ضري .. المنطقة الهادئة في وادي دوعن الأيسر

استطلاع

يوسف عمر باسنبل

الموقع والتسمية

تقع منطقة ضري في أقصى وادي دوعن الأيسر، على سفح الجبل الشرقي للوادي، يحدها من الشمال منطقة عرد، ومن الغرب الوادي العظيم والرحبة، ويقابلها في الضفة الأخرى من الوادي حصن باسعد ومنطقة تولبة، ومن الشرق تتوسَّدُ الجبل، وجنوبًا منطقة حوفة وغربًا مجرى الوادي. توسعت في الانتشار شمالًا وجنوبًا حتى اختلطت مع حوفة، ومن جهة الشمال انشقت عنها عرضًا منطقة المحصن التي نشأت مع منتصف سبعينيات القرن الماضي، وتعد إحدى ضواحي منطقة ضري وأول ما تستقبل الزائر إلى ضري إضافة الشجن التي بدأ فيها الناس البناء باتجاه الشعب.

قال المؤرخ عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف عن منطقة ضري في كتابه إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت: (ضري وهي من أكبر بلاد الوادي الأيسر، وفيها آل علوي بن ناصر سادة من آل شيخان، وفيها ناس من آل باوزير وآل بالبيد وآل باسلم، وضري على وزن جري، وقيل إن سبب تسميتها الشدة وقيل من الصيقة). ويذكر بعضهم أن التسمية ربما أتت من (الضري) أي: الشدة والضراوة، وأول ما سميت به شعاب الجبل المطلة على المنطقة القديمة، وتسمى تلك الشعاب بضري (الأب والابن)، وهما الفرعان اللذان تنحدر منهما السيول القادمة من سطح الهضبة، وقد سميت بعد ذلك تلك البيوت التي تكاثرت حول ذلك الشعب بمنطقة ضري.

وبنى أهالي ضري العمران من مساكن وبيوت على هيئة غالب قرى وادي دوعن ومدنه، حيث تستند ظهرها بالجبل وعلى ارتفاع في سفح الجبل، ويتضح أن البيوت القديمة قد بنيت في سفوح الجبل تحصينًا لها من السيول القادمة من داخل وادي ليسر، والتي قد تجرف ما تقابله أمامها. ويقوم الجبل بحماية ظهر تلك المنطقة من الاعتداء التي قد يأتي لها من الخلف.

سكان ضري :

سكن منطقة ضري قبائل حضرمية عريقة، استوطنت هذه الأرض منذ تأسيسها في سابق الأزمان قبل مئات السنين، وهي الآن وقد هاجر الكثير من سكانها الأصليين متوجهين إلى أرض المهجر والغربة في دول الخليج وأفريقيا وإندونيسيا، ولم يبقَ فيها سوى نسبة قليلة من تلك الأعداد المهاجرة، وحل مكانهم أشخاص وصلوا إلى المنطقة من مناطق أخرى وفقًا وللهجرة الداخلية.

واليوم يبلغ عدد سكان منطقة ضري حوالي 1200 نسمة، موزَّعين على 320 أسرة، وعدد بيوتها أكثر من 180 بيتًا، ويسكن ضري قبائل آل بالبيد وباسلم والعلوي وبانواس وباخريصة ودومان وباطويل والحداد وبامنصور وباطرفي والرباكي وابن سلمان والعمّاري وباصيور وبامهير وبامؤمن وبوزينة والوعيل وباعباد وبانبيلة وباطيور وباشمال وبامسطول بافرج وآخرون، وهناك كانت قبائل لكن غير موجودة اليوم مثل ابن شيخان و باوزير.

ويشتغل غالب قبائل ضري بمهنة الزراعة والبناء ومنهم الصاغة، وأهالي ضري مثل بقية سكان غالب مناطق وادي دوعن، إذ هاجر غالب أهل ضري إلى مناطق المهجر، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية ودول سواحل إفريقيا الشرقية وإندونيسيا، وصار لهم شأن في بعض الدول التي وصلوا إليها، وذاع صيتهم بعد أن أصبح له دورٌ كبيرٌ في التجارة، وصاروا من بيوتات التجارة المعروفة في تلك البلدان، وهناك أيضًا الهجرة الداخلية إلى ساحل حضرموت وخصوصًا مدينة المكلا.

ونظرًا لتوفر المياه في المنطقة أفاد عاقل المنطقة وعضو اللجنة المجتمعية سالم باخريصة أنه من أجل تشجيع الشباب وتوفير فرص عمل لهم تم من خلال ربط لهم عدادات ماء والعمل في صناعة المدر (الطوب الطيني) وبيعه خارج المنطقة، الأمر الذي خلق فرص عمل للشباب.

تميز سكان منطقة ضري بالتآلف والتكاتف، ويعدون نموذجًا حيًا على بساطة المجتمع الدوعني والحضرمي وتآخيه، ولا يزالون محافظين على العادات والتقاليد التي يمارسونها في حياتهم اليومية، أو في المناسبات الدينية والاجتماعية المختلفة.

الصندوق الخيري الاجتماعي

يوجد بالمنطقة الصندوق الخيري الاجتماعي الذي تأسس سنة 2015م بهدف بدعم الفقراء وطلاب المدارس والجامعات، ويعمل الصندوق بشكل طوعي وبجهود مبذولة من شباب المنطقة، فهو صورة تعكس المبادرات الخيرية التطوعية التي يقوم بها شباب المنطقة وجهودهم الاجتماعية والخدمية لأهالي المنطقة والوادي بشكل عام ليكون بمثابة الحاضن للشباب واستغلال طاقاتهم.

التعليم في ضري:

اشتهرت ضري مثل غيرها من مناطق دوعن بوجود الكتاتيب التعليمية والعُلمة لتعليم القراءة والكتابة ومبادئها، ومن أقدم العُلم في ضري عُلمة الشيخ محمد الدهمي بالبيد في بيت بانواس، وعُلمة السيد حسين محمد العلوي في دار باعُباد، ثم خلفه من بعده ابنه محمد الذي انتقل فيما بعد إلى مسجد النور، وعُلمة الشيخ سعيد الفقيه العمودي من قيدون في بيت بامهير وكانت على حساب الأهالي، وعُلمة الشيخ حسين بايماني بالبيد.

ومن علماء ضري وأعيانها: العلامة الفقيه المعمِّر الشيخ أبو بكر بن أحمد باحميد، من الآخذين عن الشيخ الفقيه سعيد بن عبد الله بن عثمان العمودي، وعنه أخذ السيدان: عبد الله بن طه الهدار، وطاهر بن عمر آل الحداد. «الشامل» (١٧٣).

والشيخ الفقيه: حسن بايماني، قال عنه صاحب «الشامل»: (كان فقيهًا عارفًا بعلم النحو، وكان خيّرًا، حسن الخلق، بيننا وبينه معرفة ومودة رحمه الله) اهـ. وهو من الآخذين عن الشيخ محمد بن عبد الله باسودان، وأخذ عنه الشيخ أحمد بن عبد الله باموسى العمودي ساكن حوفة.

ومن أشهر المعلمين في ظري في ذلك الوقت بامدحج وبامؤمن والقحطاني.

وكان للفتاة دورٌ وأخذتْ نصيبها من التعليم، فقد كانت الأستاذة نور بنت حسن جمل الليل رائدة التعليم في ضري حسب ما ذُكِرَ في كتاب (التعليم الأهلي) في دوعن لمؤلفه محمد سالم باحمدان، وحاليًا بنيت في العهد القريب مدرسة سيدنا عثمان بن عفان للتعليم الأساسي بنين وبنات بحوفة، التي تحتضن طلاب مناطق حوفة وضري وحصن باسعد والمحصن وتولبة ومراة، التي ساعدت الطلاب والطالبات على مواصلة دراستهم في القسم الثانوي، والوصول إلى الجامعات، إضافة إلى وجود حلقات المساجد وتحفيظ القرآن الكريم في مختلف المساجد بالمنطقة لتنشئة جيل مهتم بكتاب الله.

