليه في مساق القضية من دعوى وجوابها وغيرها من إضافات مضافة كفرصة نهائية من قبل هذا أو ذاك الطرف، وفي نهاية المطاف ينطق مقدم القبيلة بالحكم بموجب الأحكام العرفية المتعارف عليها في حسم القضايا البدوية، ومن تلك القضايا قضية (عنوة المرأة) كما مرَّ معنا وغيرها من القضايا الاجتماعية ذات الطابع القبلي، وبهذا العرف القبلي يتم حل القضايا من جذورها بتنفيذ الحكم العرفي في الحال منعًا للتسويف الذي يفضي إلى تفاقم هذه القضية أو تلك، وكذا تحاشيًا من حدوث ردات فعل في ظل مجتمع متسلح، ولذلك تبقى العدائل والعرابين بيد المقدم حتى يتم تنفيذ الحكم بكل فصوله لا سيما أن الرضا سيد الأحكام من خلال وضع العرابين في قعيدة المقدم من أجل تنفيذ الحكم بدون تردد أو تراجع أي بدون استئناف، علمًا بأن مقادمة القبائل مراتب بدءًا بمقدم الفخيذة، ومقدم القبيلة، ومقدم الطائلة والنقد بن عطوفة السماحي، وبالنسبة لمورد عاب وطاب هما المقدم بن يماني ببلدة قسم، والحكم بن عجاج من قبائل نهد ببلدة قعوضة بوادي حضرموت، والمقدم بن يماني مورد عاب وطاب لقاطني المنطقة الحدرية (الشرقية)، والمقدم ابن عجاج مورد عاب وطاب لقاطني أعلى الوادي وحواليها.
في هذه الحالة وغيرها من الحالات المشابهة لمثل هذه وتلك القضايا تتقدم الدعاوى للمقدم (شيخ القبيلة) إن كان في موسم زيارة هود في ذلك التجمع البدوي أو في حالة وجود المقدم إن كان في حلته (مقر إقامته المتنقلة)، ومنها باطنة الوادي وفي شزرها ونجدها وبحضور الأطراف بعد سماع الدعاوى وطرح العرابين لتنفيذ الأحكام يتم الفصل في هذه أو تلك القضية، ومن المعتاد حسب السوارح المعمول بها قبليًا يحدد للمقدم معتب من ضمن شروط الزواج على الزوج، والمعتب عبارة عن عمامة حمراء عراقية أو دسمال بونه (شال صناعة هندية) ليوضع على رأس مقدم القبيلة فتراه في مظهره مميزًا عن بقية الحاضرين من بدوي وحضري.
بعد تلك المراحل التي سادتها تلك الصراعات من الغزوات بأسلوب الأخذ بالقوة لفيد الإبل ومن جرائها تلك المواجهات المسلحة التي من خلالها تفاقمت قضايا الثأرات ما بين القبائل التي من عادتها حمل السلاح الشخصي للدفاع عن النسل والأرض، فظلت الأوضاع عقودًا من الزمن في التاريخ القديم والوسيط مستمرة في أحوال غير مستقرة اجتماعيًا وأمنيًا، في تلك العصور الماضية منذ عهد القبيلة التي عاشت مراحل الاقتتال.
أبناء البادية من تقاليدهم أبًا عن جد حمل السلاح الناري في كل الأوقات على الدوام، وبطبيعة الحال في أثناء الأوضاع غير الآمنة، وكذا الحال في الأفراح وفي المناسبات وغيرها، وكذلك هواة الصيد البري إذ إنهم تعودوا على مثل تلك الأوضاع بمختلف أحوالها الطبيعية فتراهم دومًا على أهبة الاستعداد غير مفارقين للسلاح التقليدي حتى في المنام تراه متكئًا على سلاحه إن كان بجانبه أو تحت رأسه.
أنواع تلك الأسلحة:
من الأسلحة النارية التي عرفتها القبائل البنادق القديمة ومنها بندقية (بوفتيلة) ذلك السلاح ذو القصبة الطويلة وهو صناعة تركية، تم ظهوره في حضرموت قبل مائة عام تقريبًا، وكذا (الهرتي) و(الهطفة الفرنسية)، وفيما بعد ظهرت (الشرفأ) و(الكندات) وهي صناعة بريطانية، ومن ثم (العليمانات) و(الميازر الطويلة) ألمانية الصنع وغير ذلك من الأسلحة القديمة، وقبل ظهور هذه البنادق كان السلاح الأبيض ومنه الرماح، والسهام، والسيوف، وتلك الجنابي التي رافقت السلاح الناري، وبعد ذلك السلاح القديم تسلحوا بالسلاح الحديث (الرشاش الآلي الأتوماتيك)، الذي يطلق طلقات صاليات متواصلات، ومنها بندقية (كلاشنكوف) التي سادت العالم من خلال التسلح به من قِبل الأفراد سواء كانوا عسكريين أو مدنيين.
علوم الإبل:
علوم الإبل كثيرة ومتعددة بكثرة فوائدها للإنسان، الذي ورث ذلك الموروث عن الآباء والأجداد منذ التاريخ القديم، فتحمل المسئولية الأبناء والأحفاد من خلال الاهتمام بتربية الإبل، وهم أصحاب الحلال من ملاك الإبل جيلًا بعد جيل.
ومن هذه وتلك العلوم (الوسم) المتعارف عليه عند كل قبيلة من قبائل الصحراء الشرقية والغربية، ومن المعلوم ذكره بأن وسم الإبل على مستوى القبيلة وسم محدد، مضافًا إليه وسم الفخذ، بموجب الانتماء القبلي لهذه الفخيذة أو تلك من الفخائذ والعشائر من كل قبيلة من القبائل التي جذورها من الأصول الحضرمية.
رضاعة الناقة:
توسم الإبل بمرور عام من الولادة أي بعد رضاعة الناقة لابنها الصغير (الحاشي) رضاعة عام كامل.. ولعوامل المرعى والمسقى يظل البعض منها وبالذات الإبل التائهة في الصحارى والرمال بغية وصولها إلى أماكن المراعي في المناطق البعيدة؛ ولهذا السبب أو ذاك تبقى هناك إبل غفر أي بدون وسم، وعندما يعثر عليها مالكها بعد العناء من البحث عنها يسوقها إلى مورد الماء ويوسمها بوسمها المعين من خلال الكي بالنار بسكين أو سنارة حديد، بتعاون الحضور من الوردة الواردين على ذلك المورد المائي، وبهذا الوسم تكون الإبل معروفة عند القاصي والداني، وهذا كله من أجل الحفاظ على تكاثر هذه الثروة الحيوانية كمصدر رئيس للرزق الحلال. وكذا الحال الغريزة الفطرية للبدوي لهذه المهنة من خلال الرفق بالحيوان، وهذه المظاهر البدوية ما هي إلا أصالة وانتماء لحياة بدوية عاشها البدو الرحل منذ عهودهم القديمة جيلًا بعد جيل حفاظًا على ذلك الموروث التاريخي -الصادر من الآباء والأجداد عبر العصور- من تاريخ الإبل بمختلف أنواعها ومنها المطايا الذلول (سفينة الصحراء).
