حوار
عمر عوض خريص
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 13 .. ص 85
رابط العدد 13 : اضغط هنا
الأستاذ عبدالله صالح حدّاد كغيره من الباحثين الحضارم بحاجة إلى تسليط الضوء على إنجازاته في مجال التراث الشعبي الحضرمي، ومن هذا المنطلق حرصت مجلة (حضرموت الثقافية) على تنفيذ مقابلة معه أجراها الأستاذ عمر عوض خريص، كشف من خلالها الأستاذ حدّاد عن عدد من القضايا المتعلقة بنموه الثقافي واشتغاله بالبحث في التراث والتاريخ المحلي ومحاوراته الثقافية، وعلاقته بالباحثين في داخل حضرموت وخارجها، ورأيه في المنتديات والاتحادات والجمعيات الثقافية، وآماله المستقبلية في البحث:
حاوره: عمر عوض خريص
• من هو عبدالله صالح حداد؟
– عبدالله صالح حداد، من مواليد 27 أبريل 1946م بمدينة الشحر، متزوج، وله ولدان وست بنات. درس المراحل التعليمية الأولية والمتوسطة بالشحر، ودرس المرحلة الثانوية بمدرسة الشاطئ الثانوية بجدة. له إسهامات في البحث والكتابة، وأهمها رغبته في الكتابة عن التاريخ المحلي والتراث الشعبي.
انتهيت الآن من وضع كتاب بعنوان (المكتبة السلطانية بالشحر)، وأكاد أنهي كتابًا آخر بعنوان (الشبواني رقصة شعبية حضرمية)، وهناك مواضيع أخرى مؤجلة، وكلي أمل على تحقيق إنجازها قريبًا.
• أستاذ عبدالله، مراحل تعليمكم الابتدائي والمتوسط في حضرموت لا شك في أنها مهدت لملامح شخصيتكم الثقافية، وأثرت فيها، ثم صقلت هذه الملامح دراستكم خارج حضرموت، فما مدى تأثير هذه المراحل في تكوين ورسم ملامح شخصيتكم؟
– أشكر أسرة تحرير مجلة (حضرموت الثقافية) لإتاحة الفرصة لي للتعريف بتجربتي الشخصية، وأشكر الأستاذ عمر عوض خريص الذي يتقدم إلي بهذه الأسئلة التي لي كبير الأمل في أن أوفق في الإجابة عنها. وإجابة عن هذا السؤال فإن جدي لأمي كان يرغب في أن أدرس على الشيوخ، ولهذا فقد طفت صغيرًا بأكثر الكتاتيب (المعلامات)، ومنها معلامات الشيخ سالم عمر باصالح، وعبيد مبارك هلال، وسالم سعيد باقلاقل، وفرج أحمد بن نويصر، وعمر صالح بن منيف المشهور بلقبه (القصيّر).
ثم التحقت بمدرسة (مكارم الأخلاق الابتدائية)، وكان ذلك يوم 15 أبريل 1957م، وأعتقد أني كبرت قليلًا على التسجيل بالصف الأول، فسجلت حينها طالبًا بالصف الثاني، وكان آخر العام الدراسي، وحصلت على الترتيب (الثاني)، وكان (الأول) الزميل عبدالرحمن سعيد باحميش أطال الله عمره، وعندها تعرفت على عدد من المعلمين، وعدد أكبر من الطلاب بالمدرسة، ولم أكن في تلك الفترة أتميز عن سائر زملائي بالمدرسة، ومن خلال ما أتذكره أني ذهبت إلى المدرسة في أول يوم من قبولي وأدرجت بالصف الثاني، وكانت الحصة الثانية، وكان درسًا في الحساب. كان الأستاذ يسأل الطلبة عن جدول الضرب، ولم أحسن الإجابة فتلقيت ضربة شديدة على راحة يدي اليمنى، لم أستطع نسيانها أبدًا، وكانت الحصة الثالثة اختبارًا، فقد رفع الأستاذ المرحوم محمد محفوظ بن حازب السبورة وعليها رسم لجهاز الهضم في البقرة، ولكني لا أعلم عن ذلك شيئًا، فكانت الصدمة الثانية في أول يوم مدرسي، وأظهر ذلك على وجهي علامة البكاء، وربما دارت بعيني دمعة أو دمعتان، لاحظها الأستاذ محمد، وعرف الموضوع، فسمح لي بالانصراف، وطلب العودة إليه بمكتبه، فطيب خاطري، رحمه الله، وأعلمني بسهولة الأمر، وشرح لي ما على السبورة، وطلب مني أن أنقل من أحد زملائي الطلبة ملخصًا للدروس السابقة.
