دراسات
أكرم مبارك عصبان
كتبه/ أكرم مبارك عصبان * [1]
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 11 .. ص 62
رابط العدد 11 : اضغط هنا
لم يكن الذين لهم عناية بتاريخ التصوف الحضرمي منفكين عن السؤال عن مضامين الرسائل المتبادلة بين الشيخ سعد الدين الظفاري -نزيل الشحر- والفقيه المقدم التريمي حتى جاد بها الباحث محمد بن يسلم عبدالنور في رسالته الموسومة بعنوان (الحياة العلمية في حضرموت في القرن السابع والثامن للهجرة)، فأماط اللثام عن وجهها فبدت سافرة النقاب لخطابها من الباحثين أولي العناية دراسة وتدقيقًا، تمحيصًا وتحقيقًا، وتحليلًا يكشف الغموض الذي يلف بعضًا من أدوار التاريخ الحضرمي، وهو تاريخ تليد وقصر مشيد حوى أخبارًا ذات بعد حضاري وأخبارًا دون ذلك، وبعضها استحال أسرارًا في طي الكتمان، صارت كباقي الوشم في ظاهر اليد، وبقيت من هذا البعض بقية أطلال لا تجيب من يستنطقها فما أشبهها بقول النابغة شعرًا:
فاستعجمت دار نعم ما تكلمنا والــدار لو كلمتنا ذات أخبار
وقوله:
لولا حبائل من نعم علقت بها لأقصر القلب عنها أي إقصار
والجدير بالذكر أن مضامين الرسائل كان من العلم المظنون به على غير أهله، وكان علمًا خبئيًا لا يدركه طالبه إلا بنزر قليل ونتف يسيرة من الكلمات وردت في كتاب (الجوهر الشفاف)، و(البرقة المشيقة)، و(غرر البهاء الضوي)، و(العقد النبوي)، و(تاريخ حضرموت)([2]).
ولكن هذه النتف اليسيرة لا تسمن جوع الباحث، ولا تروي غليله، ولا تغني عنه شيئًا، فلما ظهرت الرسائل التي فيها جواب الشيخ سعد الدين برمتها، أطلت الوقوف عندها بالتأمل ابتغاء فائدة أرجوها، ووردت مع الباحثين، ومتحت بدلوي مع الواردين، ولئن اتفقنا جميعًا في الورود فلا ضير أن نختلف في الصدور، وأما رسالتا الفقيه المقدم فما حلت بمنزل الكتمان، وأصبح طلابها عسرًا كما عسر طلاب عبلة على عنترة في قوله:
حَلّتْ بأرْضِ الزّائرينَ، فأَصْبَحَتْ عَسِرًا عليّ طِلابُكِ ابنةَ مَخْرَمِ
ولكن حسبنا في هذا المقام ما نقله عنها المجيب -وهو سعد الدين الظفاري- إلى أن نظفر بها كما ظفرنا بالجواب عنها، ونريد أن نناقش فحوى الرسائل المتبادلة ونبث خبرها هنا، حيث تواردت في هذا الشأن الأفكار، وتسابقت كثرة في هذا المضمار، ولكننا سنحاول ضمها بعضًا إلى بعض باختصار يفي بالغرض، وذلك في فصلين يتضمن كل فصل ثلاثة مباحث.
الفصل الأول
المبحث الأول: مدرسة القراء الفقهاء
عرفت حضرموت مدرسة الفقهاء القراء، الذين عاشوا في أكناف مدنها الكبيرة، مثل تريم وشبام والهجرين في منتصف القرن السادس الهجري، وورثوا الإباضية بحضرموت، انتعش أمرها في ظل حكم آل فهد بتريم، وآل الدغار بشبام، وهي مدرسة رفع القواعد منها الأئمة الأعلام وهم كثير حسبي ذكر خمسة منهم:
1ـ الإمام العالم يحيى بن سالم أكدر، شيخ فقهاء تريم وقرائها، قال ابن سمرة الجعدي في الطبقات: »وأذكر أبا أكدر قاضي تريم جمع بين القراءات السبع والفقه«([3]).
وقد كان يفيد العلم بمسجد بني حاتم في تريم، واحتجب ذات مرة لمرض ألم به، فقال تلميذه علي بن محمد باحاتم:
قد حن مسجدنا لــفقدك واشتــكى خللًا وإن كثـــرت به الأقـــــوام
فاســـــــلم لنا يحيى ليحيا ذكرنا وعليك منا فــي الزمان ســــلام
وهو مراد نشوان الحميري في قوله حين زار تريم وأسرته الحركة العلمية بها:
وكم في تريم من إمام مهذب وسيد أهل العلم يحيى بن سالم
جرت بينه وبين الإمام القلعي مباحثات فقهية، قال القلعي في جوابه عن مسألة في كتاب الوقف، ذهب هذا الشيخ ضحية فتنة الزنجيلي، وللشيخ يحيى بن سالم أخ اسمه أحمد، يذكر بالخير والفضل، قال فيه بامخرمة: »كان فقيهًا صالحًا وقد قتلا شهيدين في فتنة الزنجيلي سنة 575هـ«.
2ـ الفقيه المفسر محيي الدين أبو العباس سالم بن فضل بافضل، نشأ بتريم، وطلب العلم بالعراق توفي بتريم سنة 581هـ، قال الخطيب في (الجوهر الشفاف): »وكان العلم قد كاد أن يندرس في ناحية حضرموت، فأحياه وذلك أنه سافر في طلب العلم، ومكث أربعين سنة في العراق وغيره، يطلب العلم وأهله يظنون أنه قد مات… «([4]).
للعلامة سالم بن فضل مصنفات عديدة مفيدة، منها ذيل على تفسير الإمام القشيري، وقصيدة في مناسك الحج، والمنظومة اللؤلؤية المسماة بـ(القصيدة الفكرية)، جرت بينه وبين الإمام القلعي مراسلات قال القلعي يثني عليه في أبيات منها:
نال ابن فضل في الفضائل رتبة لم يســـتطعها منـــجد ومغـــور
فقه ابن إدريس وإعراب الخليل وما حوى سقراط والإســــكندر
فبســــالم سلمت شريعة أحمـــد عما يؤود قنــــاتها أو يكــــــسر
3ـ المحدث الرحالة أبو عبدالله محمد بن أحمد بن النعمان الهجراني طَاف البِلاد، ولَقي المشايخ، دخل أصبهان فَأدرك الحَافِظ أبا طاهر أحمد بن محمد السلَفِي وَأخذ عَنهُ بهَا، قال ابن سمرة: »سمع من أحمد بن محمد السلفي الحافظ في أصبهان«، وأخذ أيضًا عن أبي الفضل محمد بن عبدالواحد النيلي سمع منه الشمائل للإمام الترمذي([5]).
نزل عدن وقرأ عليه السلطان عبدالله بن راشد (صحيح البخاري) سنة 583هـ، وسمع منه الشيخان محمد بن أحمد القريظي، وعلي بن يوسف أمام مسجد الشجرة بعدن كتاب شمائل الترمذي بقراءة غيرهما عليه، وذلك سنة 565هـ، وقد عدَّه ابن سمرة من شيوخه قال: »يسكن الهجرين، لديه ورع وزهد ونظافة علم«([6]).
