أ.د محمد عبدالقادر محمد العيدروس
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 24 – 25 .. ص 92
رابط العدد 24 – 25 : اضغط هنا
المقدمة :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
فإن حضرموت تمر بمرحلة عصيبة، تفقد فيها توازنها كما تفقد الرؤية والمشروع النهضوي الجامع، وتذهب إلى التشرذم واحتدام الصراع الداخلي السياسي والاجتماعي، وإلى استيراد جملة من المشارع الفكرية الغريبة عنها في الرؤية وفي الانتماء، مما يزيدها تبعية ويفقدها توازنها وطمأنينتها، والغريب أن تلك المشاريع في غالبها كانت عبئًا على مجتمعاتها، ولم تقدم لها غير السمعة السيئة، والتشويه للدين الإسلامي الحنيف في واقعها وفي واقع الأمة والعالم.
ما أحوجها في هذه المرحلة إلى العودة إلى الذات، وإلى التاريخ والإنجاز الفكري والثقافي، الذي قدمها للعالم أجمع بهذا التميز والسمعة الجيدة؛ لتعكف على دراسته، وتستخرج منه قواعد النهضة والتنمية، وتقارن بينه وما هي عليه اليوم، وأرى أن الانكفاء على الذات ودراسة كل ما يتعلق بها هي الخطوة الأولى للنجاح؛ لأنه بها ستكشف عناصر القوة والضعف، وتقارن ماهي عليه في التاريخ، وما هي عليه في الواقع، وماهي قواعد نهضتها التي فقدتها في واقعها.
والندوة المقامة من أجل دراسة منظومات الضبط الاجتماعي في حضرموت هي خطوة في الطريق الصحيح؛ لتعرف حضرموت نفسها عن قرب في عصر نهضتها، وهذه الورقات هي جزء من تلك الدراسة، تحدثت عن جمعية الحق وأثرها في التوازن الاجتماعي، وقد جاءت في ثلاثة مباحث قبلها تمهيد وبعدها خاتمة.
تحدث التمهيد عن تأسيس الجمعية وأهدافها ورؤيتها، وتحدث المبحث الأول عن حرص الجمعية على السلم الاجتماعي والتعايش السليم للمجتمع، وتحدث المبحث الثاني عن تأسيس المجالس وسن القوانين واللوائح، أما المبحث الثالث فكان الحديث فيه عن الصحة والتعليم، وأثر الجمعية فيه، وختمت الورقات بجملة من النتائج.
وإذا لأحد الفضل في إنجاز هذا البحث فهو لأخي الباحث علي أنيس الكاف، فقد وضع جملة من الوثائق والأبحاث أمام نظري، وكانت عنصرًا رئيسًا في مفردات البحث، وكذلك أخي الأستاذ الدكتور محمد يسلم عبد النور، الذي ألح علي في كتابة هذه الأوراق.
وفي الأخير فإني أحمد الله على هذا الإنجاز، وأرجو أن ينال رضى الله سبحانه وتعالى ورضى القراء، وفي انتظار الملاحظات التي تقوم اعوجاجه، وتكمل نقصه، من كل غيور على حضرموت وتاريخها.
وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.
تمهيد:
تأسيس الجمعية :
تعد جمعية الحق من أكبر الجمعيات التي تأسست في حضرموت([1])، وربما هي الأولى التي تحمل فكرًا جامعًا إصلاحيًا، ولها رؤية عميقة واضحة، تفوق ما عليه مؤسسات المجتمع المدني اليوم؛ إذْ يغلب عليها ضعف الرؤية والتبعية المطلقة لسير الدولة، أو المصادمة التامة لما عليه سياسة الدولة، ولذلك لم تقدم هذه المؤسسات في واقعنا ما يحافظ على توازن المجتمع ونهضته شيئا كثيرًا.
تأسست الجمعية عام 1333هـ الموافق 1916م وقيل 1915م([2])، وكانت حضرموت تعيش وضعًا غير مستقر نتيجة اختلاف الدول التي تسيطر عليها بين الساحل والوادي، فالدولة القعيطية كانت هي الدولة الأقوى آنذاك، وتسيطر على الساحل الحضرمي، وتمتد إلى كثير من مناطق الوادي، في حين أنَّ الدولة الكثيرية وهي أضعف من القعيطية كانتْ تسيطر على بعض من مناطق الوادي، وكان الصراع بين الدولتين لا ينتهي([3])، إلى جانب ما بداخلهما من صراعات ونزاعات قبلية، وبين أفخاذ الأسر الحاكمة، “كالخلاف بين السلطان عمر بن عوض القعيطي وابن اخيه السلطان صالح بن غالب، أو كالنزاع بين آل منصور وآل محسن في دولة أل عبد الله الكثيرية”([4]).