وبعد مضي شهرين انتقلت إلى الصف الثالث، ثم الرابع، عندها كان مدرس اللغة العربية الأستاذ عبدالله عبدالكريم الملاحي الذي أعجبت بسلامة لغته، ومخارج حروف ألفاظها، فأحببته، وكان أستاذ الرياضيات الأستاذ سالم أحمد بن سلم -أطال الله عمره- الذي بسّط المادة، وجعلنا نعشقها، ولا أنسى بالصف الرابع الأستاذ صالح سالم الأرضي الذي عمل جمعية الفنون التشكيلية، فخرج منها الأستاذ سالم باذيب، والأستاذ عبدالقادر حداد، وهناك الأستاذ عمر عبيد بقرف أطال الله عمره، وكانت دروسه في التاريخ (شخصيات حضرمية، وضعه الأستاذ سعيد عوض باوزير)، ويخيل لي أن الأستاذ بقرف هو من بذر محبتي لمادة التاريخ المحلي من ذلك اليوم، وبودي الاختصار، لكني لا أريد أن أنسى أحد الأساتذة الذين تركوا فينا أثرًا في المدارس الأولية، ومنهم الأستاذ محمد علي جواس -أطال الله عمره- الذي تركت نصائحه وتوجيهاته وإرشاداته أكبر الأثر في سيرة حياتي اللاحقة، وامتدت علاقاتي به إلى يومنا، فهو لا ينسى تلاميذه وكل من له به صلة.
ومن مديري المدارس الأستاذ عمر محمد بن سهيلان، والأستاذ صالح عبدالله اليماني، والأستاذ سالم أحمد بن سلم أطال الله عمره، وهو الذي جعلني أعشق مادة القراءة، وفيها قصة ظريفة، فقد كان له حصتان (مكتبة)، وكنت قد قرأت كتيبًا صغيرًا بعنوان (مكة) وهو يأمرنا بأن نكتب ملخصًا لكل كتاب ليطلع عليه ويمنحك كتابًا آخر، وقد كتبت ملخصًا لكتاب (مكة) استفدت من مجلة (كتابي) أو (العربي)، وأعجب الأستاذ سالم بما كتبت فطلب مني أن ألقيه على طلاب الصف، وعندها ظننت أنه سوف يأمرني بإلقاء أي ملخص أكتبه في المرات القادمات، ولم يحدث هذا، ولكني كنت أحرص على قراءة الكتاب، وأكتب الملخص بجدية، فاكتسبتها عادة، ربما من الفوائد التي جنيتها من تلك المرحلة، وهنا أتوقف عند الأستاذ سعيد عبدالخير النوبان، الدكتور فيما بعد، وكان أستاذ التاريخ اليوناني، وكان يقدم دروسًا عن طروادة أسبرطة وسقوط العاصمة وحصان طروادة والمعارك وأبطالها، وكان أسلوبه القصصي يجعلنا نتابعه كما نتابع المسلسلات التليفزيونية، ولا أدري هل أكتفي بما جاء في إجاباتي هذه أم أن علي أن أذكر كل الأساتذة في تلك المرحلة، وعلى أي حال فلدي كتيب صغير تحت عنوان (أساتذتي) وربما يكتب لي النجاح لأتمه قريبًا.
