تاريخ
أ.د. أحمد محمد بن بريك
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 1 .. ص 25
رابط العدد 1 : اضغط هنا
خطها المرحوم العلامة/ محفوظ بن سعيد المصلي
الورقة الأولى: احتلال العبر
يقول المصلي:
” ذات يوم جاء إلى مكتب السلطان المستر هوبكنس وهو انكليزي كان مشرفا على تدريبات الجنود القعيطية وقال أن المستر انجرامس وهو إذ ذاك بسيؤن يريد إرسال خمسه عشر نفر من عبيد الدولة إلى سيؤن في الحال وكان يخاطب الحدادي مساعد الأمير عوض ولما سأله الحدادي لماذا يريدهم قال: لا ادري، فقال له سأبلغ الأمير عوض هذا الطلب وسيأتيك الرد0 كل هذا يجري وإنا بينهم في الجلسة فقلت للمستر هوبكنس غريب من المستر انجرامس يطلب هذا الطلب دون علم مكتب السلطان ولا علم الأمير عوض القائم مقام السلطان فقال: وانتم لا تعلمون شيا عن هذا الطلب. فقلت: لا ولا الأمير عوض أيضا يعلم شيا عن ذلك فاستغرب هو نفسه ذلك التصرف من المستر انجرامس وذهب إلى مكتبه ثم عاد إلينا ضحوة ذلك اليوم يحمل برقية بيده له من المستر انجرامس وعرضها علينا فإذا فيها: مهم جدا أرسلوا خمسه عشر من العبيد فورا إلى سيئون) وقال هذه البرقية وصلتني من المستر انجرامس وهي تدل أن الموضوع مهم جدا كيف رأيكم فقلنا أن الأمير عوض رأيه أن يعلم الأسباب لهذا الطلب وهو مستعد بإرسال الخمسة عشر أو مائة نفر لكن بعد التحقق من معرفه الأسباب وصلاحيتها وهؤلاء الناس من أتباعه وهو أمين عليهم وتحت حمايته ولا يمكن أن يرسله بمجرد طلب بهم غامض لا يعلم أسبابه فعاد إلى مكتبه على اثر ذلك ثم جاء مرة ثالثه وقال إنني تفاهمت مع المستر انجرامس برقيا وقال انه سيحتل العبر بهم وقلنا له هل تفهم العبر أنت وموقعه فقال لا وأعطيناه صوره عن العبر وعن القبايل المحيطة أو القريبة منه وقلنا أن الخمسة عشر النفر الذين يطلبهم لا يقدرون أن يحتلوا العبر بمفردهم إذا كان احد من قبايله موجود به وعلى فرض أن يكون خاليا ويحتلوه فسرعان ما تحتاط بهم القبايل المجاورة له وتكون العاقبة وخيمة وقلنا له أنت كضابط مسول فهل إذا أمرت أن تحتل العبر مع هذه الحالة والموضوع غير واضح لك فقال لا ثم قال وما العمل؟ قلنا الموضوع يحتاج إلى إيضاح أكثر فاتصل بانجرامس وابلغه خلاصة ما دار في الجلسة وعاد إلى مكتبه وفي العصر أرسل لنا رسول يبلغنا أن المستر انجرامس سيصل إلى المكلا غروب الشمس في ذلك اليوم لمقابله الأمير عوض وبعد الغروب جاء رسول آخر وقال المستر انجرامس وصل وسيلتي الآن لمقابله الأمير عوض وكان الأمير عوض في اوضة الاستقبال والحدادي وكنت ثالثهم وجاء المستر انجرامس وفور جلوسه قال أنا طلبت إرسال خمسه عشر نفر من العبيد إلى سيئون هذا اليوم ولم ترسلوهم لماذا؟ أجابه الأمير عوض أن طلبك لم نفهم أسبابه في البداية وأخيرا عرفنا بعض الأسباب من المستر هوبكنس ولكن لم تكن واضحة فطلبنا منه أن يستوضحكم ثم ابلغنا انك ستصل إلى هنا وانتظرنا وقد حضرت ونحب أن نفهم الأسباب لهذا الطلب فأجابه المستر انجرامس على الفور أنا طلبت هؤلاء النفر من العبيد وإذا لم تحبوا أن ترسلوهم فما حاجه لضياع الوقت ونهض خارجا من الاوضه فقمت واعترضت سبيله وطلبت منه أن يعود ويجلس ويستمع لما يقال له وقلت له بصريح العبارة أن تصرفك هذا غير سليم أولا لأنك في مجلس الأمير عوض وكان المفروض ان تحترمه وثانيا لم يتم الكلام فيما جئت من اجله وما كان من حقك ان تتصرف هذا التصرف فقال لكن هذا الموضوع سري ولابد فيه من الكتمان ونحن قررنا احتلال العبر وطلبنا خمسه عشر نفر من المكلا وسنضم اليهم خمسه عشر نفر من عبيد السلطان الكثيري وأنا وزوجتي دورين والسيد ابوبكر معهم وستحمينا الطايرات أيضا فيما إذا حصلت مقاومه فقلت مهما يكون الأمر سرا فلا يمكن أن يخفى على الأمير عوض الذي يمثل السلطان حتى يعرف إلى أين يذهب جنوده على انه مادام الأمر وضح فقد أخبرك الأمير عوض أن لا مانع لديه من إرسالهم أو أكثر منهم ثم بعد ذلك أخذني بعض مقادمة العبيد واسر الي رغبه المقادمة في أن يذهب رجل عاقل مع الخمسة عشر ليرعاهم وإذا حصل خلاف بينهم بعضهم البعض أو بينهم وبين عبيد سيئون أو بينهم وبين المستر انجرامس يقوم بعلاجه وحله وجئت إلى المستر انجرامس واقترحت عليه ذلك فرفض وقال لا نريد إلا الخمسة عشر نفر فقط وبعد معالجه معه استجاب لذلك ثم أخذني المقادمة مرة أخرى وقالوا نسينا أن نقولك أن الحكومة أوقفت مرتب الذي سيقوم بهذه المهمة لهذا نريد له ولو عشره ريال شهريا مدة بقاءه هناك وعدت إلى المستر انجرامس واقترحت عليه ذلك ورفض وأصر على الرفض وأخيرا حاولته أن يقوم معي إلى اوضة أخرى لنتحدث معه بسرا وبعد000والتي استجاب وفي الاوضة الأخرى تحدثت معه بقوة حول ذلك وأفهمته المصلحة التي سيجنيها من وجود هذا الرجل العاقل وبعد ذلك وافق ثم استعرضت معه ما عمله في الجلسة من قلة أدب وقلت مهما كان من سقوط السلطان في أحضانكم وانصياعه إلى كل ما تشيرون به عليه فما اقل أن تحترموه وتحترموا مجالسه أما أن تتصرفوا معه هذا التصرفات وأمام الناس فهذا لا يليق بكم ولا يشرفكم ولا يشرف حكومتكم وطال الكلام معه ولكنه في الأخير اعتذر وانتهت الجلسة وعاد في نفس الليلة إلى سيئون وفي الصباح الباكر توجهت العبيد إلى سيئون وفور وصولهم ضم إليهم خمسة عشر من عبيد سيئون وهو وزوجته واليد ابوبكر بن شيخ الكاف وتوجهوا إلى العبر واستولوا عليه ولم تكن به مباني إلا نحو ثلاثة بيوت صغيره ومهدمه في نفس الوقت ولم يجدوا فيها سوى ثلاثة نفر من الصيعر بدون سلاح جيء بهم إلى سيئون ثم أطلق سراحهم بعد أيام.
من أرشيف / أ. د. أحمد محمد بن بريك