4ـ الرحالة الحافظ ربيعة بن الحسن بن علي الحضرمي الشافعي، ولد بشبام سنة 525هـ، تلقى الفقه بظفار على يد محمد بن عبدالله حماد، وتفقه باليمن وركب البحر، فسمع بأصبهان وهمذان وبغداد، وأخذ ببغداد عن ابن الخشاب وشهدة، وبالإسكندرية عن أبي طاهر السلفي، وبدمشق ومصر والحرمين وكتب الكثير، ونزل صنعاء وذمار، سمع الصحيح على شيوخه بأصفهان سنة 564هـ، وعاد إلى حضرموت فأسمع (صحيح البخاري)، قرأ عليه الفقيه أبو ذئب سنة 568هـ بجامع شبام، ثم عاد إلى مصر، توفي بالقاهرة سنة 609هـ.
5ـ الفقيه الأصولي أبو الحسن علي بن أحمد بامروان الكندي، ولد سنة 555هـ، طلب العلم بتريم، ورحل إلى مرباط من نواحي ظفار، وأخذ عن مفتيها العلامة القلعي، وتأثر به في الفقه والأصول، وقد ذكر شيخه القلعي في مسألة عود اليمين، كما عدّه شيخه القلعي من أصحابه، في مسألة في كتاب النكاح، عني بالفقه عناية فائقة فكان يقرأ (المهذب والتنبيه والوسيط والوجيز) قراءة بحث وتحقيق، كل كتاب منها في سنة، توفي بتريم سنة 624هـ، اشتهر بالورع والزهد والصلاح، قال الجندي: »كان فقيهًا خيرًا كبيرًا، عنه انتشر العلم بحضرموت انتشارًا موسعًا لصلاح كان وبركة في تدريسه«([7]). ومن آثاره رسالة (تحرير الأيدي والعقود اللازمة والجائزة وألفاظ الطلاق)([8]).
والمقام يطول في ذلك ولا يسعنا أن نعطره بذكرهم جميعًا فضلًا عن شمائلهم، فكيف وفيهم:
ـ السلطان الفقيه عبدالله بن راشد بن شجعنة بن فهد القحطاني، تلقى العلم بتريم، وأخذ عن شيوخها، ورحل إلى عدن فقرأ (صحيح البخاري) على المحدث محمد بن أحمد الهجراني سنة 583هـ، وفي سنة 588هـ سمع السلطان عبدالله بن راشد أبا قحطان الأحاديث بمكة على ابن أبي الصيف، وابن المقدسي، وابن عساكر([9]).
ـ شمس الدين أبو محمد عبدالله بن عبدالرحمن أبو زكريا باعبيد، نشأ بتريم وتوفي بها سنة 613هـ، صاحب كتاب (الإكمال لما وقع في التنبيه من الإشكال)، نقل عنه النووي في (المجموع شرح المهذب).
ـ الفقيه الأديب جمال الدين محمد بن أحمد بن أبي الحب، من أسرة اشتهرت بالعلم، توفي بتريم سنة 611هـ، ومن مصنفاته كتاب (شرح حديث أم زرع)، نقل عنه الفقيه عبدالله بن محمد باقشير في (قلائد الخرائد) في كتاب النكاح.
ـ الفقيه الأديب علي بن محمد الحاتمي، وبنو حاتم من قدماء فقهاء تريم، توفي سنة 603هـ، وهو ممدوح نشوان الحميري الذي زار تريم قبل سنة 573هـ، ومكث بها سنتين ونصف، ومدح سلطانها راشد بن شجعنة وجماعة من فقهائها فقال:
رعى الله إخواني الذين عـــهدتهم ببطن ترين كالنـــــجوم العواتم
عليا حليف النـــجدة ابن محـــــمد وأبنا أخيه الغـــــر من آل حاتم
وكم في تريم من إمـــــــام مهذب وسيد أهل العلم يــحيى بن سالم
أولئك أهل الفضل في ظل فاضل عظيم من الأملاك عالي الدعائم
ـ الحافظ علي بن محمد بن جديد، توفي سنة 620هـ، رحل في طلب الحديث، وسمع (صحيح البخاري)، وله سند إلى مصنفه.
ونكتفي بذلك فكم في تريم من إمام مهذب، ولا نرغب عن ذكر الآخرين إلا للاختصار.
المبحث الثاني: الفقيه المقدم: محمد بن علي باعلوي
لقد تقلب الفقيه المقدم محمد بن علي باعلوي في حياة العلم والسلوك أطوارًا على النحو الآتي:
ـ الأول: تلقي العلوم الشرعية: حيث نشأ بتريم، وأخذ عن علمائها الفقه والأصول واللغة، ومن أبرز ممن تلقى عنهم الشيخ علي بن أحمد بامروان، والفقيه عبدالله بن عبدالرحمن باعبيد اللذين سبق ذكرهما آنفًا، وكان ملازمًا للفقه محافظًا على حلقاته، ينهل من فقه الأئمة على عادة أهل الجهة، وكانت عنايتهم بالمهذب والتنبيه كلاهما للشيرازي، وكتاب (صحيح البخاري).
ـ الثاني: سبيل الخلوات وسماع الهواتف: ثم بدا للفقيه المقدم أمر في الالتفات عن طريق الفقهاء والرغبة عنه، والولوج في طريق التصوف والرغبة فيه، فخاض بحر التصوف مبتدأ بالرياضة من خلوة وجوع وسهر ليصل إلى الغاية المنشودة وهي الفناء، فكان يختلي في شعاب تريم مثل شعب النعير، وفي (البرقة المشيقة) أنه »تجرد في طريق التصوف، وانخلع عن جميع العوائد والرسوم، وأقبل على المجاهدات العظيمة القلبية، والمكابدات الشريفة السرية، والخلوات المباركات الغيبية، والرياضات العظيمة الوهبية، حتى ترادفت عليه الكشوفات، وسطعت على قلبه أنوار شموس المشاهدات…. «([10]).
وترتب على هذه المجاهدات أنه كان يسمع الهواتف تناديه منها: أنه نودي يا فقيه محمد بن علي: اترك ما أنت عليه من الظواهر، وأقبل علينا نواصلك ونواليك، فإن لنا فيك مرادًا، ولك منا ازديادًا، فالزم تفريد التوحيد، وتجريد التفريد سنريك من آياتنا عجبًا، ونمنحك من فضلنا الطلبا، فلا تشب مرادنا بمرادك، وارجع إلينا في مبدأ أمرك ومعادك، ولا ترى تصريفًا لغيرنا، فإن لنا خاصة من عبادنا، سنوصلهم على يديك إلينا([11]).
ويتضح من هذين النقلين خلع لباس الفقه والاعتياض عنه بالتصوف، وترك جميع العوائد والرسوم، وسماع الأمر بأن يترك ما عليه من الظواهر أي علوم الشرع، وما ذاك إلا ليسهل صيال المتصوفة عليه حيث تتقي مربض المستأسد بالعلم.
