جَدلُ الإدام – تعقباتٌ على مقال «ملاحظات على طبعة دار المنهاج لكتاب إدام القوت» .. (الجزء الثاني)

د. محمد أبوبكر باذيب

الفقرة السادسة عشرة

اشتملت على سخرية شديدة من ترجمتي للشيخ الصالح سعيد بلحاف، وليس فيها أدنى ملاحظة تاريخية أو استدراك علمي. وفوق السخرية هناك ادعاءٌ بخروج الترجمة إلى ما سمي بالسياق الصوفي الميتافيزيقي، على حد تعبير المقال. ولا أدري لماذا كل هذا السخاء بتلك الألفاظ السيئة وغير اللائقة. علاوة على أن الفقرة قد اشتملت على خطأ في تاريخ وفاة الفقيه المقدم، فهي سنة 653هـ، وليست 356هـ. وهذا بيان تشنيعات المقال:

أولًا: أما احتمالي المصدّر بـ«لعلّ» فليس فيه إثبات ولا جزم، فإن صح فبها ونعمت، وإن لم يصحّ فقد اجتهدتُ. وهذا الأسلوب سار عليه العلامة السقاف في مواضع من كتابه: (1) مثال1: فهذه (عين بامعبد) التي ذكرها قبل بلحاف مباشرة قال فيها (ص 65) بعد أن ذكر وجود ناسٍ من آل بامعبد في ميفع: «فيفهم منه أن العين منسوبةٌ إلى جدهم». (2) مثال 2: وقال (ص 77) عند حديثه عن بلدة حوطة الفقيه علي: «والحوطة المذكورة منسوبة للشيخ الجليل علي بن محمد …»، إلخ. (3) مثال3: ومثلها بلدة روضة بني إسرائيل (ص 78) قال: «منسوبة إلى أخيه إسرائيل بن محمد». وقل مثل ذلك عن خلع راشد التي عرفت مؤخرًا بحوطة أحمد بن زين. فلم لا تكون بلحاف منسوبة إلى الشيخ سعيد بلحاف وهو معاصر للشيخ بامعبد الذي يذهب العلامة السقاف إلى احتمال نسبة بلدة عين بامعبد إليه، وهي قريبة من بلحاف!

ثانياً: لماذا التهويل والإرهابُ بذكر مصطلحات يشعر قارئها وكأنه داخلٌ على فلمِ رُعب، وهو يقرأ: سياق صوفي!! أسطوري!!! أين هو السياق الصوفي الأسطوري؟ غاية الأمر أني ذكرت مطلع قصيدة لبلحاف عليها شرح لأحد الأعلام، فالمترجمُ متصوف وشعره رمزي، فما دخلي في تكوين شعره!

ثم إن العلامة السقاف ملأ كتابه بذكر كثير من الشؤون والاصطلاحات الصوفية، خلافًا لما يصوره المقال عن شخصيته وكتابه. فمن ذلك على سبيل المثال لا الحصر: (1) قوله في «الإدام» ص 387: «الشّيخ الكبير سعيد بن عيسى العموديّ، وهو والفقيه المقدّم أوّل من سلك طريق التّصوّف بحضرموت». (2) وقال في ص 437: «وسكّان أسفل القلعة آل باوزير المتصوّفة، وبها قبور جماعة منهم». وقوله ص 567: «وكان آل باشراحيل وضعوا السّلاح ودخلوا في طريق التّصوّف، فقيل لهم: فقراء». (3) وقال في ص 610: «الشّيخ الكبير، العارف بالله، عبد الله بن محمّد بن عبد الرّحمن باعبّاد، وهو أوّل من اشتهر بالتّصوّف بحضرموت». (4) وقوله ص 80: «وفي ميفعة كانت وفاة الشّيخ عبد الله الصّالح المغربيّ. وكان من خبره: أنّ الشّيخ أبا مدين أرسل بخرقة التّصوّف للفقيه محمّد بن عليّ بن محمّد، بمعيّة الشّيخ عبد الرّحمن بن محمّد الحضرميّ». (5) وقوله ص 279 عند ذكر خنفر: «وفيها متصوّفة يسمّون البركانيّين، يدُهم للشّيخ مور بن عمر بن الزغب، وكانوا يسافرون بركب اليمن من الشّحر وأحور وأبين والجبل جميعه وتهامة جميعها، ويزورون قبر النّبيّ r وصحبة الصّوفيّ البركانيّ».

ثالثاً: إذا كان المقال يرى أن السقاف «يتميز بالبعد عن التفكير الخرافي». فلماذا لم يورد تعريفًا للتفكير الخرافي الذي ابتكره؟ ألم يضق رئيس التحرير بهذه التعميمات وقد انتقَدها في العدد نفسه بنقده الكتاب الذين لا يجيدون «سوَى إلقاء المفاهيم والمصْطلحاتِ بتعمیم شَديد: التراث العلمي الحضرمي، السياق المعرفي الإسلامي»[14]، إلخ.

رابعاً: عبارة: «لا يحق له بأي مقياسٍ من المقاييس أن ينشره متطفّلًا به على كتاب ابن عبيد (اللاه) [كذا]»،اهـ. أقول: تُرى ما المقاييس التي يتحاكم إليها؟ ومن هم واضعوها؟ وقبلَ هذا، ما الصفة التي بموجبها يتحكم المقال في قوانين عالم النشر والتحقيق؟ وإذا كان كلُّ من حقق كتابًا، أو ترجمَ لأعلامه يعدّ متطفلًا؛ فإن محققي التراث كلهم متطفلون، بحسب (مقاييس) المقال. أيعقل هذا!

الفقرة السابعة عشرة

عاب المقال عليَّ ذكري كتاب «ما جاد به الزمان في أخبار حبان» في تعليقةً لي في (ص 67). فلنذهب إلى حيث أشار فنقرأ قول السقاف عن بلحاف: «وهو مرسى لآل أحمد بن هادي، آل عزان»، انتهى كلامه. فعلقتٌ بقولي (هامش 2): «آل أحمد بن هادي: هم فخذٌ من فخائذ آل الواحدي حكام تلك النّواحي. ولمعرفة المزيد من التّفاصيل حول هذه الأسرة الواحديّة، ومعرفة أخبارهم؛ ينظر: «الشّامل» (55 ـ 63)، وفيه تفصيل لم يسبق إلى مثله، و«بضائع التّابوت» (2/ 318 ـ 321)، و «ما جاد به الزّمان من أخبار مدينة حبّان» (102 ـ 114)، و «معالم تاريخ الجزيرة العربيّة» (216 ـ 218)»، انتهى التعليق. كما ترون وثقت كلامي من أربعة كتب مصدران ومرجِعان، ولم أكتف بالبكري والعليمي مؤلف «ما جاد به الزمان» الذي عاب علي رجوعي إليه. ترى ماذا في إحالتي على الكتاب المذكور؟ ما هي الجريمة العلمية في الأمر؟ هل لكون مؤلفه معاصرًاً[15]؟ إن كان كذلك، فيقال فيه ما قيل عن «معجم المقحفي» الذي سبق الكلام عنه. وإن كان غير ذلك فأين الإفصاحُ والإيضاح؟

الفقرة الثامنة عشرة

فيها افتراءٌ علي، لأن التعليقة المنتقدة في (ص 70) التي فيها تعريف بالشهور الميلادية وما يقابلها بالسرياني ليست من كتابتي ولا من تعليقاتي، فليت المقال وفر سخريته:

حنانيكَ بعضُ النقْدِ أسوأ من بعضِ

الفقرة التاسعة عشرة

هذه فقرة من الفقرات الساخرة الكثيرة، وليس فيها ملاحظة تاريخية ولا استدراك علمي. يعيب عليّ تعريفي بمدينة زبيد! ألم أنبه في تعليقتي عن زبيد على مصادر مهمة في تاريخها. وحجر زبيد لم أجِد لها ذكرًا في المراجع التي بين يديّ وإلا لأوردتُه. ثم إنني عرفتُ بمنطقة حَجْر حضرموت تعريفًا حديثًا وافيًا، اشتمل على ذكر المسافات الأرضية، وتحديد موقعها الجغرافي، ونص تعليقي في هامش صفحة 92. وكله مفيد ونافع والحمد لله.

الفقرة العشرون

اشتملت على التشنيع والسخرية من تعليقتي التي نبهت على الفرق بين (باصرة الخامعة) الذي ورد ذكرهم، وبين باصرة من السادة آل باعلوي. فاستخفافُ المقال ليس بتعليقتي فقط، بل بعلم إسلامي عظيم هو علم (مشتبه النسبة)؛ وبيان ذلك: أن التعليق كان لتنبيه القارئ على وجود أسرة تحمل الاسم نفسه (باصرة)، من باب مشتبه النسبة، كما يعبر عنه المحدثون وعلماء الرجال في كتبهم. ليكون القارئ على انتباهٍ عندما يطالع اسمَ هذه الأسرة في كتب التاريخ الحضرمي فلا يقع في اشتباه. وهذا التعليقُ من صميم عمل المعلِّق، وفيه إضاءةٌ للنص. فهل يستحق السخرية؟

الفقرة الحادية والعشرون

اشتملت على التشنيع والسخرية من تعليقتي في إيضاح بعض أنساب المذكورين في الكتاب. وزُعمَ أن التعليقة (ص 103) لا تتلاءم مع سياق المؤلف، مع أن سياق المؤلف في ذكر أعلام منطقة حجر، وأنا قمت بمهمتي في التعريف بهم حسب منهجية العمل. فما الذي يدعو للعجب من ربط التعليقة بين الأعلام وذكر الصهارات والعلاقات الاجتماعية بينهم؟ والكتابُ مشحون بذكر النواحي الاجتماعية والروابط بين البيوتات. أماالصفحات المشار إليها، وفيها ذكر للسادة بني علوي بوادي حجر، فهي لم تخرج عن سياق المؤلف. ففي صفحة 104، هامش 2، نبهتُ على وجود سقط في نص نقله السقاف من كتاب «شمس الظهيرة» [2/538]. وهذا يعدّ من واجباتِ المعلق. فعلام السخرية والتشنيع؟

الفقرة الثانية والعشرون

انتقد المقال تعليقتي (ص 105) في التعريف بمرسى بروم، فأورد كلام المؤلف، ووصف تعليقتي بأنها تكرارٌ، وتحاشَى ذكرها، فها هو ذا نصها: «بروم: ميناءٌ صغير غربيّ مدينة المكلا، بمسافة 30 كم تقريبًا، كان بندرًا شهيرًا مأمونًا للسفن الشراعية أيام الرياح الموسميّة، تأوي إليه السفن عند اضطراب الأمواجِ وهيجَان البحر، ثم خمُل دورُه بعد عمارة المكَلاّ، إلا أنه أعيد إنشاؤه حديثاً لكي يستوعبَ استقبال السفن وإمكانية تفريغها. وقد شهد العديدَ من الحوادث، سيذكرها المؤلفُ هاهنا»، اهـ. وهو مستقى من «الشامل»: ص 431 (ط. دار الفتح)، ومن غيره، فهل هو تكرار؟ أم هو من باب (عنزة ولو طارت!).