كان في عهد سابق الوسم في الوجه، ومن ثمَّ حدده البعض ما بين الأذن والرقبة من جهة الحالب أي اليسار، على الرغم من أن البعض ما يزال يسم إبله في الوجه.. وهنا سنورد تفاصيل ذلك الوسم؛ الذي يعد وسمًا متميزًا لكل القبيلة والفخيذة من الفخائذ المنتمية لهذه أو تلك من القبائل، فلكل وسمه المعروف حسب المتعارف عليه قبليًا، وبهذا الوسم عند هذه القبيلة أو تلك تصير الإبل معروفة بوسمها كنظام عرفي سائد في التعامل في هذا الصدد منذ القدم، وبذلك الوسم المحدد تتحدد نوعية ملكية هذه الإبل تجنبًا لأي مشاكل قد تنشأ في هذا الشأن، وإن حدثت أي مشكلة بقصد أو غير قصد مثل القيام بتغيير الوسم أو الركوب على المطية من قبل الغير دون الاستئذان من مالكها، علمًا بأن هذه القضية بالذات عند بعض من تلك القبائل وليس كلها.. أما فيما يخص قضايا الإبل فيتم حسم هذه المسائل من قبل مقدم القبيلة، وفقًا والأعراف والعادات في هذه الشئون البدوية في مجال الإبل وعلومها من مصدرها إلى ميرادها في سقيها ومرعاها في مراعيها، وذلك وفقًا لتلك الأعراف، وذلك حفاظًا على هذه الثروة الحيوانية ومنها الإبل.
التدوين للتوثيق:
حاولنا جاهدين قدر الاستطاعة والإمكان في هذا الشأن بغية التوثيق في مجال وسم الإبل للتمكن من إظهار معالم الوسم قبل أي استحداث ربما يظهر في هذا المضمار من خلال أي مستجد يستجد نتيجة تسارع مراحل التحديث وبالذات في هذا المجال المهم.. وبهذا الاجتهاد نأمل أن نكون قد وفقنا في التدوين لهذا المضمون بغية للتوثيق الذي يعد في حد ذاته من التاريخ القديم امتدادًا منه إلى الحاضر في علوم الإبل.. وعلى هذا الأساس نبين وسم الإبل المتعامل به حاليًا منذ تلك العصور القديمة إلى اليوم وذلك على النحو الآتي:
وسم إبل قبائل المناهيل:
قبيلة بيت المعشني.. الوسم (معشنية) خطين مستقيمين بشكل طويل أي اثنين مطارق وراء الأذن.
وسم بيت كزيم. الوسم (كزيمية) بشكل حنية نصف دائرة، والفتحة من تحت، مع عمود بشكل خط غير مستقيم بجنب الحنية من اليمين وسط الرقبة.
وسم إبل بيت سبولة: الوسم (سبولية) الحنية الفتحة من تحت، وعمود بجانب الحنية من اليمين بشكل رقم واحد وثمانين.
وسم إبل قبائل العوامر:
الرواشد/ الوسم (الراشدية) رزة نقطة في اللحي، مع رزتين أي نقطتين بين العين والأذن.
مضامير الهجن:
فمنذ الصبا وعنفوان الشباب فإن أبناء البدو الرحل يتصفون بصفات الشهامة، فهؤلاء الرجال النشامى بانتمائهم إلى حياة البادية على الرغم من قساوة الحياة في تلك المناطق البعيدة التي جعلت رجل البادية متحملًا الأثقال الثقيلة من الأمور الحياتية، وبالتحدي والصمود وبالعزيمة القوية تهون أمامه المهام الصعاب، حتى ولو كانت المراحل طوال، وكذا بالمثل ترى كبار السن من البدو من أصحاب الإبل لديهم خبرة متراكمة في تربية الإبل، وهم أساسًا يمثلون الهيئة الاستشارية وأصحاب القرار في مضامير الهجن، أي في كيفية ممارسة سباق الهجن ومزاينة الإبل فهم قد تمرسوا عليها منذ نعومة أظافرهم فتعودوا عليها، وأصبحت ممارستهم اليومية منذ العصور القديمة من تاريخ القبيلة حتى اليوم، فتراهم مهتمين بإبلهم في ظل حضارة ناطحات السحاب، ولتفهم هذه الثقافة أقيمت المضامير وسباق الهجن بطرق حديثة في هذا العصر من خلال ذلك الاهتمام من قبل تلك الدول العربية الغنية بالثروة الطبيعية من غاز ونفط وثروات معدنية وغير ذلك من موارد اقتصادية.
بطبيعة تلك الأحوال تشاهد هذا أو ذاك المرعى من المراعي الخضراء، ليست سرابًا بل ترعى وترتع فيها الأغنام برعاية راعية البوش، وأما بالنسبة للإبل فبعناية مرعاها من قبل رجال البدو أي (المبله) رعاة الإبل.
أما حلب لبن النوق فيكون من قِبل الرجال فقط وبأصبعين هما الإبهام والسبابة، ويكون من جهة الحالب أي اليسار، ويتم حلب اللبن من ضروع الناقة بضرعين مختلفين، والضرعان الآخران لابن الناقة (الحاشي)، وذلك من أجل يدر باللبن أي يكثر في أثناء الحلب الطبيعي في الإناء المسماة (القعلو) أو (الستمه) وهي صناعة محلية من الجلد وغوص أغصان الشجر، ولون اللبن بطبيعته أبيض تراه بالعين المجردة في ظلام الليالي.
وفي تلك المراعي النظيرة ترى الغزلان (الظباء من فصيلة الريم) تفز أي تقفز في مساحة مرعاها لرشاقة قوامها، وأما بالنسبة للوضيحي (المها العربي)، يرعى ويرتع في مراعيه بالرمال تراه في قطعان كثر هنا وهناك في مقدمتها الأنثى الوضيحية، فترى تلك القطعان ترعى ما بين تلك الشقاق الرملية ذات النعومة في ذراتها التي تسمع صوت صداها من شقاق رمالها. وكذلك طير النعام فهو من الطيور التي لا تطير بل تتأرجح في سيرها حينًا وتارة تسرع في خطواتها، فتراها تخبئ بيضها في مخابئ خفية في إحدى الشقق من شقاق الرمال، أي ما بين هذه أو تلك الشقة من الكثبان الرملية منها الثابتة والمتحركة عند أعاصير الرياح، وعندما يتم العثور على بيض النعام يشرب عصيرها رعاة الإبل في حالة عطشهم.
وهنا سنحدث عن حكاية بترول ثمود التي بدأت قبل (82) عامًا منذ 1935م من خلال قيام شركة (P. C. L.) بعمليات المسح الجيولوجي بمنطقة ثمود أرض امتياز التنقيب عن النفط.. إلا أنه بعد مرور (25) عامًا من تاريخ بداية العمل حينذاك في مجال المسح النفطي بصحراء ثمود نشب ذلك الخلاف الذي حدث بين الشركة النفطية وحكومتي حضرموت (القعيطي والكثيري)، ونتيجة لذلك السبب وربما غيرها من الأسباب لا نعلم بها.. فقد نتج عن تلك الخلافات انسحاب تلك الشركة من مواقعها بثمود.. ولتحقيق الأمل الذي كان يراود قاطني ثمود من البدو الرحل بغية الاستقرار بدلًا من الترحال أعطي الامتياز من قبل حكومتي حضرموت للتنقيب عن نفط ثمود للشركة الأمريكية العالمية (بان أمريكان) بالتحديد في عام 1961م، وبناء على تلك الاتفاقات بدأت تلك الشركة الأمريكية في إصلاحات عاجلة للطرق تأهبًا لنقل المعدات الثقيلة من المكلا إلى منطقة ثمود، التي تبعد عنها مئات الأميال في اتجاه الشمال الصحراوي.. وذلك الخبر فيما يخص إصلاح الطريق للتمكن من نقل المعدات صدر في صحيفة (الطليعة)([2]).
