ملف
سالم علي محمد باعباد
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 13 .. ص 80
رابط العدد 13 : اضغط هنا
الفي من نوف زيد
وكل ليلة الفي
قدا الوادي جديد
يقسم موح النهار
وراء الحمر طريد
والنهار فات وكمل
من ع راس الحديد
وهاضي كما الفي
ذلحين صرف النشيد
وكلام بغيته يصل
مع مول البريد
إن كان حد يرثي
لحال همه يزيد
وعذيب ما هو بحل
معي بغيته يشيد
وهدم ساس الهوى
ما خاف المناقيد
ونا نهاري تعب
والليل بيّت قهيد
وحامل له ثقل
ع كاهل نجيد
نسي جهادي معه
بالسيف هو الرصيد
والسبب منه حصل
وعليه ربي شهيد
ولا حاجه نعيد
ولا حاجه نزيد
وكلامي يفهموه
العرب بلا تفنيد
لو مانا سعيد
قول حالي سعيد
ما بغيت نكد عليه
يكفي نا قدني نكيد
الهوى وادي مري
والمحبة مقاصيد
ولو زمنت الارض
وتفرقوا الجاويد
ما عذر تجود
وتفيض المواريد
يا ريت النهار
يقع موحه مديد
ويا ريت الزمن
يطلق مني القيد
بعيد من محبيني
وهم مني بعيد
ومشاطين غاروني
كما جيش الرشيد
وع باب الفواد
الشوق هو والقليد
معاني بعض الكلمات:
الفي: كما هو معلوم الظل المتساقط من الجبل مساءً عند زوال الشمس.. وهو الظل الممتد والمتجه عادة للجهة الشرقية.
من نوف: النوف العلو والارتفاع.. جبل نائف.
زيد: يكون هذا الجبل أكثر ارتفاعًا وأزيد على ما حوله من سلسلة جبال مرتفعة.
وكل ليلة الفي: يتجدد في كل ليلة ويتكرر على هذا الحال.
قبا: ويقال: قدا، في لهجة المشقاص بمعنى (يتجه نحو..).
يقسم موح النهار: يغلب طول النهار بتقريبه للزوال فيأخذ الموح اي طول وقت النهار رويدًا رويدًا، ويقسم هنا بمعنى يأخذ الشيء من مستسهله لصعبه ليجتازه ويصل إلى نهايته.
وراء الحمر طريد: يمشي ذلك الظل خلف ما تبقى من صفور الشمس، وكأنه يطارده فتجد الظل يغطي ذلك الضوء، ويطلق عليه (الحَمَر)، وهنا تعني الغلبة.
والنهار فات وكمل: فات بمعنى انتهى واضمحل ولم يبقَ منه شيء يُذكر. والفيت الذي ينتهي ويموت.. ويقال لآخر النهار فوات.
كُمُل: اكتمل للنهاية.
من ع رأس الحديد: الحديد جبل في منطقة عسد الجبل، ويعني أن النهار قد انتهى ضوؤه مرورًا بهذا الجبل، والحديد تصغير حد، ويقال حد: للجبل الفاصل بين واديين صغيرين ويكون أقل في الارتفاع.
وهاضي كما الفي: أي أن هاجسي الشعري أتى مثل هذا الفي الآن بدأ يتغنى ويشعر مثله مثل هذا الفي أو الظل الذي انطلق من هامة الجبل المذكور إلى الشرق ليعلن نهاية يوم زائل.
ذلحين صرف النشيد: الآن بدأ يصوغ الحديث الشعري والهواجس التي تعبر عما بداخلي.
عذيب: من العذب، وهو وصف محبوبه.
ما هو بحل: بمعنى لا أسامحه.
معي بغيته يشيد: يواصل مسيرة حبنا الذي بنيناه منذ الصغر.
ما خاف المناقيد: المناقيد هي الحفر التي توضع في الأرض لتعميق حجر الأسس أو غرس الأشجار، يقال منقود أرض: دأب عليها العمل والحفر ليصل إلى صلبها أو إلى تربتها الخصبة.
هذا العذيب لم يخف الله في ذلك العناء الذي تكبدته حتى وصل إلى ما وصل إليه في القلب من مكانه.
ونا نهاري تعب: بذل مزيدًا من الجهد أو الحب أو قد يكلف رجله مشيًا لمواقع بعيدة يصل إليها ويقضي وقته فيها.
والليل بيت قهيد: اي في سُهد وأرق.
ع كاهل نجيد: النجيد هو الجمل القوي الذي يستطيع أن يجتاز كل الطرقات الوعرة بحمله أيًّا كان ثقله يعبر بها صاعدًا أو ناجدًا، وهذه جهة تكون فيها تسلق وصعود أكثر ما يكون.
وهنا الشاعر يرى نفسه ذلك الكاهل النجيد الذي يحمل ما يحمل تجاه من يستحق.
نسي جهادي معه بالسيف هو والرصيد: هل نسي البذل الذي لم آلُ جهدًا حياله يومًا، فعده الشاعر جهادًا وكدحًا بأنواع الطرق كافة التي سلكت للوصول والبلوغ لغاية المرام.
السبب منه حصل وعليه ربي شهيد: كان هو سببًا فيما حصل ودار بيننا من خلاف وصل إلى حد الفراق والشماتة، وكان ربي شاهدًا عليه فيما مضى وفعل.
تفنيد: دون أن أبين وأوضح ما بداخله.
لو مو نا سعيد: حتى ولو لم أكن سعيدًا فقد كنت أتظاهر بالسعادة.
الهوى وادي مري: شبه الهوى والعاطفة بالأودية الخصبة التي فيها الماء والكلأ.
والمحبة مقاصيد: أبلغ ما يريده الإنسان وما يقصده من مرام أن تحقق.
لو زمنت الأرض: شحت مواردها وخلت فيها قلوب البشر من الرحمة.
ما عذر تجود: ما عذر من نزول الرحمات.
تفيض المواريد: تمتلئ تلك الأودية والشعب بالأمطار والمياه أو تمتلئ تلك القلوب بالرحمات حتى لا تجد ما يضايقها.
يا ريت النهار يقع موحه مديد: أي ألا ليت النهار يكون طويلًا أكثر من المعتاد.
ويا ريت الزمن يطلق مني القيد: ألا ليت الزمن أو الوقت لا يحاصرني بهمومه ونكده، الذي صار كالقيد على قدمي، فصارت تلك الهموم تمنعني من أن أصل وأبلغ مرامي.
مشاطين غاروني: الأشواق والالتياع والفرقة اشعلت فؤادي وأغارت عليه وهجمت عليه بكل قسوة دون أن تشفق على ذلكم القلب المسكين.
كما جيش الرشيد: كانت تلك الاشواق واللوعات مثل ذلك الجيش المشهور الذي يقوده الرشيد فقد هجمت دون رأفة.
وع باب الفؤاد الشوق هو والقليد: أخذت الأشواق مفاتيح السعادة وطرقت قلبي ولكنها لم تدخل ولم توفق لفتح القلب فكان الشوق والالتياع يصاحبني كلما وقفت على طلل وتغنيت بفيّه وتذكرت ما يخلفه ذلك الفي من جمال أخاذ يطوي في ظلامه قصصًا يدق ناقوسها في عالم النسيان.
ختام:
أتمنى أن أكون وفقت في بيان وإيضاح معاني بعض الجمل والمعاني المبهمة بلهجة المشقاص لم آخذها من قاموس أو كتاب وإنما أخذت على مفهومنا اللغوي لبادية رغدون المشقاص.