هذا الوضع غير المستقر يعود سوؤه على المجتمع في تنميته وفي أمنه وفي استقراره وفي العلاقة بين طبقاته، ويؤدي إلى مزيد من التفكك والانهيار، مالم يتداركه العقلاء من المجتمع فيقدموا له ما يعينه على التماسك والتوازن، وينتجوا منه مشروعًا نهضويًا، يتحرك فيه كل الطبقات الاجتماعية بحسب إمكاناتها، ويجدون في ذلك المشروع مصلحتهم الخاصة والعامة، فيسير المجتمع حينئذ نحو النهضة، ويتناسى صراعاته الداخلية، التي تسيء له ولنهضته، ولا تزيده إلا غرقًا وانجرارًا نحو التخلف والبعد عن النهضة والتوازن.
وبغية هذا الأمر تحرك جملة من العقلاء في تريم؛ ليعيدوا للمجتمع رؤيته وتوازنه، وينتجوا منه مشروعًا نهضويًا، ويرفعوا عنه ما وصل إليه من الإحباط والصراع والظلم السلطوي والطبقي، هؤلاء العقلاء هم:
وكانت تريم هي مقر هذه الفكرة (الجمعية) ومركزها، وليس غريبًا أن تحوي هذه المدينة مثل هذه الأفكار؛ فهي عمق حضرموت الفكري والثقافي والديني، وهي المحافظة على الهوية الحضرمية، والمعبرة عنها في المحافل في الداخل والخارج، ولها امتداد وأثر إلى يومنا في الجزيرة وفي شرق آسيا وأفريقيا وفي غيرها من البلدان الإسلامية.
الأهداف :
وضعت الجمعية منذ تأسيها أهدافًا لنشاطها، سمته القانون العام لجمعية الحق، واستشهدت عقب عنوانه بقوله تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]، وبقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا } [آل عمران: 103]، وفي الاستشهاد كشف لرؤية الجمعية أمام المجتمع بأجمعه أفرادًا وطبقات وسلطة، نقدها لكل الباطل الحاضر في المجتمع، وحثها على المبادرة الفاعلة لضرورة تغييره، والمحافظة على وحدة المجتمع وتماسكه، وإبعاده من التفرقة والتقسيم الذي يخل بهدف التنمية والمشروع الجامع.
وقد جاءت المادة الأولى من قانونها كالآتي: “القصد من إقامة هذه الجمعية تربية العقول، وتنبيه الشعور، وتنوير الأفكار، وتعميم مكارم الأخلاق، والتحلي بمحاسن الخلال، والتخلي عن الرذائل، وتلافي ما يقع بين الأسر من النزاعات والخلافات، وحماية الضعفاء وتعضيد المحقين ضد المبطلين، وإقامة المشروعات النافعة، وغير ذلك من المساعي الحميدة مما يعود بالنفع الخاص والعام”.
والمادة الثانية: “تقبل الجمعية كل فرد ذكر بالغ مما تنطبق عليه أحكام المادتين الثالثة والرابعة، يحب الانخراط في سلكها بعد تحليفه يمين الإخلاص”.
والمادة الثالثة: “يشترط في قبول الأعضاء أن يكونوا ملازمين لآداب العشرة والإخاء، محافظين على القيام بكل ما يزرع المحبة في قلوبهم، ويقوي روابط الألفة بينهم، مجانبين لضد ذلك، مجتهدين في نشر الفضائل بحسب الإمكان، ويجب عليهم أن يتحروا في مذاكراتهم وخطاباتهم كل خطاب يحرك دواعي الإحساس والشعور؛ لتنبيه الأفكار التي تحيي الأمة أمام كل ما يميت الحواس، ويحرج المواطن، ويوغر الصدور، ويؤلب الأعداء، ويثير كوامن الضغائن، ويوقظ الفتن ممنوع ممقوت فاعله”.
أما ما تبقى من المواد فهي مواد إدارية تخص الإدارة الداخلية في الانتخاب والتسيير وغيرها.
والأهداف تعبر عن رؤية الجمعية في رفع الظلم، ومناصرة الحق، وإقامة المشاريع التنموية، إلى جانب الاهتمام بالإنسان، وتنميته في عقله وفكره ومشاعره، وكذا الاهتمام بالمجتمع وتنميته، والمحافظة على توازنه، وإبراز المشاريع والأهداف الوطنية الجامعة أمامه؛ ليكون فاعلًا فيها ومشاركًا بكل قدراته وأفكاره وطبقاته في إنجاحها، وإبعاد المجتمع عن الخطاب المحبط، الذي يقدم المجتمع لقمة للأعداء، ويوغر صدور المجتمع على بعضه، ويلغي توازنه وفاعليته، ويبعده عن المشاريع التنموية والوطنية الجامعة، ويبرز إلى سطحه المشاعر الهدامة، التي تزيد من تقسيمه ومن انحرافه باتجاه أعدائه، وتدمير مجتمعه وغياب فكره، وانتمائه إلى وطنه وتدمير هويته.
والأهداف أيضا تبرز شمولية نظرة الجمعية إلى المجتمع بأجمعه بكل طبقاته، وأن الهدف هو تحريك الجميع باتجاه التنوير والتنمية والتوازن، وتتيح لكل فرد من أي طبقة كان أن يشارك الجمعية رؤيتها وفكرها وعملها.