بناء على ذلك الامتياز في حقول نفط ثمود الذي منح لتلك الشركة الأمريكية في ذلك التاريخ آنف الذكر وبتلك الإجراءات العسكرية والمدنية ذات الطابع الاقتصادي.. وعلى ذلك تم ترتيب وصول أول حفار نفط عبر الطريق الصحراوية نتيجة لصعوبة عبور ذلك الحفار الكبير بعقبة المعدي بالطريق الشرقية، وعلى هذا الأساس تم وصول ذلك الحفار الأمريكي التابع لشركة بان أمريكان العالمية (AMERICAN OIL COMPANY PAN) عبر الطريق البحري من مصدر المنشأ إلى ميناء مسقط بسلطنة عمان من ثم بالبر عبر صحراء شحن إلى صحراء ثمود.
عند وصول الحراسة من الجيش العُماني المكلفة بحراسة ذلك الحفار الأمريكي تم الوقوف عند تلك البراميل التي كانت تعد نقطة حدودية ما بين سلطنة عُمان ومحمية عدن الشرقية (حضرموت والمهرة) وفي أطراف تلك الحدود الصحراوية في محطة البراميل تم التسليم من قِبل الدورية العُمانية لذلك الحفار الأمريكي إلى دورية الجيش البدوي الحضرمي التي كانت مهمتها حراسة ذلك الحفار كلًا في مجاله الطبوغرافي الجيش العُماني والجيش الحضرمي، وبتلك الترتيبات المنسقة أمنيًا من قِبل قيادتي تلك الجيوش العربية العُمانية والحضرمية حينئذ، تم وصول الحفار إلى وادي ترفات الواقع شرقي ثمود بحراسة من قبل جيش البادية الحضرمي، فبدأت مراحل الحفر بذلك الحفار الكبير في المجال النفطي في حدود ثلاث سنوات، وبعد تلك المدة تم الانسحاب من قبل الشركة الأمريكية مثلها مثل الشركة التي سبقتها وكذا بالمثل بقية الشركات اللاحقة، وفي آخر المطاف ظلت تلك الآبار الاستكشافية في مجال النفط مغمورة بالرمال من خلال زحف رمال الربع الخالي عليها.
الجدير بالذكر بأن مجلة (العربي) الكويتية في العدد (79) بتاريخ يونيو 1965م أجرت استطلاعًا عن مدينة المكلا عاصمة حضرموت ومفتاح جنوب الجزيرة العربية، ومن ثم طارت تلك البعثة الإعلامية الكويتية من مطار الريان بالمكلا إلى موقع الحفر بوادي ترفات بمنطقة ثمود والتقطت صورة لحفار شركة بان أمريكان بتلك المنطقة الواقعة جغرافيًا شرق بئر ثمود ووادي رماه، فصارت تلك الصور نادرة في حد ذاتها التي التقطها مصور مجلة العربي (أوسكار) باستطلاع الصحفي (سليم زبال)، علمًا بأن ذلك الحفار الأمريكي صار أثرًا بعد عين منذ عام 1994م فلم يبق من ذلك الحفار إلا تلك الصورة النادرة من تاريخ بترول ثمود ومن خلال مشاهدة ذلك الحفار في عهده تم وصفه من قبل بعض الخبراء الأمريكان بأنه أكبر حفار بالشرق الأوسط، وثاني حفار في العالم في مجال التنقيب عن النفط بالصحارى والرمال في ذلك الزمان والمكان.
ومن خلال تلك الشركات النفطية متعددة الجنسيات في مجال المسح والتنقيب عن نفط ثمود، فقد كانت أول الآبار في حقول بترول ثمود في أول مراحلها هي البئر النفطية الاولى والثانية والثالثة التي حفرت بحفار بان أمريكان في مطلع الستينيات بموقع وادي ترفات، وبعد ذلك بمدة وبالتحديد في السبعينيات حفرت شركة سيابكو آبارًا نفطية مستفيدة في حفرها النفطي بذلك الحفار الأمريكي، فتم الحفر في حثوث، وثمود، وبالمثل في الثمانينيات المشروع السوفيتي للتنقيب عن النفط حفر بئر نفط في شحر شرقي وادي رماه، وفي التسعينيات من القرن العشرين، وكذا بالمثل حفرت بئر نفط في وادي قناب من قبل شركة فرسول الفرنسية، وأعلنت هيئة إذاعة لندن (بي بي سي) خبر استكشاف بئر نفط بوادي قناب بالربع الخالي.
بعد هذا وذاك من الحفر في مجال نفط ثمود تم إذاعته إعلاميًا ودخل السحاب وصار سرابًا، ربما للتحفظ بشأنه لهذا وغيره من تلك الأسباب.. عمومًا بأن تلك الشركات النفطية متعددة الجنسيات مما تم ذكره وغيرها لم تساعد الذاكرة في تذكر تلك الشركات بمختلف جنسياتها الأجنبية نتيجة لتلك العوامل منها ما ظهر على السطح وغيرها ما زال لغز الصحراء مدفونًا جوابه في عمق رمال الربع الخالي، وفي آخر تلك المراحل لم يتم إنجاز المهام بكاملها حسب بروتكولات الاتفاقات المبرمة بين الشركات وتلك الحكومات التي تعاقبت على الحكم الحكومة تلو الأخرى والتي رحلت مثلما رحلت تلك الشركات النفطية من خلال ذلك الانسحاب من تلك المواقع النفطية ذات الامتياز النفطي في إطار جغرافية صحراء ثمود، فكان ذلك الانسحاب المفاجئ في ظل ظروف غامضة وأسباب غير معروفة عند عامة الناس.. فظل قاطنو ثمود على هامش ذلك الأمل القديم الذي ما زال يراودهم حتى هذه اللحظة، وبتفاؤلهم بما فيه الخير، لا سيما وأن أرض ثمود موعودة بالخيرات، وقد قالها السيد الحداد بأن ثمود ستكون غنية بالمصانع النفطية ويهرع إليها الناس.
من نتائج تلك التحركات بمختلف مساراتها من سرعة الدرك أسدل الستار عن ذلك العهد فبدأت مراحل انخفاض الغزوات بالعد التنازلي حيث صارت تلك الغزوات في مرمى قوات (الجيش البدوي الحضرمي) المتمركزة على آبار المياه والتي أصبحت محروسة من قبل تلك الحاميات العسكرية المعززة بالدوريات بسلاح المصفحات وسيارات الجيب ناقلات الجند بدوريات ذهابًا وإيابًا على مستوى الشريط الحدودي والمنافذ الرملية مترامية الأطراف، ومن خلال تلك التحركات العسكرية ضبطت تلك الاختراقات، ومنع أي إخلال بالأمن العام على مستوى حضرموت، والمناطق المجاورة لها الواحدي والمهري.