الفقرة الثالثة والعشرون

اشتملت الفقرة على مساوئ عدَّة. منها ادّعاء أني تبرعتُ بترجمة السيد حسن بروم! وتجاهل المقال نصَّ السقاف في الصفحة نفسها (ص 106) بقوله: «وإلى بروم ينسَبُ السّيّد حسن بن محمّد بن علويّ بن عبد الله بن عليّ بن عبد الله باعلويّ». ولم أزد في تعليقتي سوى إيرادي تاريخ وفاته موثقًا بذكر المصدر، فما المعيبُ وأين هو التبرع والإقحامُ هنا! كما جاء في تعليقتي نقلٌ مهمّ مناسبٌ للسياق عن كتاب «المعجم اللطيف في أسباب الألقاب والكنى في النسب الشريف» للعلامة الشاطري فيه شرح لقب (برُوم). فاتهمني المقال بأني أتفلسفُ! ما دخل الفلسفة في النقل والتوثيق! هل هذا نقد موضوعي؟

الفقرة الرابعة والعشرون

شنع المقال في هذه الفقرة على تعليقتي (ص 107) التي قلتُ فيها إن مزاحم باجابر من أعيان القرن التاسع، استدراكًا مني على المؤلف في ذهابه إلى أنه من أعيان القرن الثامن. ومع أنه الموضع الوحيد الذي تضمن استدراكًا عليّ إلا أنه لم يوفق فيه. فاعتراضه خاطئ تمامًا، وليس في محله إطلاقًا. فمن توفي سنة 817هـ يعد من أعلام القرن التاسع لا الثامن. ولكن المقال يغالط، ويجهّلُ القراء.

وهذا بيان المغالطة: (1) أولًا: اجتزأ المقال عبارة السقاف، وهذا نصها: «ومن أعيان بروم في القرن الثّامن العارفُ بالله الشّيخ مزاحم بن أحمد باجابر، أخذ عنه سيّدنا الإمامُ الكبير الشّيخ عبد الرّحمن السّقّاف، المتوفّى بتريم سنة (819 ه‍)»، اهـ. أقول: إن القارئ المتتبع لأسلوب العلامة السقاف يجزم أنه كان دقيقاً في نقله عن المصادر التي بين يديه، وأنه كان يتطلب الأقدم فالأقدم منها، بل نراه يرجع إلى كتب الكرامات والمناقب ويستخلص منها معلومات تاريخية خلت منها المصادر المعروفة. من ذلك «الجوهر الشفاف» للشيخ الخطيب الذي يتحاشاه أكثر الباحثين بحجة أنه محشو بالكرامات والخرافات، ولكن السقاف نظر فيه واستخلص منه أخباراً تاريخية وسياسية كثيرة.

(2) ثانيًا: كان العلامة السقاف حريصًا على ذكر وفيات الأعلام، دقيقًا فيها، لا يفوت تاريخًا يظفر به. ولكن في بعض الأحيان قد يحصل له بعض الفوات، كما هو الحال في تاريخ وفاة الشيخ مزاحم المذكور، فإنه ومع وجود «تاريخ شنبل» بين يديه، ونقله الكثير عنه، إلا أنه فاته الرجوع إليه في نقل تاريخ الوفاة. واعتمد في سَوق أخبارِه وتقريب الزمن الذي عاش فيه على كتاب «الجوهر الشفاف» فقط. فنقل من صفحة 107 عن الحكاية 304 منه: قصة حصول الشيخ مزاحم على خيمة هدية من سلطان اليمن. وفي صفحة 108 عن الحكاية 344: أن أحمد بن علي باجابر كان إذا اجتمع بعمه الشيخ مزاحم يسمعه يثني على الشيخ عبد الرحمن السقاف. قال المؤلف: «وكان ذلك قبل سنة 805». ثم نقل بعد ذلك مباشرة عن «سفينة البضائع» للعطاس تاريخ وفاة عبد الرحمن بن مزاحم سنة 887هـ ببروم. فبناء على هذه المعطيات، فقد فهمتُ أن المؤلفَ لم يتوفر على تاريخ وفاة مزاحم، فأتيت به في تعليقتي نقلا عن «تاريخ شنبل». وهذا يحصل كثيراً للمؤلفين، فكثيراً ما يكون مصدر تاريخ علم مهم بين يديه، ثم يغفل أو يتوه عنه ولا يقف عليه، لا يكون ذلك تجاهلًا منه.

وهذه نماذج لوفيات أخرى نسبها السقاف لقرن الوفاة وليس قرن الحياة، فالشيخ عمر بن عبدالله باجمال الشبامي عدَّه من أكابر أعيان القرن العاشر، ووفاته سنة 916هـ. والشيخ محمد بن أبي بكر باعباد، عده من أعيان القرن التاسع الهجري، ووفاته سنة 801، وقيل 802. فبناء على هذا، نعلم يقيناً أن من توفي سنة 817هـ، يعدُّ قطعاً من أعلام القرن التاسع، وليس من أعلام القرن الثامن، كما هو صنيعُ كل المؤرخين عن بكرة أبيهم. وهذا الأمر من بدهيات الاشتغال بالتاريخ والتراجم، فعُلمَ بهذا أن الاستدراك ليس في محله، وهو خطأ مردود.

الفقرة الخامسة والعشرون

اشتملت على عدة مساوئ. أما الأولى: فادعاء أني كتبت (ص 120) تعليقة في طريقة تحويل التاريخ الميلادي إلى الهجري، وهي ليستْ لي. وأما الثانية: فادعاءُ أني استعرضت معلوماتٍ ذات توجه متيافيزيقي! عن القبب والمزارات، إلخ. وهذا غير صحيح، بل فيه تزييف للحقيقة، لأن ذكر القباب والزيارات ورد في نص الكتاب ومتنه. وهذا يدل على أن المقال كتبه من لم يقرأ كتاب «إدام القوت» ولم يعرف محتواه. والجهل المركب: في اشتمال الفقرة على توظيف لمصطلح الميتافيزيقيا في غير موضعه، دلالة على التعالم والجهل العميق بمدلول المصطلح الفلسفي. إن الميتافيزيقيا: مصطلح يوناني (Metaphysics)، يتركب من كلمتين (Meta) وتعني: ما بعد، و(physics) (= الفيزياء) وتعني المحسوس الموجود[16]، ثم أصبح علمًا على علم ما وراء الطبيعة، ومصطلحاً متعلّقاً بالغيبيَّات واللامحسوس والماورائية [17]، فأين في تعليقاتي ذكر لعلم الميتافيزيقيا؟ هل مجرد الترجمة لعلم بنيت عليه قُبةٌ يعدُّ عندكم من الميتافيزيقيا! أليس وصف القبور هو وصف فيزيائي مادي محسوس، وليس من علم الغيب واللامحسوس. قبرٌ ماثلٌ أمامكَ، وفوقه قبة، أين الميتافيزيقيا في الموضوع؟! فالجهل المركَّب هنا: في عدم فهم معنى المصطلح على حقيقته، ثم توظيف الفهم الخاطئ في غير موضعه، وتوجيهه توجيهاً غير مناسب، ثم اقتران التوظيف الخاطئ بتشنيع وتسفيه، مما يدل على التخبُّط وعدَم معرفة وُجهَة النقد.

الفقرة السادسة والعشرون

اشتملت الفقرة على افتراء فيما أشار إليه من ترجمتي لإنجرامس في (ص 130)، بادعاء أنني لا أعرف جرائم إنجرامس، مع أنني كتبتُ عددًا من التعليقات ذكرت فيها عددًا من جرائمه. منها: (1) في صفحة 147 التعليقة 2، في تنكيله بعمر محيرز. (2) في صفحة 188 التعليقة 2 نقلًا عن الشيخ الناخبي رحمه الله. (3) في صفحة 638 التعليقة 1 فيها بيان حقد المستر إنجرامس. (4) في صفحة 1042 التعليقة 1 فيما يتعلق بالحدود. ثم يجحد المقالُ الناسَ أيًّا كانوا مسلمين أو كفارًا من صنائع طيبة صنعوها، وهذا لا يحق له، ومن أراد المزيد عن إنجرامس وصنائعه فليرجع إلى كتاب د. صادق مكنون، وعنوانه «إنجرامس سلطان حضرموت غير المتوّج، أثر هارولد إنجرامس في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في حضرموت 1934-1944م»، صدر عن تريم للدراسات والنشر، عام 2018م، يقع في 544 صفحة.

الفقرة السابعة والعشرون

اشتملت على سخرية من ترجمتي للعلامة القاضي محسن بونمي إشارة إلى تعليقتي في (ص 148)، ثم كُذبَ عليَّ بأنني ترجمت للقاضي في 16 سطرًا، بينما ترجمتي له لا تتجاوز 6 أسطر، أما بقية التعليقة فقد عرفت فيها بكورسات القضاء الذي كلف بتدريسها على عهد الدولة القعيطية، وبيان خريجيها. ثم يقترح المقال ساخرًا مني بأن أكتب كتابًا مستقلًا عن السيد محسن بونمي، ولماذا أكتب عنه استقلالًا وهؤلاء أحفاده وأسباطه أجدر مني بالقيام بذلك، وها هو سبطه الأستاذ محسن باعلوي يصنف كتابًا ضخمًا سمَّاه «الغيث الهمي» استقصى فيه حياة جده المذكور، وقد أطلعني على «مختصره» وقدمتُ له. وذاك جهد آخر لسبطه د. حسين الحبشي في نشر بعض مؤلفاته وترجمته أيضًا. وأكتفي هنا بالإحالة على ترجمتي الواسعة للسيد محسن بونمي في الجزء الثاني من كتابي «جهود فقهاء حضرموت» (2/ 1217).

