“سلام إنجرامز في حضرموت”

ترجمة

د. عبدالله الفلق

الكاتب صمويل مارينوس زويمر (مبشر أمريكي ورحالة وباحث)

مجلة العالم الاسلامي .. المجلد الثالث والثلاثون أبريل 1943 العدد 2

“سلام إنجرامز في حضرموت”[1]

     في قصة الجزيرة العربية واستكشافها، تبوَّأتْ منطقة حضرموت في نهاية المطاف مكانتها الحقيقية. لم تكن لدينا معرفة بالداخل العربي تمامًا حتى عام 1843، عندما أبحر أدولف فون ريد من عدن إلى مدينة المكلا، وذهب إلى الداخل، حتى وصل إلى وادي دوعن. ومع ذلك، فقد وصف بطليموس ساحل الأدرامايت (Adramitae) في جغرافيته، ويبدو أن حازرمافة(Hazarmaveth) في سفر التكوين العاشر مطابقة للاسم الحالي لهذه الهضاب والأودية الخصبة. قام يوسف هاليفي (Joseph Halevy) في عام 1870 بمحاولة جريئة للوصول إلى حضرموت من اليمن، ولكنه فشل في ذلك. ثم قام السيد والسيدة ثيودور بينت برحلتين في عامي 1893 و1897، وكان كتابهما “جنوب الجزيرة العربية” المرجع الوحيد لعدَّة سنوات، وأن أفضل خريطة وأفضل وصف للشعب قدمه عالم هولندي يدعى إل. دبليو. سي. فاندين بيرغ (L. W. C. Vanden Berg) كان قد كتبه عندما كان في جزيرة جاوه-وقد كان مجموعة نصوص استند فيها إلى ما قيل على ألسنة المهاجرين العرب[2].

     في عام 1891، قمت بزيارة مدن الساحل من عدن إلى المكلا، وقلت في التقرير: “لن تظل حضرموت غير مكتشفة ومنسية إلى الأبد. أمام بلاد البخور القديمة مستقبل، تمامًا كما كان لها ماضٍ مجيد”، ولم أكن أتخيل أن الاستكشاف الحقيقي والنهضة لهذه الأرض سيحدث بعد أربعين عامًا.

     ثم رفعت فريا ستارك الستار ومهّد هارولد إنجرامز لأحداث جديدة. يعد الكتاب الذي بين أيدينا كشفًا دراماتيكيًا لأحداث مثيرة، وعمل بناء ومتطور، يقدم السلام حيث كان هناك الحرب، والتطور حيث كان هناك الركود. تتناول القصة تأثير السياسة، وتكشف عن العقل العربي وحسن النية تجاه بريطانيا في خضم المؤامرات الأجنبية والتعصب الديني؛ هذا الكتاب تحفة تاريخية في التأليف، ولذلك جدير بالدراسة العميقة. على صفحة العنوان للكتاب يوجد النص(72) من ترانيم الإنجيل: “الجبال والتلال الصغيرة ستجلب السلام للشعوب من خلال الاستقامة”.

