أضواء
محمد عيدروس علي السليماني
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 4 .. ص 17
رابط العدد 4 : اضغط هنا
الحضارم في الهند : لقد ازداد تدفق الهجرات الحضرمية إلى الهند في القرن الثالث عشر الميلادي مع زيادة ترحيب حكام الولايات الهندية وأمرائها بهم ،وعملوا على تعيين قضاة لعموم العرب فيما بينهم لحل الخلاف بينهم ولذلك يمكن القول إن مسلمي (كن كان) وطائفة (المابيلا) في المليبار و(الجماعتين) في (غجرات) ينحدرون من أصول حضرمية.. وكان أمراء المسلمين الهنود دائمي الالتماس إلى علماء حضرموت للحضور للهند للإسهام في نشر العلوم الدينية كالقرآن الكريم والحديث والفقه في مختلف الممالك والسلطنات المسلمة كأحمد أباد وباروش وسورت ودولت وأحمد نجر وبيجابور وبليجام وحيدر أباد وبيدار وبراد وجولكنده وغيرها من المناطق والأقاليم الهندية.5
العوالق في الصراع الكثيري-اليافعي في وادي حضرموت: في حوالي عام 1500 م تعلّم الشيخ عبيد با نافع العولقي في تريم, وعلى مر السنين صار فقيه العوالق العليا ومنصبهم, كما أن السلطان بدر بوطويرق قد مد نفوذه إلى أرض العوالق عندما غزا قرية يشبم في حوالي عام 1549م. و في حوالي عام 1704 م ( 1116 هـ)وصل مكتّب (رسول يحمل رسالة) من صالح بن منصّر العولقي بأن بدر بن السلطان محمد و يافع وصلوا إلى عتق و لم نجد ذكراً لسبب وصولهم إلى عتق1.. وفي عام 1808 م وصل السلطان عمر بن جعفر الكثيري و معه السلطان صالح بن منصّر العولقي و أولادهم في حوالي 600 نفر من العوالق و تبعهم السلطان حسن بن الهادي الواحدي في نحو 200 نفر و حارب هؤلاء يافع جنباً إلى جنب الشنافر1.. و في منطقة قعوضة تقع ما يسمى بحدبة العوالق …و ربما أن العوالق في تدفقها إلى حضرموت كما أسلفنا خيمت هناك.
في عام 1843 م (1264 هـ) تقريباً كان طالب بن حسين الهمامي (العولقي) و علي بن قطيان الكربي و قبائلهم و السادة المحاضير في ضمن قبائل شتى جلبتهم يافع من القبلة و كان ذلك طمعاً في الجمعدار عمر القعيطي لا بغضاً للدولة1. و فيما بين عامي 1847 و 1848 تنافس آل كثير و القعيطيون على كسب العوالق في الحرب فيما بينهما و تمكن سلاطين آل كثير من إحضار بضعة آلاف من العوالق المقاتلين , فتمكنوا مع آل كثير و غيرهم من القبائل من طرد يافع من تريم و في الأخير سيطروا على تريم في عام 1847م وعلى سيؤن في عام 1848 وجعلوا منها عاصمتهم. أي عاصمة السلطنة الكثيرية6. و في عام 1851 وصلت أقوام من أشراف مارب و عوالق و كرب و دهم و فيهم السلطان محمد بن ناصر العولقي و علي بن عبدالله السليماني العولقي1.
بريطانيا و النفوذ العربي في حيدر أباد: كانت حيدر أباد جزءاً من إمبراطورية المغول من عام 1687م حتى عام 1724م وهو العام الذي استقل بها أصاف جاه الوالي من قبل المغول. وخلال القرن التاسع عشر سيطرت بريطانيا على الشؤون الخارجية لحيدر أباد. واشتهر النظاميون (دولة نظام حيدر أباد) بأنهم كانوا من أكثر الشعوب ثراء في العالم. وعندما تم تقسيم الهند في عام 1947م، رفض النظاميون الانضمام إلى أي من الباكستان أو الهند، وأعقب ذلك مصادمات بين الهندوس والمسلمين. وفي عام 1948م، أقامت الهند حكومة عسكرية في حيدر أباد. وحين قسّمت ولاية حيدر أباد أصبحت مدينة حيدر أباد عاصمة لولاية أندرا برادش. و كانت فترة الحكم البريطاني للهند (الهند البريطانية) تسمى “الراج البريطاني British Raj”أي الحكم البريطاني في اللغة الهندية, الذي انتهي باستقلال الهند في 15/8/1947.
