مركز حضرموت للدراسات التاريخية والتراث والنشر

المرحوم الشيخ / محمد عمر بارحيم بامشموس .. مسيرة خير … حافلة بالعطاء

شخصيات

الشيخ/ أمين سعيد عوض باوزير


المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 4 .. ص 49

رابط العدد 4 : اضغط هنا


  • ليس من شك  في أن اسم الشيخ محمد عمر بامشموس ـ رحمه الله ـ رئيس الغرفة التجارية و الصناعية عدن و نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية و الصناعية ـ اليمن و رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية ـ عدن سيقفز في أوائل القائمة عندما يعدد التاريخ اليمني الحديث أسماء المساهمين في مسيرة العطاء القرآني و التربوي و الإنساني وغيرها من القوافل الخيرية .

فقد أنفق حياته كلها في العمل الخيري و بذل غاية ما يستطيع من جهد لأداء المهمة التي وكلت إليه , فكان موفقاً وناجحاً .. وكان حكيماً بكل ما تحمله هذه الكلمات من معنى .

وسأعطي مثالاً واحداً فقط في المجال القرآني  ,  فقد كان شيخنا محمد ـ رحمه الله ـ له اليد الطولى بعد الله سبحانه و تعالى في بناء مدرستنا ” مدرسة الفاروق النموذجية لتحفيظ القرآن الكريم ـ بكريتر ـ عدن ” لمساعيه الحثيثة المتواصلة لمراسلاته و اتصالاته المتتالية بأهل الخير و الصلاح وجهات الاختصاص حتى تم بناؤها على الوجه المطلوب و الرائع .

وأما بالنسبة في المجالات الأخرى فيعد الشيخ محمد عمر بارحيم بامشموس أحد أهم الشخصيات التجارية بمدينة عدن وحضرموت, ولقبه البعض بشهبندر التجار, وبالشيخ العالم بأمور الدنيا والدين والمثقف الواسع المعرفة, إذ ينتمي لأسرة عريقة عرفت طوال تاريخها بالعلم والفقه.

ويعد الشيخ / محمد عمر بامشموس أحد رجال الأعمال البارزين الذين عادوا بعد فجر الاستقلال الوطني للجنوب (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية) في الـ 30 من نوفمبر 1967م من مهاجرهم التي نشروا فيها دين الإسلام والعلم والفضيلة, وقدموا نماذج مشرفة لدعاة الدين وقدوة في السلوك والأمانة والتجارة النزيهة والأخلاق الحميدة وحملوا الدين الإسلامي بين أكنافهم ونشروه أينما حلوا وترحلوا أو استقروا.

ويجمع كل من عرف الشيخ / محمد عمر بامشموس على أنه شخصية دمثة متواضع سمح الوجه بشوش في مقابلته ..,ويحب مساعدة الآخرين قدر استطاعته, كما أنه واسع الاطلاع ومثقف, يبهرك بشخصيته وأدبه الجم, وبمعلوماته الغزيرة وعلمه وتفقهه في الدين ووسطيته.., عمل في ريعان شبابه في الصحافة والتجارة, وبرع فيهما, واشتهر في بلاط صاحب الجلالة, وله مقالات وكتابات معروفة في الصحافة المحلية والخارجية, وساعده على ذلك تربيته الدينية وبيئته العلمية وانتماؤه لمدرسة حضرموت الأخلاقية .., واستناده إلى إرث ثقافي وعلمي وديني أسري عريق موغل في القدم ممتد من حضرموت إلى بقاع شتى من المعمورة.

