أسلوب البناء فَالهدم في رسم ملامح الصورة الحضرمية .. (أرضًا وإنسانًا) .. قراءة في سياق الوصف التصويري للمجتمع الحضرمي عند .. (مايبل بنت) (2 – 4)
دراسات
د. زهير برك الهويمل
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 30 .. ص 95
رابط العدد 30 : اضغط هنا
- تصوير المرأة:
لا يدّعي البحث أن مستوى المرأة الحضرمية نهاية القرن التاسع عشر معيشيًّا قد بلغ مستوياتٍ من الرقي الاجتماعي ـ شكلًا ومضمونًا ـ من حيث نمط اللبس والمظهر، والثقافة والفكر، ما يشفع لبحثنا أن يجابه كل ما سطرته عنها الكاتبة (بنت)، لكن ليس معنى ذلك الإقرار بكل محاولات التشويه المترصّدة في سردها للمرأة الحضرمية على وجه العموم، والزوجة على وجه الخصوص؛ كونها ركيزة أساسية من الركائز التي تشكّل بناء النسيج الاجتماعي الحضرمي، لا سيما حين تكون تلك المرأة، أو الزوجة هي سلطانة، أي زوجة السلطان، وقتئذٍ نعي جيدًا القيمة السلبية الحاصلة من رسم صورة مشوهة لهذه المرأة في السياقات التاريخية، الموجهة خطاباتها للعالم بأسره، وليس للعرب أو الحضارمة حسب.
ثمة سياق وصفي تتبدّى فيه لوحة المرأة الحضرمية في صورة زوجة السلطان على نهج أسلوب البناء والهدم التصويري عن طريق السرد، تقول الكاتبة مادحة زوجة السلطان بانيةً وصفًا جميلًا: «كان تأثير الزوجة في القطن جديرًا بالاعتبار، وبدا بوضوح بأن السلطان يخشاها إلى حدٍّ كبير؛ وصل إلى أنه عندما كان يريد زيارة زوجته الأخرى، كان يجب عليه اختلاق قصة تتعلق بعملٍ مُلحٍّ لديه في شبام»(19)↑(بناء).
في هذه السطور تمجّد الكاتبة دور المرأة في المجتمع الحضرمي، وتظهرها صاحبة قرار، وأن السلطان يخشاها إلى حدٍّ كبير، هذا أسلوب يرسم امرأة قوية في قراراتها، وهو أمر يُعَـدُّ إيجابيًّا في ظل تبعية شبه تامة لقرارات الرجل من قِبل المرأة في المجتمع الحضرمي آنذاك، أسلوب يظهر المرأة أو الزوجة الحضرمية صاحبة قرار، ورأي مستقل عن تبعية رأي زوجها، بل مجابه له، يصل به إلى حدّ الخوف منها، كما يصرح السياق.
هذه الصورة السامية للزوجة الحضرمية، وإن بدت كذلك في نهج أسلوب البناء التصويري، فهي في حقيقتها صورة هلامية وهمية كما يؤكد بحثنا؛ شأنها في ذلك شأن كل صور البناء الموهوم الذي يتدثر بالهدم مباشرة، كاشفًا حقيقة جوهره الموهومة، مباشرة بعد كلمة شبام في السياق السردي السابق يتحوّل البناء الوصفي إلى هدم، وقدح في تلك المرأة أو الزوجة نفسها، ومما يزيد من عمق هدم هذا البناء؛ حين يحمل الزوج نفسه معـول الهدم لذلك البناء الشامخ المرسوم، حين تسلمه الكاتبة دفة الوصف، قائلةً على لسان السلطان متحدِّثًا واصفًا زوجاته: «يشبهن الخادمات ويعملن للحصول منا على كل ما يمكن لهن أن يحصلن عليه، لا توجد لديهنَّ اهتمامات في أملاك الزوج؛ لأنهن يعرفن بإمكانية التخلّي عنهن في أي وقت من الأوقات»(20)↓(هدم).
ألم ينسف هذا السياق الوصفي السياق السابق برُمَّته؟! عن المرأة أو الزوجة الحضرمية؟! بل يسقطها من مكانٍ عالٍ جدًّا لتغرق في عمق الهجاء، فتتأكد وهمية صورة البناء السابقة وهلاميتها، ولا أدلّ على ذلك فيها من قبولها بمبدأ التعدّد ـ فإن مرحلة البناء لا تعدو كونها نقطةً يبدأ السياق هدمه من ذروة علوِّها، بل تجاوز الأسلوب ـ نكايةً ـ إسناد الوصف للزوج نفسه ـ وفق منحًى عموديٍّ ـ فإنه يكثّر مجتمع الزوجة في كل الزوجات بأسلوب الجمع ـ بمنحًى أفقيٍّ ـ تصبح فجأة بلا كلمة فاصلة بين السياقين، هذه المرأة السلطانة مجرّد خادمة جشعة، لا يشغلها سوى جمع ما استطاعت جمعه من مالٍ؛ لأنها في حقيقة علاقتها الزوجية مجرّد متاع زائل بعد حين، ليس لديها فكرٌ ووعي واسع يخوّلها استيعاب إدارة الأملاك الخالدة الكبيرة، التي يمكن الحصول عليها بعد وفاة زوجها؛ لأنها تدرك أن صلاحية زواجها قد تنتهي في أي لحظة، وهي على الرغم من ذلك فهي بهذه الحال راضية مرضية.