• اشتغالكم بالبحث في التراث والتاريخ المحلي، كيف أتى؟ وما بداياته؟
– عشقت في بداية نشاطي المسرح، وجمعت من أجل ذلك ما يزيد على مائة كتاب عنه، ما بين نصوصه وتاريخه وفنونه، وكنت عضوًا في فرق المسرح بالشحر، واشتركت في تمثيل بعض المسرحيات التراجيدية خاصة ما كتبها الأستاذ محمد عبدالقادر بامطرف، وأوبريت المحضار، وغيرها، ويظهر أني لم أكن أحسن أدواري، أو أن (أهل الشغلة يتحاسدون) أي تنافس الأقران، وربما هذا هو الذي لم أحقق فيه نجاحًا، مع أن لي تجربة في التمثيل أيام المدرسة، ومنها (بلال مؤذن الرسول) صلى الله عليه وسلم، ومسرحية (القناعة كنز لا يفنى)، ومسرحية (إسلام عمر بن الخطاب) رضي الله عنه، وأذكر أن مخرج المسرحية الأستاذ عبدالرحمن الملاحي قد اختار أغنية (تملكتمو عقلي وفكري ومسمعي)، فقد كان دوري مطرب الخليفة، وعلمت فيما بعد أنها للشاعر أبو الغوث التلمساني، وهي موجودة بديوانه المطبوع، والرجل معروف، فهو مؤسس التصوف العلوي السياسي. والتجربة الهامة في عام 1959م حينما مثلت دور الخليفة (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه، وكانت المسرحية عن إسلامه، ودوره، وأذكر أن الأستاذ أحمد عوض القحوم وكان مشرف التعليم بمديرية الشحر استدعاني إلى مكتبه وشجعني على الاهتمام بالدور مشيرًا إلي بدور الخليفة، وعليَّ أن أتقمصه في الشجاعة والإقدام والرجولة، وحضر بنفسه التمارين الأخيرة التي سبقت العرض الرئيس. وانتهت تجربتي المسرحية بزيارة أستاذي عبدالله عبدالكريم الملاحي الذي جمع عددًا من الرواة وبعض الشباب تحت شعار (تاريخ المدن).
• تلقيتم عن الأستاذ المؤرخ محمد عبدالقادر بامطرف، فهل هو من أشعل جذوة البحث وحب التراث في ذاتكم، أو سبقه سابق؟
– بدأت محاولاتي الجادة عندما علمت برغبة مكتب الثقافة بالمحافظة في طباعة بعض الدراسات القصيرة التراثية والتاريخية، فبادرت بتقديم تصور تمت الموافقة عليه، وتم إصدار دراستين صغيرتين هما (العدة رقصة شبوانية)، و(الشاعر الشعبي فرج أحمد بلسود)، لكن المكافأة لم تكن مشجعة حتى أواصل كتابة دراستين جاءت في تصوري السابق وهما (الشاعر الشعبي عبود علي بامعرفة)، و(رقصة الشبواني) التي باشرت الآن تكملتها، وأكاد أنتهي منها في الأيام القادمة.
وكنت قد بادرت مع بعض الشباب لإقامة منتدى الشاعر عوض سالم عبدن، وكنت أسأل عن الشعراء وأخبارهم الذين سجلت بعض قصائدهم منه، فأشار إلى مشروع صغير وهو كتابة نبذة عن كل شاعر ولو كانت من سطر، فالملاحظ أن النسيان يكاد أن يلقي بغباره على ذكراهم. وعندها بدأت الفكرة من يومها لتكون كتاب (معجم شعراء العامية الحضارم)، وفي تلك الفترة بدأت أكتب القصة القصيرة، وأنشرها بالمجلات المحلية التي تصدر هنا بالشحر على آلة النسخ (الرونيو)، وأرسل نسخًا منها لأستاذي عبدالله عبدالكريم الملاحي الذي يتفضل بقراءتها، ثم يكتب بعض نقداته أو قل إرشاداته، ومنها رسالة كتبها في مدينة (تيزي أوزو) الجزائرية حيث ذهب إليها لإقامة صباحية شعرية هناك ضمن مهرجان الأدباء العرب (17) إذا لم تخني الذاكرة، وعنه تعرفت على كتّاب القصة القصيرة أمثال موبوسان الفرنسي، وتشيخوف الروسي، لكني عرفت بعد ذلك أني لا أصلح لكتابة القصة، فانصرفت إلى البحث، وتمكنت من إرسال بعض هذه الأبحاث القصيرة إلى الأستاذ سعيد عبدالخير النوبان، وعن طريقه تمكنت من معرفة البحث وطرق البحث.
