إبداع
صالح سعيد بحرق
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 16 .. ص 111
رابط العدد 16 : اضغط هنا
الشحر
من مفتتح للنشيد تنهض الشحر.. تعتلي نبض الفنون
تجوس خلال مدن الدهشة،
وترسل ضياءها على أصقاع بعيدة للحنين، تومض كرمح في ليل ندي بالبشارة،
والسلو والعهد الجديد..
تفتح ذراعيها للحائرين.. في ممشى اليقين ..
وتراود يأس العمر فينا،
وتبدأ من فجر الحالمين ..
عودة
من خصاص نافذة السيارة كانت تتابع حديثه، تسترق السمع، تضغط على تأوهاتها والحنين، فجأة توقفت، عندما لامس كبرياءها بشموخه المزيف، عصفت بها ريح الندم، وأجبرتها رياح الخذلان على التوقف .. بيد أنها عندما رفعت سماعة الهاتف، هتفت باسمه مرة أخرى، بشيء من الشغف الجديد..
تعاضد
خرج من منزله يبحث عن دواء لولده.. وقف أمام البائع.. تفرس في وجهه.. كان أحد تلاميذه.. أطرق إلى الأرض.. دفع له بالدواء.. نظر إليه بعين يعرفها.. أطرق إلى الأسفل.. ثم قاده برفق إلى الباب.. وربت على كتفه..
وتساءل في نفسه: أليس هذا هو الطالب الذي تمنى أمامي أن يكون طبيبًا..
السيل
حين يقدم السيل قديمًا، كانت تقدم البشارة، تخرج النساء بالغسيل، و(المكل)، و(الكنابل) وينتشرن على حافتي السيل، ضحكة، وبهجة، وعنفوانًا، أتلصص من نافذة منزلنا على أجسادهن، وعراكهن، واغتسال صبيتهن في مرفأ السيل، تتنامى بينهن الألفة.. تستمطرهن الذكرى.. والمكاشفة.. يتراشقن بالماء.. والسيل يجري، يجري إلى مستقر له، في ليل الانتظار الطويل..
نافذة على بحر شرمة
من نافذة قديمة في مبنى طيني أطل على بحر شرمة.. هناك في الأعلى تكمن الدهشة.. أحجار القلعة القديمة التي لمَّا تزل على الجبل.. والبحر يعكف على شجنه التليد.. أحاول أن أفهم أي سلحفاة تاهت هنا قبل أن تصل إلى مخدعها.. وتضع بيضها.. ثم تعود لتبدأ.. رحلتها في المحيط.. من جديد..
مكان
يستريبني.. يخيفني.. كلما ولجت إلى جدرانه.. يبهرني تصميمه.. وانثيالات الفرح المتساقطة من أعمدته وسقفه المنسوج من نسيج دهشة غريبة.. قائم في فضاء لا يحده أحد.. شامخ في الحكايا.. والأساطير البعيدة.. في (الرشاد) تلك الديار التي تركها جدي ومضى.. إلى أنحاء أخرى جديدة..