هذه صورة نسوية قاتمة شديدة التشويه، حتى وإن صدق الوصف فيها؛ لأنها جاءت بعد صورة ناصعة البياض، وقد جاء في سياقات الكاتبة من المحكيات ما يكشف اجتهادها لإظهار صورة المرأة الحضرمية قبيحة المنظر، وأحيانًا تسهم الكاتبة في خلق ذلك التشويه، على النطاق الخاص نساء الطبقات الحاكمة، أو على النطاق العام نساء المجتمع الحضرمي كافة، يمكن التدليل على ذلك الشعور السيِّئ ـ المسيطر على كوامن الكاتبة تجاه المرأة الحضرمية ببعض النماذج؛ التي بلغ فيها التشويه حد المبالغة تارةً، واللجوء إلى التدليس والكذب تاراتٍ أخرى ـ بإيجاز على النحو الآتي:
النموذج الأول:
تعرض فيه الكاتبة وصفًا سيِّئًا لنساء السلطان القعيطي في شبام على لسان زوجهن السلطان نفسه حين وصفهن بأنهنّ: «عاجزات عن فعل شيء سوى التبرّج والمشاجرة»(21).
معلوم في اللغة أن اسم الاستثناء يُخرج ما بعده عن حكم ما قبله في الحدث، بهذا يخرج التبرّج والمشاجرة، عن العجز الذي وُصفتْ تلك الزوجات به، ومنه إثبات هاتين التهمتين عليهن، (التبرّج + المشاجرة)، وهو اتهام خلُقي خطير يمس العرض في مجتمع محافظ كالمجتمع الحضرمي، ولا سيما أن يصدر عن شاهد قريب من داخل بيت الزوجية (الزوج)، وإن كان في عُرف الأجانب لا يرقى إلى مستوى الاتهام، لكن مكان الوصف، وإحالة القول على الشاهد الداخلي تقوي هذا الاتهام، وتكشف عن كرهٍ مضمر في نفس الكاتبة تجاه تلك النساء.
لا يقرُّ بحثنا هذه التهمة، ولا يُسلّم بها من وجوه؛ أولها أن نص هذا السياق جاء نصًّا طارئًا مُقحَمًا على سياق عرضه، ومن جهة أخرى أن الكاتبة تعرض ما يدحض هذا الوصف ويقوّضُ دلالته في الصفحة ذاتها، وفي الموصوف نفسه (زوجات السلطان)، حين قالت الكاتبة: «إن طريقة الترتيبات التي يتبعنها، على الرغم من التصاقهنَّ بحجابهنّ هو لغزٌ بالنسبة لي»(22). وكذلك شهادة إنجرامس تدحض هذا الافتراء حين قال واصفًا النساء الحضرميات: «تعيش نساء الأغنياء والطبقات العليا في عزلة تامة، ولا تخرجن إلا تحت حجاب كثيف»(23).
هذه الترتيبات التي تتحدث الكاتبة عنها، هي الأعمال المنوطة بهن، وهو أمر يدحر العجز عن فعل شيء في النص السابق، وتوصيف (التصاقهن بحجابهن) يؤكد تأكيدًا أن الحجاب لا ينفك عن أجسادهن، مما يشكل لغزًا في نفس الكاتبة: كيف تستطيع هؤلاء النسوة القيام بتلك الأعمال دون انفكاك الحجاب؟! وهو ما يدحر تهمة التبرّج المرسومة في السياق السابق.
ثمة حقد دفين يتكشّف في لغة التوصيفات النسوية الحضرمية عند الكاتبة، وانتقائها هذه الملامح المشوَّهة من بين عددٍ من الملامح الوصفية المغايرة التي يمكن أن تبدو عليها صورة المرأة الحضرمية، فحين تقرأ التوصيفات الآتية يتضح مدى الترصّد في الانتقاء المشوّه لمواد الصورة، التي تحاول رسمها للمرأة الحضرمية: كقولها في عموم النساء الحضرميات، مثل:
«… بين كمية من النساء لسن على قدر كبير من النظافة»(24).
«وسرعان ما جلس حولي مجموعة من النساء، لم تكن النساء جميلاتٍ بالطبع عدا واحدة»(25).
«اعتقدنَ أنني مصابة بالجذام في جميع أنحاء جسدي»(26).
