إبداع
محمد سالم علي بن داود
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 15 .. ص 112
رابط العدد 15 : اضغط هنا
ماذا يقول الناسُ عنّي
وما الجدوى
من يُحبّني ومن يكرهني
هل الكثير يمدحني أو يذمني
فأدخل الجنة أو النار
أنا على موعد مع الموت
وبوح الحياة وأسرارها
وكنه القدر
وضعتُ الأيامَ في جيوب كفني
وعلى مباذلي الخوف والرجاء
أنا مشغولٌ الآن
فليس لدي وقت أهدره في البكاء على نفسي
فأنا أعْرفُ الناسِ بي
فقد كنتُ وفيًّا شجاعًا كريمًا
وكان الشعر عندي رسالة لا أبتغي بها وجه البلاط
أزرعُ الحبَّ على أرض النفوس
وأتاجرُ في المودة السلعة ذات النُّدرة كعطار في سوق شعبيّ
دكانهُ عتيق متهالك على نفسه تفوح منه رائحة الحياة
***
مسجّى بالوقار
والنعش يرقص في جلال
والروح في السماء
يرفُّ في حبور
والجسم في العفاء
ينام في سلام
والنعيُ في الهواء
أرنو إلى دفاتري الثكلى
ومحبرتي يراعها الغضُّ الطّروب
يشعُّ من سواده البياض
يحنو على الكلام في القرطاس
فلا يدري البكاء من الكتابة
وهاجسي يُملي عليه بناتِ أفكاري العذارى
ونوار أشعاري
تطلُّ ملامح الدنيا على حلّي وأسفاري
مكتبتي المنقسمة على ذاتها بين الجديد والقديم
يا أيها القمطر
ابقَ ما بقي الدهرُ
فهناك من البذور في تلاحق تحيا به الطيور
***
أنا الذي رثيتُ آلاف الملايين
من الأعيان والأدباء والشعراء والعلماء والمساكين…
أموتُ اليوم على فراش اللحن ولا أجد من يرثيني
فلا عزفتْ ألسنُ الشعراء
***
قيثارتي تنثال آمالًا وأشجانًا وأفكارًا
لم أتوقع يومًا أن أحطمها على صخرة الظنون
رحم الله نفسي وتغشّاها بالمجد
وألهم أشعاري الحبَّ والأزمان
الفاتحة
آمين
***
وبما أنني شاعرٌ ميت
اجعلوا لي شارعًا باسمي
لعلي أتمشّى عليه عندما تنام المدينة
وكرّموني بدرع الكلام
ضعوه على صدر شاهدة قبري
واطبعوا كلَّ أعمالي
ودواويني طباعةً فارهة أنيقة
وأهدوها إليَّ موقَّعةً بإمضائي للقرَّاء الأعزاء:
يا لقبرٍ يضمُ بحرًا غزيرًا
كيف خرَّتْ كواكبٌ ونجومُ
وخصصوا لي راتبًا شهريًا برتبة وزير
فأنا لم أتناول الخبز والعصير والعصيدة منذُ ألف عام
لَـكنَّني أقتاتُ القصيدةَ والغناءَ والصفير
وحب الوطن
عظماء هم الشعراء والأدباء
فليحظوا بالمكانة الشمَّاء
واجعلوا لي واجعلوا لي….
وفي يوم تأبيني
وفي الذكرى
أدرجوني ضمن الشعراء المشاركين في المهرجان الخاص بي
سجّلوني آخر واحد
فإنني سوف آتي وألقي قصيدة عنوانها
الشاعر يرثي نفسه