كما إن الأهداف تعبر عن وعي الجمعية باختلاف الأفكار في المجتمع وكذا التوجهات، وهي لا تلغي شيئًا من ذلك، بل تحاول أن تضع قواسم مشتركة بين الجميع، بواسطتها يترفعون عن النظرات الضيقة، والمشاريع الطبقية والطائفية، وبها يرفضون الخطاب المحبط الذي يميت الحواس ويوغر الصدور، فيلتقي الجميع على المصلحة العامة، التي تنبه وتبعث الفكر، وتحيي روح الأمة.
وقد قدمت الجمعية لتحقيق أهدافها كثيرًا من المشاريع التنموية والأفكار التنويرية، وأسست كثيرًا من المجالس، وفتحت المدارس، وحققت بذلك نهضة متوازنة في ظروف لم تكن مواتية، لمسها المجتمع بأجمعه بمختلف أفكاره وانتماءاته، بل حتى السلطة التي كان الشعب ناقمًا عليها أيقنت بأهمية دور الجمعية، بل بضرورتها، وشعرت أنها أعادت توازنها مع المجتمع، دون أن يخسر أحد منهما حقه.
وأبيِّن هنا باختصار جملة من أنشطة الجمعية التي أسهمت في إعادة توازن المجتمع ونهضته.
المبحث الأول: الحرص على السلم الاجتماعي والتعايش السليم:
رأت الجمعية المجتمع يعيش حالة من عدم الطمأنينة والاستقرار، سواء مع بعضه أو مع السلطة الحاكمة آنذاك، فالسلطة غير قادرة على الوفاء باحتياجاتها المالية لجيشها وموظفيها، والصراعات الداخلية والخارجية تستنزف خزانتها الفارغة، ولم يكن أمام السلطة هذه إلا التوجه باتجاه الشعب الفقير، فحضرموت والوادي منها معروفة بضعف مواردها، والشعب في غالبه يعتمد على التحويلات التي تأتي من الهند وأندنوسيا وسنقافورة وغيرها من المناطق، والتجارة والزراعة ضعيفة في المنطقة، والدولة لا بد أن تستمر، ولابد أن تفي بحاجات أفرادها، ولم يكن أمامها إلا فرض مزيد من الضرائب، ومتى لم تف بالمصروفات الرئيسة تترك العنان لعبيدها وجنودها يأخذون ما يحتاجون إليه بأسلوبهم الخاص من الناس. وهذه التصرفات من الدولة تزيد من الاحتقان الشعبي ضدها، وتزيد من تفكك المجتمع في مختلف طبقاته؛ لأن هذه التصرفات تفسد العلاقة مع الدولة، فيذهب كل فرد لاستخراج مصلحته من الدولة دون أن يأبه لغيره ممن لم يستطع ردع ظلم السلطة أو استخراج حقه منها، فتنعكس تلك التصرفات على العلاقات الاجتماعية المتوازنة بين الطبقات، وربما يلاقي هذا التفكك هوى لطبقة أو سلطة، فترى في ازدياده مصلحة لها فيزيد الطين بلة، ويزيد المجتمع بعدًا عن الطمأنينة والتماسك، ويظهر في مجتمع تسوده الفردية وشهواتها كثير من العادات التي يرغب الفرد في إظهارها، ويراها تعبر عن تميُّزه وإبرازه، فيزيد عناء المجتمع أكثر، وتصبح جميع العادات الاجتماعية المتفق عليها اجتماعيًا عرضة للتغيير للأسوأ؛ تنفيذًا لرغبات الفرد وشهواته.
إنَّ مجتمع حضرموت قد وصل آنذاك إلى هذه الحالة، ولعل وضوحها كان أكثر في الوادي وفي تريم بشكل أخص، حتى أن حاشية السلطان تقوم بالتمردات والعودة إلى المجتمع لأخذ ما تحتاج إليه بالقوة. “فقد حصل مثل هذه التمرد والعصيان من حاشية السلطان وجنده في عدَّة فترات زمنية، منها سنة 1300هـ / 1883م؛ حيث نتج عن تمرد الجند وأخذ المؤن من الرعية بالقوة خروج عدد من الأسر من مدينة تريم إلى الضواحي الجنوبية، واستمرت هذه الأزمة أشهرًا”([5])، و”في سنة 1937م اجتمعت الأسر التي لها حواصل من المهجر الحضرمي والأسر التي تمتهن مهنة الزراعة، وقررت الامتناع عن دفع ضريبة الدفاع”([6]).
والجمعية آنذاك ترقب ذلك كلَّه، وتجد أن الوقوف ضد ذلك أمر ضروري وعاجل، وأن التواكل أو النظرات الفردية لا تعين على ذلك، كما إن التريث قد يعدم الوقت الذي لا زال قابلًا للإصلاح، فقدَّمت في ذلك جهودًا مضنية، بل قدمت نموذجًا للمؤسسات الاجتماعية، التي ترغب بإصلاح المجتمع ونهضته.
ونبرز هنا أمثلة لجهدها.