وفتح لي كتاب تاريخ باحسن (النفحات المسكية) بابًا ولجت منه لكتابة بحث عن (تاريخ مساجد الشحر) وكان أستاذي سالم خميس حبليل قد أتاح لي الفرصة للاطلاع على الكتاب مخطوطًا، ثم اطلعت على كتاب الأستاذ محمد عبدالقادر بامطرف (الشهداء السبعة) وكتبت بحثًا قصيرًا عن (مساجد الشحر) وأطلعته عليه، فأرشدني إلى عدم التردد، وأنه لن يختم العلم بكتابه أو بكتابي، فإذا وصلت إليك معلومات ورأيت اكتمالها، فعليك نشرها، وهناك من سيأتي بعدك للتصحيح والإضافة، وليس للتجريح والحماقة. ولكني كنت أود أن أطلع على بعض الوثائق والأبحاث والمقالات عن الموضوع إياه المحلية وغير المحلية، وأضرب مثلًا في عدم اطلاعي على ما كتبه الشيخ عبدالخالق يسر رحمه الله، وقد أشار إليه الأستاذ بامطرف في حديث أدلى به، وأنه اطلع عليه مخطوطًا في ملزمة من ثلاثين ورقة، وغير هذا، ومنها ما أشار إليه المؤرخ خميس حمدان في رسائله، وأشار إلى أننا يمكننا الاطلاع على رأيه في كتابه الذي طبع فيما بعد بعنوان (الشحر أدوار من تاريخها).
والآن وقد بلغت الثانية والسبعين من عمري، والحمد لله، ولي أمل في أن أجمع ما حفظته في (الخاذ) وهو ما ادخرته لمثل هذه المناسبات، ولعل الله يمدني في العمر حتى أتمكن من كتابة بعض الأفكار التي أصبحت في حكم المسودات.
• مشاركاتكم الثقافية والعلمية في المؤتمرات والندوات، كيف كانت؟ وكيف تقيمونها؟
– لا شك في أن حضور الندوات والمحاضرات لا يخلو من الفوائد، وإلا ما الفائدة في تكرارها؟ وأجدها هنا فرصة لأشكر سكرتارية المركز لإتاحة الفرصة لي بالمشاركة والحضور وتقديم ورقة في بعض هذه الندوات، وللفائدة أقول إن جواب الفنان دريد لحام لأحد الصحفيين »إن لي أذنين وفم واحد، وهذا يعني أن عليَّ أن أسمع ضعف ما أتكلم«، وعلى أية حال فقد استفدت كثيرًا من حضوري تلك الندوات والمؤتمرات، أما عن مشاركاتي فيها فليس علي تقييمها، ولكن على الآخرين فعل ذلك، ومن ذلك ما تلقيت من دروس، فقد شاركت في المؤتمر الثاني للأدب المنعقد في المكلا ما بين17- 22 أبريل 2014م، وقدمت بحثًا طبعته في مائة نسخة على حسابي، لكن لم يتم توزيعه في ضمن الأبحاث التي وزعت على الحاضرين، وقد نشر البحث كاملًا على صفحات صحيفة (المسيلة) التي تصدر بالمكلا في ثلاث حلقات، في الأعداد: (358)، (363)، (364).
• معارك الأستاذ عبدالله حداد الثقافية مشهورة في صحافتنا، ولها صدى في مجتمعنا، وهي تذكرنا بعصر النهضة الثقافية العربية في القرن الماضي، حيث أنتجت هذه المعارك أدبًا رائعًا ونقدًا حاذقًا، ورؤى متباينة، تلاقحت مع أفكار شتى، فكيف كان مردود هذا في ثقافتنا؟
– لا أظن أن الردود والتعقيبات التي صدرت مني أو من الآخرين يمكننا أن نصفها بالمعارك الأدبية، فهي أقل من ذلك بكثير. صحيح أن الإنسان يخطئ أحيانًا في كتاباته، لكن عليه ألا يترك للنقد تأثيرًا عليه، أو أن يقف به عند ذلك الحد. ولنا في حياة كبار الأدباء أمثلة كثيرة، منها مثلًا ما حدث من ردود على الأديب طه حسين على كتابه (في الشعر الجاهلي)، وهذا على الصعيد العربي، وكتاب ( شخصيات حضرمية) للأستاذ المؤرخ سعيد عوض باوزير على الصعيد المحلي، والردود الشهيرة التي جاءت بعنوان (استدراكات وتحريات على تاريخ حضرموت في شخصيات)، لكن هذا لم يؤثر عليه بل جعله يصدر كتابه (صفحات من التاريخ الحضرمي) الذي صدرت طبعته الأخيرة قريبًا.