كان مسلمو نظام حيدر أباد بسبب قلة عددهم مثل سابقيهم من سلاطين البهمن المسلمين, يشعرون بعدم الأمان وسط بحر من الهندوس و الدرافيديان في جنوب الهند, و لذلك فقد شجعوا المسلمين من أي جنسية أو عرق للسكن في أرض الدكن. و هكذا دخل العرب من الحضارمة وغيرهم من جيرانهم فوجدوا التشجيع من حكم نظام حيدر أباد (Hyderabad) و كان أهلنا ينطقونها “حيدر عباد”, فمنحوا الرتب العسكرية و الإقطاعيات من الأراضي, و هكذا اغتنى الكثير منهم. و من برز منهم في الخدمة العسكرية منح الألقاب الفخمة مثل: جنبز جنج (المحارب الجسور), شمشير الدولة ( سيف الدولة), مقدم جنج (المقدم في الحرب)…. و فوق ذلك وجدوها أرضاً خصبة وفيرة الخيرات مقارنة بأرضهم القاحلة التي أتوا منها . و لم يأت عام 1854 م إلا و أصبح كل من يريد نفوذاً في حكومة نظام حيدر أباد, إلا واستعان بمسلحين عربٍ لحراسته و سلامته و جمع ديونه و إيجاراته, أو لتأمين خزائنه. ومن العائلات العربية المستوطنة في حيدر أباد, و التي كانت تتصارع على النفوذ السياسي في حضرموت برز كل من القعيطي, و الكثيري, و العولقي. فأرسلوا الأموال و الجنود و القيادات لإنشاء دولٍ تحمل أسماءهم . فأما دولة العولقي فلم تصمد كثيراً, وأما دولتا الكثيري والقعيطي فقد بقيتا حتى خروج بريطانيا من الجنوب بنهاية عام 1967. وفي عام 1874 م كانت بريطانيا تنظر بعين عدم الرضى للصراعات العربية في حيدر أباد و تأثيرها على حضرموت, فقامت في عام 1876 بعمل هدنة لمدة عامين بين السلطان القعيطي و نقيب المكّلا الكسادي الذي كان مناصراً للعولقي , و بعدها بعام عقدت اتفاقاً بين العولقي و القعيطي في حيدر أباد أنهى الخصومة بينهما7.
كان نفوذ العرب ( والعوالق في ضمنهم) في نظام حيدر أباد- الدكن يقلق شركة الهند الشرقية (كانت السلطة البريطانية تعمل تحت اسم الشركة هذه) الواقعة في مدينة كلكتا، وكان في حيدر أباد ممثل مقيم لبريطانيا. فكانت ترى أنهم لا يحترمون السلطة البريطانية, و حتى أنهم كانوا يفاخرون بمظهرهم من لبس الجنابي و حمل بنادق أبو فتيلة, و ترى أنهم أيضاً يرون أنفسهم أعلى من السكان المحليين. وفي منتصف القرن التاسع عشر رأت فيهم خطراً داهماً ليس على حيدر أباد فحسب، بل على النفوذ البريطاني في الهند ككل. فعزمت أن تكسر شوكتهم. وبعد ضم حيدر أباد إلى الهند في عام 1947 م تم ترحيل و طرد حوالي 7000 عربي منها.
مشروع الدولة العولقية بحضرموت: في الجيش العربي التابع لنظام حيدر أباد بالهند كانت تتنازع السلطة والنفوذ ثلاث شخصيات هي:الحاج عمر بن عوض القعيطي وكانت رتبته العسكرية «شَمْشِير المُلك»، وعبدالله بن علي العولقي، وكانت رتبته العسكرية «سيف الدولة»، وغالب بن محسن الكثيري، وكانت رتبته العسكرية «غالب الدولة». ثم تطوروا و حمل كل منهم لقب “جمعدار” أي قائد لألفي مقاتل, وكانت هذه الشخصيات الثلاث مقرّبة من نظام حيدر أباد، وكان لكل منهم أتباعه وأنصاره في أوساط المهاجرين اليمنيين بالهند، غير أن القعيطي كان أكثرهم أنصاراً ومالاً وأوسعهم نفوذاً. وكان هؤلاء الثلاثة يمتلكون الإقطاعات الواسعة في ولاية حيدر أباد، وكان التنافس بينهم شديداً. وبسبب «الحَسَد»السائد بينهم، كوّن العولقي والكثيري جبهة ضد القعيطي الذي كان أكثر طموحاً في التسلط والرئاسة من منافسيه ، وقد بلغ به التهور درجة جعلته يتطاول حتى على النظام نفسه.وفي سنة 1274 هـ (1857 م)، عندما كانت ثورة الجيش الهندي( Indian Mutiny) على أشدها ضد الإنجليز في الهند، خطَّط القعيطي للقيام بانقلاب عسكري في حيدر أباد ؛ لإسقاط حكم النظام والاستيلاء على مملكته وإقامة دولة (حضرمية) في الهند، وكادت الخطة أن تنجح لولا أن خبراً عن المؤامرة القعيطية تسرب إلى خصمه العولقي الذي كشف أسرار الخطة للنظام، وفشلت المؤامرة. وقد أعدم النظام مئات من المتآمرين ولكنه لم يستطع أن ينال من القعيطي سوءاً نظراً للعصبيَّة العربية والهندية القوية التي كانت تسنده.