وقد كرم الشيخ / محمد عمر بامشموس من عدة جهات حكومية وخاصة في اليمن وفي الوطن العربي وعدة دول بالعالم, ومن هذه التكريمات التي يعتز بها ذلكم التكريم من قبل الاتحاد العربي للعمل التطوعي, حيث كرم بحضور السيد عمرو موسى وزير خارجية مصر, والأمين العام لجامعة الدول العربية السابق, وعدد من السفراء والشخصيات البارزة ومراسلي وسائل الإعلام, فقد كرم بامشموس كأفضل شخصية يمنية في العمل التطوعي.., حيث نال السيد الشيخ محمد عمر بامشموس جائزة أفضل شخصية يمنية فاعلة في العمل التطوعي ومنح شهادة تقديرية ووسام العمل التطوعي إضافة إلى ترأسه الاتحاد , جاء ذلك في الحفل التكريمي التي نظمته جامعة الدول العربية والاتحاد العربي للعمل التطوعي في القاهرة يوم السبت الموافق 18-6-2011م , لعدد من الشخصيات العربية الفاعلة في العمل التطوعي بمناسبة العمل التطوعي الذي يقام كل عام.

وقال الشيخ بامشموس إن هذا التكريم يعد وساماً يفتخر به كونه جاء نتيجة لعمل إنساني وطوعي نخدم به مجتمعاتنا, ونؤكد أن بلادنا العربية واليمن بشكل خاص لا تخلو من أشخاص محبون للعمل التطوعي .., مضيفاً إن التكريم يأتي بعد مرور 50 عاماً من العطاء في العمل الإنساني والخيري والتطوعي الذي يحفظ للإنسان مكانة اجتماعية وقرباً من ربه عز وجل.

وفي يوم الأربعاء 20أكتوبر 2010م, أقامت المنطقة الحرة بعدن في اليمن حفل تكريم للشيخ محمد عمر بامشموس نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية للشؤون التجارية اليمنية, رئيس الغرفة التجارية والصناعية بعدن بحضور الأستاذ أحمد بن أحمد الضلاعي وكيل المحافظة لشؤون الاستثمار وأحمد سالمين ربيع علي وكيل محافظة عدن والدكتور عبد الجليل شائف الشعيبي رئيس المنطقة الحرة بعدن وذلك لدوره المتميز والريادي والداعم للمنطقة الحرة عدن وعدد من المستثمرين وأعضاء مجلس إدارة الغرفة التجارية والصناعية بعدن.

وفي حفل التكريم الذي قام فيه رئيس المنطقة الحرة عدن بمنح الشيخ / محمد عمر بامشموس شهادة تقدير و تكريم مع ترس المنطقة الحرة، كما قام الأستاذ / أحمد سالم ربيع, بمنحه درع محافظة عدن, تطرق وكيل محافظة عدن أحمد الضلاعي والدكتور عبد الجليل الشعيبي رئيس المنطقة الحرة عدن كلمتيهما إلى أبرز المواقف الوطنية التي عرف بها الشيخ / محمد عمر بامشموس تجاه بناء الاقتصاد الوطني و الأعمال الخيرية التي تميز بها التي عكست حبه لوطنه والمجتمع اليمني.., كما عبرا فيهما عن تقديرهما لجهود الشيخ محمد عمر بامشموس نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية – رئيس الغرفة التجارية و الصناعية عدن – الشخصية الاجتماعية و الاقتصادية التي كان لها دورٌ متميزٌ على  كافة الأصعدة في البلاد منذ عام 1970م, من خلال موقعه ومهامه في الغرف التجارية اليمنية والإسلامية وإسهامه الفعال للتسويق و الترويج للمنطقة الحرة عدن بشكل خاص واليمن بشكل عام في كل المحافل المحلية و الدولية التي شارك فيها خلال الأعوام السابقة, ولعلاقاته الحسنة مع العديد من الغرف التجارية العربية والإسلامية التي جعلت منه سفيراً فوق العادة لليمن التي مثلها خير تمثيل وبذلك استطاع إقناع العديد من المغتربين اليمنيين بالعودة للوطن وإنشاء مشاريعهم التجارية والاستثمارية.

وللشيخ / محمد عمر بامشموس أيادٍ بيضاء في مساعدة الكثير من الجمعيات الخيرية و المؤسسات التعليمية و التنويرية بعدن, وحضرموت, وعدة مناطق في جمهورية اليمن, وهو عضوٌ مؤسس للعديد من الجمعيات الخيرية.