دفع مرتبات الجيش ورفع الضرائب:
وقد رأت جمعية الحق هذا كلَّه مما دفعها إلى التحرك مع السلطان ومع المجتمع لحل هذه المشكلة التي تؤرق الجميع، وتنذر بانهيار المجتمع، والحق أنها قدمت نموذجًا رائعًا للمعارضة الفاعلة، التي تستطيع أن توازن بين إصلاح الدولة من الداخل وإجبارها على رفع الظلم والطغيان عن شعبها، مع الحفاظ عليها قوية قادرة على إدارة البلد، وإلى جانب ذلك سوق المجتمع إلى تنفيذ ما تطلبه منه دولته، وتعليمه كيف يبني مؤسسات يحافظ بها على مصالحه واستخراج حقوقه، إلى جانب دفاعه على دولته والتشارك معها من أجل نهضة الجميع، والخروج من مأزق الفردية التي يعيشها، والتي لم تقدم له شيئًا من ذلك.
استطاعت الجمعية بالتنسيق مع السلطة آنذاك تنظيم خزانة الدولة، والإعانة في إدارتها، وتوفير جزء من الموارد المالية التي تحتاج إليها، فمرتبات الحاشية التي كانت تثقل كاهل خزينة الدولة، أعانتها على الوفاء بها تجارُ المدينة إلى جانب أسرة الكاف؛ فقد تحملت الجزء الأكبر منها.
أما ضريبة الدفاع فقد ألغتها الدولة بعد تفاهمات جمعية الحق معها وإقناعها بإلغائها، وضبطت الجمعية في ذلك إيرادات سدة تريم بعد ضبط إدارتها، وأصبحت تلك الإيرادات كافية ومغنية للدولة من ضريبة الدفاع([7]).
الشائم والشارح:
وهي من التشريعات القبلية التي سارت عليها المجتمعات في حضرموت، والشايم تعني المقدار الذي يأخذه القبيلي من ملاك النخيل وغيرها كرهًا، وغالبًا ما يكون العشر أو نصفه، والشراحة هي الحراسة والسلطة على المال في المنطقة المختصة بالقبيلة، وينتقي الشارح ما يريد من أجود أنواع التمر، وقد يزيد على المعتاد([8])، هذا القانون ينضبط بانضباط الدولة وقوتها، فتمنع ظلم الشائم والشارح، لكنه مع ضعفها وتغليب الأهوية الفردية في المجتمع يزداد ظلم هذه العادة، وقد وصل هذا الظلم إلى أن يصبح هذا الأمر حقًا للقبائل يتوارثونه ويدافعون عنه، وأن يبيع الشارح الأرض التي يشرحها أو يرهنها أو يؤجر ما يشاء منها دون رغبة المالك، ويأخذ الشارح ما يشاء من الغلَّة بحسب أمزجتهم رغم أنف المالك، وقد حاول كثير من المصلحين ردع هذا الظلم ولكن دون جدوى، ومن هؤلاء المصلحين وزير الدولة القعيطية السيد حسين بن حامد المحضار عام 1918م وفي 1938م، وقدَّمت الرعية شكوى إلى والي عدن ومحمياتها من الشايم، فأرسلت الحكومة البريطانية إنذارًا إلى كل القبائل وتوعدتهم بالعقاب([9]).
هذا الظلم ظل يؤرق الملاك والمزارعين في تلك الأراضي؛ إذْ يأخذ الشارح حق الجميع كما يشاء دون رادع، وقد استطاع الزعيم أبو بكر بن شيخ الكاف بجهوده ومن خلفه الدولتان الكثيرية والقعيطية إلى جانب رأي الشرع إلى توقيع معاهدة مع قبائل آل تميم من أجل رفع الشائم، هذه أبرز نصوصها:
“أولًا: نقبل رفع الشائم حيث إنه حرام وعلى غير وجه شرعي.
ثانيًا: أن نسلم لملاك الأراضي أملاكهم ونستخدم عندهم بصفة شراح بموجب المرضاة التي تصير فيما بيننا وبينهم وللمالك الحرية يعزل من شاء في المستقبل.
ثالثًا: أن نصلح ونسدد دعاوينا ومشكلاتنا الداخلية فيما بيننا بأنفسنا، وإذا لم نقدر نرفعها إلى المقدم العبد بن علي للحكم بالعدل والإنصاف.
رابعًا: أن نطيع المقدم المذكور إذا قام بالعدل والإنصاف، وإذا عمل بخلاف ذلك نرفع المسألة إلى سكرتارية لجنة أمان حضرموت.
خامسًا: إننا نتعهد ونلتزم بالقيام على الشروط المذكورة أعلاه، وإذا خالف أحدنا هذه الشروط فعلى كل فخيذة منا أن تقوم على المخالف، وإذا طلبت تلك الفخيذة المساعدة من أختها وجبت عليها مساعدتها.
سادسًا: أن لا يحدث منا إخلال بالأمان ولا تخريب للإصلاح ولا غير ذلك من الظلم وترويع الناس وتخويفهم”([10]).