وعلى أي حال فإن افتضاح أمر القعيطي على يد العولقي زاد نار الخصومة اشتعالاً بين القعيطي من جهة ومنافسيه العولقي والكثيري من جهة أخرى، وقد فكّر الكثيري في الانسحاب من هذه المعركة ، وكان يخشى أن يطرده النظام من حيدر أباد ويستولي على إقطاعاته بسبب المؤامرة القعيطية التي جعلت النظام يتوجس خيفة حتى من أقرب المقربين إليه من الرؤساء الحضارم. وبادر الكثيري وباع جانباً كبيراً من إقطاعاته بأثمان بخسة ووظّف الحصيلة في إحياء الدولة الكثيرية. لم تكن هذه الشخصيات الثلاث قائمة بالخدمة العسكرية بحيدر أباد وامتلاك الضياع الواسعة بها في كنف النظام فحسب ، بل إن كل واحد من هؤلاء الثلاثة كان يحلم أيضاً بالملك، وكان يسعى سعياً حثيثاً إلى إنشاء دولة له في حضرموت2
عندما اشترى الحاج عمر بن عوض القعيطي قرية (الريضة) في القطن من السادة سنة 1255 هـ (1839 م) تمهيداً لإنشاء الدولة القعيطية، واشترى غالب بن محسن الكثيري قرية (الغُرَف) من آل تميم سنة 1261 هـ (1845 م) تمهيداً لإحياء الدولة الكثيرية، و قام العولقي بشراء قرية (الصَّداع) وهي من ضواحي بلدة غيل باوزير، من آل بريك حكام الشحر ونواحيها سنة 1280 هـ (1863 م) وأقام بها حصناً متين البناء عالي الأركان توطئة منه للاستيلاء على الغيل وإقامة دولته العولقية بها, و قد بنى في الحصن أبراجاً و متاريسَ للمدافع وكان حصناً استثنائياً في ذلك الوقت, فكل الحصون المجاورة كانت فيها فتحات في جوانبها للبنادق أبو فتيلة السائدة أيامها. .ومات الحاج عمر بن عوض القعيطي سنة 1282 هـ (1865 م) وخلفه أبناؤه الخمسة وعلى رأسهم الجمعدار عوض بن عمر القعيطي وكان هو الآخر ضابطاً كبيراً بجيش النظام العربي، وكانت رتبته العسكرية به (نَوازْ جنج).
مشروع الدولة العولقية بعد وفاة علي بن عبدالله العولقي: توفي عبد الله بن علي العولقي سنة 1284 هـ (1867 م) وخلفه ابنه محسن الضابط بجيش النظام العربي برتبة (مُقَدّم جنج). ولم يكن العولقي متستراً على عدائه للقعيطي، بل إنه كان يجاهر به وأنه سوف يعمل لإجلاء يافع عن حضرموت ساحلها وداخلها، وكان القعيطي يتوعَّد العولقي بأنه سوف يحطم آماله في الحكم، وأنه سوف يدمر حصنه الكائن بالصَّداع وسيأتي ببعض تراب أنقاضه إلى حيدر أباد لينثره في وجهه. وراح كل جانب يغزل الدسائس والمؤامرات ضد الجانب الآخر. واستطاع العولقي كسب صداقة قبيلة آل عَمَر العُوابثة التي كانت مسلّحة و لها شأنها في غيل باوزير، وعندما جرى النزاع بين النقيب عمر بن صلاح الكسادي و الجمعدار عوض بن عمر القعيطي على اتفاقية مناصفة مدينة المكلا، كان محسن العولقي أول من حرَّض الكسادي على نقض هذه الاتفاقية (المفروضة) وأمدّه بستين ألف ريال فرنصة في السنة ليمكنه من الصمود في وجه الأطماع القعيطية. وقد دخل العولقي في تحالف عسكري مع الكسادي والكثيري لزحزحة القعيطي عن مدينة الشحر. وقد قام هذا التحالف سنة 1291 هـ (1874 م) بغزو الشحر، ولكن القعيطي هزمهم في وقعة «المِشْرَاف» المشهورة2.