من شدة بياضها، وجهل النساء الحضرميات ببياضٍ كهذا، الأمر الذي نحا بالتوصيف القدحي في أسلوب خطابها السردي إلى منحًى فكريٍّ عن مناحٍ شكلية جسدية.
كما نلحظ أن قولها (لي) في نهاية الفقرة المشروحة، تحفر شكًّا عميقًا لدى المتلقي بأن السياق الوصفي السابق لهذا السياق، لم يكن صادرًا عن لسان السلطان بل الكاتبة من قامت بنسبته إليه؛ ليبلغ من المصداقية مبلغًا كبيرًا لدى القارئ، وهو أمر يطعن في أمانة الكاتبة وحياديَّتها لصالح الانحياز لما تبطنه من شعور مبني على الكره والحقد على الحضارمة، فيتفلَّت في سياقات لغتها.
إن ما يشفع للقول بعدم صحة نسبة الصفات السيئة المسرودة عن زوجات السلطان إليه أيضًا، إلصاق السياق النصي صفاتٍ قبيحة للسلطان ذاته، وعلى لسانه كـ (الحرامي + الوغد)، ليس هو حسب بل وكل الرجال من بطانته، وهو قول لا يصدقه عاقلٌ فضلًا عن سواه، حين قالت على لسان السلطان: «قبل أن أذهب إلى الهند كنتُ وغدًا (حراميّ)، كهؤلاء الرجال هنا»(27).
إن هذا التضارب السياقي في الوصف يضعنا أمام حقائق تتكشف لغتها؛ تبوح بمضمرات مشحونة كرهًا ومقتًا للصورة الحضرمية في مجتلاها الإنساني بشتى مكوناته، والاجتماعي والثقافي، والجغرافي والتاريخي؛ لدى كثير من الكاتبين الأجانب، و(بنت) أنموذج منهم، الأمر الذي يجعلنا نعي أننا أمام محاولات تشويه ممنهجة بأساليب محسوبة ومدروسة، من لدن أهل الخبرة في التأليف، والعاملين على رصد حركة التاريخ في العالم أجمع، والجزيرة العربية وحضرموت على وجه الخصوص، لعلنا لا نكون مبالغين في الإنكار إذا ما وقف تلقينا مجابهًا للمسرودات التي أعطت الكاتبة فيها حق السرد للزوج، في ما مضى من محكيَّاتٍ مسرودة.
ثمة تغذية راجعة، وثقافة مسبقة جاءت الكاتبة إلى حضرموت محمّلةً بها تجاه الجنس البشري الحضرمي، لعلَّ هذه التغذية مثلت عائقًا حقيقيًّا أمام ملامسة حقائق البحث التاريخي الحضرمي المجرّد عن كل موجّهات خارجية، ترسم نتائج مسبقة قارة في وعي الباحثة، الأمر الذي يؤكد على عدم الوصول إلى رصدٍ دقيق لملامح الحضارة المدفونة في العمق التاريخي الحضرمي، المحظور على الكشف من لدن سلطات داخلية من جهة، والمغمور بضبابية التغذية الراجعة المسبقة، والمستمدة من خارج جغرافية البحث قبل الوصول إليها، من جهة أخرى.
ليس هذا الطرح إنشاءً من القول، أو ضربًا من التخمين، بل هو قول مبنيٌّ على تصريح مقدمة كتاب الزوجين (بنت) نفسه، التي كتبها الدكتور أحمد إيبش، بأن ثمة قناعة بارتباط أفريقي وعلاقات تاريخية أفريقية تربط جنوب الجزيرة العربية بأفريقيا أسهمت في حركة التاريخ في المنطقتين تأثيرًا وتأثّرًا، قائلًا: «وفي ربيع عام 1893م قام الزوجان بنت برحلة خطرة لمدة أربعة أشهر في شمال إثيوبيا، فبلغا مدينة أكسوم المقدسة، حيث لاحظ بنت مجدّدًا روابط مع جنوبي جزيرة العرب القديمة، وهي الآن عمومًا نظرية مقبولة بين الباحثين. ولقد لقي كتابه عن الموضوع قبولًا حسنًا، وعُدَّ الزوجان بنت بمثابة الرائدين في حقل الدراسات الإثيوبية… وبعد ذلك في عام 1893م اقترحت عليهما الحكومة البريطانية أن “مسحًا لحضرموت بواسطة رحالة مستقلٍّ سيكون ذا فائدة مشهودة”، وكانا بطبيعة الحال توّاقينِ لرؤية البلاد التي يبدو أن سكانها قد لعبوا دورًا مهمًا للغاية في تاريخ أفريقيا الذي كانا لتوّهما يقومان باستكشاف غوامضه…»(28).
