أكرم أحمد باشكيل
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 24 – 25 .. ص 155
رابط العدد 24 – 25 : اضغط هنا
المفكر والأديب الحضرمي/ علي أحمد با كثير يحتاج منا إلى إعادة قراءة متأنية لفكره ورؤيته للعالم؛ فهو في كل مكونه وإنتاجه المعرفي الغزير يحمل مشروع نهضة عربية إسلامية مستنيرة، لم يكتب له اكتمالات الولادة الطبيعية؛ بسبب الظروف الذاتية والموضوعية التي أحاطت به حينذاك..
حين تقرأ أعماله تحس نبض الصرخات المكبوتة، التي أراد أن يخرجها ليرى فيها تشكلات حلمه الكبير في وطن كان يحلم به بكل ما أفرزه من تصورات له، ينطلق من بؤرة دائرته الضيقة حضرموت إلى رحاب الجزيرة والعالم العربي، ومنها الى الكوني الإسلامي …
ما يمكن هنا أن نسديه من جميل وفاء لهذه الشخصية العبقرية الملهمة فكرًا وأدبًا هو إعادة القراءة لهذا الفكر والأدب بشكل واع بما يمكننا أن نرى لهذا المكون الفكري حواضن جديدة، تتكامل مع الفعل التغييري بنور بصيرته المدود منذ أمد معه …
ليس لنا من سبيل إلا ما قد أطلقه هذا العلم الفكري التنويري من صرخات مدوية، يمكننا بها إعادة توازننا الى المربع الطبيعي لحياتنا الحقة، التي ظللنا نتخبط فيها منذ تلك الفترة، التي عاشها معنا فقيدنا الراحل … فهل أدرك با كثير خطورة المراحل القادمة، التي نعيشها نحن اليوم، بكل ما حملته من وعثاء الطرق وغثاء السياسة المتبلدة …؟!
الذي لم ندركه وأدركه المفكر والأديب با كثير في قراءته لواقعنا هو علاقتنا بالآخر، ومفرزاتها السلبية السيئة علينا، وما هو أمضى منها في تشظياتها المرتهن بالعدو الإسرائيلي وقضية القدس الشريف …
كل تلك البواعث والانكسارات التي وثقها با كثير فكرًا وأدبًا هي مبعث استلهام لنا؛ للوقوف تأملًا عنده،ا وفهمها فهمًا صحيحًا، منطلقين مما هو حاصل بنا اليوم من إشكاليات لواقع، أقل ما يوصف بأنه مزري، ولا أحدَ يتنبَّأ بالمطلق لمخرجاته …
فهل وقفنا نحن أبناء جلدته مليًّا عند تحليل واقعنا من لدنه، منذ حقبة الستينيات من القرن المنصرم ؟؟ الإجابة تحتاج منا إلى جهد جهيد لإعادة القراءة للإنتاج الفكري لهذا العلم الشامخ، والدعوة لكل ذي بصر وبصيرة لفعل ذلك؛ حتى يكون خيطنا ممدودًا بإرثه الفكري العظيم.