نهاية مشروع الدولة العولقية بحضرموت: استنجد محسن بن عبدالله العولقي في عام 1874م بالعوالق لنصرة أصحابهم في ساحل حضرموت, فوصل العاقل فريد بن ناصر اليسلمي, و فريد ابن السطان عوض بن عبدالله العولقي صاحب نصاب1, إلى جانب عساكره من حيدر أباد و غيرهم من حلفائه من آل عمر باعمر العوابثة و آل كثير. و كان عدد المقاتلين العوالق يصل إلى ألف مقاتل. بعد موقعة المشراف ابتدأ القعيطي يتحرك بسرعة ضد «المشروع» العولقي. فهو بعد أن وطّدَ نفسه في الشحر راح واحتل (شُحير). ثم داهم غيل باوزير واحتلها بعد أن طرد آل عَمَر با عَمَرْ منها، ثم داهم حصن العولقي بقرية الصَّداع، ولكن «الحصن» قاوم الهجوم القعيطي, فاكتفى القعيطي بضرب حصار حوله دام عدة أشهر وخلاله قطع عنهم ماء الغيل فأحتفروا آباراً للمياه, و اضطرت حامية من رجال العوالق البواسل خلال مدة الحصار إلى أكل الجلود وشرب دماء الحيوان، ثم بعد طول معاناة إلى الاستسلام. وعندها نسف الجمعدار عوض حصن العولقي بالبارود وأحاله إلى كوم من التراب كما هو مُشَاهَد اليوم (انظر الصورة). وأخذ بعض ترابه وحثاه في وجه محسن بن عبد الله العولقي في حيدر أباد. وتبخرت أحلام العولقي في تكوين دولة عولقية بحضرموت و كان ذلك بسقوط الحصن في 26/8/ 1876م, وبذلك انتهى حلم إقامة دولة عولقية في حضرموت الذي لم يدم إلا 13 عاماً. كانت بريطانيا منزعجة من الصراع المسلح في حضرموت فتدخلت في عام 1876 و رتبت لهدنة لمدة عامين بين السلطان القعيطي و النقيب الكسادي اللذين كانا طرفي الحرب و بمساعدة متبادلة ما بين العولقي و الكسادي ضد القعيطي. كما عقد المقيم البريطاني في حيدر أباد اتفاقاً بين القعيطي و محسن بن عبدالله العولقي, أنهى المشاحنات بينهما7.
من هو الأمير علي بن عبدالله العولقي ؟: هو عبدالله بن علي بن محمد بن ناصر العولقي من قبيلة العسكر في نصاب من العوالق العليا. و العسكر هؤلاء هم في الأصل من فئات و مناطق مختلفة أعوان للدولة آل عوض بن عبدالله و هم سلاطين نصاب, و على مر السنين اندمجوا مع بعضهم البعض وكونوا عصبة قوية لا يستهان بها, على الرغم من أنهم شبه جنود فإنهم ليسوا نظاميين (أ) . أما دولة نصاب فهم سلاطين العوالق العليا. و لا بد أن طموحه الذي لم تسعه أرضه لا بيئته القبلية هو الذي قاده إلى أن سافر من نصاب إلى قعوضة طلبا للخدمة و تحسين معيشته, فنصحوه آل عجاج بأن يسافر إلى حيدر أباد في الهند إن أراد ذلك 4 و لا بد إن هذا كان في عام 1840 م أو قبله قليلاً فقد ورد ذكره لأول مرة في الهند في عام 1843 1 .هناك التحق العولقي جندياً بجيش نظام حيدر أباد الدكن وترقى في مختلف المناصب العسكرية إلي إن صار قائدا لأحد ألوية جيش النظام , وأحد صدور العرب وأعيانهم بحيدر أباد و كان ذا شخصية قوية وطموحاً إلى الملك وله مجموعة إشعار شعبية مطبوعة . و يقال إنه كان له مصلى بجانب قصره في حيدر أباد يصلي فيه التراويح كل ليلة في رمضان والسيوف حوله والفتائل مشعلة، ثم لا يقوم من مجلسه إلا وقد أنفق مبلغاً من المال وهو أول من مهد الخير للعرب بحيدر أباد وفتح لهم السبيل3. وأطلق عليه الكتّاب الحضارم لقب “الأمير العولقي” . كانت للأمير العولقي عدة مراكب شراعية في البحر تعمل على نقل ما يحتاجه من الهند ويحضرها إلى قرية الحزم والصَّداع. وكان العولقي كثير المال ، كريم النفس ، شجاع القلب ، فطفق يرسل إلى حضرموت بكثير من الأموال ، لمواصلة العلويين ، ولبناء المساجد والسقايا وما أشبه ذلك. لكن في بلده نصاب من أرض العوالق لم يبن إلا مسجداً صغيراً فقط. و كانت بعض الشخصيات العولقية تسافر إليه في الهند طمعاً في كرمه. مثل رويس بن فريد بن ناصر اليسلمي العولقي, الذي أعجبه المقام في حيدر أباد لكنه تذكر وطنه فأنشد قائلاً:
ملّا الوطن غالي ما با فرقته و لاّ المحلّة خير في حيدر عباد.