     يستخلف رجال الدولة البريطانيون والمكتشفون العظماء هارولد إنجرامز، هؤلاء الذين أظهروا الجانب الحسن للإمبريالية، من خلال تطبيق مبادئ المسيحية الحميدة في إدارة الشعوب المتخلفة. يذكر إنجرامز أن أول اهتمام له بالجزيرة العربية كان نتيجة لكتاب تبشيري قديم بعنوان “بعيدًا”، وهذا ما دفعه في سن الحادية عشرة للبدء في دراسة اللغة العبرية! ويتابع حديثه “كنت أعتقد أنها مجرد صدفة أرسلتني إلى الخدمة الاستعمارية، ولكن يقال إن الصدفة مرادف للقدر، وعندما أتذكر الأحداث يبدو لي أنني اتبعت بلا شك إشارة الإله التي دعتني لذلك”. في يوليو 1919م تقدم إنجرامز بطلب تعيينه كمساعد للمفوَّضية الإقليمية في مستعمرة زنجبار، ومنذ ذلك الحين، بدأ يشعر أن مناطق المحيط الهندي مألوفة له. “لا يوجد أي مكان من بين جميع بقاع العالم يمكن مقارنته بالرومانسية وسحر المكان الذي عملتُ على شواطئه. لشيء، لم تعرفه البشرية طويلاً. أول السفن التي أبحرت كانت من الخليج الفارسي، وخرجت إلى المحيطات الشاسعة. نشر السومريون وأتباعهم من بعدهم ثقافتهم في أقاصي الأراضي المحيطة، وفي القرن السادس قبل الميلاد، قام الفينيقيون برعاية الفرعون نيكو بأول رحلة عظيمة نتعرف عليها عندما نبحر على طول الساحل الشرقي لأفريقيا ونحيط بالقارة بأكملها. لا يزال البحث جاريًا عن أقدم الحضارات المعروفة في الأراضي بين نهري الفرات والنيل، وفي مكان ما في هذه المنطقة يوجد المهد التقليدي للجنس البشري. بعد ذلك، وبدون شك إن الذين يعيشون في هذه المناطق يملكون أعمق اهتمام بالنسبة لنا من بين جميع البشر، ولم نعرف بعدُ كل ما يجب معرفته عنهم”.

     يجيب هذا المجلد عن غالب الأسئلة التي قد يطرحها المرء عن حضرموت. كانت جزر زنجبار وبيمبا وموريشيوس المكان الذي تدرب فيه الكاتب، ونقطة انطلاق مغامرات المؤلف العظيمة، ولذا تحتل جزءًا متواضعًا من كتابه. عندما يصل القارئ إلى الصفحة (84)، ندخل إلى منطقة محمية عدن، ومن تلك الصفحة يسودُ الكتابَ الحديثُ عن العرب. حتى في زنجبار وبيمبا، هناك الآلاف من المهاجرين الحضارم، وهناك تجارة نشطة بين هذا الجزء من أفريقيا وجنوب الجزيرة العربية منذ قرون. ينتهي الجزء الأول من الكتاب بوصف لحكومة محمية عدن، وفي كلمة المقدمة من الكتاب للمحافظ السيد بيرنارد رايلي، يشرح سبب إرسال إنجرامز في مهمته الصعبة: “أرادت وزارة المستعمرات إقامة اتصال أوثق مع هذا الجزء البعيد خارج محمية عدن، حيث وجدت في إنجرامز مستكشفًا حريصًا على استكشاف البلاد واحتياجاتها وإمكاناتها. أسفرت رحلة إنجرامز عبر وادي حضرموت عن تقرير لا يقدر بثمن، حيث شاركت السيدة إنجرامز التعب والمخاطر المحلية مع زوجها، وأثبت هذا التقرير أساسًا تطور السياسة البريطانية في منطقة محمية عدن الشرقية. في الوقت المناسب، كُلف إنجرامز بتنفيذ مخططات التهدئة والتنمية التي طلبتها البلاد آنذك”.