الفقرة الثامنة والعشرون

اشتملت على مساوئ وتُهم، في إشارةٍ إلى تعليقة في (ص 174) بادِّعاء أنني كتبتُ حكمًا منافيًا للشرع! وأقول: أولًا: التعليقة ليست تاريخية، فهي لا تخصني. وثانيًا: إن الذي قرر المسألة هو العلامة السقاف نفسه، قال في «إدام القوت» ص 174: «وقد قرّرتُ في «الأصل» ما ذكره ابن قاسم العبّادي من حرمة التوابيت. وأما القبابُ فإن كانت في مسبّلةً فحرام، وإلّا فلا، بشرطه»، اهـ. فكلامه واضح، والتعليقة تحصيل حاصل. ولكن المقال يخشى أن ينتقد العلامة السقاف فذهب يتترَّسُ بالتعليقة، فلماذا لا ينتقد المقال نصَّ الكتاب ومؤلفَه مباشرة؟

الفقرة التاسعة والعشرون

وهي فقرة طويلة جدًا، لا نجد فيها ملاحظة تاريخية واحدة، ولا استدراكًا علميًا ذا بال، كلها استنكار: لماذا كتب باذيب، ولماذا لم يكتب، وعلى هذا فقِسْ. وأشار إلى تعليقة في (ص 196) مستنكراً عليّ ذكر آل باشكيل دون سواهم. فأقول: أولًا: المؤلف في مادة (الشحر) هو من قال: «وخرج من الشحر جماعةٌ من العلماء الفضلاء، كآل أبي شكيل»، إلخ. ولم يذكر أحدًا منهم على عادته في كتابه، فعلقتُ بذكر بعض أعلامهم، فسخرية المقالِ من تعليقتي بأنها استعراضٌ، فيها شخصنةٌ غير لائقة، بل وليست في محلها، فهي حشو خالص. ثانيًا: رماني المقال بعدم فهم أسلوب السقاف، وهذا اتهامٌ باطل؛ بل إنني فهمت أسلوبه تماماً، وما كتبتُ تعليقاتي إلا بعد أن عشتُ مع كتاب «الإدام» مخطوطًا ومطبوعًا ما لا يقل عن تسع سنوات، منذ بداية جمعي لما نشر في «مجلة العرب» إلى حين فرغتُ من التعليقات، تسع سنوات ألا تكفي في معايشة النص وفهم أسلوب كاتبه!

الفقرة الثلاثون

وهي متصلة بالفقرة السابقة، وفيها، سوى التهكم، ادعاءُ أن تعليقتي فيها إلزامٌ للعلامة السقاف. ولا أدري عن أي إلزام يتحدث المقال؟ ومنذ متى توصف التعليقات على الكتب بأنها إلزاماتٌ للمؤلفين؟ في أي منهج ورد هذا الفهم وهذا الاصطلاح الغريب؟ أما سؤال المقال: لماذا لم أذكر بني حاتم وبني السبتي؟ فجوابه: بل ذكرتهم في تعليقاتي، وها هي بين يدي القراء، نقلا عن صفحة 165 من (التصحيح التاسع)، ولكن دار المنهاج حذفت التعليقين 4 و5:

الفقرة الحادية والثلاثون

في هذه الفقرة أورد المقال متبرعًا إحصائية لأكثر من 210 من تعليقاتي على مادة الشحر، وادَّعى أنني تطفلت بها على الكتاب، لأن أكثرها في تراجم السادة العلويين، وأن بإمكاني إفرادهم في كتاب. فأقول: هل الوصف بالتطفل (للمرة الثالثة) من أدبيات النقد؟ وهل يندرج في الملاحظات التاريخية والاستدراكات العلمية! ولم يخف المقال تضايقه من ترجمتي لأعلام من السادة الأفاضل؛ وهذا أمرٌ يوجب التعجب الشديد ويدلنا على مقدار الشخصنة والكراهية التي يستبطنُها المقال، فلماذا لا يثور على الكتابِ نفسه وعلى مؤلفه! هذا «الإدام» المشحون بذكر المئات من عشيرة المؤلف من السادة بني علوي، أطنب في أخبارهم، وتراجمهم، وأوصافهم، ومكارم أخلاقهم التي شرَّقَتْ وغرَّبت وملأت الخافقين. ثم قد سبق لي قولي: إن تعليقاتي شملت كافة شرائح المجتمع الحضرمي، وليست خاصة بفئة كما يدَّعَى علي. فلماذا الظلم والتجنّي؟ أما المؤلفات في تراجم بني علوي فهي كثيرة، لا أريد أن أطيل بذكرها هنا، وهم مستغنون بما كتب أكابرهم عن كتابتي.