معالم ضري:

من معالم منطقة ضري المساجد، ومنها مسجد الجامع الذي يبلغ عمره أكثر من 700 عام حسب إفادة العم/ سالم عبود باخريصة، أحد الشخصيات الاجتماعية بالمنطقة، وتوجد فيه نقوش تدل على تاريخ بناء المسجد وتجديده في الأعوام (860هـ / 1352هـ / 1348هـ)، ويوجد بضري أيضًا مسجد ابن شيخان، ومسجد الخيلواني الذي ينسب لقبيلة آل بالبيد وهو مسجد قديم مهدّم غير واضح المعالم وتوجد آثاره، وكذا يوجد مسجد الخيلواني الجديد، ويقال إن كلمة الخيلوني جاءت ربما من الخلاء؛ لبعده عن المنازل، ومسجد النور، واليوم يوجد بالمنطقة عدد من المساجد بلغ عددها ثمانية (8) مساجد.

وتشتهر ضري أيضًا بالمباني، ومن أشهر بيوت ضري منزل محمد عوض القعيطي اليافعي، وقد ذكره المؤرخ ابن عبيدالله السقاف في كتاب إدام القوت إذ قال: (وقد بتنا بها ـ أي ضري ـ سنة 1360هـ في بيت المكرم الشهم محمد بن عوض اليافعي في دار جميلة مؤثثة بالأثاث الطيب في دار قوراء جديد العمارة على أحسن طراز)، وبيت آل ابن شيخان وهو بجانب مسجدهم مسجد آل ابن شيخان، وبيت رجل الأعمال المقيم بالمملكة العربية السعودية عمر بن أبي بكر بالبيد، وبيوت آل باسلم، ويوجد في ضري (المرتبة) وهي بيت الحاكم أو النائب عن السلطان، وكان المسؤول عنها محمد بن عوض اليافعي، وقد سقط جزء من المبنى حاليًا، وكانت تستخدم أحيانًا كمبنى للمركز.

ويوجد في ضري الجوابي، التي هي عبارة عن برك ماء السيول من الشعاب، وتستخدم لحفظ الماء واستخدامه للشرب أو لسقي الحيوانات في الوقت الحالي بسبب إهمالها، وتستخدم أيضًا في تجهيز المدر الطيني، ومن أشهر جوابي ضري جابية ابن ضياف، وجابية الحمير وقد سُمِّيت بهذا الاسم لأن الحمير تشرب منها وأصبحت مسقى لها ويزيد عمرها على 200 سنة كما ذكر العم سالم باخريصة.

الزراعة

يعمل غالب أهالي منطقة ضري في الزراعة مثل غيرهم من سكان وادي دوعن؛ إذ بلغ عدد (مطاير) الزراعة 3550 مطيرة، وهي إحدى أدوات قياس الأراضي الزراعية بحسب الأعراف لدى أبناء دوعن، والصالح منها للزراعة 2700 مطيرة، وأهل ضري مثل غيرهم في بقية المناطق قد قلَّ اهتمامهم بالنخيل والأراضي الزراعية بسبب هجرة غالب مُلَّاك الأراضي الزراعية وأشجار النخيل، وأفضل المحاصيل الزراعية في ضري الذرة والتمر، ويوجد في بيوت ضري سطح يسمى الوصر، خاص بمعالجة محصول الذرة وتنظيفه من الشوائب.

المياه

في السابق كانت المياه تصل إلى ضري عبر العُتم (الجداول الصغيرة)، التي يجري فيها الماء من داخل الوادي إلى منطقة مراة، ثم عبر مواصير (قصب) إلى منطقة ضري، وتصب في خزانات المياه التي أنشأها بقشان، ونصيب ضري منها الثُمُن، ثم تتجه المياه إلى منطقة خيلة بقشان.