بإبرام اتفاقيات الصلح ما بين القبائل بحضور المستشار البريطاني الأول بحضرموت المستر إنجرامس في أواخر الثلاثينيات لمدة ثلاث سنوات، والذي سُمي بـ(صلح إنجرامس)، ومن ثمَّ تم تمديد الصلح منذ مطلع الأربعينيات إلى الخمسينيات من القرن العشرين في عهد الكولنيل بوستيد المستشار البريطاني الثاني بحضرموت، فساهمت هذه العوامل في تنفيذ مرحلتي الإعداد والتحضير خلال عامي 1938م و1939م، وبذلك الإعداد الجيد تم تأسيس ذلك الجيش البدوي في مطلع عام 1940م بمركز ليجون([3]) بغيل بن يمين، تلك المنطقة الواقعة جغرافيًا في وسط جغرافية حضرموت الساحل والوادي والصحراء.
رابطة الكومنولث:
تكونت التشكيلات العسكرية للجيش البدوي الحضرمي على مستوى القبائل الحضرمية في أول المراحل التأسيسية وذلك على النحو التالي:
1- قبائل نوح عشرة 2- قبائل سيبان عشرة 3- قبائل الحموم عشرة 4- قبائل بلعبيد عشرة 5- قبائل الصيعر خمسة 6- قبائل نهد خمسة 7- قبائل المناهيل خمسة.. من ثم توالت تباعًا دفعات التسجيل بذلك الجيش البدوي بحضرموت من القبائل والشرائح بمحمية عدن الشرقية التي تشملها جغرافية حضرموت القعيطية وحضرموت الكثيرية والواحدي والمهري.. ويضم هذا الجيش في قوامه التشكيلات العسكرية، التي بدأت بأول المراحل من خلال التشكيلة الأولى بقوام نواة شبابية متمثلة في تلك الفرقة التأسيسية بعدد (55) عسكري من القبائل الحضرمية، ومن ثمَّ تعززت الجاهزية العسكرية كمًا وكيفًا وفقًا والاستراتيجية لـ(جيش البادية الحضرمي)، هذا الجيش الحضرمي الذي صار يشار له بالبنان على مستوى رابطة الكومنولث (COMMONWEAITH).
بالتمركزات الثابتة والدوريات المتحركة باستمرار على مستوى الشريط الصحراوي الغربي (عساكر العبر زمخ ومنوخ وحجر الصيعر)، والشرقي (ثمود سناو حبروت)، وكذا الحال بأرض الواحدي بخبر الأقموش وهدى وعياد والمهري بالغيظه وادي مرعيت أرض بن عوبثان وجزيرة سقطرى بالبحر وحبروت بالبر المهري المتاخم لحدود سلطنة عمان وبموجب الاستراتيجية العسكرية تتم التحركات بقوة العدة والعتاد من قبل ذلك الجيش البدوي الحضرمي (HADHRAMI BEDUIN LEGION) المنوطة به المهمات والواجبات العسكرية والأمنية وبهذه الأعمال تم إحلال السلام بحضرموت، فصار عهد الإخلال بالأمن العام -بسبب وقائع وأحداث الغزوات والفزعات القبلية- في خبر كان بقوة الرجال الشجعان لذلك الجيش الحضرمي الذي أسس من النخب الحضرمية في بداية المراحل الأولية، من ثم شمل في صفوفه العسكرية أبناء مناطق محمية عدن الشرقية (حضرموت والواحدي والمهري).
في مطلع عام 1953م تم بناء مركز ثمود بمسافة قريبة من البئر التاريخية (ثمود) وتمركزت بذلك المركز الواقع جغرافيًا في وسط الصحراء قوة من الجيش البدوي الحضرمي فنظمت أوضاع السقي على ذلك المورد المائي من خلال الإشراف من قبل قيادة مركز ثمود، وبهذه الترتيبات اليومية انتهى عهد الفوضى وتم استتباب الأمن والأمان بصحراء ثمود فاستمر النزح بزانة دلو الماء من قعر البئر إلى أحواضها بتلك العلمية التقليدية التي تتم بالأيادي القوية بحركة سريعة ذات شدة في التسابق لتطليع الدلو بزانة الحبل السلب أي نوع قوي، وهذه الحركات تتم من قبل البدو الواردين وجنود جيش البادية الحضرمي المتمركزين بتلك المراكز العسكرية المسيطرة على تلك الآبار وفي أثناء مراحل نزح الماء تسمع كلمات بصوت مرتفع يرددها نازحو الماء وهم قيام فوق فوهة البئر، وتلك الكلمات هي (هيب هيبا هيب).
قضايا الثأرات:
كان وضع تلك القبائل في ذلك المجتمع المحلي ذي الطابع القبلي أوضاعًا غير مستقرة نتيجة لتلك الغزوات لأخذ فيد الإبل وبالفزعات يتم إعادة الفيد، ومن جراء هذه الحروب تعمقت قضايا الثأرات أبًا عن جد، فصار الوضع تسوده التهدئة مع اليقظة في أثناء إبرام الصلح أي الهدنة ما بين الأطراف المعنية، وفي حالة الحذر في البراء دون الصلح يكون (الطارف غريم) من قِبل القبيلة صاحبة الثأر، وهكذا توالت الأحداث من غزوة إلى فزعة فيها المنتصر والمهزوم، ومحاولة إعادة الفيد عن طريق الأخذ بالقوة، مثلما أخذ منه بنفس الأسلوب القوي، وبعض الأحيان بطريقة الحيلة الفطرية من خلال تكتيكات عمليات الكر والفر، وهكذا ظل البدو في الصحراء ورمالها المترامية الأطراف في تلك العهود في صراع دائم لتجاوز الصعاب بالاعتماد على النفس، واستمرت الأوضاع على ذلك المنوال غزوة بفيد (وغزوة صعفة بجنبية)، فصارت هزائم هؤلاء القوم غنائم عند قوم آخرين.
من جراء تلك الغزوات ونتيجة لتلك الصراعات التناحرية ما بين هذه القبيلة أو تلك، التي ينتج عنها كرة أخذ الإبل وكرة من الكرات إعادة فيد الإبل في ظل مراحل الاقتتال إلا أن الوضع يظل في حذر، ومن شيمة الرجال الشجعان الحذر من خلال التمترس في المرابي لليقظة حتى في الوقت الذي يسوده الصلح، وبالذات في غضون الأيام العشر السوالف حسب شروط الصلح بين الأطراف، باعتبار تلك الحقبة الأولية من الصلح وهي تلك الأيام المحددة بأعلاه براء وبإنفاذها يبدأ الصلح، وبطبيعة تلك الأحوال الانتقامية تحدث أحوال من اختراق الصلح بقصد أو بغير قصد بطريق الخطأ لهذا السبب أو ذاك، ومنه ربما يكون الظن بأن الوقت وقت براء وأنه دون الصلح أو غير ذلك، طالما أن الثأر لم يحسم في ذلك الوقت، وكذلك بالمثل يحدث حادث تحت حجة أن خبر الصلح لم يصل إلى كل من الأطراف المعنية، ولهذا تكون الحجة عند هذه القبيلة أو تلك إذا قتلت غريمها في الصلح أن تدعي عدم إعلامها بهدنة الصلح بحكم أن أماكن المحلة متباعدة وغير مستقرة، ولهذا يكون الادعاء بأن الوضع فيه براء وليس صلحًا هذا من جهة، ومن جهة أخرى يقول البعض (قتل وبعده صلح)، حسب المقولة القديمة.
عمومًا فإن هذه الأمور وأمثالها المعقدة ذات الطابع المزدوج مرجعها (مورد عاب وطاب)، وهما المقدم بن يماني التميمي، والحكم بن عجاج النهدي، بموجب العوائد سارية المفعول في هذه القضايا.