وفي حالتي فإن بعض الألفاظ والعبارات التي جاءت في كتابات الآخرين قد تكون جارحة أو مسيئة، ومنها ما جرحت كرامتي، وسفهت كتاباتي، ويتحمس لها الإنسان فترة ثم تخمد، لكني أعترف الآن بأني لست ناقدًا، وحتى صفة الأديب كبيرة عليَّ بعض الشيء، ويمكنني أن أصف نفسي بأني متأدب، وكلي أسف في أني قد ظننت أن بعض الألفاظ كانت قاسية، فتسرعت بالردود، وربما يستطيع غيري أن يقوم تلك التي أتلفنا من أجلها أوراقًا كثيرة.
• لكم علاقات ثقافية وعلمية مع أدباء وباحثين من خارج حضرموت، ولعل أبرز هذه العلاقات هي التي مع علامة الجزيرة العربية حمد الجاسر رحمه الله، كيف كانت هذه العلاقة؟ وماذا نتج عنها؟
– رحم الله الشيخ حمد الجاسر الذي أكرمني ونشر لي بعض المقالات، أذكر منها نشر رسالة (أنساب بعض الأسر الحضرمية)، وهي للشيخ أحمد بن حسن العطاس، في حلقتين من مجلته المحكمة (العرب) وفي حضرموت، هنا، استل أحدهم المقالين ونشرهما باسم مجهول في كتيب، وزعت نسخ منه كثيرة، لكن السارق قد يترك أثرًا لفعلته، فقد تصدر تلك الرسالة قول الشيخ الجاسر: »كان رئيس تحرير هذه المجلة قد رغب من الأخ عبدالله صالح حداد اختيار رسالة أو كتاب مختصر في التعريف بسكان حضرموت… فأفضل وصور هذه الرسالة… «، وغفل هذا الناشر عن هذه. وقد أكرمني الرجل رحمه الله، ونشر لي مقالين آخرين، ولبى طلبي بأن أرسل لي صورة من مخطوطة (إدام القوت) بقلم مؤلفها، وهي التي أهداها المؤلف للأمير سعود بن عبدالعزيز عن طريق الشاعر عبدالله بلخير.
• الروابط الثقافية كاتحاد الأدباء، والجمعيات الثقافية، والمنتديات الأدبية، هل أفادت منتسبيها؟ وما المرجو منها في حدها الأدنى؟
– لا شك في أن مثل هذه الروابط الثقافية كالاتحادات والجمعيات والمنتديات وغيرها مقيدة لأعضائها ولغير أعضائها، وهي على أقل تقدير تنشر أعمال هؤلاء وخاصة بعض المغمورين أمثالنا. ولكن في كل الحياة هناك من يحصل أكثر من الآخرين، لكن الجهد هو الفيصل، والرجاء من هذه الاتحادات والجمعيات والمنتديات الاستمرار وبذل كل ما من شأنه الرفع بمستوى ما ينشر.
• هذه المجلة هي إحدى ثمرات (مركز حضرموت للدراسات التاريخية والتوثيق والنشر)، ماذا يعني لكم هذا المركز؟ وماذا تأملون منه؟
– جميل جدًّا ما ذكرتم حول المجلة، وهي أهم وسيلة لنشر الأبحاث والدراسات والتوثيق، وهذه حقيقة، ولكل مجلة أو دار للنشر سياساتها في مسألة نشر المواد، وهي تخضع لهيئة تحريرها، وهي التي تقر ما ينشر أو ما لا ينشر، وخذ مثلًا لم ينشروا ردي على مقالات الدكتور الصيغ التعسفية من وجهة نظري، رغم أني والكل يعلم أن (البادي أظلم).