     كان الجزء الأول من الكتاب تمهيديًا، والجزء الثاني (الصفحات 137-235) يصف البلاد بشيء من التفصيل، الحياة القبلية والحضرية، ومغامرات السفر. يروي الجزء الثالث لنا بالتفصيل كيف حلَّ السلام في حضرموت بعد قرون من الاضطراب والحروب القبلية المريرة. كلمة (السلام) هي الكلمة المفصلية التي تدور حولها القصة كاملة. إنها الفكرة الأساسية للرحلة، ويستحق المؤلف بالتأكيد شرف صانع السلام. السودان المصري وحضرموت مثالان رائعان للوجه المشرق للإمبريالية، وتحول هذين الإقليمين وتطورهما مع بداية الإدارة البريطانية القوية والحكيمة. إنها سياسة الرعاية وليس الاستغلال – ليس فرض عبودية الأجنبي، ولكن لتعليم الشعوب كيفية حكم أنفسهم. “تحدث الكثير عن (الإمبريالية) بسخرية، والتصقت الكلمة باستغلال الأعراق المتخلفة. لا أعتقد أن أي شخص يستطيع العثور على أمثلة للاستغلال في قصة حضرموت، ولم أعثر عليه في أي مكان آخر في الإمبراطورية. لو كنتُ كذلك لما انضممت إلى الخدمة الاستعمارية، لكنني على ثقة تامة أنني إمبريالي، ومتأكد تمامًا أن الغالبية العظمى من العرب في منطقة محمية عدن أيضًا كذلك، لأننا جميعًا نؤمن بانتمائنا إلى إمبراطورية تُدِيرُ نفسها بناءً على أساس المصالح المتبادلة مع جميع أعضائها”.

     هذه لغة جريئة حقًا، ولكن حتى القارئ المتعصب سيوافق على استنتاج المؤلف عندما يقرأ الوصف الحي، الذي يروي الطريقة الدبلوماسية، والصداقة المخلصة، والعدالة النزيهة، الممزوجة بالرحمة من مندوبي المستعمرات. هنا أرض بدائية، وغالب سكَّانها بَدْوٌ مع كل التعصُّب السامي لعقيدتهم. “لا يمكنك تجنُّب ذلك في حضرموت؛ فأنت تعيش قصص سفر التكوين. إنه تمامًا كما لو أن البدو قد أدركوا الإمكانات الكامنة في أرضهم كبيئة، وقاموا برسم قصة الخلق لهذا العالم. بعد أن ذكر الكتاب المقدس من هم أبناء يقطان، لم يتحدَّثْ عما حدث لهم، بحيث تأتي إلى بلد كأنها ضائعة عنك، وهناك تشعر بأنك اكتشفتهم، وشاهدت حياتهم ومغامراتهم – قصَّةً حيَّـةً لأبناء يقطان، في عالم لا يزال يعيش على طريقة العهد القديم”.

     ثم يقدم لنا المؤلف لوحة لتاريخ حضرموت قبل زمن محمد – صلّى الله عليه وسلّم – وبعده. يعرض لنا تركيبة المجتمع – ديمقراطي في مثالياته (كما هو الحال في الإسلام في كل مكان باستثناء العبودية وموقفه من المرأة)، ولكن مع تنوع غريب في التركيب الاجتماعي – السادة، الشيوخ، رجال القبائل، سكان المدينة، العبيد والصبيان – جميعهم من ديانة واحدة، ولكنهم مقسَّمون بشدة من حيث الامتيازات والمكانة.