هذا القول يؤكد أن الزوجين (بنت) قد جاءا بتغذية راجعة؛ مفادها أن ثمة روابط تربط حضرموت بأفريقيا اجتماعيًّا، تتكشف من خلال الدراسات البيولوجية للمكان، والجغرافيا السطحية كذلك ينبغي التنقيب لكشف تلك العلاقة، بل ربما كان هذا الموجه هو الهدف القار والأكثر دافعية في مقدم الزوجين بإيعاز سياسيٍّ بحتٍ، متمثل في تكليف من السلطة البريطانية.
بغض النظر عن مدى صحة هذه المعطيات من عدمها ـ ليس مجال البحث مناقشتها من حيث الصحة والبطلان ـ فإن هذا الأمر قد ألقى بظلاله على آلية البحث والتنقيب في حضرموت، والانزياح عن حيادية البحث العلمي المفرغ من إملاءات عقلية مسبقة، حيث جاء الزوجان (بنت) بعقلية موجَّهة نحو المنطقة، وكان اختيارهما ليس لأنهما الأفضل لهذه المهمة من حيث براعة التنقيب والاكتشاف، بل هو اختيارٌ من السلطة الموجِّهة لرحلة الاستكشاف (السلطة البريطانية)، للقيام بهذه المهمة المحددة سلفًا؛ كونهما حديثي عهد ببلاد أفريقيا، حيث كانت الرحلة إلى حضرموت في العام نفسه الذي قدما من رحلتهما الاستكشافية إلى أفريقيا، هذه الاستجابة لتلك الموجِّهات القوية ـ سلطويًّا وماديًّا وسياسيًّا ـ تكشّفت آثارها جلية في ميدان البحث للزوجين (بنت) في حضرموت، من مظاهر هذا التأثر إقامة علاقات مقارنة بين حضرموت وأفريقيا ـ أرضًا وإنسانًا؛ بشريًّا وجغرافيًّا ـ كما تقول الكاتبة بنت متحدثة عن بقعة جغرافية حضرمية: «إنها لحقيقة غريبة تلك التي تقول بأن الصوماليين جاؤوا من إفريقيا ليجمعوا الصمغ متنقلين بين قبيلة وأخرى من قبائل البدو ليشتروا حق جمع هاتين العينتين، حيث كانوا يدفعون أحيانًا مبلغًا كبيرًا قدره خمسون دولارًا… في الماضي البعيد… من خلال ملاحظتي الشخصية سيتبيّن أنه كانت للأقدمين صلات مع حضرموت بشكل كامل تقريبًا عبر طريق القوافل، حيث لا يوجد مطلقًا أي أثر لعصر قديم على طول الشاطئ، بينما يزخر وادي حضرموت نفسه وفروعه الموازية بآثار الحضارة الحميرية الغابرة»(29).
عند قراءة هذه العبارة: (من خلال ملاحظتي الشخصية سيتبيّن أنه كانت للأقدمين صلات مع حضرموت)، إن هؤلاء الأقدمين هم المذكورون في بداية فقرة السياق، (الصوماليون) الآتون منذ الماضي البعيد، يلخص هذا الطرح ما ذهب إليه بحثنا من توجيه فكريٍّ ثقافي مسبقٍ خارجي مسيطرٍ على استراتيجية الاستكشافات للزوجين (بنت) في حضرموت، وأن هذه الرؤيا هي رؤيا استباقية قبل البدء في تحليل حركة التاريخ ودراستها في هذه الجغرافيا، كما توضح العبارة ذلك بالحديث عن حكمٍ مقدم لأمر مستقبليٍّ.
هذا على نطاق المقاربة الإنسانية، أما على الصعيد الجغرافي فهي تتحدث عن العقبة المنحدرة إلى وادي عدم، قائلة: «إن السمة الخاصة بهذا النجد تسترعي لذاكرتنا بقوة ذلك القسم من الحبشة الذي زرناه بين عامي 1892م، و1893م…»(30).
النموذج الثاني:
ثمة تصويرات سياقية مسيطرة على السياق الوصفي للكاتبة (بنت) تقارب بين صورة المرأة الحضرمية والمرأة الحبشية، نابعة من تكثيف الحضور الأفريقي في عقلية الباحثة نحو حضرموت أرضًا وإنسانًا؛ ولأن مساق البحث كان يشرح أسلوب البناء فالهدم في رسم الصورة الحضرمية في سياقات الكاتبة اللغوية، فإن الحديث عن صورة المرأة الحضرمية في هذا النهج هو من جرّنا إلى هذه الوقفات التي استطردنا في إيضاحها، والآن يمكن إبداء ملامح صورة المرأة الحبشية صورة للمرأة الحضرمية، منها وصفها لنساء الهجرين قائلة: «أثناء أيام وجودنا في الهجرين تمت إقامة بعض حفلات زفاف. ومن أجل تهيئة مكان مناسب للمرح، يقومون بوضع غطاء من الحصير على امتداد ياردة كما يفعل الحبشيون تمامًا، ولإظهار مرحهن الصاخب، تقوم النساء بإصدار أصوات قرقرة كما تفعل النساء الحبشيات في مناسبة مشابهة، وهو ما يسمى في الحبشة Ululta»(31).
