الأديب والباحث عبدالرحمن الملاحي ..

كتابات

سالمين سعيد بنقح

على مر التاريخ كانت وما زالت حضرموت ولَّادة للمبدعين من كُتّابٍ وشعراء وفقهاء ومثقفين في شتى المجالات، والبعض منهم طُوي اسمه وأصبح طيَّ النسيان؛ وذلك لضعف الجانب الإعلامي، الذي هضم حقوق هؤلاء العظماء، الذين سطروا الأمجاد، في وقتٍ لم تكن فيه كل هذه الوسائل المتاحة الآن، ولكن ستبقى ذكراهم خالدة في وجدانِ كل مهتم بالتراث الحضرمي، بكافة أنواعه ومضامينه، من هؤلاء الذين لم يتم إعطاؤهم حقَّهم من الشهرة والتعريف والإبراز للجيل الصاعد الأستاذ الأديب عبدالرحمن الملاحي – رحمه الله -، هذه الهامة الحضرمية الكبيرة التي تباري الشُهبَ العالية بثقافتها وعلمها وتواضعها الجم، كأنت المرة الأولى التي سمعت بها عن الأستاذ الملاحي – رحمه الله – منذ أشهرٍ قليلة للأسف الشديد، وهذا ما ندمتُ عليه كثيرًا، وحزنت عليه أشد الحزن، كنتُ ذاهبًا يومًا ما من مدينة الشحر الحبيبة إلى مدينة شحير المجاورة للشحر، برفقة أحد الأصدقاء وفي حين كُـنَّا نجلسُ لانتظار سيارة الأجرة التي ستُقلُّنا إلى “شحير” إذ بي ألتقي بالأخ “عبدالله باوزير” – حفظه الله -، فدار بيني وبينه حديثٌ شيّق جدًا عن الثقافة والأدب في حضرموت، وأثناء الحديث الذي طال بيني وبينه قال لي: هل تعرف عبدالرحمن الملاحي؟!، فأطرقتُ رأسي قليلًا، فقلت له: ومن هو هذا الملاحي الذي تتحدث عنه؟!

فأجابني: إنّ الملاحي أحدُ أبرز أدباء ومثقفي حضرموت، له عدد من الدراسات والكتب، التي تتحدث عن الواقع الحضرمي، وهو باحث معروف، فشعرتُ بشيء من الحزن والألم؛ لأنني لم أعرف هذا الشخص إلا متأخرًا، فأخذتُ على نفسي من حينها أن أبحث عن هذا الرجل العظيم الذي أهمله الإعلام، وأهمل دوره الكبير، فلم ألتقِ بشخصٍ مهتمٍ بالجانب الثقافي الحضرمي بعد ذلك إلا وسألته عن الملاحي – رحمه الله -، وكنتُ في كل مرة أسمع إجابة مختلفة، والجميع يشيد بدور هذا الرجل العظيم، وقرأتُ عنه كثيرًا حتى استطعتُ أن أكوِّن صورة نمطية عن هذا العالم والباحث، الذي كرّس حياته في سبيل إحياء الساحة الحضرمية وإثرائها بكثير من الآداب في مختلف المجالات.

إنّ الأديب الملاحي – رحمه الله – شخصية عظيمة، تستحقُّ مِنَّا أن نُسلط الضوء عليها، ونعطيها حقها من الإبراز، ونعرِّف الشارع الحضرمي المعاصر بهذا الأديب الكبير، مرّت عشر سنواتٍ منذ وفاتهِ – رحمه الله -، وقد أقام نادي الشحر الأدبي ندوة يوم الجمعة بتاريخ ٣/١١/٢٠٢٣م بمناسبة مرور الذكرى العاشرة لوفاته – رحمه الله -، شارك في هذه الندوة عددٌ من الشخصيات، التي ربطتْها علاقة بالأديب – رحمه الله -، من هؤلاءِ الأشخاص الأستاذ الدكتور عبدالله سعيد بن جسار الجعيدي، الذي ربطته بالملاحي علاقة دامت لسنوات عدة، وقد علمتُ أنه صاحبه سنواتٍ عدة، كان فيها قريبًا جدًا منه، وكنتُ قبل مدة من الزمان أبحثُ في حساب د. الجعيدي فوجدْتُ له صورًا كثيرة تجمعه بالملاحي – رحمه الله -، فعلمت من حينها أنه كان مقرَّبًا منه جدًا.

     ينبغي على السلطة المحلية في محافظة حضرموت تكريم هذه الهامة الكبيرة، وتسليط الضوء عليها، وذلك مثلًا بتسمية بعض الشوارع باسمه، وتسمية المراكز المهمة في المحافظة باسمه؛ لِتُخلَّد ذكراه في وجدان كل حضرمي وكل يمني؛ لأنّ هذا الشخص ليس مجرَّد شخصٍ عادي، بل هو رجلٌ قضى جزءًا كبيرًا من حياته في سبيل خدمة العلم، والتراث الحضرمي، وإثراء المكتبة الحضرمية بالكثير من الكتب، التي تُعدُّ مرجعًا في بابها؛ لأنه أرَّخ لمرحلة مهمة في تاريخ حضرموت، مرحلة ربما لم يُعطَ حقها من الاهتمام والبحث، فقدر الله أن يحمل هذه المهمة الأديب الملاحي – رحمه الله -.

     كُلّي أملٌ أن أرى بعض الاهتمام من قبل أصحاب الشأن بهؤلاء العظماء، الذين أسهموا بشكل كبير في النهضة الأدبية في حضرموت.