وفي عام 1972م قام رجل الخير الشيخ أحمد محمد بغلف رحمه الله ضمن مشروع بغلف الخيري بخدمة توصيل المياه عبر المواصير إلى غالب مناطق الوادي الأيسر، وتوفر الماء فيها على مدى 24 ساعة، وكان لمنطقة ضري نصيب من ذلك بعد أن كان الماء يأتي في فترات معينة في اليوم، ثم بُنِي خزان خاص بضري فتم توصيل الماء عبر المواصير إلى البيوت.

ومع مرور الأيام وازدياد عدد السكان أنشأ الشيخ عمر أبوبكر بالبيد رحمه الله عام 2001م مشروع حفر البئر الارتوازي وضخ المياه إلى الخزان وتركيب شبكة الماء الداخلية وشبكة الكهرباء وبناء خزان ماء، وبنى بعد ذلك المشايخ من آل باسلم خزانًا آخر لتأمين حاجة المياه والشرب في ضري.

العادات والتقاليد في ضري

في إطار الزيارة لمنطقة ضري الهادئة التقينا بالعم/ سالم عبود باخريصة عضو اللجنة المجتمعية عن منطقة حوفة وضواحيها برفقة العم/ محروس عبود بامنصور.

تضم اللجنة المجتمعية مناطق حوفة وضري وتولبة ومراة وحصن باسعد، وهذا أمرٌ إيجابي ويدل على التعاضد المجتمعي، وأوضح باخريصة مدى تكاتف أبناء منطقة ضري وتعاونهم في الداخل والخارج في جميع المناسبات، مقدّرًا باسمه ونيابة عن أهالي المنقطة الدعم اللامحدود من أبناء المنطقة المغتربين، أمثال الشيخ المرحوم عمر أبوبكر بالبيد، والمشايخ من آل باسلم، وإنشاء مختلف المشاريع في المنطقة، ومساعدة أبناء منطقتهم، وتوزيع اللحوم في الأعياد والمناسبات الدينية، وهي جهود يستحقون عليها الشكر والثناء لخدمة أهاليهم.

ومن العادات التي يتميزون بها في ليسر العواد الجماعي في عِيدَي الفطر والأضحى؛ إذ يتزاور أهالي منطقة ضري في اليوم الأول فيما بينهم داخل المنطقة، وفي اليوم الثاني يعاود أهل ضري وتولبة أهل منطقة حوفة، وفي اليوم الثالث يعاود أهل منطقة حوفة وتولبة أهل ضري، وفي اليوم الرابع يعاود أهل حوفة وضري أهل منطقة تولبة، وهي عادة غير موجودة إلا في هذا المناطق.

قبائل ضري وأبرز شخصياتها:

من أبرز الأسر التي بمنطقة ضري أسرة آل بالبيد، وهي من أقدم العائلات الحضرمية التي استقرت في منطقة ضري، وتتفرع أسرة آل بالبيد إلى فخائذ متعددة، وذكر المؤرخ باحنان في كتابه (جواهر الأحقاف ج 2ص11) أنهم من كندة، وهناك من يذكر أنهم من ذرية زياد ابن لبيد الأنصاري والي حضرموت زمن الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهو الوالي الذي قمع حركات الرِدَّة في حضرموت، وهو رأي يحتاج إلى إثبات؛ إذ لم يذكر أن وفاة زياد بن لبيد كانت في حضرموت أو أن له بها عقبًا، في المقابل ذكر في حادثة بالمدينة إبَّان مقتل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (الكامل ج3ص279) لذا فنسبهم إلى كندة أرجح.

ومن الأسر الأخرى المعروفة في المنطقة أسرة آل باسلم، ويقال إن آل باسلم يرجعون إلى حلف قبائل الدّيِن، بناء على كثير من المراجع التي تقسّم آل الدَّيِن إلى مجموعه فخائذ، منها آل باسلم، وهذا موجود في بعض الكتب التاريخية عن حلف، ويقال إن القدماء من قبيلة آل باسلم كانوا يقولون إن مرجعهم إلى آل الدَّيِن، ولكنْ نزحُوا من منطقة راعون ولنجاف في الضليعة إلى منطقة ضري بوادي دوعن بسبب ظروف لا أحد يعرف عنها شيئًا، ويعد آل باسلم وآل بالبيد أوَّل مَنْ سكن منطقة ضري، بخلاف غيرهم من الموجودين حاليًا، وتوجد بيوت قديمة لآل باسلم عمرها أكثر من ٥٠٠ سنة وربما أكثر من ذلك .