أما بالنسبة لاختراق ميثاق الصلح إن حصل شيء من قتل فهو نادر بحكم أن القبائل جلها تلتزم بعهود الصلح، وذلك من خلال التأكيد على هذه المسألة المهمة في مجريات الصلح، بموجب تلك النصوص التي تتم وفق السوارح عند القبيلة في أثناء إبرام عقد الصلح بوثوره وعهوده وشروطه وشهوده.. ومن المعلوم بأنه رغم عدم توافر الوسائل المتطورة عند البدو في مجال التواصل الاجتماعي في تلك العهود القديمة التي شهدت تقطع السبل لأكثر من سبب، إلا أن الخبر عندهم يتم نشره بسرعة مثل أعاصير الرياح بهذه الوسيلة أو تلك، ومنها الطريقة المتعارف عليها من خلال تبادل الأخبار عند اللقاء الشخصي، أو الجمع العام، أو عند السمر في الليالي في معطان الإبل، أو على عدانة البير، أو مورد الكريف الذي مسقاه من ماء المطر، أو في وضح النهار عند تناول شرب (قهوة الشريخ) القهوة العربية في خيمة الشعر، أو بكهف الغار، وغير ذلك من المناسبات هنا وهناك، منها مواسم الزيارات والزواجات وغير ذلك من تلك الوعود ذات الجمع العام لهذا الزي (القبيلة) أو ذاك لمناقشة شؤونهم.. المهم والأهم في ذلك أن المعنيين بالأمر تراهم مهتمين بتبليغ ذلك الخبر في أسرع وقت ممكن عبر التواصل الاجتماعي عند البدو الرحل بوصول النبأ إلى كل من هو معني بذلك من سكان الديرة، إن كان في الرملة أو بالسيح، أو في باطنة الوادي، أو في المعراب، أو غير ذلك من مناطق المشقاص من الساحل البحري، لا سيما أن هذه العادات البدوية ما تزال قائمة، ومنها الصلح في غياب الدولة المدنية، وساري المفعول في أغلب الأوقات، فإن القبيلي عند الطلب يعطي غريمه الصلح أي الهدنة لمدة طويلة أو قصيرة من خلال صلح العرضة، علمًا بأن المدة الزمنية للصلح تختلف فقد تكون أيامًا معدودة، أو أشهرًا محدودة، ومنها الصلح المقعد، وذلك حسب ما جاء في نطق الحكم الصادر من قبل المقدم بن يماني ببلدة (قسم) في أثناء المثول أمامه من قِبل الأطراف في تلك القضية، التي أخذت طابع (مورد عاب وطاب) في مطلع الستينيات من القرن العشرين.
عقداء الأقوام:
من نتائج تلك الغزوات يأتي الصائح وتقوم الفزعات لحامل السلب أي الرجل المتسلح بالسلاح الناري، وذلك المنتمي لهذه القبيلة أو تلك المعنية بأمر الفزعة من عقداء الأقوام، إن كان البس المنهالي، أو هبطاء بن رقحيت المهري، أو بن نسيعة العامري، أو بن غصنه الراشدي، أو مرزوق الصيعري وغيرهم من عقداء الأقوام من تلك القبائل، فترى وتسمع عقداء الأقوام يأمرون وينهون كلًا منهم في نطاق جغرافية أرضه، وفقًا والعادات البدوية والسوارح القبلية المتعارف عليها منذ أزمان.. فعلى هذا الأساس تتم الترتيبات السريعة من خلال الانطلاقة في غزوة أو فزعة من أجل الفيد، فعقيد القوم يتصف بصفات مميزة تؤهله تلقائيًا لأن يكون قائد قوم من خلال الخبرات المتراكمة، ومنها الكر والفر وغيرها من التكتيكات العسكرية المتمثلة في إجراء الترتيبات الأولية، المتمثلة في ترتيب جماعة تتكلف بمهمة الأعمال الاستطلاعية، وجماعة أخرى من الرواة المكلفين بتوفير المياه لقوام القوم في أثناء عمليات الهجوم، والمعطاف بالفيد، وغير ذلك من تكتيك (كر وفر)، كل هذا وذاك من أجل الاستحواذ على الإبل. وهذا على سبيل المثال لا الحصر، لا سيما أن الغزوات في عهدها كانت جمَّة وترتيباتها متعددة، وفقًا وتضاريس المنطقة، علمًا بأن عقيد القوم ليس بمظهر الملبس أو بطول القامة فكم من قصير القامة صار عقيد قومه بمناقبه الشجاعة، حتى ولو بثيابه المرقعة وبمظهره الرث.
البس بن دويلان:
كان (البس) مبخوت بن العبد بن دويلان بن غانم المنهالي زعيم أقوام المشقاص أي الشريط الصحراوي الشرقي، فتراه غازي على أقوام أرض القبلة وبمعيته أولئك العقداء لتلك الأقوام من القبائل المشقاصية (المناهيل، والعوامر، والمهرة، والراشدي)، وعقداء تلك الأقوام من هذه تلك القبيلة هم أصلًا من رجال الشورى في اتخاذ القرار ومن صناع القرار لتنفيذ الغزوة أو الفزعة، وفي آخر مطاف هذه الغزوات والفزعات قتل (البس) بطعنة جنبية وليس بطلقة رصاص عند معطاف الغزوة بصحراء (تبه ويتمه) بالجوف في أطراف حدود شمال اليمن، وقبره موجود ما بين (تبه ويتمه) بأرض الجوف، وأسفرت تلك الغزوة بقتل البس وهويدي بن نفل وغيرهم من شجعان البادية فصار إجمالي القتلى من المشقاصيين تسعة، وإجمالي القتلى من قبائل القبلة أربعة عشر مع الاستيلاء على 140 ناقة أخذها أهل المشقاص فيد نتيجة لتلك الغزوة، التي مصدرها فزعة مشقاصية، ومن خلالها صارت الفجعة التي خسر فيها المشقاص عقيد قومه (البس) في عام 1946م. والجدير بالذكر أنه قبل تلك الفزعة كرد فعل على غزوة حدثت في عام 1945م حدثت حادثة استيلاء المناهيل على المخافر القعيطية بحصن العر ومركز السوم بأسفل وادي حضرموت، ومن خلال ذلك الاستيلاء تسلح المناهيل بالسلاح الحكومي نوع (الشرفا بريثن مطربلة) مصنعها مصانع بريطانية بلندن، وفي عهده يعد ذلك السلاح من الأسلحة الحديثة ذات الطراز الجديد، فشدوا رحالهم لتلك الغزوة صوب أرض القبلة التي من جرائها خسروا خسارة فادحة من خلال مقتل زعيم قبائل المشقاص الملقب (البس/ المنهالي) عقيد أقوام المناهيل.
غادية وضاوية:
من خلال هذه وتلك الترتيبات العسكرية الهادفة إلى دحر الغزوات ومنها الغارات المضادة لرد الفعل، وهي الفزعات كانت الدوريات مستمرة، وهذا المجهود العسكري كله من أجل الأمن والأمان ما بين القبائل المتحاربة، وللقضاء على الفوضى والثأرات.. فكانت بطبيعة الحال تحركات الجيش البدوي الحضرمي دؤوبة في مساراتها غادية وضاوية في تلك الأيام في المساء، وفي وضح النهار، وفي تلك الليالي المظلمة من خلال تسيير الدوريات في تلك المنافذ الصحراوية حينًا والأطراف الرملية حينًا آخر.