محسن بن علي بن عبدالله العولقي2: كان ولده محسن ، على قدر أبيه جوداً ونجدةً وشهامة ، ولكنه لم يكن مثله ولا بقريب منه ، لا في العلم ولا في الدين.
ومن محاسنه وقفه لمدينة شحير الآتي ذكره بموضعه ، وقد أثّرت على حياة محسن حادثة الهزيمة في الحزم والصداع ، ولاسيما وأن آل القعيطي أحضروا سدة حصن الصداع إلى حيدر أباد ، ووضعوها في الطريق الواسعة ، فمات غبناً في سنة 1294هـ (1877 م) عن ولد يقال له حسين ، لم يكن دون أبيه في الشجاعة ، ولكنه مات بعده وشيكاً بسم – حسبما يقال– دسَّ له ، وبموته انقرضوا عن غير وارث ثابت، فصارت نقودهم المقدرة بأكثر من عشرين ألف ألف روبية فضلاً عما يناسبها من المجوهرات والعقارات الكثيرة طعمة لبيت المال . و كان عوض حسن من عسكر نصاب و أحمد هنيد من أهل لحدب من المصينعة (مديرية الصعيد) اللذان توفيا في حوالي التسعينات في ضمن صحبة محسن بن عبدالله بن علي العولقي. وصف المرحوم الكاتب محمد عبدالقادر بامطرف العولقي بأنه انتهازي لأنه لم يُقِمْ دولته في نصاب من أرض العوالق بدلاً من حضرموت. و لم يدر بامطرف أن العولقي هو من قبيلة العسكر التي أفرادها أعوان لدولة نصاب و بالتالي لن يسمحوا له بإقامة أي شكل من اشكال السلطة لا في نصاب و لا في أي منطقة عولقية9. و من جهة أخرى فإنَّ العديد من العوالق الذين كانوا بصحبة العولقي قد استوطنوا في ساحل حضرموت و ذابوا في المجتمع الحضرمي, و من هؤلاء الأستاذ حسن كندسه العولقي.
طموحات العولقي خارج حيدر أباد7: كان عبدالله بن علي العولقي طموحاً للملك و السلطة , ففي عام 1856 م فاوض سلطان لحج على شراء منطقة بئر أحمد فلم ينجح, و بعد أربع سنوات حاول شراء ميناء بلحاف الواحدي, لكنه بعد ذلك حوّل انتباهه إلى ساحل حضرموت فاشترى منطقة الصَّداع في عام 1863 م و بنى فيها حصنه الشهير. أما ابنه محسن فقد أقرض السلطان العبدلي في عام 1869 مبلغ 125,000 ريال فرنصة من أجل خطة السلطان لغزو الحجرية في منطقة تعز الشهيرة بإنتاج البن, لكن هذه الخطة لم تتم.
ملاحظة: *–العولقي أيضاً.
المصادر:
, أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه 1999,
نبذة عن الكاتب:
-مولود ومقيم في محافظة شبوة, العمر 66 عاماً, درس الابتدائية إلى الثانوية في مدارس عدن, بكالوريوس علوم زراعيه –من ليببا 1975, و ماجستير في الزراعة المروية من الولايات المتحدة الأمريكية 1979. مختص في التنمية الريفية و الزراعية و الإدارة. عاش في سيؤن لمدة سبع سنوات متصلة (1998-2005), العمل الحالي مستشاراً للعلاقات المجتمعية و التنمية المستدامة بالشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال.