إبداع
صالح حسين باعامر
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 13 .. ص 111
رابط العدد 13 : اضغط هنا
منذ ذلك اليوم لم تر جارها سالم، الذي اعتادت اللعب معه.. آخر لقاء بينهما وهو لما يبلغ الثانية عشرة من عمره، وهي تزيد عن العاشرة ببضعة أشهر.. الوقت يتجاوز فترة الصباح وينحو إلى ما بعد الضحى. ذلك المكان بهو مجاور لغرفة نوم أبيه وأمه اللذين غادرا المنزل وتوجها إلى (الغيضة) ليبدأ (قطع السبيط) من على رؤوس النخل وجمع الثمر لفرز الرطب منه عن البلح ووضع كل صنف من هذين النوعين داخل زنابيل خوصية كبيرة، ثم نقلها إلى (الدرع)، وفرشها فوق حصوات صقيلة مرصوصة فوق طول ساحة الدرع وعرضها، لتلوح للشمس ليستحيـل إلى تـمـر (النـثـر)، تهيئـة لتعبئته في عبوات خوصية ثم (رزمه).
اقترب سالم إلى جارته فاطمة التي كانت تحادث عروستها التي صنعتها لها أمها من ألوان مختلفة من القماش، واقترح:
– بدلًا من أن تلعبي وَحْدَكِ لنلعب أنا وأنت معًا؟
– ماذا ألعب معك؟
– لعبة المتزوجين
– ……………..
– ما بك صامتة؟
– …………….
– تلك التي لعبناها مرارًا..
دخلا غرفة نوم أَبَوَي سالم، وما إن بدءا اللعبة دخلت عليهما أم سالم فوجدتهما نائمين بجنب بعضهما فصرخت فيهما:
– ما الذي تفعلانه؟
انتابهما الفزع.. على إثره هربت هي إلى منزل أبيها، بينما احتضنته غابة النخيل؟
منذئذٍ لم يريا بعضهما إلا عند عودته من غربته حين رآها جالسة فوق صخرة من صخور الوادي، الذي ينتصب على طرفه منزل أبيه، فعندما علمت أنه بعد ساعات سيهل على الوادي أخذت تنتظر ظهوره وما إن هلَّ حدقت فيه مليًّا تاركة أغنامها ترعى في المكان المليء بشتلات (النوس)، وفي لحظة خاطفة ومضت عيونها ونطقت: اليوم حصحص اللعب الحق..