هذا المساء

د. بدر العرابي

سأكون حضرميًا بإتقان

وسأبوح للبحر بكل قصص العشق والإنسانية والحضارة العالقة في جبين التاريخ كشامة خلقية، وسأمنحه

قلبي؛ كي تنتظم أمواجه وتمتد بسحر ورهافة حس.

هذا المساء سأكون حضرميًا بامتياز

وأبوح للشجر عما ينوي الحطَّاب، الذي

يتوسَّد الآن فأسه بانتظار الصباح.

هذا المساء سأكون حضرميًا بكثافة..

سأحدث الرصيف

عن اجتماع طارئ الآن، تعقده أكياس البلاستيك النافقة، وكيف تخطط الآن لدس أظافرها في قلب المدينة المكثفة بالحب والصفاء.

هذا المساء سأكون حضرميًا بشكل حصري، وسأحدث الأطفال كيف يرتدون البراءة؟ والصدق، وكيف يقفون، بشموخ، أمام الرياح، حين تهب محملة بوجع الإنسان؛ كي لا تغرسه في صدورهم خلسةً، وهم يلهون في الشارع

وكيف يغدو الطفل

راشدًا في جسده الصغير؟

هذا المساء سأكون حضرميًا بسخاء….

وسأردم ثغور البكاء المنبثقة في وجوه الحزانى، لأوقف تسرب الملح المقوِّض لانفراج الشفاة، واندياح

الغمام البيضاء منها، لتبل اليباس الذي يحيط الجفون بإحكام.

هذا المساء سأكون حضرميًا بوجع؛

كي أتعلم الصمت،

حين تجتاح الثرثرة

حناجر الوقت، وتضج بمسامع المكان.

هذا المساء سأكون حضرميًا حد الرزانة ….

سأجيد الحب بإتقان

وقبل ذلك، عليَّ أن أكنس نتوءات تخلفها اللحظة المحملة بالغبار في عتبات الشارع المطل على أرائك الحب، وأغرس وردة على كل نافذة، ثم أشيد جسرًا يتدحرج من خلاله النسيم؛ ليداعب العطر ويوزعه على الشبابيك المطلَّة على الخور.

هذا المساء سأكون حضرميًا بثقة

وقبل أن أنام سأجز نتوءات تشخص على وسادتي كل مساء

وألتمس منها أن تحاول الهدوء، ولا تنتفخ كبالون كعادتها، حتى لا يترهل الحلم

ويتلاشى قبل قدوم الفجر.