خو حمدة:
منذ مطلع الأربعينيات من مراحل التأسيس وفقًا والخطط الاستراتيجية لقيادة جيش البادية الحضرمي، الذي كان مقر قيادته حصن (ليجون) بغيل بن يمين، ومن ثمَّ انتقلت تلك القيادة العسكرية إلى حصن (ثومه) بمعسكر ديس المكلا، فكانت البرامج اليومية تنفذ بحذافيرها من خلال القيام بتلك الدوريات في إطار جغرافية تلك المسارات العسكرية، منها الدورية الأولى بقيادة الضابط عبدالهادي العتيبي االمنتدب من قبل قيادة الجيش العربي الأردني، لدى قيادة الجيش البدوي الحضرمي، انطلاقًا من الصحراء الغربية مركز العبر، مرورًا بقرون الثنية وتلة الوديعة، وصولًا إلى وادي الشرورة.
أما بالنسبة للدورية الثانية بقيادة الضابط سالم عمر الجوهي فتنطلق من الصحراء الشرقية ثمود ورمالها المترامية الأطراف، ومنها حبروت، وسناو، وخشم كوب، والساروب، والسرداب، وحزر، وشقاق المعاطيف، وخشم الجبل. علمًا بأن القائد سالم عمر الجوهي من منطقة (قاع آل عوض) بريدة الجوهيين، وهو من قبائل سيبان القاطنة (كار سيبان) بمرتفعات دوعن بحضرموت.. ومن خلال التدرج في الرتب العسكرية صار الضابط الجوهي القائد الأول لدوريات الجيش البدوي الحضرمي من خلال انتهاء مدة انتداب الدفعة الأولى من القادة الأردنيين ومن ضمنهم القائد عبدالهادي (خو حمدة)، وهو من قبيلة عتيبة، التي تعد من القبائل العريقة بالمملكة العربية السعودية.
غدير شقهم:
من خلال ذلك التواصل برقيًا بالتنسيق العسكري من قبل دوريات جيش البادية بالصحراء مع قيادة الجيش بالمكلا، كان ذلك اللقاء عصر ذلك اليوم من شهر نوفمبر عام 1951م، في أثناء المحاصرة من قبل الدوريات الشرقية والغربية على أقوام الغزوة وذلك على مورد الماء بحسي غدير شقهم بوادي مخية بعيوة الصيعر، ومن خلال تلك السيطرة ذات التكتيك العسكري استولت الدوريات من قوات حفظ السلام (الجيش البدوي الحضرمي) على الموقف العام وصار القوم تحت السيطرة العسكرية محاصرين من كل اتجاه، وفي تلك اللحظات الحاسمة تمت الترتيبات من قبل قائد الدورية في إعادة الفيد من الإبل المنهوبة لأهلها من مشقاصي وقبلي على حد سواء.
الأعداء أصدقاء:
من نتائج تلك التحركات العسكرية لجيش البادية ذاع الصيت عند القريب والبعيد فصار أعداء الأمس أصدقاء من خلال انخراط القبائل الحضرمية في صفوف الجيش البدوي الحضرمي، وكذا بالمثل التحقت تلك القبائل الأخرى بخدمة ذلك الجيش، الذي أسس قوامه من أبناء البادية بحضرموت، ومن تلك الأراضي المجاورة لها، من خلال الالتحاق بذلك الجيش الحضرمي، ومنهم قبيلة يام والعتيبي والحجازي من رعايا السعودية، والقميشي والعظمي والسليماني من أرض الواحدي، وغيرهم تلك القبائل المهرية بن صمودة، وبن سهال، وبن زعبنوت، وبن قمصيت، وبن عاشور وغيرهم كثر، فصارت القائمة طويلة في صفوف الجندية بجيش البادية من خلال تلك الدفعات المتوالية في التجنيد لكل قبيلة من هذه القبائل والشرائح الاجتماعية حسب حصتها المقررة في التجنيد العسكري بموجب شروط الالتحاق وفقًا واستراتيجية الجيش في مجالات تطويره كمًا وكيفًا على كافة الصعد نظرًا لتوسع المهام العسكرية والأمنية والاجتماعية ومنها الإغاثة الغذائية والدوائية والتعليم بمدارس الجيش.
المحبة تبني:
بطبيعة خصائص جيش البادية الذي يحكمه القانون، ومن نصوصه مواده القانونية منها جندي البادية يعمل من طرف الحكومة ولا يشترك ولا يميل بصورة شخصية في منازعات القبائل وحروبها وغاراتها.. وكذا بالمثل جندي جيش البادية يفهم أن المحبة تبني والبغض يهدم، وهو من الذين يبنون لا من الذين يهدمون وغيرها من مواد ذات طابع قانوني تخدم الإنسان والحيوان.. فما أحوجنا اليوم بالتحلي بهذه الصفات الحميدة التي اتصف بها الجيش البدوي الحضرمي.
أول السيارات التي قدمت إلى صحراء ثمود سيارة اللاندروفر في حملة مكافحة الجراد الصحراوي وهي السيارة الجيب التابعة لشركة (D. L. C.).. وأما بالنسبة للعربات العسكرية ناقلة الجند فهي بالمثل أول السيارات التي قدمت إلى صحراء العبر في الأربعينيات وفي الخمسينيات (إلى الصحراء الشرقية ثمود)، وهي السيارات التابعة للجيش البدوي الحضرمي التي تركزت في المسارات الصحراوية ورمال الربع الخالي، وبطبيعة الأحوال المناخية استمرت حملات مكافحة الجراد الصحراوي عبر سيارات الجيب بحراسة عسكرية، وكان الخبراء من الإنجليز.
أما بالنسبة للمهام فهي في حد ذاتها متعددة الاغراض لأهمية اكتشاف أسرار الصحراء في ظل أسراب من دباء الجراد كثير الانتشار الذي يأكل الأخضر واليابس ورغم الرش بذلك المبيد إلا أنه يتم أكله من قبل قاطني هذه أو تلك الديرة من ديار حضرموت.
على الرغم من صعوبة الحصول على الوثائق في هذا المساق من تاريخ ثمود وصحاريها ورمالها من الربع الخالي إلا أن المؤرخين من أوربا بمن فيهم البريطانيون أصدروا كتبًا ومذكرات عن حضرموت، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الحاج عبدالله فيلبي وكتابه (بنات سبأ) الذي دوّن فيه رحلته البرية من نجران بالسعودية إلى العبر بحضرموت، عبر الصحراء ومنها إلى مدن الوادي القطن وسيئون وتريم، والساحل المكلا والشحر، وتلك الرحلات بدأت خلال الثلاثينيات من القرن العشرين، وبناء على نتائج أعمال فيلبي تم افتتاح الطريق الصحراوي نجران/ العبر ومن خلال المرور بتلك الطريق (طريق الحجاج) أفاد ضباط من الجيش البدوي الحضرمي بأنهم شاهدوا جماعات من قبيلة الدواسر مالكي وسائقي السيارات الكبيرة (الشاحنات) في أثناء وقوفهم أمام نقطة الجمارك القعيطية بمركز العبر في طريقهم ذهابًا وإيابًا في مجال نقل البضائع والركاب عبر تلك الطريق التي اخترقت الصحراء الغربية في اتجاه جنوب الجزيرة من السعودية إلى حضرموت.