الفقرة الثانية والثلاثون

في هذه الفقرة استنكر عليّ المقال ترجمتي للسيد علوي الجنيدي (ص 211) وتفريقي بين نسبتي: الجنيد، والجنيدي. فقط استنكار، ليس فيه ملاحظة تاريخية ولا استدراك علمي. نعم، لا شيء سوى التحكُّم المقرون بجهل بأصول علم التحقيق. وأقول: إن تعليقتي من باب «مشتبه النسبة» كلقب باصرة، الذي تقدمَ في (الفقرة الحادية والعشرين). والمقال يريد أن يكون حجر عثرة ليحول بيني وبين تصحيح وهم وقع فيه العلامة السقاف، في جعله السيد علوي من آل الجنيد، والصوابُ: إنه من آل الجنيديّ. وفرق بينهما، كما فصلتُ في التعليقة. وأما ثناء المقال الظاهر، في سياق التهكم، على معرفتي بالأنساب، فهذا من فضل الله وكرمه وعطائه، وقديماً قال السري الرفَّاء الكنديّ الموصلي (ت 366هـ):

وشمائلٌ شهد العدوّ بفضلِها                  وَالْفضلُ مَا شهِدت بِهِ الْأَعْدَاءُ

الفقرة الثالثة والثلاثون

في هذه الفقرة كلام طويل لا طائل تحته، جرت فيه الإشارة إلى تعليقتي (ص 903) حول «رحلة المغربي إلى تريم». وفيه جملة من المساوئ من مغالطات، وإلزام بما لا يلزم، وكذبٌ. أما الغلط: ففي افتراض المقال أني أقول بصحة الرحلة. وهذا غلطٌ، لأنني قلتُ بالحرف الواحد كما نقله هو عني: «وجرى كلام حول صحة ومصداقية هذه الرحلة». فلماذا المزايدة؟ وأما التناقض: ففي قوله: «ومن الأدلة على أن هذه الرحلة موضوعة ما ذكره باذيب نفسُه»، إلخ. فهذا الدليلُ لي وليس عليّ. وأما المغالطة: ففي إلزامي رأي بأفضل أو كلامه، وأقول: ليس في إيرادي قول الشيخ بافضل جزمٌ بصحَّة «الرحلة» ولا أرى أنها حقيقية، بل حتى عبارته لا تدل على الجزم بذلك، وما ذكرتهُ إلا من باب إثراء التعليق، ليُعلمَ أنّ هناك رأيَيْن. وأما الكذب: ففي ابتكار عبارة نسبها إليَّ لم أقلها ولم أكتبها ولا توجد في تعليقتي البتة، وهي قوله: «ونقول له: يا باذيب، إن هذه الرحلة التي تطنطن وتدندن لتثبت وقوعها، إنها ما احتاجت لتأييد أهل الباطن لها إلا لأن أهل الظاهر أنكروها. ثم نسأله أيضا: من هم أهل الباطن». أين ورد في كلامي ذكر (الباطن) أو (الظاهر)؟ عبارتي بين أيديكم، نقلها المقال بحروفها، ولكنّه حشفٌ وسوءُ كَيلة.

الفقرة الرابعة والثلاثون

فيها تشنيع على تعليقة (ص 926) عن مدرسة الحق ومدرسة الكاف وخريجيها. وليس فيما كتبته خطأ، بل أنا نقلتُ تحول مدرسة الحق إلى مدرسة الكاف عن كتاب «أدوار التاريخ الحضرمي» للعلامة الشاطري، (ص 423). وهل يليق عدم إيراد موضع الخطأ ومحل النزاع! إن من صوَّب لي أخطائي وأوقفَني عليها له مني كلُّ الاحترام، مع الاحتفاظ بحقي في المناقشة، أما رميُ التهم جزافًا، فليس من أخلاق أهل العلم، ولا من آداب النقد. وهذا بيانٌ للمستفيد: الموضع الأول: قال السقاف ص 926: «وفتحت في الأخير مدرسة على نفقة خيرات المرحوم شيخ بن عبدالرحمن الكاف (3)، إلا أنهم لم يبنوا لها منها مكانًا. وقد تخرج منها جماعة (4)، أنجبهم: الشيخ سالم سعيد بكير، وامبارك عمر باحريش…»، انتهى. وأزيد القول إيضاحاً: بأن تعليقتي كانت طويلة، فهذبها الناشر فيما هذب. فليسمح لي القراء بإيراد نصّ ما كتبته، ففيه تفصيل يبعد كلَّ شائبة وهَمٍ:

الفقرة الخامسة والثلاثون

في هذه الفقرة خطأ المقال ما ورد في تعليقتي (ص 993) في تعريف (الجرب) الموضع المعروف. وقد جبُنَ المقال عن تخطئة المؤرّخَين العيدروس وبافقيه، فتترس كالعادة بباذيب. واشتملت الفقرة على تطاولٍ مَقيت، ولم يترك المقال لفظاً من ألفاظ الاستخفاف والتعالي إلا وأتى بها. فتارة يسخر بعقل باذيب، وتارة يتعجب من قفزات باذيب، وتارة يتهكم بجهل باذيب، منتهياً إلى تلاعب باذيب. لماذا كل هذه الحفلة؟ كل هذا لأني نقلتُ تصويب ضبطِ هذا الموضع من مصادر تراثية قديمة. أقدمها كتاب «النور السافر» للعيدروس المتوفى سنة 1038هـ، وهو أقرب المؤرخين زمناً بتلك الواقعة التي جرت سنة 958هـ.