هناك حكومتان قديمتان على هذه المساحة التي تبلغ 70,000 ميل مربع، ويبلغ سكانها 300,000 نسمة، سلطنة القعيطي، التي تحاول التوفيق بين الأساليب الغربية (المستمدة من الهند) والمؤسسات المحلية، وسلطنة الكثيري التي تعتمد على المؤسسات المحلية فقط. عاصمة سلطنة القعيطي هي ميناء المكلا، وعاصمة سلطنة الكثيري هي مدينة سيئون في الداخل. وقد كان هناك عداء ومنافسة طويلة بين هاتين الدولتين العربيتين، في حين كانت القبائل البدوية والمستوطنة جميعها لدرجة أكبر أو أقل موالية لإحدى الدولتين إذا لم تكن الدولتان في حالة حرب. على سبيل المثال، تسببت قبيلة الحموم في مشاكل للسلطان القعيطي قبل ثمانية عشر عامًا. تم حل السؤال بدعوة جميع رؤساء القبائل العرب السبعة الآلاف المحاربين إلى حفلة في مدينة الشحر وقتلهم هناك. تم تحقيق هذا، وبعدها تم التوصل إلى هدنة بثمن ألفي دولار في السنة! يروي إنجرامز كيف استطاع حل هذه النزاعات وغيرها. عندما يصل رئيس قبيلة ما يقول: “لقد سمعت عن حكومة جديدة تدعى إنجرامز، ترغب في السلام، فهل تعطيني الحماية؟ إذا كنت لا تستطيع، سأذهب إلى حكومة أخرى”. في أرض تسودها الخلافات والصراعات الدموية والغارات والقتل والكراهية الداخلية، يدعو سفير النوايا الحسنة إلى السلام وإلى هدنة لمدة خمس سنوات، وقّع بموجبها 1.300 مندوب عربي من أكبر مجموعات القبائل والأصغر. إنها قصة مدهشة ورويت بتواضع، فلم تكن المهمة سهلة أيضًا بسبب التدخلات الخارجية والمؤامرات، ونقرأ ذلك من بين السطور. “كان هناك تخوف سائد بين عامة الشعب بأنه إذا لم تتخذ بريطانيا إجراء ما فإن قوة أخرى ستتخذ ذلك. وكثير من هذا التخوف كان بسبب زيارة فيلبي، فقد كانوا يعتقدون أنه كان نذير غزو سعودي” (ص. 271). وفي بعض الأحيان تم طلب المساعدة من سلاح الجو الملكي لمعاقبة القبيلة المتمرِّدة عن طريق القصف الجوي؛ ولكن كان هذا آخر وسيلة ولم يتم القيام به إلا بموافقة القبائل المجاورة بعد محاولة جميع الوسائل، وقد كانت الخسائر ضئيلة ومحدودة عمومًا إلى تدمير البيوت القروية. “على الرغم من استخدامه بشكل نادر، كان القصف الجوي السلاح الأكثر فعالية وإنسانية”. ومع ذلك، كان لدى سلاح الجو الملكي البريطاني مهمة أكبر بكثير في تحقيق السلام من خلال استخدامه في مسوحات الطرق العامة الجديدة، وبناء مدرجات الهبوط والمهام الإنسانية. تم تمديد هدنة الثلاث سنوات إلى عشر سنوات، وساد السلام في جميع مناطق هذا الإقليم الواسع.

يبقى أن نقدم للقارئ فكرة عن مدن حضرموت التي تتجلى فيها الهندسة المعمارية الرائعة في عشرات الصور الجميلة. (يوجد أكثر من أربعين رسمًا توضيحيًا، وخريطتان ممتازتان). شبام وتريم وسيئون من بين المدن الداخلية المهمة. يوجد في مدينة تريم خمسة وعشرون حصنًا وجدران طويلة؛ قصورها الفاخرة، وثلاثمائة مسجد ليست بمثابة الدهشة الوحيدة، بل الحقيقة أن هناك ستين سيارة في المدينة، تم نقل كل واحدة منها من الساحل على ظهور الجمال! كل ذلك يذكّرنا بقصص ألف ليلة وليلة. “في تريم وجدنا أنفسنا في جو غير مألوف من محيط العصر الوسيط وظروف الحياة، بدون شرطي وتوجد الوحشية خارج جدرانها. كأن الرجال من هذا الماضي قد خطوا إلى الأمام عدة قرون من الزمن، وأحضروا مقتنيات القرن العشرين من الأثاث والسيارات والهواتف والإضاءة الكهربائية والمشروبات المبردة والحمامات وكل “المرافق الحديثة”. في الليل عندما كنا نجلس تحت مروحة كهربائية في غرفة جلوس حديثة وفاخرة، كان غالبية السكان ينامون في الكهوف، أو الأكواخ الصغيرة، أو الدور الطينية، ومع كل رجل بندقيته وخنجره في متناول يده”.