وأما بالنسبة فيما كتب من قبل الأجانب بشأن حضرموت فإن ذلك يعود للأهمية التاريخية لحضرموت الساحل والوادي والصحراء ولهذا كتب المستشرقون في كتابتهم التاريخية ومنهم رحالة وضباط سياسيون تكلفوا بمهام في صحاري ورمال الربع الخالي وعرفوا عنها الكثير وكتبوا عنها وألقيت المحاضرات في هذا السياق بلندن ومنها تقارير استخبارتية.
وكذا حال الرحالة البريطاني المسمى من قبل بدو الصحراء (مبارك بن لندن) الذي أصدر كتابه (الرمال العربية) فكانوا مرافقوه الرواشد من قبائل آل كثير منهم بن كبينة وبن غبيشه في رحلاته من خلال العبور الأول والثاني للربع الخالي من عام 1945م إلى عام 1950م، وكذلك بالمثل رافق مبارك بن لندن عقيد قوم قبائل المناهيل البس بن دويلان المنهالي، وقد رافقته ورفاقه من الرحالة قبيلة الرواشد من بير حلية بصحراء ثمود إلى قرية فخمة بوادي حضرموت شرقًا..
وأيضا إنجرامس الذي قام بأول مسح عن حضرموت، وكذلك هيو بوستيد كتب عن حضرموت.. علمًا بأن الأول فيلبي والثاني ابن لندن هما رحالة، والثالث والرابع ضباط سياسيون بإدارة المستشارية البريطانية بالمكلا (RESIDENC) أي مستشارون بريطانيون، الأول المستر إنجرامس مستشار بريطاني مقيم ومعتمد بمدينة المكلا منذ اتفاقية الاستشارة ما بين بريطانيا وحضرموت في عام 1937م، والآخر الكولونيل هيو بوستيد ثاني مستشار بحضرموت.
وأما بالنسبة للميجر جيم اليس فقد عين في ديسمبر 1951م مساعدًا عسكريًا للمستشار البريطاني المقيم حينذاك بمدينة المكلا (محمية عدن الشرقية) ومن ضمن الأعمال المنوطة به الاضطلاع بواجب صيانة القانون والنظام بتلك المناطق الصحراوية الواقعة شمال حضرموت والتي تعد جزءًا من الجغرافية العسكرية للجيش البدوي الحضرمي.. ومن خلال طبيعة أعمال (اليس) في الشريط الصحراوي أصدر مذكراته ومنها (حكايات من أرض الرمال)([4]).
هواة الصيد:
بتأسيس الجيش البدوي الحضرمي تم إنهاء عهد الصراعات من خلال عدم تخطي الحدود منعًا للاختراقات المخلة بالنظام والقانون وبالذات من ناحية الغزوات والفزاعات القبلية وذلك من خلال تسيير الدوريات من وإلى الجهة الشمالية الشرقية وكذا بالمثل الجهة الغربية من الربع الخالي.. إلا أنه في عامي 1957م و1958م جرى اختراق من الجهة الرملية وهذه المرة كان ذلك الاختراق من قبل هواة الصيد الرملي (الوضيحي والحباري)، إلا أن تلك الدوريات العسكرية للفليق الحضرمي (جيش البادية) كانت بالمرصاد لأي اختراق لحدود محمية عدن الشرقية التي تضم في إطار جغرافيتها حينذاك (حضرموت والواحدي والمهري).
عام 1913م تم الاتفاق بين البريطانيين والأتراك على رسم ذلك الخط بمداد لونه بنفسجي على خارطة الحدود الصحراوية على امتداد الربع الخالي في خريطة حضرموت التي أعدها المستر هارولد إنجرامس المستشار السياسي البريطاني المقيم بحضرموت آنذاك، ونشرت من قبله في كتب ومقالات بلندن تحت عنوان (حضرموت بين الحاضر والمستقبل) ((THEHADHRAMAUT PRESENT AND FUTURE موضحًا عن تلك الخريطة الطبوغرافية لتلك المعالم الجغرافية والمراكز العمرانية والوديان الكبيرة ذات النفوذ من قبل قاطنيها المنتشرين في تلك الأودية على غرار تلك التقارير الاستخبارتية في ظل السياسة الدبلوماسية البريطانية.. فبدأ الخط البنفسجي من جبل البلق شمال حريب ويمتد بزاوية 45 درجة بعرض الجزيرة العربية لينتهي في مكان (ما) بالقرب من دولة قطر.. بوصف ذلك الخط البنفسجي الحد الفاصل بين منطقتي النفوذ بين هذه البلاد وتلك تجنبًا لأي إشكالات قد تحصل في حالات مستجدة.
في عام 1926م تم التعديل في مسار الخط البنفسجي من خلال المفاوضات التي تمت حينذاك بصدد الخط الحدودي من جهة الصحراء من الرمال العربية حسب مقال الميجر (جيم اليس) وعلى هذا الأساس عُدَّ ذلك الخط المعدل آخر حد لدوريات الجيش البدوي الحضرمي إلا في حالات مطاردة المخلين بالأمن العام بالمنطقة([5]).
خشم الجبل:
ويذكر الميجر اليس في كتابه (حكايات من أرض الرمال) قصة قدوم فريق حفر من شركة (أرامكو (ARAMCO إلى المخيم (A) بخشم الجبل، ومخيم (B) بوادي خضرة الذي يبعد عن مركز جيش البادية الحضرمي بثمود بخمسين ميلًا، وبعد لحظات من وصول ذلك الفريق أجري الاتصال بالراديو بين رئيس فريق أرامكو ورؤسائه في مقر الشركة، كما جرت محادثات بجهاز اللاسلكي بين قيادة الجيش بالمكلا وقيادة دورية ثمود وبعد أخذ ورد بين تلك الأطراف كان في آخر المطاف أن تم التفاهم والتجاوب على مغادرة فريق (أرامكو) من صحراء ثمود، فغادر ذلك الفريق بعد وصوله بأيام قليلة.. حصل ذلك في أواخر سبتمبر عام 1955م.
حفار وبلدروزر:
منذ تاريخ انسحاب ذلك الفريق الجيولوجي التابع لشركة أرامكو من تلك المواقع الصحراوية بثمود فقد خلف ذلك الفريق وراءه بعض المخلفات فمن الآليات والمعدات الثقيلة (حفار بترول) وبلدوزر (D. 8) التي شوهدت حال وصولها حسب إفادة أحد ضباط دورية جيش البادية الحضرمي حينذاك التي تحركت بوجه السرعة من مركز ثمود إلى تلك الشقاق من الكثبان الرملية بناء على تلك المعلومية من قبل بدو تلك الجهة الواقعة شمال عيوة الصيعر السفلى فقد ظلت تلك الآليات تشاهد من مسافة بعيدة كمعالم بارزة تحكي قصص وحكايات عن نفط ثمود، ولأهمية الموقف تولت الحراسة على تلك الآليات الثقيلة قوة من الجيش البدوي الحضرمي مدة من الزمن.
