مسرح
عبد القادر سعيد بصعر
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 1 .. ص 101
رابط العدد 1 : اضغط هنا
الحركة المسرحية في أي مجتمع كانت تستمد دماءها الجديدة والواعدة ومواهبها في مراحل التكوين الأولى من المدرسة باعتبارها الموقع الملائم لتفريخ وصقل هذه المواهب وهي تتلمس الخطوات الأولى نحو الآفاق الفسيحة، فكلما أعطي اهتمام بالمسرح المدرسي وأضحى فعالاً ونشطاً تمكنا من اكتشاف مواهب تنطلق بعد صقل موهبتها في المدرسة إلى المساهمة بثقة وجدارة في الفرق المسرحية، والعكس من ذلك، عندما يخيم الركود على هذا النوع من النشاط يؤدي بالضرورة إلى وأد وإجهاض مواهب مسرحية لم ترَ النور بعد.
وفي محافظة حضرموت قبل سنوات عديدة خلت تجربة جديرة بالإشادة، وتتمثل هذه التجربة في أن ينظم بصورة سنوية مهرجان المسرح المدرسي، الذي يتم التركيز للاشتراك فيه على المدارس الثانوية بصورة رئيسة وبعض مدارس التعليم الأساسي الذي تولى هذا النوع من النشاط الاهتمام المطلوب، فمثل هذا النوع من النشاط ينظم بصورة سنوية ويشرف عليه مكتب وزارة التربية والتعليم بالمحافظة، ويدب في المدارس المشاركة في هذا المهرجان حالة من النشاط للتهيؤ والاستعداد لهذا المهرجان الذي يدشن في السابع والعشرين من مارس الذي يصادف اليوم العالمي للمسرح، وبعد تقديم الأعمال المسرحية المحددة للمشاركة، تنظم مراسيم احتفالية تكريمية تختتم بها هذه الفعالية الثقافية الباذخة ويتم منح الشهادات التقديرية والحوافز المادية والعينية لأحسن عرض مسرحي متكامل وكذا أفضل مخرج مسرحي، وكذا أفضل ثلاثة ممثلين في كل العروض المسرحية، وتضطلع بالمهمة تلك لجنة تحكيم يتم اختيارهم بعناية ودقة ومن ذوي الاهتمامات المسرحية .
وقد أفرزت تجربة إقامة هذه المهرجانات إيجابيات عديدة وجمة، منها إعطاء هذا النوع من النشاط الأولوية بعد أن انزوى إلى الظل، إضافة إلى مساهمته في إبراز مواهب في الكتابة للمسرح، وكذا في الإخراج المسرحي لذوي الميول في هذا الجانب من المدرسين، إضافة إلى اتساع قاعدة ممارسي هذا الفن النبيل، الذي يطلق عليه ( أبو الفنون ) وكذا محبيه ومتذوقيه، وفوق هذا وذاك رفد الحركة المسرحية والفرق المسرحية بعدد من المواهب المسرحية التي أصبحت تشارك بدور ملموس في الأعمال المسرحية لهذه الفرق التي أوجه الدعوة للجهات المسؤولة والمعنية بالأمر لإحياء هذه التجربة التي انقرضت منذ سنوات ونحن يحدونا تفاؤل أن دعوتنا ستلقى استجابة .
ومازلنا بصدد التحدث عن هذه التجربة، أضحى من الأهمية بمكان أن تجد لها صداها في جامعاتنا كافة وخاصة بعد أن يتم التغلب على الظروف الاستثنائية التي يمر بها الوطن ويعم الأمن والاستقرار والدولة المدنية دولة المؤسسات والنظام والقانون، أما عندما تسود الفوضى والاضطرابات والقلاقل فإن الأمر جد صعب . ولكن لابأس أن نحلم ونغرق في التفاؤل ونتطلع في الأعوام القليلة القادمة أن تبدأ التجربة الأولى لمهرجان المسرح الجامعي وأن تتظافر جهود وزارة التعليم العالي ووزارة الثقافة من أجل إنجاح هذه التظاهرة المسرحية، يتحقق من خلالها ربط المجتمع بأنشطة الجامعة، ولا ضير أن تمت الاستعانة بعدد من الكوادر المسرحية التي تلقت تأهيلاً علمياً وأكاديمياً في هذا المجال للإشراف والمشاركة في إخراج عدد من هذه الأعمال المسرحية .
نأمل أن يتبوأ المسرح الجامعي في بلادنا مكانته اللائقة به بوصف الجامعة مركز الإشعاع العلمي والثقافي في مجتمعنا ليرفد هذا المسرح بعطائه المستمر حركتنا المسرحية وكما يقولون : مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة، فهل نبدأها .