ومن ثم سلم الزعيم الكاف مسألة الشايم ومتابعة الاتفاق إلى جمعية الحق، وكونت الجمعية لجنة لمتابعة القضية من كل من السيد أبوبكر بن حسين الكاف، والسيد علوي بن أبي بكر الكاف، والسيد العلامة عمر بن علوي الكاف، وعبد الله بن عبدالرحمن بن عبد الله الكاف، والشيخ سلمان بن عبد الشيخ شامي، وحررت عقودًا مدَّتها عام بين المالك والشارح ألزمت به الجميع، وبيَّنت في نصوصه وظائف الشارح والتزاماته، وجعلت مادة في العقد يقر فيها الشارح أنه ليس له تقديم أو تأخير مما ذكر من المال في العقد لا كله ولا بعضه لا في الخريف ولا في غيره حتى الحطب والسعف والكرب، كما بينت في العقد قدر الأجرة والتزامات المالك، كما خاطبت المقدم العبد بن علي اليماني في هذا الموضوع وبينت في رسالتها ما آلت إليه الأمور مع آل تميم، وبلغوا فيها شكواهم من بعض أفراد القبائل الذين ظلوا يرعون دوابهم في مزارع الناس ويحطبون دون إذن الملاك([11]). وهكذا ظلت الجمعية تتابع تطبيق اتفاقية الشائم، وتراقب تطبيقها؛ حرصًا على المجتمع وتماسكه ورفع الظلم عنه، وإعادة التواصل السليم بين أفراد وجماعات المجتمع، ولم يستمر الأمر طويلًا حتى انتهت فكرة الشائم من عقل المجتمع الجمعي، وأصبحت منبوذة، وليس لأحد الحق في عودتها أو المطالبة بها، وأصبحت الفكرة من التاريخ الذي يستحى من ذكره([12]).
العادات:
في ظل الاضطرابات الأمنية والاجتماعية وفساد السلطة تبرز الفردية والاعتزاز بالفرد، ويصبح الفرد هو محور المجتمع يلتف حوله ويصدر عن أمره وتكثر تلك الفرديات وتتنوع، فيختل نظام التوازن الاجتماعي، وتصبح الأهوية الفردية حرة تفعل ما تريد، وتحرك غالبها المصالح الشخصية والأفكار الضيقة القريبة، فيفسد كل شيء ومنها عادات المجتمع، فيفشل المجتمع حينئذ في إدارة عاداته، فالعادة هي نتاج مدة زمنية ليست بالهينة، ينتجها المجتمع بشكل كلي دون وعي بتطور مراحلها، فهو لا يلبث أن يرى عادات قد برزت وإذا به يتمسك بها ويراها ضمن هويته وتاريخه، ويحاول دائمًا التمسك بها والحفاظ عليها، ويجد في المساس بها خطورة عليه.
تغيرت عادات المجتمع في ذلك الزمان، وظهرت عادات في الزواج وفي الوفاة حتى في المحافل الدينية والاجتماعية أثقلت كاهل المجتمع، ولم تراع ما عليه المجتمع من ظروف قاسية، فالإنتاج لها كان في زمان تسلط الفرد، وعد كثير من الأفراد مثل تلك العوائد ضرورة، بها يقدم لنفسه قيمة اجتماعية، ويبرز نفسه وجاهه، ويجد فيها حلاوة الرفعة في المجتمع، وزادت تلك العادات سوءًا مع ازدياد ظروف المجتمع قساوة، خاصة مع الحرب العالمية لما انقطعت كثير من التحويلات النقدية إلى حضرموت.
وقفت جمعية الحق أمام هذا التغيير في العادات الذي أصبح يعصف بالمجتمع، ويقلق سكينة الناس البسطاء، ويثقل كاهل الجميع خاصة الشباب، فأصدرت عددًا من اللوائح والأنظمة التي تنظم عادات الزواج والوفاة، وكذا الاحتفالات الدينية والاجتماعية، وكانت دائمًا ما تنظر إلى تلك اللوائح مع تطور الظروف ويتم تعديلها، وهناك عدد من لوائح (التبطول) في وثائق جمعية الحق، يؤكد أثر جمعية الحق في الحفاظ على توازن المجتمع في عاداته، ومنع عبث الأفراد بها وفق مصالحهم ونظراتهم الشخصية، وفقدموا بذلك الجهد خدمة للمجتمع التريمي، وزادوا من توازنه وتماسكه فهناك لائحة لعام1915م ولائحة لعام1932م، ولائحة لعام 1939م، ولائحة لعام 1942م، وظلت الجمعية تراقب تنفيذ لوائحها في المجتمع، وترسل الرسائل لكل من عنده زواج أو وختان أو قدوم من سفر لتذكرهم باللوائح وضرورة الالتزام بها، حتى بلغ بها أن ترسل لقيادات الجمعية وغيرهم من قيادات المجتمع لتذكرهم باللوائح وتنتقد من خالفها([13]).
وقد بلغت الجمعية في هذا شأنًا، وأصبحت أوامرها ولوائحها تعتد بها الدولة، بل لا تستطيع الدولة سَنَّ أمر دون الرجوع إلى الجمعية، وأذكر هنا رسالة رد من الجمعية على السلاطين تؤكد ذلك.
