تاريخ
محمد سعيد باحاج
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 1 .. ص 28
رابط العدد 1 : اضغط هنا
السلطنة الكثيرية
تأسست السلطنة في عام 1379 م على يد أبناء الشيخ جعفر بن بدر بن محمد الكثيري، وكان أبرز رجال آل كثير السلطان بدر بن عبدالله بن جعفر الكثيري الملقب (أبو طويرق) الذي حكم البلاد من عام 1516 إلى 1565م، وامتد حكمه إلى منطقة العوالق غرباً وشمالاً وكان متقشفاً، حازماً، شجاعاً، كريماً، وسياسياً بارعاً، واشتهر بطول ولايته وحكمه.
في عام 1520م استولى على تريم ومنطقة هينن. وقد أمر بأن تضرب باسمه نقود فضية من فئة ريال ونقود نحاسية من فئة ربع ريال في عام 1530 م . واجه السلطان بدر (بو طويرق) في تلك الفترة ثورة قبائل إلا أنه استطاع أن يخمدها مثلما خمد الكثير من الثورات . وحينما هاجم البرتغاليون الشحر بسفنهم سنة 1523م، استنجد أبو طويرق بالسلطان العثماني آنذاك فلبى طلبه وأرسل أسطولا من السفن البحرية. وفي عام 1541م ثارت عليه قبائل منطقتي الهجرين ووادي عمد . وفي العام نفسه دخل في حرب جديدة مع الشيخ عثمان العمودي شيخ وادي دوعن، فقد عارض الشيخ العمودي سياسته مع الأتراك وخضوعه لهم . كانت نهاية الدولة الكثيرية الأولى بنهاية سلطانها جعفر بن عمر بن جعفر الكثيري في عام 1730م. قام بن عبدات بضرب عملة نقدية في بلدته (الغرفة) حيث أعلن تمرده على آل كثير . أما الدولة الكثيرية الثانية بدأت عندما عاد السلطان جعفر بن علي بن عمر الكثيري عام 1803 م من بعد هجرته الطويلة في إندونيسيا والهند. اتسم عهد الدولة الكثيرية الثانية بالاستقرار السياسي وبالتركيز على العلم والأدب والقوة العسكرية وكانت توصف بأنها من أقوى الدول عسكرياً في الجزيرة العربية حيث سطع نجمها في عام 1824 م. استولى السلطان غالب بن محسن الكثيري على الحكم وقام بتعديلات كثيرة في الدولة لذلك سميت بالدولة الكثيرية الثالثة. وكما يبدو أن غالب بن محسن الكثيري شعر بخطورة عودة القعيطي ولكي يقضوا على خططه قرر غزو حضرموت الساحل والاستيلاء على ميناء الشحر والمكلا لكي يحقق هدفين الأول القضاء على النفوذ اليافعي المتضامن مع القعيطي، والهدف الثاني استيلاؤهم على الموانئ البحرية وذلك بمساعدة الأسطول التركي وكانت الخطة أن الأتراك يهجمون من البحر والكثيري يهجم من البر وذلك في ضرب إمارة بن بريك في الشحر وإمارة الكسادي في المكلا. ولقد انتصر أبناء يافع الموالون لابن بريك والكسادي انتصارا ساحقاً على القوات الكثيرية التركية. على التحالف – الكثيري والتركي – توفى السلطان غالب بن محسن الكثيري سنة 1853 م أثناء تأديته فريضة الحج في جبل عرفات وخلفه بعده ابنه منصور بن غالب حتى توفى هو الآخر سنة 1928م كما خلفه ابنه علي بن منصور بن غالب الذي توفى في عام 1938 م في سيئون ثم خلفه أخيه جعفر بن منصور الذي توفي عام 1947م ثم خلفه ابن أخيه حسين بن علي بن منصور الكثيري وهو آخر سلاطين آل كثير وغادر البلاد مكرهاً عندما سيطرت الجبهة القومية على حضرموت وعاش في السعودية حتى وافاه الأجل.
إمارة الكسادي
يعود تأسيس إمارة الكسادي إلى عام 1703م بزعامة النقيب أحمد بن سالم الكسادي اليافعي حيث كان أهل الكسادي مولعين بالملاحة البحرية ولديهم خبرة كبيرة في هذا المجال وبالذات في قرية الديس الشرقية وقرية الحامي. قام آل كساد بتشييد إمارتهم وهم أسرتان إحداهما أسرة النقيب حسن بن صلاح الكسادي وكان مقرها الديس الشرقية والثانية أسرة النقيب أحمد بن سالم الكسادي وكان مقرها الحامي. لقد برز النقيب أحمد بن سالم الكسادي في الحكم، وكان والده سالم رباناً ماهراً يتردد على ميناء المكلا للتجارة، ثم طابت به الإقامة فيها وجعلها مستقره وكان محبوباً بين الناس. جاء بعده ابنه أحمد فأنشأ الإمارة الكسادية بالمكلا عام 1703م وهي أول إمارة يافعية تقام بحضرموت وجعل من الكوت الذي حل محله الحصن المعروف بحصن النقيب مركزاً لإقامته (حالياً المبنى بالقرب من مدرسة ابن خلدون). ازدهرت التجارة في المكلا وأصبحت تنافس جارتها الشحر. ويؤكد المؤرخون بأن أول الأسر التي سكنت المكلا (الخيصة) هي أسرة الشيخ المنصور الجعفري وكانوا خبراء بشؤون البحر واعتمدوا الكهوف والأكواخ مأوى لهم. وفي عهد النقيب صلاح الكسادي ضربت أول عملة معدنية وورقية في عام 1828م في المكلا وأشهر آثارهم حصن الغويزي الذي انشأ عام 1716 م لحماية المكلا من العدو القادم. كذلك شيد الكسادي حصن خازوق الكوت المقابل لحصن الغويزى. إن لهذه الحصون أهمية حيث تحصن جنود الكسادي بهم خلال معركة المكلا ضد هجوم الكثيري من الشحر وأستمر آل كثير في زحفهم إلى البقرين بعد أن هزموا جنود الكسادي من يافع وتألم النقيب صلاح بن محمد الكسادي فاستدعى الشاعر الشعبي عمر محمد سعيد باعطوة وقال بيته الشعري المشهور :
على خازوق بارودنا بيت وظلاّ ونفقنا البضاعة وسلمنا المكلا
كلمة (سلمنا المكلا) تعني السلامة والنجاة وليس تسليم المكلا . قالها باعطوة في معركة البقرين في 24 رجب 1283 هـ ولقد أشعل هذا البيت الحماس في جنود الكسادي وهزموا الكثيري. كان آخر حكام المكلا النقيب عمر بن صلاح الكسادي وفي عهده بدأ النفوذ القعيطي يتسع كما هو معروف في التاريخ حتى تم استيلاء القعيطي على المكلا ما بين عام 1296هـ -1297 هـ وينتهي بذلك عهد إمارة الكسادي ويبدأ تاريخ القعيطي في المكلا بالاستيلاء على عليها بعد أن طالب القعيطي الكسادي بتسديد الديون التي عليه ولقد اتفقا على أن يسلم الكسادي المكلا للقعيطي مقابل مديونية عليه.
