علي سالم الشرفي
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 23 .. ص 109
رابط العدد 23 : اضغط هنا
لو كنتُ طبيبًا لكنتُ سفّاحًا.. تحتَ الجلدِ البشريِّ أكثرُ من مجرَّدِ لحم!!.. عيونُ شياطين!!
لو كنتُ لاعبًا لكنتُ لاعِبَ نرد.. إذن لحاولتُ وحاولتُ رميَ وطني مرارًا ومرارًا!!.. لعلَّهُ يستقِرُّ على وجهٍ سعيد!!
لو كنتُ كلمةً لكنتُ (أحبُّك).. في العالم ما يكفي من ضجيجِ كلمةِ حرب!!
لو كنتُ شفيعًا لكنتُ مِقَصًّا .. لأخصِمَ من جسدِ المسافاتِ مِقدارًا كبيرًا من البُعْد!!
لو كنتُ ساعيَ بريدٍ لكنتُ رياحا.. أريدُ إيصالَ الرسائلِ المخبوءة، والآهاتِ المحصودةِ في حقولِ الليل، إلى مُثيري الشَّغَبِ في القلوب!!
لو كنتُ جحيمًا لكنتُ (لنفترق)!!.. ماذا بقِيَ بعدَها من أناشيدِ النار؟!
لو كنتُ أَرَقا لكنتُ وجودًا.. ناجٍ بلا كُلفة!! محظوظٌ من لم يسمح له الإلهُ بالخروجِ من شرنقةِ العَدَم!!
لو كنتُ سِجنا لكنتُ إيمانا.. الخَرَسُ الأعمى يمضَغُ لسانَ الأسئلةِ القَلِقَة، والصوتُ الأوحَدُ مكرورٌ في عُلبَةٍ لا تُمَس!!
لو كنتُ حريةً لكنتُ شكًّا.. قد شاخت الأجوبة، والقلبُ يدنو، والأسئلةُ يافِعَةٌ مبتَسِمة!!
لو كنتُ قاتِلًا لكنتُ جَشَعًا.. رغيفُ البُسَطاءِ مُتَّهَمٌ في لونِهِ الذَّهَبي…. الصلاةُ على روحِ الرغيف!!
لو كنتُ منتحِرًا لكنتُ فكرة!! .. الرصاصةُ في الرأس عبقرية!!
لو كنتُ وطنا لكنتُ وِسادة.. هَهُنا الجميعُ يرضَعُ أُصبُعَه.. ههُنا الشَّرُّ ينام، والسِّلاحُ والحربُ والبُكاء!!
لو كنتُ مرسًى لكنتُ حُضنَ أمِّي.. مهما نُفينا في ألفِ بُعد، وحُصِدنا في ألفِ درب، ونُثِرنا في ألفِ ريح، تُعِيدُنا بُوصَلَةُ الحليب!!
لو كنتُ حِصنًا لكنتُ حِذائَي أبي.. لا الفزعُ ولا اللصوصُ يتسلَّلونَ إلينا ما دامت الفردتانِ مُتلاصقتينِ في نِهايةِ المَمَر!!
لو كنتُ موسيقا لكنتُ جَرَسًا.. على بابِ حبيبةٍ ملهوفةٍ مُنتظِرة… يقرَعُهُ العاشِقُ المُنتَظَر!!