إبداع
أبو بكر محمود باجابر
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 5 .. ص 110
رابط العدد 5: اضغط هنا
مقبرةٌ
وثلاث قنابلْ ..
وقنديلْ ..
وصبيَّةٌ تخثِّر الليلَ أعضاءَ للجبلْ ..
وجبلْ !
وفتيلٌ مشدودٌ إلى هاوية ..
وعجيزةٌ هاربة ..
وغابة في منديلْ !
وصباحُ دولةٍ نامية !
وأشياء أخرى أنسانيها الشيطان !!
الشيطان أيضاً
كان أحد هذه الأشياء !
وثمانيةُ شبَّان عصريُّون جداً
(يزفون) الفجر في طوربيد فاسدٍ
في اتجاه أرخبيل الملل ..
وخُطوةٌ مجَّهزةٌ بأحدثِ تقنيات اليأس
والكأس التي لا تُكرع إلا في النهاية !
ونهايةٌ بفستانٍ أبيضَ يتِّسع لكلِّ تفاصيلِ الحذر !
البداية لا تهمُّ , سأقترحُ بدايةً أخرى على قدميَّ
ما رأيكِ ــ مثلا ــ أن أبدأ من هنا ؟
“فأتسلل خلسة على أصابع شوقي إلى خزائن البنك المركزي وأحوَّل كلَّ العملة المكدَّسة هنالك بالقبلات , ثمَّ أخرج في الشارع , وأستوقف السيارات بشفتيَّ ؛ لتتحول إلى قبلات هي الأخرى”
لا أظنّ أن بداية كهذه سترضيك , ولكن ليس عليك أن تقلقي حيال ذلك
سأجرّب بداية أخرى
وأخرى
وأخرى ؛ فلديَّ رصيدُ بداياتٍ يكفي لحشوِ كلِّ مسامات التاريخ البشريِّ
وإذا ما فشلتْ كلُّها (وهذا ورادٌ جدا !!)
فسأنتزع هذه النزعةَ السامَّةَ من فؤادِ الطبيعة , وسأُعمي عيونَ الساعة
وسأنتهي بالعودة إليكِ
كي أحسَّ لعنتي بيديَّ
وأتذوقَ عصيرَ جنوني بلسانِ الانتظار
وأدركَ أنَّ النهرَ أحرصُ من أفعى , إذ يغيّرُ جِلدَه كلّما مسَّه جسدُ إنسان !
سأعود سأعود إليكِ ؛ لأراني وأنا كلُّ هذه الأشياء !
” مقبرة وثلاث قنابل وقنديل وصبية ….. إلخ “
وسأعود بعد ذلك أيضاً !
سأعود بعددِ المرَّاتِ التي يغيّر النهرُ جِلدَه فيها ..
بلا بدايةٍ سأعودُ , وبلا نهايةٍ إن لَزَمَ الأمر ..
وقد أقوِّضُ المتنَ كلَّه على رأسِ الهامشِ , إن حاول أن يواريَ سوءتي !
وسأمحو الماء من خريطة إدراك الظمأ , إن تجرّأت قشَّة عاهرةٌ , وعرضتْ عليَّ المساعدة !
سأعودُ , بعد أن أدرِّب الشيطانَ على أداءِ دورِه الجديد , فلا ينسيني أيَّ شيءٍ من ملامحي ..
أمَّا بالنسبة للشبَّان الثمانيةِ العصريين , فسأخبئهم , وسأقفل عليهم داخل بنطالي , وألفّهم بالنسيان !
إنّهم يفسدون مزاج السماء , حين تفكِّر بقلقٍ في مصير الأرض !
سأعود
وسيكون ــ حينها ــ العالمُ
صغيراً جدّا كغرفة نومٍ في الليلة الأولى !
وواسعاً جدَّا كفكرةٍ تتثاءب في رأس طفل !
وسأحرص على أن أكون الفتيلَ المشدودَ إلى هاويةٍ , هي :
” أنتِ “
ولا بأس عليَّ بعد ذلك
في أن أنسى كلَّ ملامحي !!