نص الرسالة:
“من تريم الى سيؤن 1 شعبان سنة 1356هـ
الحمد لله وحده، جناب المكرمين المحترمين السلاطين الفخام علي بن منصور ومحمد بن محسن آل غالب بن محسن، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الموجب خطابكم الكريم المحرر 4رجب، بشان إبطال بعض ألوان الحلي حسب ما شرحتموه في خطابكم المذكور، وإننا قد عرضنا هذا الأمر على رجال جمعية الحق، ورأوا أنه يحتاج إلى فكر ونظر، ولابد أن رجال الجمعية أوعدوا بعقد اجتماع آخر لهذا الشأن للبت فيما إذا كان يتأتى تقييد النساء بجميع أنواع الحلي المذكورة، وفيما إذا كان الأمر لا يؤديهن إلى جلب مجوهرات ثمينة باهضة، ويبقى الناس في تكلف أشد من أنواع حلي الذهب، فلهذا لابد من تدقيق الفكر قبل ذلك، ودمتم في انعام وسلام .
نائب مدير جمعية الحق: علوي بن أبي بكر الكاف”([14]).
المبحث الثاني: سن القوانين وتأسيس المجالس:
درجت الجمعية في نظرتها الإصلاحية إلى النظرة الشمولية، وإلى النتائج البعيدة لمشروعها، وإلى النظرة العادلة المتساوية لكل أفراد المجتمع سلطة وطوائف وطبقات، ولذلك فهي لا تشغل نفسها وفكرها كثيرًا في حلول المشكلات الفردية العابرة، بل هي دائمًا ما تفكر في بناء مجتمع نموذجي، تسوده علاقة الود والمحبة والفاعلية بين طبقاته وبين السلطة، مشغول بالمشروع النهضوي الجامع، يستوعب هذا المشروع كل الطاقات والأفكار من السلطة ومن الأفراد بمختلف انتماءاتهم، ولهذا فهي دائمًا ما تفكر في تربية المجتمع على النظام، وتدرك أن معرفة أفراد المجتمع وكذا السلطة للحقوق والواجبات هو المأمن الوحيد للمجتمع من الانهيار، وهو المأمن أيضًا للمشروع النهضوي التنموي الذي يرغب في التفكير فيه وفي إنجازه، ولا هناك مناص من ذلك إلا بتأسيس المؤسسات وسن القوانين، فالمؤسسة أقدر على التفكير وعلى الإدارة من الفرد، والقوانين هي الجامع للجميع في معرفة الحقوق والواجبات، وهذا الأمر مريح للسلطة وللمجتمع، بل يزيد من تماسك المجتمع ويرشده لمبتغاه من النهضة والبعد عن الحروب والصراعات، ويجعل الجميع ينتج أفكارًا ومشاريع تتراكم، ترفع قيمة التنمية، ويستفيد الجميع منها، ولا يجد الجميع وقتا للضياع أو للتفكير السلبي لا الدولة ولا الأفراد، بل سيتنافس المجتمع بطبقاته وسلطته في الإنتاج الإيجابي وفي الفاعلية باتجاه التنمية، وسيكون ذلك النفع هو البرنامج الذي سيتنافس فيه الأفراد والطبقات، وسيكون هو عنوان السيادة للأفراد وللجماعات، ولذلك اهتمت الجمعية في مشروعها النهضوي بإنشاء المجالس، وسن اللوائح والقوانين، للسير في طريق المجتمع الذي يقوم على المؤسسات.
استطاعت الجمعية بهذا التفكير وبما أنجزت من مشاريع إصلاحية أن تقنع حتى الدولة بضرورة الإصلاح، ولذلك لم تجد الدولة حرجًا في أن تشرك الجمعية في إدارة البلد؛ ففي 1971م تمت مفاوضات بين الجمعية والسلطان محسن بن غالب بغية وضع حد لمسألة الضرائب المفروضة على الرعية، والسعي في ترتيب مالية المدينة، انتهى التفاوض إلى عقد اتفاق بين الجمعية والسلطان، كانت أهم بنوده الآتي:
وأضافت الجمعية بنودًا عدَّةً، منها:
فأسست الجمعية عدت مجالس منها:
وهناك قوانين ولوائح عدة أصدرتها الجمعية بغية تنظيم المجتمع وتعريفه بحقوقه وواجباته، وتعليمه العمل المؤسسي، وتبيين أثره على النهضة وعلى تماسك المجتمع، منها:
قانون المجلس القضائي: ويتكون من ثلاث عشرة مادة يبين مهمة المجلس وإدارته وعلاقاته وما يتعلق به.
قانون المجلس الاقتصادي: ويتكون من تسع وستين مادة، تنظم اقتصاد البلد بما فيها الأجور ومراقبة السلع والأسعار، وألحق به قانون للسوق ويتكون من أربع مواد، وذلك لتنظيم شراء الحاجات للناس عند دخول البضائع إلى المدينة قبل أن يحتكرها تجار الجملة([21]).
قانون الحكم العرفي: ويتكون من ثلاث عشرة مادة ترتب هذه المواد المجلس وحدود تصرفاته وأحكامه.