تكررت الصورة الفنية التشبيهية المتكونة من مشبَّه حضرميٍّ، ومشبَّهٍ به حبشي في سياق الفقرة مرتين، مرة بأسلوب الجمع المذكر: (يقومون… كما يفعل الأحباش)، ومرة بأسلوب الجمع المؤنث: (كما تفعل النساء الحبشيات)، وهي تعني في السياقين الإناث، بلا شك إذ السياق من أولِّه يتحدث عن رسم صورة تجهيز مكان احتفالات النساء، والحفاظ على الستارة التي تحجب رؤية العابرين عن مكان الاحتفالات التي تكون فيها النساء في كامل زينتهن وسفورهن.
وأحيانًا يشير أسلوب السياق من دون التصريح إلى هذه المشابهة في وصف المرأة الحضرمية، على منهج الكاتبة في أسلوب البناء فالهدم، كما في قول الكاتبة تصف إحدى النساء الحضرميات: «كانت تمتلك وجهًا لطيفًا وطيبًا وذكيًّا جدًا، لم تكن شفتاها كبيرتين إلى أقصى الحدود»(32).
فالشطر الأول من الوصف يشكل مساق البناء: كانت تمتلك وجهًا لطيفًا وطيبًا وذكيًّا جدًا(↑بناء).
في حين يرسم الشطر الآخر من الوصف مساق الهدم(↓هدم)، حيث يتحول الوصف الجميل المُبدِي لجمال وجه تلك الفتاة إلى قبح في كبر شفتيها؛ وهو وصف أفريقيٌّ أوحى به السياق ولم يُصرِّح.
ولم يغب العقل والفكر كوجه شبه جامع بين الحضارمة والأفارقة في أسلوب توصيف الكاتبة، وهي ترسم ملامح الصورة الحضرمية مقاربة بينها وبين الصورة الأفريقية في تغذية راجعة، تغذت بها من قبل المجيء إلى حضرموت إبان زيارتها وزوجها للاستكشاف في أفريقيا.
سنختم نماذج تلك المقاربات الحضرمية الأفريقية في أسلوب سرد الكاتبة (بنت) بهذا الوصف الفكري، حين قالت: «…لأن سكان حضرموت جاهلون على نحو يائس بالأشياء الطبية أكثر من القبائل البدائية في إفريقيا»(33). فما من صورة سيئة الملامح تتراءى لها في حضرموت إلا وتثير الصورة الأفريقية الراسخة في عقل الكاتبة الباطن، الأمر الذي يُفقد التحليل والبحث في حضرموت من قِبَلها وزوجها حياديته واستقلاليته، فيحيد مشوار البحث عن مساره الأبيستيمولوجي العلمي وصولًا إلى حد الافتراء والكذب أحيانًا، وهي تترصّد الإساءة والتشويه في رسم ملامح صورة المرأة الحضرمية وإن صدقت! ـ حتى نكون على قدر من الأمانة العلمية ـ في بعض الأوصاف.
ثمة صورة للنساء الحضرميات يرسمها سياق البناء فالهدم، بقدر ما تتجسد فيها هذه الآلية التصويرية، كمنهج متبَّع في أسلوب الكاتبة، بقدر ما يتجلّى مبدأ التغذية الراجعة وأثره في رسم ملامح الصورة المشوهة للمرأة الحضرمية بعمومها، فكانت التغذية الراجعة هذه المرة ثقافية تتمثل في صورة فنية مشوّهة مكتنزة في مخيلة الكاتبة، تحاول إسقاطها على النساء الحضرميات؛ لتمضي في منهجها، واصفة نساء صِيْف بمنطقة دوعن: «ترتدي هذه النساء أثوابهن مرتفعة إلى الأمام (حيث يظهرن أرجلهن الملونة بالأصفر فوق الركبة)، وطويلة من الخلف، وهي قطنية باللون الأزرق الغامق، مزينة بتطريز جميل وأجزاء صغيرة من اللون الأصفر والأحمر، مخاطَة بقطع من القماش. وهو الثوب النسائي السائد في حضرموت، ويبدو بأن هذا الزي السائد لم يتغيّر منذ الأيام التي استقر فيها الجد حضرموت Hazarmaveth في الوادي الذي سمّي باسمه»(34)↑(بناء).