هذه نصوص المؤرخين التي رجعت إليها: [1] قال العيدروس في «النور السافر» (ص 335): «وفيها: كانت وقعة الجرب، بجيم وموحدة بينهما راء ساكنة»، اهـ.  [2] وقال المؤرخ بافقيه في «تاريخ الشحر» (ص 298).: «وفيها كانت مقتلة الجرْب، بجيم وموحّدة بينهما راء ساكنة، وهي مشهورةٌ عند أهل حضرموت». [3] بل إن الأستاذ محمد بن هاشم (ت 1380هـ) في «تاريخ الدولة الكثيرية» (ص 52) نقل كلام العيدروس ولم يتعقّبه، وهو ابنُ تريم، وشيخُ مؤرِّخيها. هؤلاء ثلاثة أعلام ضبطوا الجرب كما ضبطته في تعليقتي، لماذا لا يخطئهم المقال، ألا يجرؤ أن يضع الأمور في نصابها؟ أم أن تعود التطاول والتعالي يصعّب النطق بكلمة الحق! هل أنا إلا ناقلٌ عن المصادر! ثم زعم المقال أنني انتقلت بالقارئ إلى تعريف الجرْب؟ وما قلتُ سوى: «والجربُ معروفٌ عندهم»، ومعنى كلامي: أن الجرب معروفٌ ضبْطُه بالفتح والسكون. فهل في كلامي أي تعريف للجَرْب؟

الفقرة السادسة والثلاثون

في هذه الفقرة سخر المقال من تعليقتي في (ص 970) حين فرقتُ بين الفجير التي ذكرها المؤلف في هذا الموضع، وبين الفجير الأخرى التي تقدمت في (سيون). ولم أكن أعلم أن السفاهة تعدُّ نقدًا وملاحظَاتٍ تاريخية إلا بعد قراءتي هذا المقال. وللمرة الثالثة يسخر المقال من علم مشتبه النسبة. ما هو الخطأ والعيبُ في قولي: إن (الفُجَير) موضعان في حضرموت!؟ هل اقتفائي أثر الأعلام من المحدِّثين والمؤرّخين والبلدانيين في التفريق بين مشتبه النسبة مثيرٌ للسخْرية إلى هذا الحد!

الفقرة السابعة والثلاثون

فيها تشنيعٌ وسخرية بتعليقتي (ص 970) أيضاً، بالادعاء أنني عرفت (حصن دكين) بأنه (بير الدكين)، ولم أقل ذلك، وإنما عزوت إلى مصدر بين يدي لرجل عالم من أهل تلك الناحية، وصفها رأي عين ولم يذكر الحصن وذكر البير، فأوردتُ كلامه من باب الإثراء، وكان ينبغي أن تصدر التعليقة بعبارة: «وهناك أيضاً بئر …»، الخ.. وللعلم ومزيد البيان: فإنني نشرتُ في سنة 1419هـ/ 1998م رسالةَ «بغية من تمنى في توضيح بعض معالم تريم الغنَّاء»، للقاضي السيد عمر المشهور (1339-1425هـ)، ولما وصلت في تعليقاتي إلى هذا الموضع من «الإدام» لم يكن أمامي من المصادر والمراجع للتوثيق إلا تلك الرسالة، فنقلت عنها ما نقلتُ. وهذا نص «بغية من تمنى» (ص 6): «كذلك (مسجد بروم) الواقع في البير المسماة (بير السَّوم) قرب بير(الدّكَين) المعروفة، والمعمورة بالزراعة والنخيل، وقد كانت مشحونةً بالسكان كما بلغنا، إلا أن آثاره طمست ولا تعرف الآن. كذلك (مسجد النور) بالغويطة»، اهـ. نقلتُه لإثراء التعليق، وليس للاستدراك على العلامة السقاف، وقد تضيق أو تقصر العبارة عن الشرح والتفصيل، فاكتفيتُ بنظر القارئ الحصيف ليقارن ويفحصَ بنفسه، فما التعليقاتُ إلا لإثراء البحث والمناقشة. وإذا كنت أخطأتُ، وكلنا خطَّاءٌ، فأين الرد المهذب؟ وأين أخلاق العلم؟

الفقرة الثامنة والثلاثون

لا يزال الكلام مستمراً عن التعليقة السابقة. وتجاوز المقال تجهيلي إلى تجهيل السيد القاضي المشهور والحط من قدره، وكأن المقال لا يجيد إلا هذا الأسلوب، وكتاب القاضي المشهور أنا الذي طبعتُه وصححته بين يديه تحت إشرافه، فلم أتفلسف ولم أزعم شيئاً، كل الذي فعلته هو أني نقلتُ رسم الكلمة كما وردت في كتابه. وهذه صورة الصفحة التي فيها ذكر (الغويطة) (ص 6):

وكنتُ قد طبعت الكتاب سنة 1419هـ، وسلمته للمؤلف، ومكثت في تريم أتردد عليه إلى أن غادرتها سنة 1421هـ، ولم أتسلم منه تصويبات، وظل الكتاب على هيئته. فسواءً كان الغلطُ مني أو من شيخنا القاضي فمن ذا الذي ما ساء قط؟ وقد قال أبو الطيب:

ومن ذا الذي ترضي سجاياهُ كلُّها           كفَى المرْءَ نُبلاً أن تعد معايبُهْ

خاتمة المطاف

خُتم المقال، مجدداً، بالتأسف والتألم من التعليقات التي أقضت المضجع، وأرقت الجفن، وبتمني أنها لم تكن نشرت مع الكتاب، وهذا كلام لا يرد على مثله، لأنه صدر عن تصور أبدته عين السخط، وإنني بدوري آسفُ لرؤية تلك الملاحظات العاطلة الخالية من أي قيمة علمية أو تاريخية.