ويسكن ضري أيضًا قبيلة سيبان، ولا يزال منهم آل باطويل وآل الخليسي وباسعد وباصيور وهم من الحالكة، ومن آل باطويل اشتهر (حمد عبد الله باطويل)، الذي جاء من جاوة قبل أكثر من ١٠٠ عام، وكان له فيها تجارة، واستقر في ضري، وبنى حصن باطويل في ضري، وله دور في حرب المدحر ضد الإنجليز، وذات مرة قالت عنه إحدى المصابات بالجذام قصيدة لأنهم كانوا يتجولون في الوادي وتفقَّدوا حال المرضى بالجذام، وجاء فيها:

يازين لو بتتخبر تخبر على ولد باطويل

إلى أن قالت:

لي كسر الحيد وكحل للقبائل بنيل

  1. الدكتور سالم أبوبكر سالم باسلم مؤلف وسياسي ووزير التربية والتعليم عام ١٩٨٦م، وعضو في مجلس النواب عام ١٩٩٠م، وهو من مواليد منطقة  ضري، حصل على شهادة البكالوريوس في التربية، تخصص تاريخ، من جامعة (بغداد) في العراق، ثم حصل على درجة الدكتوراه في نظرية المناهج التربوية من أكاديمية العلوم التربوية في برلين بألمانيا، وانتُدِب للعمل في قسم المناهج في إدارة التخطيط في مدينة عدن عام 1970م، ثم تعيّن مديرًا لإدارة المناهج في وزارة التربية والتعليم عام 1972م، ثم نائبًا لعميد كلية التربية العليا، ومدير إدارة المناهج في وزارة التربية عام 1974م، ثم مديرًا عامًّا لمركز البحوث التربوية 1978م، ثم وزيرًا للتربية والتعليم عام 1986م، ثم عضوًا في مجلس الشعب الأعلى العام التالي، ثم نائبًا لوزير التربية والتعليم وعضوًا في مجلس النواب.
  • الشيخ عمر أبو بكر بالبيد الذي توفي في جمادى الآخرة 1431هـ وهو مؤسس شركة بالبيد للسيارات، الذي بدأ حياته العملية في عالم الأعمال من متجر صغير لقطع غيار السيارات، ثم نما وتطور إلى أن كان وكيلًا لأكبر الشركات العملاقة في مجال تجارة السيارات، وصُنِّفَتْ كأحد البيوت التجارية الرائدة في الاقتصاد السعودي، وله عدد من الأعمال الخيرية والمساهمات الجليلة في المجالات الإنسانية، وتبنَّى فلسفة تنظيمية ترتكز على أسس راسخة هي الفصل بين الإدارة والملكية، ليكون بذلك قد سبق إلى فكرة الحوكمة قبل ظهورها وتطبيقها في المملكة العربية السعودية.
  • الدكتور عمر أبوبكر باسلم، أخصائي أمراض القلب، استشاري أمراض القلب والأوعية الدموية وأستاذ مشارك طب القلب والباطنة في كلية الطب جامعة عدن، وهو قامة علمية وطبية، وأحد أشهر رُوَّاد طب أمراض القلب على المستوى العلمي والمهني، وعضو في الجمعية الدولية للتشخيص، وعضو في الجمعية الأوروبية لأطباء القلب، وعضو في الجمعية الخليجية لأطباء القلب، وعضو في الجمعية القلب اليمنية.