السلطنة القعيطية
ولد عمر بن عوض القعيطي في العقد العاشر من القرن الثالث عشر الهجري بقرية لحروم من أعمال عندل البلدة التاريخية المشهورة التي غناها أمرؤ القيس بقوله :
كأني لم اسمر بدمون مرة ولم أشهد الغارات يوما بعندل .
هاجر إلى الهند سنة 1207هـ وشق طريقه وأثري ثراء واسعاً. وعاد إلى حضرموت واشترى منطقة الريضة بالقطن من آل العيدروس وبدأ يبني الحصون بها 1255هـ واشترى العتاد الحربي واستقدم عدداً كثيراً من الجنود من يافع. في صفر 1282هـ توفى الجمعدار عمر بن عوض الكثيري في حيدر أباد بالهند. استمرت السلطنة القعيطية في التوسع في عهد ابنه عوض بن عمر القعيطي الذي يُعد المؤسس للدولة القعيطية. لقد توافرت عنده عناصر الحكم المهيب مع تواضع. لقد أوقف الكثيري عند حدوده وأقصى العولقي من أرضه بحزم وقوة إرادته. يقول المؤرخون إن الثلاثة الذين خرجوا بثرواتهم من حيدر أباد بالهند إلى حضرموت هم: عبدالله بن علي العولقي وغالب بن محسن بن عبدالله الكثيري وعمر بن عوض القعيطي .
سلاطين الدولة القعيطية
السلطان عوض بن عمر القعيطي – مؤسس السلطنة القعيطية ، السلطان غالب بن عوض القعيطي (الأول) ،ولقبه أبونا آدم، السلطان عمر بن عوض القعيطي (المشهور) بـ (خذ حقك وهات حقي)، السلطان صالح بن غالب القعيطي ، عالم وأديب ومهندس خريج جامعة ألمانية، السلطان عوض بن صالح القعيطي ، خلال حكمه فتح المجال للحريات العامة، السلطان غالب بن عوض القعيطي (الثاني) ، نشأ وتعلم في حضرموت منذ الصغر ثم التعليم المتوسط والثانوي في السودان والجامعي في بريطانيا.
وخلال حكم القعطة لا يوجد أحد من المواطنين قد ظلم من قبلهم في مال أو أرض بل إن أموالهم الخاصة جعلوها ملكاً للشعب ولم يحتفظوا لأنفسهم بشيء يسمى مالاً خاصاً وقصورهم شيدوها بأموالهم الخاصة والأملاك في القطن وهينن وحورة وسدبة وغيل باوزير وغيرها مع قصورهم جعلوها كلها للدولة. وعندما كانت مالية الدولة لا تفي بالمصروفات كانوا يسددون العجز من أموالهم الخاصة .
كانت حضرموت في عهد القعطة متقدمة على اليمن ودول الجزيرة العربية ماعدا عدن والبحرين كانتا مستعمرات بريطانية وخصوصا مع بدايات القرن العشرين حيث كانت عدن في قمة ازدهارها فأراد السلطان القعيطي أن تصبح حضرموت كذلك وحقق القعيطي تقدما باهرا دون أي مساعدة من الانجليز ومن أبرز انجازاته إدخال الكهرباء والماء في الأربعينات كما أن مطار الريان والذي يعتبر ثالث مطار بعد عدن والبحرين وأدخل خدمات البرق والبريد .. ناهيك عن التقدم الاقتصادي والتعليمي والصحي والمستوى المعيشي المعقول في ذلك الوقت خصوصا مع إصدار العملة الرسمية للدولة وهذا كله في عهد السلطان صالح بن غالب القعيطي. لقد ترك السلطان صالح دولة فيها كل مقومات الدولة من علم و جيش ومجلس للدولة ومجلس للسلطان ووزير للسلطنة وإدارات للمعارف والمالية والأشغال العامة والصحة العامة والجمارك والميناء البحري والجوي والسكرتارية والأوقاف والتركات والزراعة والشرطة المسلحة والتفتيش والكهرباء والتلفون والعسكرية والجوازات والبريد والتلغراف والقضاء والسجون والشرطة المدنية والنقل والورشة وغيره .. وكان يطلق اسم ناظر على كل مسئول لهذه الإدارة الحكومية.