على الرغم من تثبيت التمركز الثابت في المراكز الرئيسة واستمرارية الدوريات بالتحرك من هنا إلى هناك على مستوى مسارات الشريط الصحراوي ثمود/ العبر من قبل قوات حفظ السلام (الجيش البدوي الحضرمي) إلا أنه ما زال هواة الصيد يتكررون ما بين حين وآخر من خلال اختراق الحدود الصحراوية لمنطقة ثمود من أجل مقناص ذلك الصيد البري في تلك الحقبة الزمنية من تاريخ الصحراء، فكان آخر اختراق حدث في عام 1963م في ظل عهد جيش البادية (الحضرمي)([6]). وقد كان الملازم الشنيني قائد الدورية المنوط بها تمشيط الخط الحدودي في اتجاه الربع الخالي منعًا من أي اختراق حدودي ومن خلال تلك التحركات من قبل تلك الدورية العسكرية تم وجود فريق من هواة الصيد الصحراوي، غير أنَّ التواجد في ذلك المسار من تلك المسارات المحددة للدوريات من قوات الجيش الحضرمي (البدوي).
رومانسية ليجون:
الجدير بالذكر بأن الجيش البدوي الحضرمي أسس من قبل المستشار البريطاني إنجرامس على غرار التجربة الأردنية لتشابه خصائص القبائل والعشائر القاطنة الأراضي الحدودية هنا وهناك، ومن أجل التأسيس تم بناء أول مركز عسكري في عام 1939م وهو حصن ليجون الذي وصف بـ(رومانسية ليجون) في مبناه الهندسي الحضرمي من خلال تلك التشكيلة المعمارية من الأبراج العالية أي نوب التي شكلت في حد ذاتها صورة الأسد (LION) في عرينه، يشاهد من مسافات بعيدة من وادي حرو ونحب وجرب وغيرها من المناطق البعيدة، ومنها من مورد الفقاش بئر المقدم بن حبريش فيرى حارس الزام في نوبة الحراسة في أعلا مبنى ذلك الحصن الحصين كل شاردة وواردة من كل الاتجاهات فترى القوة المتمركزة بذلك المركز دائمًا في يقظة مستمرة في زام الساعة الواحدة والثانية بعد منتصف الليل من تلك الأيام من أيام ليجون بغيل بن يمين بحضرموت في ذلك العهد.
وعندما كانت الشكاوى تتقدم لقائد ليجون كانت وسيلة الحضور حصاة صغيرة من حوش ليجون يتم تسليمها للمتخاصمين وعند استلامهم أمر الحضور من خلال تلك الحجرة الصغيرة يتم على الفور الوصول إلى ليجون من قبل الأطراف المعنية للفصل في القضية، فيتم تنفيذ حكم قيادة ليجون بكل حذافيره ومن خالف فسجن ليجون مفتوح، هكذا كانت عدالة ليجون في ظل قيادة حكيمة من قادة أردنيين([7]) من ثم قادة حضارم([8]).
من أسباب التنقل والترحال في مسارات البدو الرحل تلك البروق فعندما يراها البدو من البعد يتخيلون مواقعها وذلك من خلال مشاهدتهم البرق تزامنًا مع سماعهم الرعود (ترعد رعيد) من مسافة بعيدة، فتراهم يحددون أماكن وقوع هطول المطر بحكم تجربتهم الحياتية، فتسمع عنهم بأنهم شدوا على الخضيرة إن كانت مواقعها قريبة أو بعيدة فهم ينجعون إلى تلك المناطق المرحومة من رب العباد، شادين الرحال من صحارى ثمود عبر الرمال العربية، انطلاقًا من مثاويهم إلى بادية الجزيرة والخليج العربي، ومنها إلى بادية الشام، وأرض الرافدين، للمرعى هناك لمدة معينة من حقبة زمنية مضت شهدت الوصول إلى تلك البقاع البعيدة من أرض الشام متجاوزين بر العجم بل قاصدين بر العرب، ثم يتشوقون إلى صحراء ثمود وكل هذا من أجل الحصول على الماء والكلأ مهما كانت المسافات طويلة والمراحل صعبة.
في ظل أيام عجاف من الزمان نتيجة لشح المطر وبعد العسر يتم الفرج برحمة من الله، فتهطل الأمطار وتقام أعياد الغيث في أثناء هطول الأمطار في ظل الحذر واليقظة في حياة غير مستقرة شغلها الشاغل التنقل والانتقال من هنا إلى هناك بهدف الحفاظ على مواشيهم من الإبل والأغنام بغية تكاثر تناسلها الأصيل من أجل المعيشة.. فتسمع عن البدو الرحل بطبيعتهم الفطرية بأنهم شدوا على الخضيرة متنقلين في تلك المراعي النظيرة لوجود الماء والمرعى على مستوى الشريط الصحراوي من شرقه إلى غربه مخلفين وراءهم في ترحالهم المواقد لطهي وجبات الغذاء وتجهيز القهوة تلك المواقد المكونة من الأحجار المكوية بالنار كعلامات بارزة لمواقع تلك التجمعات البدوية في البادية.
مصادر ومراجع البحث:
– كتب من محطات تاريخية، لناصر المنهالي.
– حضرموت في كتب الأجانب.
– الصحف والمجلات منها.. صحيفة (الطليعة) و(الأيام) و(مجلة العربي) الكويتية.
– مقابلات مع شخصيات عسكرية، ومدنية.
([1]) وأيضًا تطلق التعاشير بطلقات الرصاص فوق الرأس في مناسبات أخرى عديدة عند البدو منها بمناسبة قدوم المسافر إلى مسقط الرأس، ومنها في مناسبة الولادة لسلامة الأم والمولود الرضيع.
([2]) تصدر من مدينة المكلا رئيس تحريرها الأستاذ أحمد عوض باوزير.. وهكذا كان التفاعل من قبل (الطليعة) في مسيرة تاريخها المجيد في أكثر الأمور الحياتية الشاغلة الهاجس الحضرمي ومنها الاستكشافات النفطية وهو عمل صحفي وإعلامي تجلى الاهتمام به من قبل تلك الصحيفة الحضرمية فيما نشرته في ستينيات القرن العشرين من تلك الحقبة الزمنية التي شهدتها صحراء حضرموت في مراحلها الاولية للتنقيب عن النفط.
([3]) علمًا بأن كلمة ليجون فسرت من قبل البعض من منتسبي ذلك الجيش بكلمة الأسد (LION) في عرينه من الرجال الصناديد وإنما حسب إيضاحات الأستاذ محمد سالم قطن بأن كلمة ليجون (LEJIO) كلمة رومانية استخدمت في المصطلح العسكري الروماني والبريطاني بمعنى فيلق.
([4]) ترجمها الأستاذ محمد سالم قطن وصدرت في صحيفة (الأيام) الصادرة من مدينة عدن، ومضمون تلك الحكايات.. ماض من تاريخ الغارات والصراعات المتبادلة بين قبائل المشقاص بمنطقة ثمود وقبائل القبلة.
([5]) ملخص من ترجمة الأستاذ قطن الصادرة في صحيفة (الأيام).
([6]) وذلك حسب إفادة العقيد سعد عبدالله الشنيني أبو عبدالله (ضباط في الجيش البدوي الحضرمي) وكان حينها برتبة ملازم ثان قائد فئة من السرية المتمركزة بمركز ثمود التي كان قائدها العقيد مبارك عبدالله الجوهي برتبة ملازم أول حينذاك.
([7]) ومن أوائل القادة للجيش البدوي الحضرمي الضباط الأردنيون عبدالله سيلمان السعدون، وبركات طراد الخريشا، وعبدالهادي العصيبي، ونائف الفائز.
([8]) وآخر القادة لذلك الجيش الحضرمي القائد سالم عمر الجوهي وكيل القائد حسين مسلم بن مزبر المنهالي.