سنمضي مع وجهة الثناء على زي المرأة الذي حاولت السياق رسمه هنا بصورة جميلة، من حيث ظهور عدد من الألوان (الأصفر والأزرق والأحمر)، والتطريز الجميل، والذيل المجرور من الخلف، وأصالة اللبس العائد إلى الجد حضرموت ـ كما تقول ـ وننظر إلى هذه القطعة النثرية النسوية من منظار متفائلٍ وجميل، وهو نهج بنائي هنا في رسم هذه اللوحة اللباسية. لكننا سنرى السياق يتحول إلى هدم هذه اللوحة الجمالية الشكلية حين قالت في السطر التالي مباشرة؛ وهي لا تزال تسرد الوصف التصويري لهذه اللوحة النسوية الملونة والمطرزة الأصيلة: «إن قبعة القش الطويلة مستدقة الطرف التي ترتديها النساء في الحقول تساهم مع القناع لتجعل النساء الحضرميات مثيرات للنفور، بمظهرهنَّ الخارجي بقدر ما يرغب معظم الأزواج الغيورين»(35)↓(هدم).
لا يقف سياق الوصف عند مجرّد تشويه مظهر المرأة هنا إلى حدِّ النفور، بل يتجاوز ذلك إلى عدم ثقة أزواجهن بهن حتى قاموا بتشويههن عمدًا ـ من دافع الغيرة ـ بهذا اللباس الذي لم تر فيه سوى عوامل تشويه ونفور مجتمعة، فكانت تلك الغاية من هذا اللباس؛ جهلًا بفوائده في حماية الجسد من حرارة الشمس، سواءً (البرقع) الذي رأته قناعًا منفِّرًا، أو (المظلة) التي صُنعت من سعف النخل بآلية هندسية تكسر حدة سقوط أشعة الشمس القوية على الرأس.
فبدت غاية الهدم هنا قيمة أخلاقية سلوكية، وإن لبست لبس الشكلي في الملبوس، فإن الغيرة وعدم الثقة الأخلاقية كانت عناصر حاضرة بقوة في استمرار نهج أسلوب البناء فالهدم، في التحوّل عن الشكلي الظاهر إلى المعنوي الباطن.
أما ما عنيناه قبل الولوج في هذه الصورة من التغذية الثقافية الراجعة التي توجه مسار السرد التاريخي لدى الكاتبة، فتخرجه عن حياديته كثيرًا كما أسلفنا في قضية الموازنة بين الحضرمي والأفريقي سابقًا، غير أنها هنا نحَتْ بالوصف السردي إلى مرحلة خطيرة هي مرحلة الكذب والافتراء، حين ادّعت أن ثياب النساء الحضرميات من الأمام إلى فوق الركبة. فوضعت هذه العبارة بين قوسين مترصّدة تأكيدها: (حيث يظهرن أرجلهن الملونة بالأصفر فوق الركبة).
لقد حصرت هذه العبارة مؤكدة عليها؛ لكي تتطابق مع قصة سابقة قرأت عنها، تبدو فيها النساء بهذه الهيئة، فأسقطت تلك الصورة الثقافية المكتنزة في مخيلتها على هذه الصورة الحضرمية، ولم تقل إنها تشبهها، بل أكدت أنها هي بعينها، قائلة: «أنا متأكدة تمامًا بأنه هو الثوب نفسه تمامًا الذي ترك انطباعًا غير مستحب عند سير جون ماندفيلSir John Maundevlle عندما رأى “النساء الكدرات اللواتي يعشن بالقرب من مدينة بابل العظيمة” يقول: “كساؤهن منفّر. وهن يمشين حافيات مرتديات أثوابًا بغيضة كبيرة، وعريضة لكنها قصيرة إلى مستوى الركبة …”»(36).
هذا السياق الوصفي متمم لأسلوب الهدم السابق، لكن الأهم من ذلك المقارنة بين السياق الثقافي لهذه الصورة المرسومة سلفًا في ذهن الكاتبة، والتي أسقطتها من بابل إلى حضرموت، في أسلوب لا يوحي بمجرد مشابهة بين طرفين، بل تؤكد على أنها مماهاة بين اللوحتين، حين قالت: (أنا + متأكدة + تمامًا + بأنه + هو + الثوب + نفسه + تمامًا)، فلنلاحظ بدقة عدد المؤكِّدات التي تسبق عرض اللوحة، والتي تحتِّمُ على القارئ تصديقها، ثم لنقرأ صفات الدمامة التي ساقها ماندفيل، والتي صارت هنا صفاتٍ للنساء الحضرميات: النساء الكدرات/ كساؤهن منفر/ يمشين حافيات/ مرتيديات أثوابًا بغيضة، كبيرة/ عريضة/ لكنها قصيرة. فاستعارت الكاتبة منه وصف النساء بالمنفر، في العبارة السابقة.
أي هدم لملامح اللوحة الجميلة ـ السابقة في سياق البناء ـ أكبر من هذا الهدم؟!