عبدالرحمن المقعد مندوب أبي مدين في تريم:
سبق أن الفقيه المقدم في طوره الأول كان على طريقة الفقهاء، ثم تقلب طورًا جديدًا وهو البدايات لعلم التصوف، وفيه ورد أبو الفضل الدمشقي الذي سيأتي خبره، وفي رواية الخطيب في (الجوهر الشفاف) قال له: »ما أتيت إليك إلا لأعلمك أني ما وجدت جاثمًا على قلبك إلا الشيخ عبدالرحمن المقعد«، فما خبر المقعد هذا؟
لقد نطقت المصادر التي بأيدينا بالقول بأنه مبعوث الشيخ الصوفي أبي مدين شعيب المغربي، فقد بعث عبدالرحمن المقعد إلى حضرموت من أجل التحكيم، وأخبره بأنه يموت بالطريق، فلما كان بمكة أرسل عبدالله الصالح، وقال له: اذهب إلى حضرموت تجد فيها الفقيه محمد بن علي باعلوي عند الفقيه علي بن أحمد بامروان يستقي منه العلم طارحًا سلاحه على رجليه فاغمزه من عند الفقيه وحكمه وألبسه، فذهب ووجده كذلك فغمزه وحكمه وألبسه الخرقة، ثم كسر الفقيه المقدم السيف، وعاد إلى شيخه بزي الصوفية([12]).
فاختار الفقيه المقدم طريق التصوف، فقال له شيخه علي بامروان: أذهبت نورك وقد رجوناك أن تكون كابن فورك، واخترت طريق التصوف والفقر، وقد كنت عليَّ المقدار والقدر. فرد عليه: الفقر فخري وبه أفتخر، وبه على النفس والشيطان أنتصر، ولا أتباعد عنكم إعراضًا ولا تبدلت عنكم معتاضًا، فهجره شيخه إلى أن مات([13]).
وأنّى للأئمة المشتغلين بالعلم الشرعي أن يفقهوا كثيرًا مما يقول الفقيه المقدم، علمًا بأن من أهم العلوم التي عنوا بها علم الأصول والقياس والاهتمام بالعقل مما ينافي بضاعة المتصوفة.
فعندنا مقدمتان أولاهما: أن وفاة أبي مدين بتلمسان في نحو التسعين وخمسمائة كما في (تاريخ الإسلام) للذهبي، والثانية أن هجر شيخه له المتوفى سنة 624هـ، فأنتجت المقدمتان نتيجة مفاداها أن ما بين وفاة أبي مدين ووفاة بامروان يمتد إلى 34 سنة.
واللافت للنظر أن أتباع الطريقة الحضرمية لم يرق لهم الانتساب إلى الطريقة الجيلانية عن يد سعد الظفاري، واستنكفوا عن الانتساب إليه، مع ما في ذلك من علو السند كما سيأتي، واختاروا الخرقة المَدْيَنِيَّة على بُعدها؟
ـ الثالث: خوض البحر الخضم وطور النهايات:
نتج عن الخلوات في الشعاب ركوب بحر التصوف ولججه والوصول إلى ما يطلق عليه أهل الطريقة الفناء والمحو والاصطلام والسكر، وهذه المصطلحات عند التحقيق كلحم جمل غث على رأس جبل لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقى.
ولم يزل يترقى درجات التصوف حتى انتهى إلى المقصود، وللأسف فإن أهل الغلو في الكرامات قد بالغوا وبلغوا مبلغًا عظيمًا وغلوًا كبيرًا، ولم تنقطع هذه الكرامات في النزع عند موته، بل تواصلت عند غسله بعد موته، ثم بعد دفنه، حيث توفي سنة 653هـ، وقد نسجت كثير من الكرامات والشطحات التي لا يسيغها الشرع ولا العقل، وإني لا أبث خبرها في هذا المقام إني أخاف أن لا أذرها، إن أذكرها أذكر عجرها وبجرها.
وكان في طوره الثاني المذكور آنفًا -دور البدايات في التصوف- كان كلما ولع بطريق الرياضة، وتوسط في البحر الخضم زادت أحواله الغريبة، وأراد من يأخذ بيده من شيوخه الفقهاء من هذا التيار فلم يظفر بشيء، فإنهم لا يحسنون العوم في بحر الصوفية فما كان منه إلا أن راسل أحد الشيوخ المعروفين بالسلوك، وهو سعد الدين الظفاري.
المبحث الثالث: سيرة الشيخ سعد الدين الظفاري
لما أعجم فقهاء تريم عن بيان أحوال الفقيه المقدم التي وردت عليه بسبب الرياضات الصوفية، بعث إلى خبير بالطريق نزيل الشحر هو الشيخ الصوفي سعد الدين محمد بن علي الظفاري الذي يمكن ذكر سيرته في هذه المراحل:
1ـ تلقي العلوم الشرعية: أخذ الفقه بمرباط ناحية ظفار على يد فقيه الشافعية أبي عبدالله محمد بن علي القلعي، الذي انتشر به المذهب الشافعي بحضرموت، كما أخذ عن الشيخ سالم بن عبدالكريم بافضل صاحب الإمام القلعي، والشيخ محمد بن علي صاحب مرباط.
2ـ أخذ الطريقة بزبيد: فقد رحل إلى تهامة وأخذ الطريقة القادرية، وتحكم للصوفي الشهير عبدالله الأسدي 25 سنة بأخذ الأسدي عن الشيخ علي الحداد عن الصوفي عبدالقادر الجيلاني، وبهذا يكون سنده عاليًا، وإذا قلنا إن عبدالله الأسدي التقى بالجيلاني في عرفات كما في (طبقات الخواص) فإن الواسطة بين الظفاري والجيلاني شخص واحد مما يدل على القرب من مصدر الطريقة([14]).
3ـ الرجوع إلى ظفار: ثم رجع من زبيد ولكنه بغير الوجه الذي ذهب به، وتسامع الناس به، ورغبوا في حديثه حين رأوه يذكر الزهد، ومقامات الصوفية حتى التفّت حوله جماعة، وكثر أتباعه، وأظهر القول بالفناء والسماع وكان مما يسمع به »لا والذي نزل المثاني، ما حل قلبي سواك ثاني«، وزاد الناس من اعتقاده حتى السلطان نفسه، وظهرت عقائد باطلة فيه([15]).
4ـ الهجرة من ظفار: أوجس منه سلطان البلد خيفة وضاق به ذرعًا لكثرة أتباعه، وخوفًا على ملكه، وأكد هذا الخوف حديث المنجمين إن زوال ملكه على يد صوفي يجتمع عنده كذا وكذا من الفقراء، وتناقضت رواية بامخرمة أنه السلطان المنجوي، مع رواية باحسن التي ورد فيها ذكر السلطان الحبوظي والصحيح الأول([16]).
5ـ الاستقرار بالشحر: خرج سعد الدين الظفاري هائمًا حتى إذا ما أتى بلد الشحر بحضرموت، ومكث فيها فأعجبته، واتخذ فيها دارًا؛ إذ لم يستطع الوصول إلى مراكز العلم كتريم وشبام لصولة الفقهاء بها، وقصده المريدون وكان ينزع لطريقة الغزالي دون غلاة الصوفية، ومن كلامه كما في (النفحات المسكية): (القرآن دواء القلوب والأبدان)، (ما أعلم شيئًا أقسى للقلب من أكل الشبهات)، (الجهل في العقائد أدى إلى الاختلاف ولو تحققوا لما اختلفوا)، (أنا ما رباني إلا الغزالي)، وقد توفي سعد الدين بالشحر سنة 607هـ([17]).