ومن الأعمال الخيرة التي تستحق الذكر والتي تعبر عن مدى وفاء الشيخ / محمد عمر عمر بارحيم بامشموس لمسقط رأسه زياراته الخيرية و التفقدية المتكررة إلى منطقة القرين بدوعن حضرموت, وأعماله الخيرية التي لم تتوقف فيها, وزياراته المتوالية لمراكز التنوير والخير في دوعن بحضرموت.., في إطار زيارته السنوية المعتادة التي يقوم بها إلى وادي دوعن مسقط رأسه في شهر محرم من كل عام .., حيث قام ولمرات كثيرة بزيارة ديار المحتاجين وللجمعيات الخيرية ولمدرسة منطقة القرين الأساسية وقدم العديد من المساعدات للمدرسة منها تقديمه للكثير من الكتب والمراجع العلمية التعليمية والثقافية التي تحتاجها المدرسة لطلابها.

مقتطفات من السيرة العطرة للشيخ / محمد عمر بارحيم بامشموس

يعد من أهم الشخصيات الاجتماعية والثقافية والتجارية بمدينة عدن وأحد أبرز رجال الأعمال في البلاد. من مواليد حضرموت, وادي دوعن القرين عام 1931م, متزوج وله ثلاثة أبناء وثلاث بنات من أبرزهم الأستاذ الدكتور/ أبو بكر محمد عمر بارحيم بامشموس الشخصية الأكاديمية المعروفة والأستاذ بكلية الهندسة بجامعة عدن ومدير مركز الاستشارات الهندسية بالجامعة ومنسق مجلس أمناء جامعة عدن.

درس الشيخ محمد عمر بارحيم بامشموس في مدرسة الجالية العربية بأسمرا وفيها حصل على شهادة الثانوية عام1948م, ثم درس العلوم التجارية والمحاسبية بالمعهد البريطاني بالعاصمة المصرية “القاهرة”، وتعلم اللغة الإنجليزية بمعهد المعلمين (أسمرا) أرتيريا لمدة ثلاث سنوات عام 1956م زاول عمل التجارة 50 عاماً في أثيوبيا- أرتيريا -المملكة العربية السعودية واليمن.

قضى 30 عاما في أرتيريا -أسمرا والمملكة العربية السعودية.

كان له نشاط في رئاسة الجالية العربية بأسمرا – أرتيريا وأصبح رئيساً للنادي الثقافي العربي بها عام 1962م.

كان يراسل الصحف اليمنية من أسمرا بأخبار الجالية العربية ـ وعلى الأخص المغتربين اليمنيين من عام 1953م حتى 1969م وعلى الأخص صحيفة (النهضة العدنية, الطليعة و الرائد الحضرمية).

أسهم في تأسيس السفارة اليمنية بأديس أبابا عقب استقلال جنوب الوطن عام 1968م،رأس وفد الجالية اليمنية في أثيوبيا، و شارك في أول مؤتمر للمغتربين بعدن والذي عقد في أغسطس عام 1970م ــ وعاد إلى الوطن عام 1970م , و كانت له إسهامات طيبة في مساعدة المغتربين اليمنيين في المهجر.

شارك في كثير من المؤتمرات و الندوات للغرف التجارية والصناعية والزراعية، الإسلامية والعربية التي عقدت في كثير من بلدان العالم ــ وأبرزها ندوة حول العلاقات المصرية اليمنية للسلم و التضامن التي عقدت بالقاهرة في  12ــ 13 ديسمبر عام 1998م  وكذا في مؤتمر الغرفة الإسلامية في إسطنبول بتركيا عام 2002م رئيساً للغرفة التجارية الصناعية في عدن ورئيساً للجنة التحكيم في الغرفة.