العمارة الطينية:

لا تختلف العمارة الطينية في منطقة ضري عن شكل العمارة في بقية مناطق دوعن وفقًا لأساسيات البناء مع وجود بعض الاختلافات البسيطة في التفاصيل، ولأن المنطقة تقع على المنحدر الجبلي، فأهلها يعملون على تسوية أرضية البيت من أعلى لأسفل بأساسات حجرية تسمى محليًا بالساس، ثم يتم ردم الفراغات بالحجارة، ثم البناء على تلك القواعد الحجرية بواسطة الطوب الطيني (المدر) والذي تختلف مقاساته وأنواعه تبعًا للطابق الذي يتم بناؤه، وعادة ما يكون الطابق الأول بارتفاع ستة موافر بالمدر العادي، وهو نوع من المدر الذي يتم البناء به الطابق الأول  (الموفر خمس مدرات مع المادة الطينية الرابطة بينهن)، وتقل عدد الموافر في الطوابق العلوية حيث يكون في الطابق الثاني خمسة موافر.

ويستخدم البناء في عملية التسقيف الأخشاب التي توفرها البيئة المحلية، مثل أخشاب شجرة السدر ذات الشهرة الواسعة في المنطقة، والتي يتم قطعها في موسم الشتاء؛ إذ لقطعها في ذلك الفصل مزايا، أهمُّها أنها تبقى لأطول مدة، والصمود أمام آفة الأرضة، ولكن اليوم لا يتم استخدام إلا الخشب البحري؛ لسهولة توفُّـره، وهو مختلفٌ عن خشب أشجار السدر قوةً وبقاءً.

بعض تفاصيل البيت المحلي التقليدي في منطقة ضري:

معاقيب: مستودع للطعام داخل البيت.

سِرة: مستودع لعلف المواشي، ويكون بابه خارج البيت.

الفاضلة: وهي غرف واسعة تستخدم للسكن والمعيشة لأهل البيت أو ضيوفهم.

جناح: وهو سطح نصفه مكشوف والنصف الآخر مسقوف، تحتمي فيه الأسرة التي تقضي ليلها فيه من المطر.

صفّة: وهي أعلى ما في البيت، ويوضع فيه التنور والحطب وما يتصل بهما.

الطاق: غرف استقبال للرجال.

السقيفة: وهي معابر ترتبط بعض البيوت ببعض، تُسقف بجذوع النخيل، تسمح لسكان تلك البيوت بالانتقال من خلالها دون الحاجة إلى الخروج خارج المنزل.

وتحتوي البيوت على مداخل رئيسة منكسرة، وتصنع بواباتها من أعواد شجرة السدر (العِـلب)، التي يتمُّ نشرُها في فصل الشتاء، وقد اهتم النُجَّار بزخرفة الأعمال الخشبية بزخارف هندسية ونباتية غاية في الجمال والدقة، وعادة ما يُسجَّل تاريخ الصنع واسم الصانع أعلى الباب.

ويوضع على نوافذ الطوابق السكنية من الخارج ستائر مصنوعة من سعف النخيل، تسمح بمرور الهواء وبعض الضوء، وتحجب دخول الحشرات والحيوانات الصغيرة المتطفلة، تسمى تلك الستائر (شَجَبْ، مفردها شجبة)، ومن خلالها أيضًا تعطى المرأة حرية النظر إلى الخارج من غير رؤية المارة لها، وهي طريقة وأسلوب جيد، وإحدى الوسائل التي ابتكرها الإنسان المحلي لصون عفاف المرأة.

وتتميز بيوت ضري وملحقاتها من أبواب ونوافذ بزخارف هندسية ونباتية رائعة، فقد حرص النجَّارون بتوثيق سنة صنع الأبواب، لاسيما المداخل الرئيسة للبيت، كما يتم توثيق كتابة اسم الصانع، فغالب بيوت ضري تتميز بهذا التوثيق مع وجود زخارف فنية ونقوش وكتابات على الأبواب والنوافذ، حيث تتحلى مداخلها بزينة زخرفية هندسية جميلة.

المراجع

  1. الحداد، علوي بن طاهر، الشامل في تاريخ حضرموت، تريم للدراسات والنشر، 2005 م
  2. السقاف، عبد الرحمن بن عبيد الله، معجم بلدان حضرموت، مكتبة الإرشاد، صنعاء، 2002 م
  3. باحمدان، محمد سالم، التعليم الأهلي في دوعن، 2008.