شخصيات
عبدالعزيز محمد بامحسون
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 20 .. ص 94
رابط العدد 20 : اضغط هنا
يعد العلامة القاضي الشيخ عبدالله بن علي سعيد بامخرمة ( رحمه الله ) علمًا لامعًا من أعلام مدينة العلم بساحل حضرموت ( غيل باوزير ) وأعيانهم، وشخصية فذة ، قوي العزم والإرادة ، ثابت الرأي ، صريح القول ، يقرن القول بالعمل الدؤوب ، لا يكل ولا يمل حتى يحقق ما يصبو إليه بهمة عالية .
ثابر القاضي الشيخ الجليل عبدالله بامخرمة ( أبو عصام ) في تحصيل العلم من وقت صباه ، وإيمانًا ورغبة منه في تحقيق مبتغاه وهو الالتحاق بسلك القضاء حقق الله مراده فنال شهادة التخرج في سلك القضاء بتفوق وجدارة وكفاءة عالية ، وكان من أوائل الطلاب حينها ، وبعد أن تخرج زاول مهنة القضاء الشرعي في مدن عدَّة، منها: الديس الشرقية، وصبيخ، وغيل باوزير ، وعندما عزم والده القاضي الشيخ علي بن سعيد بامخرمة ( رحمه الله ) لأداء فريضة الحج حل مكانه ، فكان مثالًا للعدل والإنصاف والنزاهة ، بعد ذلك نال مكانة عالية في وظائف الدولة في سلك القضاء .
والشيخ عبدالله بامخرمة ( رحمه الله ) كانت له يد طولى وباعٌ كبيرٌ في تأسيس صرح رباط بن سلم وإنشائه بغيل باوزير ؛ إذْ تولَّدت فكرته في خلده منذ زمن طويل فلمْ تبرحْ تفكيرَه ، فقد تمنى أن يكون هذا الصرح منارة للعلمِ تنير لطلاب العلم بالفائدة ، فبذل جهدً كبيرًا وبذل طاقاته وهمته العاليتين ليحقِّقَ حُلُمَه حتَّى أينعت ثمار جهده وسعيه في إرساء هذا الصرح كمعلمٍ من معالم النهضة العلمية الحديثة ، والآن يعد هذا الرباط معلمًا ناطقًا ، ظاهرًا للعيان ، يلمسُ النَّاسُ آثارَه في مخرجاته وطلابه الذين نهلُوا من معينه الصافي وراحُوا ينفعون الجهات والقرى .
أما ما بذله شيخنا الجليل عبدالله بامخرمة ( رحمه الله ) في سبيل الخير في نواحٍ كثيرة فيقصر القلم عن كتابته واستيعابه ، فقد كان رجلًا صالحًا ، يسهم في حل الكثير من الشكاوى التي يلجأ الناس إليه فيها ، لثقتهم العالية به وبمقدراته وخبراته ، ولم يظهر مشروع خيري إلا وهو رائده وأول المساهمين فيه وله اليدُ الطُولى في إنشائه .
رحم الله الفقيد الراحل العلامة القاضي الشيخ عبدالله بن علي بامخرمة الذي انتقل من دار الفناء إلى دار الخلود والبقاء في التاسع من شوال ١٤٢٤ هجرية الموافق الثالث من نوفمبر ٢٠٠٣م بإمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة ، والذي يعد أحد المشائخ والدعاة والعلماء الأجلاء الذين أسهموا بحنكة واقتدار في عددٍ غير قليلٍ من المشاريع الخيرية ، وفي إصلاح ذات البين ، إضافة إلى جهوده في سلك القضاء ، وتعليم الفقه ، وعلم الفرائض . وبرحيله فقدت اليمن والأمة عامة وحضرموت خاصة أحد أبنائها الأخيار .
وفي هذا المقام لا يسعني إلا أن أتذكر ما قاله عضو هيئة الإفتاء الشرعي الشيخ القاضي عبدالرحمن بن عبدالله بكير ( المتوفى في الخامس عشر من ربيع الآخر ١٤٣٧هجرية الموافق الخامس والعشرين من يناير ٢٠١٦م ) وهو صديق الشيخ العلامة بامخرمة إذْ قال :
( يعد الشيخ عبدالله بن علي بامخرمة رجل خير وعلم ، وإنسانًا يعتمد عليه في شئون الدنيا والدين ، وقد قدّم خيره لبلده وخيره لأمته ، وهو مرجع من المراجع التي نعتمد عليها ، وقد برز كرجل إصلاح ومقاوم لبعض الجوانب السلبية في المجتمع ، وهو شخص فاضل له دروس في رباط ابن سلم ومسجد ذهبان بالغيل وبالذات في علم المواريث إذْ له معرفة ودراية كاملة بهذا العلم ، وعندما زار المستشرق الإنجليزي الباحث في قانون الشريعة الإسلامية ( Andrson ) حضرموت في حوالي خمسينيات القرن الماضي ، في الوقت ذلك كان الشيخ عبدالله بامخرمة يعمل مكان والده في القضاء ، التقى المستشرق الإنجليزي بمجموعة من القضاة والعلماء الموجودين في ذلك الوقت وبدأ يناقش ويحاور معهم .. فاستغل المستشرق الإنجليزي هذه الكوكبة من القضاة والعلماء فوجه سؤالًا خاصًا للشيخ عبدالله بامخرمة يتعلق بشيء عندنا في حضرموت اسمه ( بيع العهدة ) فرد عليه الشيخ عبدالله بكل سهولة ويسر فأعجب بجوابه ، فقضى بقية الجلسة في حديث وأخذ ورد مع الشيخ عبدالله ” رحمه الله ” ) .
أما ما قاله عنه سعادة الدكتور عمر بن عبدالله بامحسون ( أطال الله عمره ) والذي يعد من أبرز الشخصيات الاجتماعية والثقافية في المملكة العربية السعودية التي تكن لآل بامخرمة كل حب وتقدير والتواصل الدائم مع إخوان الفقيد الراحل وأولاده وأحفاده، وهنا أتذكر عندما زار الدكتور عمر بامحسون أرض الوطن لأول مرة بعد غياب دام نحو ( ٣٧ ) عامًا خص بزيارة خاصة للشيخ القاضي العلامة عبدالله بامخرمة في منزله بغيل باوزير وذلك مساء الأربعاء 24 / 9/ 2003م ، فقال عن الشيخ بامخرمة بُعَيد وفاته :
( يعد الفقيد العلامة الشيخ عبدالله بن علي بامخرمة أحد الشخصيات الاجتماعية البارزة التي كانت وستظل مرجعًا في جانب الفتاوى الدينية والاجتماعية والقضاء ، كما أن وفاته تعد خسارة لحقت بالوطن وحضرموت ، وبرحيله ترك بصمات جلية وعطاءات ملموسة في مجال القضاء والعلم والتجارة.
رحم الله فقيدنا الغالي العلامة القاضي الشيخ عبدالله بن علي بامخرمة فقد فقدنا لفقده كثيرًا من الأعمال الخيرية التي توزن بها موازين أعماله إن شاء الله .
ونسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه ويسكنه فسيح جناته .
إنا لله وإنا إليه راجعون .