وكان له سماع وتنسب له الكرامات، وقد ألف تلميذه باطحن كتابًا في ترجمته وسماه (أنس المستفيد وتحفة المريد). وللأسف فقد غشيها من الفقدان ما غشيها.
ونستطيع بكل ثقة بمقتضى الشواهد المتقدمة آنفًا أن نسجل هنا القول بأن ريادة التصوف بحضرموت للشيخ سعد الدين الظفاري بلا ممانع ولا مدافع، وأنها تقترب من طريقة الغزالي في التصوف.
الفصل الثاني
شرح الرسالتين بين الشيخ الظفاري والفقيه المقدم
المبحث الأول: من رسائل الفقيه المقدم
لم نعثر على رسالتي الفقيه المقدم التي بعثها من تريم إلى سعد الدين الظفاري بالشحر، يطلب منه فيها أن يحل الإشكالات الواردة من الخلوات والمجاهدات، ولكن نستطيع أن نأخذ من الجواب أهم مضامينها على النحو الآتي:
1ـ ورد في الرسالة الأولى أمران:
ـ أحدهما: ذكر ما ينكشف له من الصورة النورانية، وأنها من الروح.
– ثانيهما: تكرار الرؤيا وكثرتها حتى كانت من شخص واحد أكثر من أربعين مرة.
2 ـ ورد في الرسالة الثانية الأحوال الآتية:
ـ يتبادى لي من الصورة من غير انكشاف حقيقي بها.
ـ متى راقبت ما بين يدي ووجهت وجهي إلى الذي تؤم إليه الوجوه انبث من باطني إنسان كإنسانيتي.
ـ إني أجد الصورة المقابلة تشبه إنسانيتي وأنها تأخذ من جميع جوارحي لبابها.
ـ إنها تجثم على القلب، وتكون مستمدة من جميع الجوارح.
ـ إني أقع بين فزة واقشعرار، ونزاع وذوبان في بعض الأحوال.
ـ أجد كأني داخلني غير جنسي، فإذا طلبت ما إليه غايته أجده يوجد لي عالمًا وصفة وحالًا ومستقرًا.
ـ إني في حالي الذي استفزني أجد حقيقة الذات([18]).
3ـ زيارة أبي الفضل الدمشقي إلى الفقيه المقدم:
ذكر أن صاحبه أبا الفضل الدمشقي وصل من دمشق، وجاء في ذلك الوقت عالم بالفريقين والعالمين، وكان الفقيه المقدم بالأمر الذي يخلص له على بيان وحقيقة، وزعم أنه ما جاء إلا في الفقيه ومن أجله، وأنه ما وصل من دمشق إلا وقد عرفك أنت أنت.
ـ رواية الخطيب في الجوهر الشفاف: »ومن جملة ما كتب إليه شيخ شيوخنا محمد بن علي بن أبي علوي أنه عرج بي إلى سدرة المنتهى سبع مرات في ليلة واحدة، وفي رواية سبع وعشرين، وفي رواية سبعين مرة، وذكر أن رجلًا من أهل السريات الصادقات، والكرامات الخارقات أتى من دمشق يقال له الفضل، فلما قدم أتى إلى الشيخ الجليل شيخ شيوخنا الفقيه محمد بن علي بن أبي علوي وقال له: ما أتيت إليك إلا لأعلمك أني ما وجدت جاثمًا على قلبك إلا الشيخ عبدالرحمن المقعد، وأنت تحكم له، فهو رجل مكتسب، وأنت صاحب نسبة، فقال شيخ شيوخنا: وما هذه النسبة؟ قال: سدرة المنتهى، وقال أيضًا: لو اجتمع أهل المشرق والمغرب على أن يفكوا قفلك لما قدروا«([19]).
هذه المسائل التي وردت كما هي على علاتها بعجرها وبجرها وتصور بعضها كاف بردها، وليس هذا مقام الرد والتعليق، وسنقف الآن على جواب الشيخ سعد الدين الظفاري.
المبحث الثاني: جواب الشيخ الظفاري على الرسالتين
ويتضمن هذا المبحث معالم جواب الشيخ الظفاري على رسالتي الفقيه المقدم، وذلك في خمسة أمور:
أولًا: المودة للفقيه المقدم:
يدل الرفق بالسائل والخطاب اللطيف في مخاطبة الفقيه المقدم -وهو الناشئ في طريق القوم- على أدب رفيع يتخلق به الشيخ الظفاري، وذلك يظهر في استهلاله في الرسالتين؛ حيث بدأ في الأولى بقوله: »وصل كتاب حضرة الولد العزيز وفهمت ما شرحته في كتابك فأسأل الله الكريم أن يكحل بصيرتك بنور الحقيقة«، واستهل جواب الرسالة الثانية بقوله: »وصل كتاب حضرة الولد العزيز حماه الله عن الأسواء، وكفاه ما يحاذر من البلوى، وأمده من أمره الرباني بما أمد به الأنبياء والأولياء، وصفّى دائرة قلبه من الكدورات والأهواء«، ومنها قوله أيضًا: »وذكرت لي في كتاباك -حماك الله من كل سوء- ما يتبادى لك من الصورة من غير انكشاف حقيقي..«.
ومن هذا الباب ما ورد في (الجوهر الشفاف) من قوله: »فلا تجد عليَّ يا فقيه في هذا فهو محبة ونصيحة، وقد شرحت لك ما قدر الله فهو المعين على جميع الأمور، ونسأل الله لك ولنا أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن لا يجعل للشيطان علينا سبيلًا، وأن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلًا ويعيننا على اجتنابه، وأنت يا فقيه أهدى من أن تهدى إن شاء الله، وأعلم بالشريعة والحقيقة«([20]).
ومما يذكر في هذا المجال أن الشيخ سعدًا كان يشوقه إلى الوصول ليكون من جملة مريديه والمنتسبين إليه، ومما يدل على ذلك استشهاده بهذه الأبيات:
حلفت لكم ما زرتكم في دجـنة من الليل تخفيني كأني سارق
ولا زرت إلا والسيوف شواهد علي وأطراف الرمـاح لواحق
إذا ما اكتفينا بالرســــــائل بيننا فلا أنت معشوق ولا أنا عاشق
وكان الفقيه المقدم يكتب من المولود إلى الوالد، ثم كتب بعد ذلك من المملوك إلى المالك([21]).
ولم يمنع التلطف لشخص الفقيه المقدم -الذي يسأل عن البدايات في التصوف- أن يشد عليه النكير في الالتفات لما يكون فيه زلة القدم، ويحذره من تلبيس إبليس، ويغلظ في ذلك.
ثانيًا: التحذير من تلبيس إبليس:
1ـ قوله: »وقد شرحت لي في كتابك ما ينكشف من الصورة النورانية، وأنها سر الروح من غير أن ينكشف القائل هذا حقيقة، فهذا من التلبيس العظيم، وهو من كيد الشيطان الرجيم، وما المراد بقوله: أنا سر الروح، إن كان كذلك فما يحتاج الكلام به لأنه سر الروح، وما يريد الشيطان بذلك إلا الترويج، وأن تغتبط أنت بهذه الخيالة العظيمة، والتي خصك بها دون غيرك حتى تسكن إلى قوله«.