إن هذه القراءة الثقافية والتاريخية للكاتبة ـ في تحليلها لتوصيف سير جون ماندفيل ـقراءة بعيدة عن الأمانة العلمية؛ كونها بَنَتْ تحليلها على تصوُّر مسبق بلا دليلٍ، وقبل دراسة الظاهرة المعروضة أمامها، والتوصل إلى نتائج من خلالها، فكان عليها أن تتقفَّى خطوات منطقية، يفضي كل منها إلى الأخرى، عن طريق النّهج الأبيستيمولوجي(37)؛ أو ما يسمّى بالنظام المعرفي المحايد؛ بغية الوصول إلى نتائج عقلانية منطقية، مجرّدة من الجهوية الأيديولوجية، أو السياسية.
إن صورة ثوب المرأة الحضرمية من الأمام إلى فوق الركبة، هي تلك الصورة المحفورة في ذهن الكاتبة عن نساء بابل الموصوفات؛ لأن التاريخ والواقع الحضرمي يكذّبان إلصاقها بالحضرميات، فهي صورة ليس من تصويرها الواقعي المحايد، بل من مكنوزها الثقافي، الذي جاءت تسقط القبيح منه هنا على المرأة الحضرمية.
والملتمس للكاتبة عذرًا سيقول ربما قصدت إلى فوق الكعبين، سنقول إن هذا هو الصحيح، وهو الأصل في الثوب النسوي الحضرمي، وقد تعي الكاتبة ذلك جيّدًا، لكنّ تعصُّبَها لإلصاق بقية السمات القبيحة في الصورة البابلية حتّم عليها إصرارها على إبداء الثياب من الأمام إلى فوق الرك؛, إذ تشفع هذا الوصف بوصف آخر، في مكان حضرميٍّ آخر بالإصرار على إلصاق الصورة ذاتها، الأمر الذي يقطع على ملتمس العذر عذرَه، حين قالت واصفة نساء من القطن: «لم تكن هناك صعوبة في رؤية الخلاخيل الذهبية التي تلبسها النساء متخذةً شكلًا حسنًا فوق ركبهن…»(38). هذه صورة قبيحة في مجتلاها السياقي المعروض.
بلا شك نحن نفهم أنها فوق الكعبين؛ لأنه المكان الذي يوضع فوقه الخلخال عند المرأة الحضرمية، لكن ارتكانها السابق إلى ثقافة مسبقة شوَّه نهج سردها التاريخي، إلى تقديم معلومات مكذوبة أومغلوطة، أصرّت على تكرارها مرارًا، كما هو جليٌّ هنا؛ لأن قولها فوق الكعبين سيحرف الإسقاط البابلي السابق برُمَّته عن المكان المُسقَط عليه؛ (المرأة الحضرمية)، وهو الأمر الذي تجتهد الكاتبة في إثباته لا نفيه.
صورة الرجال والنساء معًا:
وقد يجمع أسلوب البناء فالهدم في تصوير ملامح الصورة الحضرمية البشرية عند الكاتبة (بنت) بين الرجال والنساء في مستوى واحد، في وجهةٍ نحو إبداء مكوّن اجتماعي كامل مشوَّه الصورة، ينطلق هذا التشويه من أسلوب البناء بالثناء والمديح والوصف الجميل ـ كعادة الأسلوب السياقي لدى الكاتبة ـ منه قول الكاتبة تصف أناسًا قرب منطقة (عدب) بحضرموت قائلة: «كان الناس ودودين حقًّا، قلنا لأنفسنا، على الرغم من تجمهرم حولي ليشاهدوا “الامرأة”. ذهبت إلى بعض النساء المتجمعات على مسافة قصيرة ولم يكن هناك أيةُ مشكلة طالما أننا وقفنا هناك. غادرنا قبل أن تأتي الجمال ونسمع بأنه قد تم استقبال بقية الفريق بطريقة سيئة جدًّا، تم إلقاء الحجارة وتعالت الأصوات هاتفة “خنازير! كفار! كلاب! ترجلوا عن جمالكم وسنقوم بذبحكم»(39).
في هذه الفقرة يبدو تحوُّلٌ في مستوى سياق السرد الوصفي بعد كلمة (هناك)، فيجسد الشطر الأول مرحلة البناء، في الوصف وهو وصف يتبدّى فيه مدى رقيِّ الناس؛ (رجالًا ونساءً)، وأنهم كانوا ودودين، لكنْ فجأة يلتفت أسلوب السياق الوصفي بالسرد إلى وجهة مغايرة أسماها البحث (الهدم)، الذي يوضح استقبالًا قاسيًا جدًّا، تجاوز مرحلة اللغة والشتم إلى رمي الحجارة، والقذف بألفاظ حيوانية: خنازير: كفار/ كلاب. ثم التهديد بالذبح.
فكانت صورة البناء تمثل لوحة سطحية مظهرية كالعادة؛ في التجمهر لرؤية المرأة الجميلة، لكن صورة الهدم تعمّقت نحو الباطن لدى الموصوفين حتى بلغت مكمن الاعتقاد والبُعد الأيديولوجي، في توصيف (كفار)، وإن بدا التوصيفان الآخران حسيَّين (الخنازير + الكلاب)، فهما صورتان مستعارتان للتعبير عن الصورة الجوهرية (الكُفر) في الوعي الجمعي للهاتفين.
