أعلام
سند محمد بايعشوت
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 1 .. ص 34
رابط العدد 1 : اضغط هنا
جابت شهرته الأفاق وبلغت الشرقيين الأقصى والأدنى، وخالف بعلمه و أدبه وفكره الذي نهل من أوعيته في حضرموت ونفع بها الإنسانية عند هجرته الأولى لاندونيسيا، فكان أستاذاً و أديباً و صحفياً ومترجماً ومعلماً و ناقداً أدبياً و سياسياً و خطيباً مفوهاً.
لقد تخرج في حضرموت المدرسة والمدنية والجامعة وتتلمذ تحت يديه المئات من الطلاب من مختلف الملل والنحل، واستفاد من أرائه الأدباء والمفكرون ورجال السياسة في ذلك العالم المتلاطم في عهد النهضة الحضرمية أيام الزعيم أبوبكر بن شيخ الكاف والعالم العارف السلطان صالح بن غالب القعيطي.
سأل الأستاذ محمد بن هاشم بعد مرور ثلاثة عقود من ممارسته العمل الصحفي في كبرى الصحافة الحضرمية المهاجرة في سنغافورة واندونيسيا وكبرى الصحافة العربية في القاهرة، وسأل سؤال المستقبل عقب أحلال السلام وهو عضو في لجنة آمان حضرموت بعد توقيع صلح انجرامس و كتب مقالاً في صحيفة الإخاء بتريم “كيف ستكون حضرموت بعد خمسين عاما؟ “وجاء السؤال بعد استتباب الأمن والدفع بعملية السلام ودوران عجلة التنمية في عهد جديد انتشر في رقعته المكانية والزمانية بناء المدارس والمستشفيات وتأسيس الجمعيات في مجتمع حضرموت المدني.
ومازال صدى السؤال طناناً وفضفاضاً في فضاءات عوالم متعددة في أزمنة متشابكة ومتقاطعة و مرت سنوات التيه الخمسين ومازالت حضرموت منتظرة في محطة عند مفترق الطرق ولا نريد الخوض في هذه العجالة بقدر الإسهاب في مواكبة الأستاذ بن هاشم في الأدب والسياسة وبلاط الصحافة.
فقد ترك الأستاذ في سنوات التيه وغبار الأزمنة الماضية المئات من المقالات الصحفية التي أصحبت مرجعاً وقاموساً لغوياً مدهشاً يحق لنا أن نفتخر بالإنتاج المعرفي الغزير في بنيته اللغوية والأدبية كثروة علمية لدارسي الصحافة على أصولها من شيوخها والأستاذ بن هاشم احد مشايخها في صفحات النقد الأدبي وفى الشعر والسياسة والتاريخ فله أسلوب في كل علم وفن في أسئلته المتجددة “إلى أين؟”و”حتى متى هذا الحال ” و”الوطنية والحضارم” و”اجدام هزل” وغيره من المؤلفات ومنها توثيقه لرحلة تاريخية بالكلمة والصورة “رحلة إلى الثغرين ” عند البدء في إنشاء طريق معبد بين الساحل و الوادي على نفقة الزعيم والرجل الحكيم أبو بكر بن شيخ الكاف.
وسبق بن هاشم مجايليه من الأدباء والكتاب العرب حين استقر في مصر أيام طلعت حرب وشوقي والسنهوري فكتب في كبريات الصحافة المصرية وحاضر في نواديها وكانت كلماته ذات نسق في التشكيل الجمالي للغة بوصفها كائناً حياً فجاهر بفكرة اتحاد حضرموت ونشر وخاطب بالفكر والرأي في كل فما يتعلق بقضايا المشترك للعرب.
إن الحديث عن الأستاذ النابغة بن هاشم مازال فعلاً مستمراً منذ وفاته عام 1960م عن عمر ناهز 77 عاماً فإن لكل فصل من فصول حياته كتاباً مستقلاً في حد ذاته فقد كان شاهداً على عصر النهضة الحضرمية بعد تلبيته لنداء العودة للوطن من مهجره الاندونيسي وإقامته العلمية والأدبية في القاهرة ليس للدراسة وإنما للتدريس وإعطاء دروساً في الوطنية والتاريخ الحضرمي، لبى نداء الواجب وأصبح شاهداً على كافة التحولات التي جرت في المكلا والشحر وتريم وسيئون بدءاً من الدعوة لمؤتمر حضرمي جامع في عشرينيات القرن الماضي ينهي سنوات من العزلة بين الساحل والوادي وغيرها من الأحداث التي أصبحت في كتب التاريخ الحضرمي المعاصر فقد كان أيضا احد صناعها ومشاركا فعالاً في أهم فصولها كونه احد أعمدة النخبة الحضرمية في العلم والأدب والسياسة بل كان من رواد ومفجري النهضة الحضرمية ويقف في مسافة متساوية في الصفوف الأولى بجانب العلماء و الأدباء و رجال السياسة ورؤساء الحكومات الحضرمية المتعافية في زمن لم يعد لعقارب الساعة أي ترجع للوراء ونتساءل كما سأل إستادنا الكبير “إلى أين يا حضرموتنا المحبوبة يكبك كوكبك المنقض على غير هدى؟” وكفى!!.