2ـ قال في كلامه عن الرؤيا وأنها ثلاثة أحوال، الثالثة التي من الشيطان، وختم كلامه ورسالته الأولى بما نصه: »فنعوذ بالله من الشيطان الرجيم وكيده، فكل من لا يرجع عن هوى نفسه أهلكه، فلا أكون أنا وأنت كما قال القائل:
لقد أسمعتُ لو ناديت حيًا ولكن لا حياة لمن تنادي«.
والتاء في قوله (أسمعت) مضمومة كما قال الشيخ باطحن، وسيأتي ذكر ذلك.
ثالثًا: إبطال كلام أبي الفضل الدمشقي:
سبق معنا في المبحث الأول من هذا الفصل كلام الخطيب في (الجوهر الشفاف) أنه أتى إلى الفقيه المقدم من دمشق رجل يقال له الفضل، ووصفه بأنه من أصحاب الكرامات، وقال له: أنت صاحب نسبة إلى سدرة المنتهى، وفي جواب الشيخ الظفاري تحذير من هذا الرجل تلميحًا وتصريحًا.
فأما التلميح ففي قوله: »ولنبينا صلى الله عليه وسلم من النهاية والمقام العالي الذي قال له جبريل صلوات الله عليه: دونك يا محمد فما منا إلا له مقام معلوم حتى انتهى صلوات الله عليه إلى سدرة المنتهى، فمن ادعى مقامه وقربه فهو في أشد العمى، وهذا من الغرور، ومكائد الشيطان المبعد عن حظائر القدس فلا يدخلها ولا يقدر عليها، ولكنه متسلط على عالم التلبيس وهو عالم الدنيا، ويظهر للإنسان كرامات شتى، وأنه أيضًا قد يتصور على صور المشايخ ليأنس الإنسان إلى كلامه وحاله، ويقع في نفس المريد أنه شيخه، ويكلمه بما يليق بحال المريد فلا يأمن الشيطان أحد أبدًا«.
وأما التصريح به فإنه في خاتمة الرسالة الثانية، وهو قوله: »وذكرت أن صاحبك أبا الفضل الذي وصل إليك من دمشق، وجاءك في ذلك الوقت عالم بالفريقين والعالمين، وكنت من الأمر الذي يخلص لك على بيان وحقيقة، ولكنه روج عليك، وادعى دعوى باطلة، وزعم أنه ما جاء إلا في حقك ومن أجلك، ولو كان ذلك بين لك جميع الواردات فلا ينبغي لعاقل فطن ورع أن يأخذ بكلام من ادعى ولم يحقق دعواه، وأنه ما وصل من دمشق إلا وقد عرفك وأنت أنت، فكيف يدخل هذا الكلام في عقلك، ويثبت في دماغك؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (احثوا في وجوه المداحين التراب)«([22]).
ـ رابعًا: الجواب على الأحوال:
المقصود من الجواب بيان الأحوال الواردة التي أشكلت على الفقيه المقدم، فقام الشيخ الظفاري بتوضيح حقيقتها، وأطال النفس في مواضع منها نفردها بالحديث عن أسلوبه.
1ـ الحال الوارد »أني متى راقبت ما بين يدي ووجهت وجهي إلى الذي تؤم إليه الوجوه انبث من باطني إنسان كإنسانيتي«.
ـ الجواب »إن الإنسان متى صفا قلبه برزت له صورته الباطنة بمثاله، فإن كانت دائرة قلبه ثابتة بالحق ليس فيها شوب مما يشوب الدائرة فتكون تلك صورتها الباطنة الحقيقية الروحانية، وإن كانت مشوبة تلبس الشيطان بها فأدخل بها فأدخل فيها طبيعته الفاسدة ولا ينكر ذلك«.
2ـ الحال الوارد »أجد الصورة المقابلة لي تشبه إنسانيتي، وأنها تأخذ من جميع جوارحي لبابها«.
ـ الجواب »إن الأمر الرباني إذا ظهر على الإنسان كانت مادة القلب من الصفة الربانية أخذت لباب جميع الجوارح، وربما اضطرب وغشي عليه؛ لأنه هجمه أمر رباني لم يعتده…
فقلت إنها تجثم على القلب وتكون مستمدة من جميع الجوارح، وليس كذلك، ولكن استمداد الجوارح من القلب؛ لأن الجوارح تبع للقلب«.
3ـ الحال الوارد »أجد كأني داخلني غير جنسي، فإذا طلبت ما إليه غايته أجده يوجد لي عالمًا وصفة ومستقرًا«.
ـ الجواب »إن كان هذا من قبل الله تعالى فالحق لا يحل في شيء ولا يحل فيه شيء، وإنما يسري من أمره شيء إلى القلب فيستقر حال الإنسان عند ذلك أو يضطرب، وإن كان الداخل فيك غير جنسك مما لم يكن من الأمر الرباني فالأمر فيه مضطرب غير ثابت«.
4ـ الحال الوارد »إنه في حاله الذي استقر به إنه يجد حقيقة الذات«.
ـ الجواب »والذات ليس لها صورة ولا وجهة تختص بها… وإن كان مرادك من الكلام الذي ذكرت في حقيقة الذات أن لا موجود على الحقيقة إلا الله فهذا حق«.
ـ خامسًا: ذكر حكايات المغرورين بالكرامات وذكر بعض الصوفية:
ـ الحكاية الأولى: مما أورده في ترويج الشيطان على المريد قوله: »حكي عن بعض المريدين أنه كان إذا دخل محرابه يسمع النداء من المحراب أنا ربك فاعبدني، ويرى في محرابه نورًا عظيمًا، وهو يخفي ذلك عن شيخه لاغتباطه بما شاهد وسمع، والشيخ لا يخفى عليه شيء من أمره، فسأله ذات يوم عن حاله فأخبره بذلك، فقال له شيخه: إذا أتيت إلى محرابك وسمعت هذا النداء فقال أنت الله؟ فلما دخل المحراب سمع النداء أنا ربك فاعبدني! فقال أنت الله؟ فذهب ذلك النور، وصار في ظلمة عظيمة، فهذا أو غيره من ترويج الشيطان«.
ـ الحكاية الثانية: الشيطان يجري مع الخلق مجرى الدم، فمن رأى من المجتهدين يحب الكرامات لبس عليه، قال الشيخ الظفاري: »حكي عن بعض المريدين أنه كان يصور لهم الجنة، فسألهم شيخهم أين يروحون كل ليلة؟ فقالوا: إننا كل ليلة ندخل الجنة ونتنعم بما فيها، فقال: إذا كان الليلة فخذوني معكم، فلما دخل الشيخ أرادوا الخروج، فقال الشيخ إلى أين نروح من الجنة؟ فوقفوا مع الشيخ حتى أصبح الصباح وإذا هم على مزبلة!!«.
