عمر خميس بامتيرف
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 26 .. ص 61
رابط العدد 26 : اضغط هنا
كثير من المستهلكين يبحثون عن أجود الأسماك المتداولة في الأسواق على الرغم من أنَّ عددًا منها يُصدَّر خارج البلد مما نتج عنه فقدان الكثير منها، وهذا التأثير أدى إلى نقص غذائي ملحوظ بسبب مخاطر ومزايا من يستخدم الوسائل المضرة، عواقبها استنزاف الثروة بطرق غير شرعية.
لقد عرفت حضرموت ومن قديم الزمان بخبرة أبنائها من وقت الآباء والأجداد؛ لتتبوَّأ حضرموت مقدمة المحافظات اليمنية من حيث الإنتاج في مجال اصطياد الأسماك والملاحة البحرية، فهي البحر الذي عاشت عليه أجيالٌ من الناس بعد أن تجاوزوا الكثير من المحن، غير أنهم ظلوا ولا زالوا يمارسون مهنتهم بكل حرفيَّةٍ وإتقان، وهذا التوفيق من الله تعالى أوَّلًا ثم بإدارتهم المهنيَّة، ومن خلالهم تجد تعدُّد الوسائل التقليدية وطرق الاصطياد وحركة التنقل من وإلى مناطق أخرى حتَّى لقد استفاد منهم الآخرون واكتسبوا منهم المعرفة والخبرة في شؤون البحر وأحواله، حتى أنهم يشكلون تراثًا حضاريًا ولغة لا مثيل لها في مجال مهنتهم المتميزة بلهجة حضرمية خاصة، لا يمتلكها أي صياد على مستوى العالم، ورغم كل ذلك غير أنَّه لا يوجد من يهتم بالتراث البحري غير صيادي الحامي والديس الشرقية وقصيعر، ولغة الصيادين معرَّضة للانقراض، فضلًا عن مصطلحات أجنبية مسعورة كثيرة غزت الأسواق ومراكز الإنزال السمكي في حضرموت، حتى إنها أصبحت مشاعة، وأكبر دليل على ذلك إثباتها رسميًا في فواتير الجمعيات، وبعض المجلات الصادرة في حضرموت، وتداولها الكثير من قطاع الصيادين حديثي العهد.
الأمر الذي يتطلع إليه المستهلكون لضمان غذائهم اليومي من واردات الصيادين من الأسماك التي نقصت كثيرًا عمَّا كانت عليه في الأعوام السابقة، حتى أصبح الكثير من المستهلكين يبحثون عن أجود الأسماك المتداولة في الأسواق رغم أنَّ عددًا منها يُصدَّر إلى خارج البلد مما نتج عنه فقدان الكثير منها، وهذا التأثير أدى الى نقص غذائي ملحوظ بسبب مخاطر ومزايا من يستخدم الوسائل المضرة، عواقبها استنزاف الثروة بطرق غير شرعيَّة لتعود إلى الأسواق لولا وصول الكثير من دول أجنبية، وخاصة دولة الصومال الشقيقة من أسماك الثمد، حتَّى بلغ سعر الكيلو في الأسواق 12 ألف ريال يمني إلى تاريخ 24 يناير 2023م، وسعر الكيلو الديرك 16 ألفًا، وأسماك متنوعة أخرى زادت أسعارها عمَّا كانت عليه والتي تمثل الرائدة لتغطية حاجة المستهلكين في حضرموت بواقع ثمانين في المائة من وارد الأسماك من الصومال لتموين الأسواق والمصانع والشركات المحلية.
السؤال : لماذا وصل وضع بحرنا إلى شحة في مخزونه السمكي ؟. هناك :
1- العوامل الحقيقية التي أثرت في المخزون السمكي وتهجير الكثير منها
2- الوسائل التي ظهرت في إثر استنزاف الاسماك والقضاء عليها.
3- مشكلة الاصطياد الجائر ومردوده السلبي على المستهلك والصيادين.
1- 1 العوامل الحقيقية التي أثرت في المخزون السمكي وتهجير الكثير منها .
أ . اكبر جريمة ترتكب عندما تجد من لا يمتلك الخبرة والمعرفة بشؤون البحر ويسمح لنفسه (الاصطياد) تحقيق مصالح فردية على حساب المصالح العامة بدليل عدم اهتمامه بقانون البحر والملاحة البحرية مما يؤدي إلى وجود عشوائية في أعماله، كما أنَّ عدم اعتراضه على هدم وردم السواحل والشواطئ كما حدث لمراكز أسماك مهمة مثل قشار الظهرة الضبة والميناء النفطي وقشار خلف المكلا وقشار خلف روكب حيث فقد تم تدمير أهم العوائل وأماكن التوالد لكثير من الأسماك والأحياء البحرية وبيئاتها المتعددة وبالتالي دمرنا الثروة المستدامة وهي الأسماك لصالح الثروة الناضبة وهي النفط؛ بحجة الاستثمار، من غير وضع دراسات وبدائل استزراع، تعوِّض عن ما تم هدمه من قبل مانحة التراخيص، بدءًا من مكتب الاستثمار والغرفة التجارية ومكتب الأشغال وتدخل مكتب العقار بتمكين المستثمر للمتاجرة بالمصلحة العامة في شواطئ وسواحل مهمة؛ بهدف إسكات صحة البيئة وكلية البيئة جامعة حضرموت وهيئة المصائد والصيادين أصحاب المصلحة الحقيقية .