قانون التموين البلدي: ويتكون من خمس مواد، وللمادة الثالثة تسعة فروع، وفيها ترتيب للزراعة والأجور والتسعير وتوفير الكفاية من الأقوات وغيرها.
لوائح كثيرة لتنظيم العادات الاجتماعية الأفراح والأتراح، ذكرت أعوام تأسيسها في المبحث الأول .
هذه المجالس وهذه اللوائح كان لها الأثر البالغ في تنظيم المجتمع وترتيبه وتعريفه بالحقوق والواجبات، وانتقاله من المجتمع الذي يقوم محوره على الفرد، إلى المجتمع الذي يقوم على المؤسسات والقانون، ويستطيع أن يبني بها علاقاته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بشيء من التوازن، الذي يمنع طغيان الفرد أو القبيلة أو الطبقة على غيرهم، بل قدمت هذه القوانين والمؤسسات تجربة للسلطة والمجتمع بكل فئاته، فقد انتظمت العلاقة بينهما وأصبح الجميع يسير في خدمة الآخر بغرض بناء المصالح للجميع ونهضة الجميع دون إفراط أو تفريط، ودون استعانة بالقوة لإجبار الآخر على تنفيذ الرغبات والمصالح الخاصة، فانتظم المجتمع واطمأن الجميع.
المبحث الثالث الصحة والتعليم:
لينتظم المجتمع ويعيش سليمًا في صحته الجسدية والعقلية فقد اهتمت الجمعية بذلك.
الصحة:
لم يكن آنذاك في البلد مستشفيات تهتم بالمرضى ومعالجتهم، وتوفر لهم ما يحتاجون إليه من الأدوية والرعاية؛ فالمجتمع يعتمد على خبرته الشعبية التي توارثها المجتمع في العلاج، والأعشاب هي محور أدويته وأول طبيب جلب إلى المدينة كان من تفكير جمعية الحق، حيث استقدم إلى مدينة تريم الطبيب الهندي جلال الدين احمد عام 1915م على نفقة السيد عبد الرحمن بن شيخ الكاف، وكان عمل الطبيب تحت إشراف جمعية الحق وكانت تصرف الأدوية للمرضى مجانًا([22]).
التعليم:
اعتنت الجمعية بالتعليم منذ تأسيسها ويمكن حصر جوانب التعليم في الجمعية في الآتي:
– نشر الدعوة الى الله:
وهمُّ هذا هو توعية المجتمع بشكل عام وتعريفه بالدين الإسلامي وتعاليمه، وما يجب على المسلم ذكر وأنثى من فعل ونهي، وعلاقته مع بعضه، وكان هم الجمعية في ذلك وحدة المجتمع وتماسكه والتزامه بالدين الإسلامي، الذي يرفع من شأن إنسانية الإنسان، ويبعده عن كل الخصائص السيئة، وقد وضعت الجمعية مادة في قانونها تبين أثر الجمعية وأفرادها في الدعوة إلى الله، ونشر كل ما يعين على التماسك والتوازن الاجتماعي، وكل ما يعين المجتمع على النهضة، ويبعد عنه كل ما يؤدي إلى الإحباط والانكفاء على الذات، ليعيش المجتمع بكل فاعلية يرغب في النهضة ويسقط كل العراقيل التي تقف أمامه.
ولم يكن هذا الاهتمام بالرجال فحسب، بل كان عامًّا في كل فئات المجتمع، فقد كلفت الجمعية العلامة السيد الحسن بن عبد الله الكاف بالبحث عن أسهل تعليم للنساء وأجدى نفعًا في مدينة تريم، كما قررت في اجتماعها الرابع بعد التأسيس 1915م السيد عبد القادر بن محيي الدين، والسيد محمد عبد المولى، والسيد عيدروس بن شهاب، والسيد عبد الرحمن بن شيخ، بالبحث عن مدرس عالم يقوم بنشر الدعوة بين العوام، وقد تكفل أجرة ذلك السيد عبد الرحمن بن شيخ الكاف([23]).
– بناء المدارس:
أسست الجمعية مدرسة نظامية سمَّتْها مدرسة جمعية الحق عام 1915م، كانت أشبه في أنظمتها بمدارس هذا العصر؛ فهناك مناهج تم الاتفاق عليها، وهناك أساتذة يلتزمون بالتدريس في الأوقات المخصصة لذلك، وهناك مبنى وهناك إدارة وهناك لوائح للطلاب وللإدارة وللأساتذة تبين كل صغيرة وكبيرة في المدرسة، والنظام، والدوام، ولائحة للاختبارات، والامتحانات، وللقبول، وللرسوم التي يدفعها الطالب (ريال ونصف سنويا) مقابل ما تقدمه المدرسة له من الكراريس والأقلام والمحابر وغيرها من الأدوات التي يحتاج إليها الطالب في المدرسة، والمرتبات، إلى جانب المفتشين الذين يراقبون سير التعليم وقدرات الأساتذة العلمية والتعليمية، وهي شبيهة اليوم بإدارات التوجيه المدرسي.