ـ الحكاية الثالثة: يحذر الفقيه المقدم من الصورة الباطنة بمثاله إن كانت مشوبة تلبس الشيطان بها فأدخل فيها طبيعته الفاسدة »ألا ترى أن رهبان النصارى في حال تعبدهم واجتهادهم تنكشف لهم الصورة الباطنة، ويطلعون على أحوال الخلق، كما حُكي عن أبي يزيد البسطامي -رحمه الله- أنه دخل كنيسة النصارى وكان علمهم يتكلم فيما هم فيه لما حضر أبو يزيد مجلسهم فقالوا له: ما بالك لا تتكلم؟ فقال لهم: إنَّ في هذا المجلس رجلًا مسلمًا، فلينظر كل واحد من عنده، فنظروا فما عرفوه، فقال القسيس: أسألك يا هذا بمعبودك ودينك إلا ما ظهرت لنا، فظهر أبو يزيد. والقصة طويلة فلنقتصر«([23]).
ـ الحكاية الرابعة: وردت في العقد النبوي أن الشيخ سعدًا كتب إليه يوقفه ويحذره مكائد الشيطان ويخوفه، ويذكر له قصص المستدرجين كبلعام وغيره…([24]).
ـ سادسًا: غزارة علمه وإطالة النفس في التقسيمات:
أظهر جواب الشيخ الظفاري هذا تمكنه من علم التصوف وأوديته وشعابه، فقد سقط الفقيه المقدم على خبير بالطريق حين استفتاه، ولم يَجُدْ عليه إلا باليسير كما في قوله: »ولو خضنا في العقل وعجائبه وأسراره، ربما كلت العقول عن ذلك، ويخرجنا عن المقصود، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم«.
وفي قوله: »ولو تكلمنا في توليدات الأراواح ربما كذب الأمر في ذلك، فلنقتصر على ما يعرف به الاستدلال لكي يقع التصديق«([25]).
وقد اتسم أسلوب الشيخ الظفاري في الجواب ببيان التقسيمات، والإطالة في تفسير المصطلحات لالتباس الحق فيها بالباطل، فمن ذلك:
ـ الكلام في الرؤيا على ثلاثة أحوال ما يراه الإنسان من الأمور الحسية التي تزيد في نشاطه بالعمل الصالح، وأن ذلك من الرؤيا الصالحة، وأما الرؤيا الثانية فهو ما يحدّث به الإنسان نفسه بالنهار فيرى ذلك بالليل، ويتكرر عليه، أو يكون قد انطبع في دماغه صورة تعجبه أو حاله بفرح فيراها في منامه، فهذا لا يؤاخذ به، وأما الحالة الثالثة فالأحلام التي من الشيطان.
ـ مع المجاهدة تنكشف له ثلاثة عوالم متشابهة متسقة متقابلة يحار العقل فيها لاشتباه بعضها ببعض، فيرجع الإنسان بها إلى حقيقة نفسه الإنسانية الربانية ويزنها بميزان العقل، فإن كانت موافقة لها وكان الإنسان مع وجود مشاهدتها مستغرقًا بالله تعالى لا يلتفت إلى تلك الصورة وقلبه فارغ لله تعالى، فإن كانت على هذه الصفة، فهي موافقة للصورة الإنسانية الربانية.
ـ العوالم ثلاثة فمنها العالم الروحاني عالم الملائكة، وروح الإنسان الحقيقي، والثالث عالم الشياطين، ولكن لهم نسبة إلى كلا الفريقين من اللطافة والتمثل.
ـ سابعًا: الوصية بميزان الشرع:
ومما يتصف به جواب الشيخ الظفاري الوصية بالكتاب وميزان الشرع، كما جاء في آخرها ما نصه في رواية (الجوهر الشفاف): »إني أقول لك قول ناصح محب مشفق، فلا يكن قلبك متعلقًا بالكرامات ولا غيرها، ولا تلتفت إليها ولو ظهرت لك أي ظهور، وليكن قلبك متعلقًا بمحبة الله، والزم حالك الذي أنت عليه، ولو قامت عليك القيامة، ولو رأيت هول فلا يهولنك، وكلما عرض عليك شيء فزنه بميزان الشرع والعقل، والكتاب العزيز فما وافق الحق فافعله، وما لا يوافق الحق فاتركه«([26]).
ـ ثامنًا: التأثر بمنطق الفلاسفة والإسماعيلية:
الحديث في التصوف الفلسفي دحض مزلة، ولم يسلم الشيخ الظفاري من الوقوع في مهواة كبيرة شأن الخائضين في ذلك، فقد صنعها الفلاسفة وتلقفها عنهم الإسماعيلية وغلاة المتصوفة، ثم تقبلها من لم يزنها بميزان الشرع، وهذا ليس من طريق الزهد في شيء، وإنما جره التأثر بتراث الفلاسفة، ويبدو هذا الأمر جليًا في حديثه عن العقل، ونلاحظ في كلامه جملة من المخالفات ونسوق قوله ثم ننقضه وننقده.
قال الشيخ الظفاري: »فالعقل أشرف الموجودات وأكملها، وهو سر الأرواح ومبدؤها، ومنه نشأت الأرواح الكلية والجزئية، فجدير أن يكون قلم كلماته كما ورد في الخبر (أول ما خلق الله القلم)، وفي خبر آخر (أول ما خلق الله العقل) وليس ثمَّ تناقض… فالعقل هو العارف بربه المتصرف في جميع العوالم بالسر الإلهي الذي أودع فيه، وهو ميزان العلم الكلي والجزئي الذي بين الحق والباطل… ونذكر شيئًا من صفات العقل؛ لأنه الروح الكلي الأول البسيط في العالم الساري فيه جميعه سريانًا روحانيًا، وقد أخذ كل مخلوق منه ما قدر له… وأن للملائكة صلوات الله عليهم من هذا العقل حظًا وافرًا، ولنبينا صلى الله عليه وآله وسلم أكمله وأتمه وأشرفه، وهو أعقل الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين«.
نقد هذا الكلام:
لا ينبغي علينا أن نُمِرَّ هذا الكلام كما جاء من غير أن ننقد ما فيه من خطأ وذلك من وجوه:
1ـ ليس مرادهم بذلك عقل الإنسان، بل المراد -عندهم- أنه أعظم المخلوقات الموجودات بعد الباري عندهم، وهو عندهم أبدع كل ما سواه، وهذا كلام لا خطام له ولا زمام في الشرع، فالقول بأن العقل صدر عنه كل ما دونه، وأنه مبدع موجد لكل ما سوى الله، مما يعلم بطلانه ضرورة.
2ـ لم يثبت حديث (أول ما خلق الله العقل)، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: »وهذا كله يعلم فسادُه بالاضطرار من دينِ الرسل فليس أحد من الملائكة مُبدِع لكل ما سوى الله، وهؤلاء يزعمون أنه العقل المذكور في حديث يروى »إن أول ما خلق الله العقل، فقال له أقبِل فأقبل فقال له: أدبِر فأدبر، فقال وعِزّتي ما خلقت خلقا أكرم عليَّ منك فَبِك آخذ وبِك أعطي ولك الثواب وعليك العقاب«، ويسمونه أيضًا (القلم) لما رُوِيَ »إن أول ما خلق الله القلم« الحديث رواه الترمذي، والحديث الذي ذكرُوه في العقل كذب موضوع عند أهل المعرفة بالحديث كما ذكر ذلك أبو حاتم البستي والدارقطني وابن الجوزِي وغيرهم، وليس في شيء من دواوين الحديث التي يعتمد عليها…«([27]).