رأس وفد رجال الأعمال اليمنيين بالندوة التي عقدت في جدة من 4 ـ 5 يناير 2004م , نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية اليمنية للتجارة / صنعاء , عضو مجلس إدارة الشركة اليمنية للأسماك والأحياء البحرية  , ترأس الوفد اليمني الزائر لإثيوبيا خلال الفترة 25 ـ 29 يوليو 2005م , شارك بورقة عمل في ندوة العلاقات المصرية اليمنية في القاهرة عام 2006م , ترأس الوفد التجاري إلى البحرين عام 2008م.

كان يحدثني ـ دائماً ـ عن أستاذه و شيخه المؤرخ سعيد عوض باوزير حينما كان تلميذاً بمدرسة الجالية العربية بأسمرا عاصمة أرتيريا في كل لقاء أجتمع به، وقد صرّح لي مرة بحديثين مهمين , وذلك وفاءاً وحباً و اعتزازاً لشيخه باوزير أوردهما هنا للعلم و التاريخ وهما : ـ

  1. أتذكر أنه في تمام الساعة الحادية عشرة في صباح يوم من أيام عام 1948م ونحن تلاميذ بمدرسة الجالية العربية الابتدائية و الإعدادية الثانوية , بأسمرا الجميلة عاصمة أرتيريا , وكان أستاذنا الجليل فضيلة الشيخ المؤرخ المشهور سعيد عوض باوزير يلقي علينا درساً في علم ” التجويد “، وبمجرد انتهائه من الدرس طلب التعرف علينا وكان معظم تلاميذ الفصل من اليمنيين , وكنا نحن الطلبة أيضاً في غايه حب التعرف على هذا الأستاذ الجديد القادم من حضرموت وهو الأستاذ اليمني الوحيد من بين الأساتذة المصريين و السودانيين في المدرسة .

وتحدث الأستاذ سعيد عوض باوزير رحمه الله وذكر لنا أن له ابناً اسمه أمين سعيد عوض باوزير وأن عمره عشر سنوات وقد فارقه وفارق الوطن من أجل العلاج وكان في حديثه نبرة حنين وشوق ودعا لأمين ولنا جميعاً بالتوفيق و النجاح في الدراسة .

  • في الوقت الذي كان أعضاء الجالية العربية يفدون إلى صالة المحاضرات للاستماع إلى محاضرة بعنوان : ( الشرق العربي ينقصه زعيم )  , كان الأستاذ / سعيد عوض باوزير صاحب المحاضرة في غرفة مجاورة للصالة ممدداً على سرير يئن من آلام المرض ..

وعندما حان ميعاد إلقاء المحاضرة , دخل الصالة ” على عكاز ” يسنده شخصان و ألقى المحاضرة التي ألهبت حماس الحاضرين وهو يكاد يترنح من الإعياء .

وبـعـد :

فان كل كلمة قيلت في هذا المقام عن الشيخ / محمد بامشموس ـ رحمه الله ـ تعد حقيقة جوهرية على أرض الواقع لأن هناك من الرجال رحلوا بأجسادهم عن ظهر الدنيا فيما لا يزال أثر أعمالهم خالداً بما يتيح لهم عمراً طويلاً .. طيب الله ثراه ونفع بذريته دنيا وديناً .

رحل عنا بجسده بينما روحه لا تزال تحلق حولنا وحول كل عمل صالح ادخره للآخرة , وذلك هو الفوز المبين .

 الشيخ / محمد عمر بامشموس ـ رحمه الله ـ لا يزال يعيش بين أحبائه و أصدقائه سواء كان حياً أو ميتاً فإن أعماله الخيرية وأفعاله الطيبة لاتزال تملأ الدنيا خيراً وعلماً .

رحم الله شيخنا محمد بامشموس الذي فارقنا يوم السبت تاريخ  10 ذو القعدة 1437هـ الموافق 13 أغسطس 2016م حيث تم الصلاة عليه بمسجد بن لادن بالعامرية في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية بعد صلاة العشاء .

سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهمنا و أهله و ذويه الصبر و السلوان .

الشيخ / أمين سعيد عوض باوزير

مدير مدرسة الفاروق لتحفيظ القرآن الكريم

وإمام مسجد الذهيبي ـ كريتر ـ عدن