حديث البداية
د. عبدالقادر باعيسى - رئيس التحرير
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 24 – 25 .. ص 4
رابط العدد 24 – 25 : اضغط هنا
عندما يقام معرض للكتاب في القاهرة أو الرياض أو الشارقة أو في غيرها من البلدان وتستمر دورته السنوية دون انقطاع يتحول إلى تجربة ثقافية مرتبطة بمكان معين وزمان معين لها خصوصيتها وعوامل تفعيلها المتمثلة -فضلاً عن الإعداد الجيد والحديث للمعرض- في إقامة الندوات، وتنشيط الحوارات، وإجراء اللقاءات، واستضافة الشخصيات المتميزة أدبيًا وثقافيًا، وازدياد عدد الزوار من الجنسين ومن أعمار مختلفة.
وكل واحدة من مجريات هذه التجربة الثقافية تشير إلى انتقال أرقى في العام القادم يرصد اتجاهاته القائمون على المعرض، سواء من حيث توسيع مساحته المكانية، وازدياد دور العرض فيه، وتنوعها، ونوعيتها، والارتقاء بمستوى النشاطات الثقافية والحوارية فيه، وذلك ما لمسناه في معرض الرياض الدولي للكتاب لهذا العام 2022م الذي أشار الزملاء إلى اختلافه النوعي عن المعارض السابقة.
وقد أتيحت لي فرصة زيارة المعرض بمعية الأستاذ محمد سالم بن علي جابر والأستاذ الدكتور عبدالله سعيد الجعيدي، وصادف في الأيام الأولى التي سبقت افتتاحه أن حضرنا ندوة عن النشر الالكتروني والصوتي للكتاب أسهم فيها ناشرون وخبراء من بلدان عربية وأجنبية رأينا من خلالها أن بعض البلدان الأجنبية والعربية قطعت شوطًا في هذا المجال تماشيًا مع تطلعاتها الثقافية والحضارية المعاصرة، فضلاً عن التسويقية، إلى درجة تشعر معها بالمفارقة التاريخية بين ما يجري في بلادنا وما يجري في بعض البلدان العربية المجاورة من غير أن نذهب بعيدا إلى بلدان العالم الأكثر تطورًا.
وبهذا كان حضورنا يقدم دليلاً متواضعا إن لم نقل معدومًا عن آليات نشر الكتاب الالكتروني والصوتي، وفاعلية تسويقه، وتنميط نماذج قرائه، ورسم آفاقه المستقبلية، وإن كنا حاضرين من خلال إصدارات دار الوفاق ومركز حضرموت للدراسات التاريخية والتوثيق والنشر ورقيًا طبعًا من غير أن يعدمنا هذا النظر إلى الإرهاصات المستقبلية لصناعة الكتاب ونشره بالطرائق الحديثة، فقد عرفنا من بعض ندوات المعرض ما يتوازى مع ما يمكن معرفته من مضامين بعض الكتب المعروضة فيه، ذلك لأننا كنا حريصين على تفهم هذه التجارب الجديدة التي يتحدث عنها الآخرون أمرًا واقعًا ويعملون على تطويرها، فالكتاب لا يجدد نفسه بمضامينه حسب، بل بكيفية التعامل التقني الجديد معه، وتقديمه بشكل مختلف تماشيًا مع التطور الالكتروني الحادث الذي يأخذ حيزا كبيرا من اهتمام التنظيرات الثقافية والتسويقية المعاصرة مما لم يكن يلتفت إليه من قبل.