3ـ منشأ الضلال يعد اللبس بين نصوص الكتاب والسنة ومصطلحات الفلاسفة والباطنية، قال شيخ الإسلام في حديثه عن العقل الأول والعقل الفعال في حديث الصوفية: »فيأخذ هؤلاء العبارات الإسلاميةَ ويودعونها معاني هؤلاء، وتلك العبارات مقبولة عند المسلمين، فإذا سمعوها قبلوها، ثم إذا عرفوا المعاني التي قصدها هؤلاء ضل بها من لم يعرف حقيقَةَ دين الإسلام، وأن هذه معاني هؤلاء الملاحدة ليست هي المعاني التي عناها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإخوانه المرسلون مثل موسى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم أجمعِين«([28]).
4ـ لم يقف التصوف عند الزهد والتجرد عن آفات النفس، والانصراف الكلي للمحبة، بل خاض في علوم الفلسفة، مثل القول بالعقل الأول، الذي منه نشأ ما سوى الله، وما قدروا الله حق قدره، وقد تورطوا في هذا الاعتقاد كما فعل أشياعهم من الباطنية، وطفقوا يخترعون مصطلحات ظاهرها القبول وباطنها من قبلها العذاب، تلفيقًا بين النصوص ومفاهيم باطلة كالحقيقة المحمدية، ومنها يستمد كل الأنبياء والأولياء والعارفين علومهم وأنوارهم الإلهية، ومن توليدات هذه النظرية مصطلح الإنسان الجامع للأسماء والصفات الإلهية، والحقائق الكونية، وأنه روح العالم، وزعموا له الوساطة للخلق في: التعرف والوصول إلى الحق، والكشف عن المغيبات.
ولو ذهبنا نتتبع هذا الموضوع لخرجنا عن المقصود فإنه ذو ذيل طويل.
5ـ ومما ينقد على الشيخ الظفاري أن بضاعته في الحديث مزجاة، فإنه يورد الأحاديث الواهية والباطلة منها حديث (لا دين لمن لا عقل له)، وكذلك تفسير بعض الآيات على غير تأويلها.
المبحث الثالث
تطير بعض المؤرخين بالشيخ باطحن
بقي أن نعرف في هذا الفصل ثلاثة أمور:
ـ الأول: الشيخ باطحن تلميذ الشيخ الظفاري وراوي رسالتيه:
راوي الجواب هو الشيخ محمد بن علي باطحن، وله كتاب ترجم فيه لشيخه سعد الدين الظفاري أسماه (تحفة المريد وأنس المستفيد)، وضمَّنه رسالتي الشيخ الظفاري، وجاء في مطلع الرسالتين ما نصه: »قال الفقير إلى الله تعالى: وأملى عليّ سيدي -رحمه الله تعالى- رسالة إلى الفقيه محمد بن علي علوي«، وصدّر الرسالة الثانية بقوله: »قال الفقير إلى الله تعالى محمد بن علي عفا الله عنه: وأملى سيدي رسالة أخرى إلى الفقيه محمد بن علي علوي رحمه الله«.
ـ الثاني: تعليقاته على رسالة الشيخ الظفاري الأولى:
وللشيخ باطحن تعليقات على رسالة الشيخ سعد الدين الظفاري الأولى تضمنت الأمور الآتية:
1ـ التصريح بإنكار الشيخ الظفاري على الفقيه المقدم، فقال معلقًا: »اعلم أن الخطاب قد يعلو وقد يدنو على قدر المخاطب، ولما كان جلّ هذه الرسالة إنكار ما ظهر للفقيه -رحمه الله تعالى – نزل الشيخ معه إلى حد يداريه به في عالم الحس والخيال«.
2ـ تفسير بعض كلام الشيخ الظفاري كما في قوله: »فقوله -رحمه الله- أن يكحل بصيرته بنور الحقيقة، معناه أن يعبر بها بما هو فيه من قيد الحس وتخبط الخيال إلى صفاء بحر الحقيقة«.
3ـ القول بأن أنفاس الفقيه المقدم متناقضة؛ حيث قال: »قوله -رحمه الله- وقد شرحت في كتابك ما ينكشف لك من الصورة النورانية وأنها سر الروح من غير أن يكاشف لك القائل بهذه حقيقة فهذا من التلبيس، كانت أنفاس الفقيه متناقضة«.
4ـ وفي آخر تعليقاته »قال سيدي فلا أكون أنا وأنت كما قال القائل:
لقد أسمعتُ لو ناديت حيًا ولكن لا حياة لمن تنادي
فضمّ سيدي تاء؛ لأنه خاطبَ الفقيه بما يكره، وكان المسموع تاء المخاطب«.
– الثالث: الطعن في الشيخ الظفاري من قبل بعض المؤرخين:
كانت تعليقات الشيخ محمد بن علي باطحن سببًا في النيل منه والطعن فيه، وجعلته غرضًا لسهام بعض من ترجم للفقيه المقدم، مع أنه لم يأت بجديد فشيخه كان يحذر الفقيه المقدم من تلبيس إبليس، ولا يتردد في رد كثير مما أوضحه الفقيه المقدم من وارداته، وإفراده بالنقد واللوم والطعن دون شيخه مع وجود العلة ذاتها في الشيخ الظفاري تناقض عجيب.
وأول من لمز في الشيخ باطحن -تلميحًا وتصريحًا- علي بن أبي بكر السكران صاحب (البرقة المشيقة)، ثم توارد بعده جماعة رددوا ما ذكره، كما في (العقد النبوي) و(تاريخ حضرموت) للحامد، ونورد ما ذكره السكران في موضعين:
ـ أحدهما: قال في حديثه عن اعتراض باطحن على كلام الفقيه المقدم وأنه: »شرع يشرحها ويتكلم على بيان معانيها، وقواعد مبانيها، ويغض من عالي منصب هذا القطب المشهور، الفقيه المنور المشكور محمد بن علي، ويأتي بمحامل وطية، وتلاحين ردية، وتلاويح سفلية، وتعاريض غرضية، اتخذها بعض الجهلة الأغبياء، والطغاة الأغوياء عدة في انتقاص من اجتمع ما تفرق وتشتت من عظيم الكمالات في كمل الأقطاب المحمديين والورثة الأحمديين«([29]).
ـ ثانيهما: قال في الأنموذج اللطيف بعدما ذكر أن الفقيه المقدم عمّر بعد الشيخ الظفاري ستًا وأربعين سنة: »فليت شعري ماذا يقول مصنف كتاب تحفة المريد بما أمد الله الشيخ القطب الفقيه محمد بن علي علوي في هذه المدة المديدة، والعمل الطويل من عظيم المدد، وكيف يتجرأ على الفقيه ويغض من منصبه الرفيع العالي، وشامخ على مقامه السامي بعد أن خبط في ذلك خبط عشواء، وجسر بالكلام وتجرأ فيمن قال: أنا فيكم كمحمد صلى الله عليه وسلم في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام«([30]).
ونقل المؤرخ صالح بن علي الحامد في (تاريخ حضرموت) عن الحساوي معلقًا على كلام علي السكران بقوله: »سمعت سيدنا عبدالله بن علوي الحداد رضي الله تعالى عنه يومًا ذكر المصنف ورده على هذا المذكور، فقال: إن السادة قد أعطاهم الله الأكثر من الفضل، وأعطى غيرهم الأقل منه، ثم إنهم مع ذلك يغارون، ويطلبون أن يكون لهم أيضًا مع ما هو لهم أو كما قال، وقال أيضًا ما معناه: لم يقل الشيخ باطحن في حق الفقيه ما يلام عليه، وإنما مراده تفضيل شيخه على غيره حتى لا يكون أحد أفضل من شيخه، وذلك في عقيدته، وليس يلام عليه انتهى من نقل الحساوي«([31]).