ب : فتح مجال تراخيص البناء على مواقع لا يسمح لأحد البناء عليها؛ لكونها مخالفة لقانون الاستثمار، والذي يعطي في الممنوع دون الأخذ في نطاق المسموح فيما بعد حالة مد البحر بـ (200 مترٍ) بمائتي مترٍ، تجاه اليابسة (البر)، وإن التجاوز قد بلغ مخالفة بأحوال البحر، كما أن الردم كان خاطئًا؛ إذ فيه مواد ضارة نشرت الغبار لمسافات ولفترة زمنية طويلة حجبت الضوء ومصادر الغذاء للأسماك الصغيرة البيوض، وتهجير ما بقي منها، والقضاء على أحياء بيئات المحار والأصداف والقواقع، وخيار البحر والسرطانات وغيرها من الكائنات، التي يتغذى عليها الإنسان، ومصدر غذاء رئيس للأسماك الكبيرة والصغيرة حتَّى وصل الأمر إلى إلى حد سد المنافذ لكبس مواقع لا يحق أعطاؤهم موافقة فيها.
2- 2 الوسائل التي ظهرت بأثر استنزاف الأسماك والقضاء عليها .
ومن الأخطار المؤثرة في المخزون السمكي وجود وسائل مضرة بالبحر ومنهكة للأسماك والأحياء البحرية في الوقت الذي يعلم الصياد بأن هذه الوسيلة التي يستخدمها مضرة فهو مضطر إلى استخدامها؛ لأنه اعتمد عليها لجلب الرزق، والمصيبة الكبرى وجود من يستخدم القنابل الصوتية، وآخرين يستخدمون أكياس الجر القاعي كأن الأمور حرب اقتصادية وثارات داخل البحر، وهذه الوسائل أدت إلى ضرر وتأثير في إنهاك الأسماك والسبب يعود للآتي:
أ . عدم وجود ضوابط لرخص استيراد وسائل الاصطياد المسموح تسويقها، وتحديد مقاييسها وأنواع الوسائل المطلوب استخدامها، بما فيها قوارب الصيادين التي يفترض أن تكون صناعية مؤمنة وشاملة بكل الأدوات المريحة للصياد، وخزن الأسماك حتى تصل طازجة وطرية للمستهلكين.
ب : إعطاء فترة انتقالية مدَّتها سنتان لعرض الحفاظ على ما بقي من الأسماك والأحياء البحرية وذلك من خلال تحديد مواقع محميات يمنع الاصطياد فيها ومن يخالف يعاقب على ذلك.
ج : تفعيل دور الرقابة عبر هيئات الجمعيات السمكية، كُلٌّ في منطقة اختصاصه، ويتحمل المسؤولية رئيس مجلس إدارة الجمعية في مراقبة تنفيذ اللائحة الخاصة بهذا الجانب، وإعطاء الصلاحيات الكاملة لهيئة المصائد البحرية ومركز الأبحاث؛ لكونهم الجهات المختصة والمسؤولة على ذلك.
3- 3 مشكلة الاصطياد الجائر ومردوده السلبي على المستهلك والصيادين:
الأسماك ثروة مستدامة، الواجب الحفاظ عليها، وإنَّ الهدم البحري يصعِّب استعادته إلى وضعه الطبيعي، وخاصة المواقع الجاذبة للأسماك الكبيرة حتى المواسم التي نعتاد توافر الأسماك فيها أصبحت شحيحة، وهذه المشكلة الأساسية في سبب استخدام الوسائل الضارة والاصطياد العشوائي في الأوقات الممنوعة، مما أثر في عدم حماية الإناث فترة الحمل، التي ظهرت بمردود سلبي على الصيادين والمستهلكين بصفة عامة وعلى سبيل المثال :
إ . أسلوب السماح للشركات الأجنبية بنهب الأسماك والأحياء البحرية من خلال إعطائهم مجال لمنافسة الباعة المحليين في مراكز الإنزال الرئيسة وأسواق الحراج مستغلين تردي العملة المحلية مقابل الدولار وأثره في زيادة الأسعار وحرمان المستهلكين.
ب . منع الصيادين الاصطياد في المواقع المعتادة، وهي مناطق اختصاصهم بدلًا من المسموح لهم جلب الرزق عبر حجج واهية.
ج . الأخذ بالطرق واللوائح المنظمة في جمهورية الصومال والدول المجاورة ومقارنتها بعملية الاصطياد وتسويق الأسماك في حضرموت.
الحلول خاضعة لمصداقية الوزير والجهات التنفيذية والتشريعية وهيئة المصائد ومركز الأبحاث والجمعيات السمكية المتمثلة بحماية البحر والثروة السمكية وهم الصيادون أصحاب المصلحة من بحر العرب حتى لا تؤثر على الأمن الغذائي والله من وراء القصد.
….