ومن المؤكد أن استمرار المجلة مهم جدًّا، أعجبتني أم لم تعجبني، فهي ثمرة يانعة تستحق التلذذ بها، بتذوقها عند طعمها، وهي ذات ذوق وطابع محلي نتباهى بها عند الآخرين.
• من وجهة نظركم ما هي الموضوعات الغير المطروقة في التراث الحضرمي التي تودون أن تطرقوها أو ترشدوا غيركم لطرقها؟
– عندما طلب الراوي الشاعر الشيخ عوض سالم عبدن من المؤلف محمد عبدالقادر بامطرف قصيدة الشاعر الوزير حسين بن حامد المحضار، سلمني الأستاذ بامطرف ملفًا قديمًا ضخمًا به ما يزيد على أربعمائة ورقة، كلها قصائد، مع ذكر من تنسب إليه. عندها سألت الأستاذ هل هي قصائد جمعتها بنفسك ميدانيًا؟ وربما يغريني أخذ بعض هذه القصائد. أجاب قائلًا: صوره كله. إن الذي أريده من هذا المجموع غير الذي تريده أنت، والكتابة لن تنقطع ما دامت الحياة مستمرة، وقد أفادني كثيرًا ذلك الملف عند وضع كتابي (معجم شعراء العامية الحضارم)، وكل ما قاله: عليك عدم التردد فالذي تعلمه ربما لا يعلمه غيرك، وعليك نشره دون تردد، وسوف يأتي من بعدك بالإضافة والتصحيح، وهكذا دون تعمد ولا تجريح. وفي الحياة موضوعات كثيرة لم تطرقوها، سيأتي لاحقًا من يطرقها، إذا وضعت الحياة أمامه ما يجب عليه التفكير فيه.
• ماهي مشاريعكم البحثية التي لم تنجز؟
– لديَّ عدد من المشاريع البحثية هي كما أشرت إليها في مكان آخر:
– شعراء وأغنيات حضرمية.
– أضواء على تاريخ الأغنية الحضرمية.
– الشاعر (خو علوي) دراسة وتحقيق.
– الشاعر المطرب الحضرمي علي أحمد بن زامل.
– تاريخ مساجد الشحر.
وهناك أسباب في عدم الإقدام على تكملة هذه الأبحاث، ونشرها، وطرحها على رفوف المكتبات، فهناك نواقص ورغبات في الاطلاع على بعض الأبحاث التي لم تساعدني الظروف في الاطلاع عليها، لكن العمل مستمر، وسيصدر قريبًا:
– المكتبة السلطانية بالشحر. والبحث جار عن جهة تتبنى نشره.
– الشبواني رقصة شعبية حضرمية، وأكاد أن أنتهي من تحبيره. وسوف أطرق مجالات أخرى قريبا إن شاء الله.
• اهتمامكم بشعر الغناء الحضرمي وأعلامه شاركتم به بقوة في الصحافة الفنية والأدبية في حلقات متتابعة، وتوقفتم أخيرًا، هل استنفذتم الجهد فيها؟ وهل لها ما بعدها؟
– شكرًا على اهتمامكم بما تم نشره من حلقات تعنى بشعر الغناء الحضرمي، وهي في الأصل من مشروعين، هما: أضواء على تاريخ الأغنية الحضرمية، وشعر وأغنيات حضرمية.
وفي الأخير كتبت عدة حلقات تتعلق بشعر الغناء الحضرمي، ونشرت أغلبها بمجلة (شعاع الأمل) لكني توقفت عن الاستمرار في كتابة تلك الحلقات لغرض في نفسي أحببت كتمانه، ويكفي أن الدكتور عبدالمطلب أحمد جبر، رحمه الله، كان يأخذ نسخًا من المجلة هدايا للدكتور جعفر الظفاري الذي أبلغني عن طريق الدكتور جبر إعجابه بتلك الحلقات، ووعد بأنه إذا اكتملت خمسون حلقة منها سوف يقوم بنشره في كتاب على حسابه، هكذا، لكن الظروف أبت إلا أن يكون هكذا الأمر. ومن يدري ربما امتد بنا العمر لنكمل هذه المشاريع.
وأخيرًا شكرًا جزيلًا لهيئة التحرير، وعسى أن تكون إجاباتي معقولة.