وقد أثنى الشيخ باطحن في بعض رسائله على بعض أحول الفقيه المقدم كما في سياق حديث أم سلمة رضي الله عنه »كنا نحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثنا فإذا قام إلى الصلاة كأنه لم يعرفنا«، قال ولقد رأيت شيئًا من ذلك في الفقيه محمد بن علي باعلوي ثبته الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ونفع به([32]).
وإنما كان الشيخ باطحن ينكر شطحات الفقيه المقدم فقد سأل السلطان الفقيه محمد بن عبدالله بن راشد والي حضرموت الشيخ القديم عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن باعباد عن بعض شطحات الفقيه المقدم، وذكر له أنه قد سأل عنها الشيخ بافضل والشيخ باطحن فأنكراه على الفقيه فقال له القديم: أممتحن أنت أم مستفيد؟ فقال السلطان: بل مستفيد، فقال: اشهدوا عليَّ أن الفقيه المقدم محمد بن علي لا تمضي عليه ساعة وهو خال من السكر، ولا يصلح من هذين الشيخين الاعتراض عليه مع ظهور وجه العذر([33]).
وآن لنا أن نضع القلم ونمسك العنان هنا، وحسبنا ما توخينا من الإبانة لمضامين هذه الرسائل المتبادلة بين الشيخ سعد الدين الظفاري والفقيه المقدم، والتعليق عليها، ولا نريد الاسترسال في مناقشة مصطلحات التصوف كالسكر والاصطلام ونحو ذلك حتى لا نحيد عن المراد، فإن النفس قد أشربت من معين الكتاب والسنة فأصبحت زوراء عن حياض مصطلحات التصوف وشطحات أصحابه كما قال الأول:
شَرِبتْ بِمَاءِ الدُّحْرُضَيْنِ فأَصْبَحَتْ زَوْرَاَء تَنْفِرُ عن حِيَاضِ الدَّيلَمِ
هذا ما أردنا بيانه وتوضيحه نشرًا للعلم وقضاء حقوقه علينا والجود بالعلم أعلى من الجود بالمال وأنفس، ونسأل الله القبول، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
[1]) * عضو مجلس علماء وادي حضرموت.
[2]) الجوهر الشفاف، (مخطوط)؛ البرقة المشيقة، ص102؛ العقد النبوي، 1/ 274؛ غرر البهاء، ص150؛ تاريخ حضرموت، 2/ 724.
([3]) طبقات فقهاء اليمن، للجعدي، ص220.
[4]) الجوهر الشفاف، (مخطوط).
[5]) طبقات فقهاء اليمن، ص221، وأفاد الجندي في السلوك 1/ 464 أن الفقيه الهجراني دخل ثغر الإسكندرية وأصبهان فأدرك الحافظ السلفي وأخذ عنه بها. انظر تاريخ عدن، للطيب بامخرمة، ص232.
([6]) طبقات فقهاء اليمن، ص221.
[7]) السلوك.
[8]) قمت بتحقيقها وطباعتها قبل سنة 2005م، دار الصديق بصنعاء.
[9]) تاريخ شنبل، ص55.
([11]) الجوهر الشفاف، 1/ 77؛ الغرر، ص364.
([12]) انظر: الحكاية السابعة والعشرين من الجوهر الشفاف.
([13]) انظر: الحكاية السابعة والعشرين من الجوهر الشفاف.
وتنص الحكاية على أن الفقيه محمد بن علي كان غائبًا عن البلد فلما علم بموته سار إلى تريم فوجده قد دفن فدخل المسجد الجامع وطلع منارته وآلى أن لا يخرج حتى يأتيه الفقيه بامروان من قبره ويجتمع به يزيل ما في خاطره، فأتاه أبو مروان وتم الاجتماع به، وقال له يترجاك أهل البرزخ كما يترجى أهل الخريف الخريف ،وقد سمع ذلك حميد المؤذن عندما أراد أن يؤذن لصلاة الفجر كما تزعم هذه الرواية.
([14]) النفحات المسكية (مخطوطة).
([15]) دلائل الأخبار من العدة المفيدة النفحات المسكية مخطوط.
([16]) صفحات من التاريخ الحضرمي، 1/ 82؛ المختصر في تاريخ حضرموت، 1/ 55.
[17]) النفحات المسكية (مخطوط).
([18]) البرقة المشيقة، ص204. وفي الجوهر الشفاف، 1/ 93 أنه قد تبعه مرة ابنه أحمد وهو صبي صغير إلى شعب النعير ولم يعلم به، فلما وصل الشيخ وسط الشعب قال: الله، فضج جميع ما في الشعب من الشجر والحجر بالتسبيح فلما سمع الصبي ذلك خر مغشيًا عليه.
([20]) الجوهر الشفاف، 1/ 79، وقد حذف المؤرخ صالح بن علي الحامد بعض الكلمات المهمة من هذه الوصية في تاريخه 2/ 724.
[21]) تاريخ حضرموت، للحامد، 2/ 722.
([22]) حديث ابن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: »احثوا في وجوه المداحين التراب«. أخرجه ابن حبان، وصححه الألباني.
[23]) والقصة اشتهرت بطولها، ولم أجد لها مصدرًا صحيحًا، وفيها أن القسيس سأله عدة أسئلة فأجابه عنها.
([24]) العقد النبوي، 1/ 271، وانظر: قصة بلعام بن باعوراء في تفسير ابن كثير عند قوله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا…. ﴾.
[25]) وقد أورد حديث جبريل عليه السلام »أنه ينغمس كل يوم في ماء الحياة، ثم يخرج فينفض جناحيه، فيقطر من كل ريشة قطرة يخلق الله من كل قطرة ملكًا يطوفون بالبيت المعمور«، وهو حديث باطل لا يجوز الاستدلال به، أخرجه الديلمي وغيره.
([26]) الجوهر الشفاف، 1/ 79؛ تاريخ حضرموت، للحامد، 2/ 724.
([27]) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام ابن تيمية (ت 728هـ)، حققه وخرج أحاديثه: عبدالقادر الأرناؤوط، مكتبة دار البيان، دمشق، 1405هـ/ 1985م، ص100.
([28]) مجموع الفتاوى، 17/ 332.
([30]) ص208 وعنه العقد النبوي، 1/ 274.
([31]) تاريخ حضرموت، للحامد، 2/ 724، واعترض الحامد على نقل الحساوي ولم يستبعد كون باطحن غار حتى من رسالتي شيخه لهذا الشاب المقبل.
([32]) السعادة والخير في المشايخ آل باقشير (مخطوط)، وانظر: غرر البهاء، ص152. والحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: »كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ -يعني خِدْمَةَ أَهْلِهِ- فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ«، رواه البخاري، وخرجه الحافظ أبو الحسين ابن المظفر بلفظ »فإذا نودي بالصلاة كأنه لَمْ يعرفنا«.