نتائج وإحصائياتٌ

1- المقال ليس مقال نقد وملاحظات تاريخية ولا استدراكات علمية، سوى في موضعين: الأول ملاحظة هو مخطئ فيها (وفاة مزاحم باجابر) وقد بينت غلطه فيها. والثاني تصويب الغويضة بدلًا من الغويطة وكون البئر غير الحصن. فنتيجة المقال كلها: في كلمة وحرف (بئر، وطاء)! وغير ذلك كلام إنشائي وتحامل ونبز وسخرية وافتراءات، فندتها كلها وليس فيها عليّ أدنى ممسَك بفضل الله.

2- المقال يصنف بامتياز ضمن مقالات العنف والإرهاب الفكري، فقد تنوعت فيه عبارات ليست من أدب النقد في شيء، منها عبارات سخرية وتعال وتطاول وازدراء واحتقار للآخرين وتقزيم جهود نافعة مضنية، عرضت في سياقات بعيدة كل البعد عن النقد النزيه والحوار الهادف. من ذلك:

[أ] التحجج بمخالفة الثقافة أو المذهب: (1) بدءًا من عنوان المقال الذي يحمل عبارة «من بلدان حضرموت إلى صوفية حضرموت» هذا العنوان الذي يتجه بذهن القارئ مباشرة إلى اتهام التعليقات التي في «إدام القوت» بأنها ذات طابع صوفي. وذلك لغرض تشويهها، والافتراء بأنها قد انحرفت بالكتاب من صبغته الجغرافية والقومية إلى صبغة مذهبية وعنصرية، وإبرازه في العنوان قد يتضمن تحريضًا ضد المعلق نفسه والتسور على نوايا الباحثين وتصيد العثرات وتضخيمها. (2) في وصف بعض التعليقات بأنها ذات طابع صوفي أسطوري خرافي. لمجرد أنه ورد في تعليقة في الكتاب (ص 67) بيت شعر لشخصية تاريخية عاشت في القرن السابع الهجري. ومع أن التصوف علم إسلامي معروف، يتعلق بالسلوك العملي، وله مصطلحاته، ومنه أنواع فلسفية. إلا أن التعليقة خلتْ من أي توجيه فكْري يصبُّ في هذه ناحية من هذه النواحي المعرفية. والتعليقة ببليوغرافية بحتة، تقوم على وصْف شخصية المترجَم وأعماله العلمية والتراثية، لا أكثر.

[ب] نشر عبارات التهويل والسخرية والازدراء المتكررة، منها: وقد أحصيت في الجداول التي نشرتها في المقال الأصلي[18]: (1) سبعةً وثلاثين عبارةً ساخرة تناولتْني شخصيًّا أو تعليقاتي. (2) ستَّ عبارات تعرَّض فيها المقال للعلامة السقاف وسخِر منه أو تهكَّم به. (3) تسعةَ مواضع سخِر فيها المقال من مؤلفين محترمين ومن مؤلفاتهم كالأستاذ المقحفي و(الموسوعة اليمنية) الصادرة عن مؤسسة العفيف، ومن كتاب (ما جاد به الزمان) للشيخ العليمي رحمه الله، كما سخر من بعض العلوم والفنون الإسلامية ومن عموم المثقفين الحضارمة. (4) واحدًا وثلاثينَ موضعًا فيها كذِب صريحٌ وافتراء واضحٌ عليّ. (5) أربعةَ مواضع تترَّس فيها المقال بتخطئتي متحاشيًا توجيه النقد إلى المصادر الأصلية.

هذا ما يسر الله كتابته وعرضه في هذه الصفحات، وأستغفر الله وأتوب إليه من الخطأ والزلل، وأسأله لي ولمن قرأ وكتب واعترض وناقشَ العفو والعافيةَ والموتَ على الإسلام والإيمان الكامل، وأن يوفقنا لخدمة ديننا وتراث أسلافنا الخدمة المرضية، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

حرر ليلة الجمعة 24 صفر 1443هـ = 1 أكتوبر 2021م


[14] باعيسى، تضارب المداخل والاتجاهات، مجلة حضرموت الثقافية، العدد 20: ص 79.

[15] توفي مؤلفه الشيخ الفاضل عبد الله العليمي باوزير عام 1442هـ، وقبل موته بنحو شهر أرسل لي، من الرياض، هديةً مجموعة من مؤلفاته التي طبعت حديثًا، ومنها «ما جاد به الزمان» الطبعة الثانية في مجلد فاخر.

[16]  إمام، إمام عبد الفتاح، مدخل إلى الميتافيزيقيا، (القاهرة: نهضة مصر، 2005م): ص 17-18.

[17] عمر، أحمد مختار، معجم اللغة العربية المعاصرة، (القاهرة: عالم الكتب، 1429هـ/ 1008م): 3/ 2142؛ سعيد، جلال الدين، معجم المصطلحات والشواهد الفلسفية، (تونس: دار الجنوب للنشر، 2004م): ص 460.

[18] يجده القراء الكرام في قناتي على التلقرام.