فمثلت لفظت (هناك) في السرد المدروس، مرحلة برزخية بين مرحلتي البناء والهدم، على النحو الآتي:
(↑ بناء) ← (هناك) → (↓هدم).
تُغايرُ هذه الصورة الصور السابقة في أنها تنبني على سردٍ ترسمه حوادث تاريخية على أرض الواقع، وليس إنشاء فنيًّا يعكسه الصوت السارد في الموصوف، قد تصدق مبالغتها فيها، وقد تكون المبالغة طابعًا رتيبًا في وصفها، كما كشفت السياقات السابقة وهي كثيرة. لسنا هنا بصدد التكذيب الكلي، أو القبول الإجمالي بما سُرد؛ لمعرفتنا بالأيديولوجية القارَّة في الوعي الجمعي الحضرمي قاطبة؛ في عدم قبول كل من هو على غير دين الإسلام، وإقامة أي علاقات تواصلية معه، بدافع الخوف من الانجرار والتأثر بدينه، وهو الأمر الذي ذكرتْه الكاتبة في أكثر من موضع، الأمر الذي يجعل كلمة الأرض المقدسة، أو المكان المقدَّس ـ تهكُّمًا ـ ترد في سياقات شرحها للحديث عن المجتمع الحضرمي في أكثر من موضع، لكنها لا تعزو هذا الانقطاع مع غير المسلم إلى الخشية على الدين، بل تعزوه إلى التعصب الديني، وهو الأمر الذي يجعلنا دائمًا نقيّم سياقاتها بالمنظور ذاته جزاءً وفاقًا، على قاعدة (كلّ إناءٍ بما فيه ينضح)، فهي تقول واصفةً الحضارمة أثناء زيارتهما لمدينة شبام: «هناك حقيقة قائمة، هي أن الدين والتعصُّب متأصّلان في الشعب الحضرمي، حيث يتعذّر أي شيء، مثل إقامة علاقات ودية مع الناس شيئًا بما يقارب المستحيل حاليًّا»(40).
ثمة موجِّهات حضرمية تحول دون إقامة تلك العلاقات، لكن انفتاح هذا التوصيف على مصراعيه (…مثل إقامة علاقات ودية مع الناس) يحفّز القارئ على إعطاء الحضارمة كل العذر، لا سيما في ظل مستوى الوعي البسيط السائد لديهم في تلك الفترة، أن يخافوا من تقصّدٍ مدروس لخلق هذا التقرب للتواصل، وإن تنوّعت أهدافه من قبل المستكشفين، وإن كان أكبر هذه الأهداف الحصول على أي معلومة تقود لوسيلة تسهم في الوصول إلى الغاية الأسمى للرحالة، المتمثلة في الوصول إلى قبر نبي الله هود، وبئر برهوت، كما صرّحت سياقات الكاتبة في أماكن كثيرة من كتابها.
لكن قولها: (حاليًا) في خاتمة الوصف ترسم أملًا باحتمال تحقق ذلك مستقبلًا، حتى لا ييأس المستكشفون من بعدها، من ذلك فلا تبقى حالٌ على حالها مع مرور الزمن، هذا الأمل في لغة السياق بلفظة (حاليًّا)، بعد كل التأكيدات على استحالة الأمر من مثل: التعميم في: (يتعذر أي شيء)، و(بما يقارب المستحيل)، ينبع عن إيمانٍ أن لدى المستكشفين إيمانًا يقهر المستحيل في سبيل الوصول إلى الغايات التي يسعون إليها، والقارئ لمحاولات الوصول إلى شرق تريم من لدُنها وزوجها يؤمن كذلك بذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
19ـ السابق: 154.
20ـ السابق: 154ـ 155.
21ـ السابق: 154.
22ـ السابق: 155.
23ـ حضرموت (1934 ـ 1935), دبليو إتش إنجرامس, تعريب د. سعيد عبدالخير النوبان, ط(1), 2001م, دار جامعة عدن للطباعة والنشر, عدن, ص 58.
24ـ جنوبي جزيرة العرب: 159.
25ـ السابق: 159ـ 160.
26ـ السابق: 147.
27ـ السابق: 155.
28ـ السابق: 8 ـ 9.
29ـ السابق: 126.
30ـ السابق: 128.
31ـ السابق: 138.
32ـ السابق: 160.
33ـ السابق: 156.
34ـ السابق: 131ـ132.
35ـ السابق: 132.
36ـ السابق: 132.
37ـ ينظر, تكوين العقل العربي, د. محمد عابد الجابري, ط(8), 2003م, مركز دراسات الوحدة العربية, بيروت: 24.
38ـ جنوبي جزيرة العرب: 160.
39ـ السابق: 143.
40ـ السابق: 197.