وتقدم المدرسة ثلاثة أنواع من التعليم، وهي أشبه بمراحل التعليم الأساسي اليوم، فالمرحلة الأولى: تعليم الخط والحروف والكلمات وكيفية ربطها، والمرحلة الثانية: تعليم مهمات الدين وضرورياته، والمرحلة الثالثة: تحسين الخط وجملة من الحساب والسير.
تم افتتاح المدرسة يوم الاثنين 1916م، وتم تطوير التعليم في المدرسة بعد تولي نظارتها السيد العلامة محمد بن هاشم، فقد أضاف فنونًا جديدة، منها التوحيد، والجغرافيا، والتاريخ، والميقات، والمطالعة العربية، والفلك وغيرها([24]).
وقد وجه الأستاذ ابن هاشم رسالة إلى الشيخ مصطفى البابي الحلبي يطلب كتبًا للمدرسة، وهي سفينة النجا، ومتن أبي شجاع، وعمدة السالك، ومتن المنهاج، ومتن الزبد، وألفية ابن مالك، وحاشية السجاعي على القطر، وملحة الإعراب([25]).
وكان من أوائل المدرسين في الجمعية السيد محمد عبد المولى بن طاهر، والسيد علوي بن أبي بكر الخرد، والشيخ محمد بن عوض بافضل([26]).
وأبرز من تخرج في المدرسة:
العلامة السيد محمد بن احمد الشاطري (ت1422هـ).
العلامة السيد محمد بن سالم السري (ت1369هـ).
العلامة الشيخ سالم سعيد بكير (ت1386هـ).
العلامة القاضي مبارك عمير باحريش (ت1367هـ)
العلامة السيد أحمد بن زين بلفقيه (ت1414هـ).
الأديب عمر (حداد) بن حسن الكاف (1389هـ).
العلامة عمر بن علوي الكاف (1412هـ)
العلامة الشيخ عمر بن عبد الله الخطيب.
العلامة الشيخ توفيق أمان (1399هـ).
العلامة الشيخ عبد القوي الدويلة.
العلامة الشيخ أحمد بن أبي بكر بافضل (ت1400هـ).
وغيرهم كثير، وقد استفاد من المدرسة طبقات المجتمع كافة، وأسهمت المدرسة في تغيير النظرة إلى التعليم وأهميته في النهضة، كما نحت بالتعليم إلى التنظيم بدلًا من التعليم في الكتاتيب والحلقات المعتادة، وهي بهذا تقدم نظرة جديدة للتعليم في المجتمع، أسهم هذا في افتتاح مدارس بعد ذلك من مثل مدرسة الكاف، وأصبح المجتمع بعد ذلك يذهب نحو التعليم المنتظم، لما رأوا من انجازاته والتزامه بالوقت والسن المحدد.
الخاتمة والنتائج:
في ختام هذه الورقات يمكن إبراز جملة من النتائج، أهمها:
المراجع :
القرآن الكريم .
الحياة العلمية في تريم في القرن الرابع عشر الهجري المؤسسات التعليمية والعلمية ونظامها التعليمي، تأليف: أ.د/ محمد يسلم عبد النور.
أدوار التاريخ الحضرمي، تأليف محمد بن أحمد الشاطري، الطبعة الثانية 1983م، نشر عالم المعرفة جدة.
الدور الكافي المسمى تاريخ الثروة الكافية ورجالها، تأليف العلامة المؤرخ محمد بن هاشم العلوي، اعتنى به علي أنيس الكاف، الطبعة الأولى، تريم للدراسات والنشر 2009م.
الزعيم أبوبكر بن شيخ الكاف صانع السلام وباني النهضة الاقتصادية والاجتماعية في حضرموت، تأليف جعفر محمد السقاف، وعلي أنيس الكاف، الطبعة الثالثة 2021م، الكاف للدراسات والنشر وتريم للدراسات والنشر.
انجرامس سلطان حضرموت غير المتوج، تأليف د/ صادق عمر مكنون، الطبعة الأولى 2018م، تريم للدراسات والنشر.
جمعية الحق بحضرموت ودورها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وثائق وحقائق، تأليف السيد علي أنيس الكاف، الطبعة الأولى 2016م، مركز الكاف للدراسات والنشر، وتريم للدراسات والنشر.
مجلة الإخاء، صدرت بتريم.
أ.د/محمد عبدالقادر محمد العيدروس – أستاذ النحو والصرف بكلية الشريعة جامعة الأحقاف
([1]) الدور الكافي ص103, والحياة العلمية في تريم في القرن الرابع عشر الهجري ص20-21.
([3]) أدوار التاريخ الحضرمي 401 وما تلاها.
([8]) أدوار التاريخ الحضرمي ص342.
([9]) انجرامز سلطان حضرموت غير المتوج ص111-112، وجمعية الحق ص113.
([10]) الزعيم أبوبكر بن شيخ الكاف ص251-252.
([12]) الزعيم أبوبكر بن شيخ ص253.
([16]) الزعيم أبوبكر بن شيخ ص494، وجمعية الحق ص 55-57.
([19]) الدور الكافي ص125، وجمعية الحق ص146.