     يشبه قصر السلطان في سيئون فنادق نيويورك، في حين كانتْ رفاهية الحمامات والولائم تتجاوز الخيال. في المكلا، كما يروي إنجرامز: “جلسنا خمسون شخصًا لتناول العشاء، وبين أشياء أخرى أكلنا خروفًا كاملاً، وثلاثة ماعز كاملة، وخمسًا وعشرين دجاجة، وخمسين رطلاً من الأرز، وخمسة وعشرين رطلاً من السمن، وكمية ضخمة من الأسماك والخضروات والحلويات”. لا يوجد تقييد في استهلاك القهوة. لاشيء أكثر سعادة من “الجلوس في حوض السباحة في المساء، والاستماع إلى ألحان أوركسترا إمباير بي بي سي”. الآن وبعد وجود البث اليومي، يضبط الناس ساعاتهم حسب توقيت بيغ بن، وانخفضت تجارة البنادق، وازداد الطلب على تجارة السيارات وأجهزة الراديو.

     وماذا عن المستقبل؟ لم يخفِ الكاتب أي شك في آماله ومخاوفه، ويثق في أنه لن تكتشف ثروات معدنية تؤدي إلى استغلال أجنبي، بل يأمل أن تتطور الزراعة والري بشكل واسع. هناك مئات من الأميال المربَّعة من الرواسب الطينية الغنية. التعليم يحقق قفزاتٍ في التقدم، والمدرسة تقوم بعمل رائع في عدن لتعليم أبناء الشيوخ والسلاطين. هناك عدد قليل من الأطباء المؤهلين، ولكن هناك مفتش صحي على الساحل، في حين انضم عامل رعاية الأطفال إلى طاقم الإقامة في مدينة المكلا، وسيتم بناء مستشفى صغير.

     كل هذا يطرح التساؤل عما إذا كانت البعثات التبشيرية ستحصل على فرصة. يمكن للشخص أن يشكك فيما إذا كان الإنسان يمكنه العيش بالخبز وحده حتى في زمن السلام الذي حققه إنجرامز. يتحدث الترنيم الثاني والسبعون عن أمير السلام الذي تتعلق حياته وموته وقيامته أيضًا بحضرموت. لذلك، فنحن غير متأكدين مثلما يعتقد الكاتب أن “شيئًا واحدًا لن يتغير في حضرموت، هو كلمة الله، كما بلغها للناس نبيهم من قبل، وأعتقد بنفسي أنه إذا اتبعوا روح إيمانهم، فلن يصيبهم مكروه”.

يعترف هارولد إنجرامز في الواقع بأن الإسلام قد فشل في جنوب الجزيرة العربية في تكوين شخصية جيدة، فالعرب بحاجة إلى ديناميكية روحية جديدة. يكتب (صفحة 100): “غالبًا ما تجد في جنوب الجزيرة العربية أن الدين وأمور الحياة اليومية مفصولة تمامًا عن بعضها البعض، وعلى الرغم من أن المساجد في المدينة مليئة، لكن حياة الكثير من الذين يملأون هذه المساجد لن تتحمل تحقيق شيء من الناحية الأخلاقية – الغش والكذب والقذف والاضطهاد وكل أنواع الغش ليست سوى أمور شائعة جدًا، وفي الواقع، أكثر شيوعًا بين البدو، حيث كثير منهم بالكاد يصلُّون ويصومون، ويمكن أن تجد أعلى مستوى من الشرف والاستسلام لإرادة الله”.

صمويل م. زويمر.

مدينة نيويورك.


[1] الجزيرة العربية وعسكا. بقلم هارولد إنجرام. مع مقدمة من زت. العقيد بيرنارد ر. ل. غ.، حاكم عدن. جون موراي، لندن. ٣٦٧ صفحة. مصور. ب١٨ شلنج.

[2] Ls Eadmmavt et les Colonies Arabes dam I’Amhipel Indien. Batavia, 1886.