أضواء
أنور حسن السكوتي
كثيرة هي الأحداث المجهولة التي اختزلها التاريخ أو طوتها أيادي النسيان، فالتفَّ حولها الظلام، ولكن في خضم هذا الظلام الحالك تتجلى في أفقه دومًا ومضات لا تكاد تبين، متى ما تتبعها الباحث واسترشد بها، ازداد وميضها، وانقشع عن دربها ظلامها، فاستنار بنورها الجميع. وتاريخنا الحضرمي مليء بمثل هذه الأحداث المجهولة. ولعل إحداها ما سنورده هنا بعد أن تتبعنا وميضها في أكثر من مصدر ومرجع، وربطنا بينها لنخرج بهذه الحصيلة والتي لا نعدها الخلاصة النهائية. وهي في مضمونها تفصح عن بعض أشكال العلاقات الحية التي ربطت بين شعوب جنوب شبه الجزيرة العربية وبلاد الهند في القرون الوسطى..
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 23 .. ص 16
رابط العدد 23 : اضغط هنا
ففي آواخر ربيع الثاني من سنة 942هــ/ نهاية أكتوبر1535م وصلت إلى بندر الشحر عدد من السفن الهندية التابعة لسلطان كوجرات (قطب الدين بهادر شاه ابن السلطان مظفر شاه (الثاني))(1). وعددهن كما في بعض المراجع أربع خشب وأربعة غربان(2)، وفيهن عدد من أفراد أسرته الحاكمة ووزراء حكومته بصحبة خدمهم وعبيدهم، ويرافقهم للحماية جنود غالبيتهم من قبائل يافع والمهرة، نظرًا لاعتماد سلاطين الهند على مثل هذه القوة العربية في جيوشهم(3)، وبصحبتهم أيضًا قلة من الهنود والأفارقة والأتراك(4).
وكان المسؤول الأول عن محتويات هذا الأسطول هو أحد وزراء السلطان (بهادر شاه) ويدعى الوزير (آصف خان)(5) (ت: 961هـ/ 1553م)، وهو من عقد إليه السلطان الوكالة المطلقة في أهله وماله.
وقد احتوت سفنهم تلك على كميات كبيرة من خشب الساج والفيني المستخدمان في بناء السفن. إلى جانب الكثير من الكنوز والنفائس الثمينة التي فرَّتْ بها هذه الأسرة في إثر هزيمة سلطانهم السلطان بهادر شاه أمام قوات المغول الغازية بقيادة (همايون بن بابر)، وفراره وأسرته وحاشيته إلى الديو شمال غرب الهند. وكان هذا قُبَيْلَ مقتل هذا السلطان بعام وبضعة أشهر على أيدي الغزاة البرتغاليين.
وكان في نية هذه الأسرة الحاكمة كما أشيع عنها في مدينة الشحر الذهاب إلى الحرمين الشريفين لغرض آداء مناسك الحج(6)، قبيل أن يدخل عليهم (النيروز) وهم في المدينة فيتعذر عليهم السفر لهيجان البحر وتغير اتجاه الرياح. أشيع هذا لتلافي الدعوة بالمكوث أو الإقامة التي وجهها لهم حاكم المدينة آنذاك(7).
وحقيقة إن مدينة الشحر، بل وسواحل حضرموت عامة لم تعد هي أيضًا آمنة من هجمات البرتغاليين أو محاولاتهم المستمرة لبسط نفوذهم عليها. كما أن علاقة حاكم حضرموت السلطان (بدر بن عبدالله الكثيري أبوطويرق) بالبرتغاليين في تلك المدة كانت علاقة غير مستقرة ومتقلبة في كثير من الأحيان كما أنها أميل للمهادنة. وهي تشبه إلى حدٍّ ما علاقة السلطان بهادر شاه بالبرتغاليين(8). فكان على الأسرة الهندية مواصلة السير والبحث عن منطقة أكثر أمنًا واستقرارًا إلى أن يستعيد ابنهم ملكه المتهاوي. وليس من منطقة أكثر أمنًا من سطوة البرتغاليين في تلك المدة من بلاد الحرمين الشريفين. كما أن في بلاد الحرمين المدرسة (المظفرشاهية)، وهي التي بناها والدهم السلطان مظفر شاه محمود (ت: 932هـ/ 1525م)(9) وخصَّ لها أوقافًا وعطايا جزيلة. ويمكن أن تكون لهم مكانًا للسكن والإقامة، وموضعها كان بباب الصفا المجاور للمسجد الحرام.
وقد وصل هذا الأسطول بسلام لميناء جدة يوم الجمعة 10 جمادى الأولى 942هـ/ 1535م وسط تعجب الجميع واستغرابهم؛ إذ إنَّ عادة السفر من الهند يكون في السبعين من النيروز وليس في العشرين منه(10).
إن الإبحار في غير الموسم كالذي فعله هذا الأسطول لم يفعله من قبله إلا الربابنة العظماء، أمثال الملاح الشهير أحمد ابن ماجد(11). وهذا يدلُّنا على مدى معرفة ربابنة تلك السفن الهندية وإلمامهم بأصول الملاحة البحرية في المحيط الهندي والبحر الأحمر. ومن المحتمل أن يكون ربابنتها من العرب أنفسهم أو ممن تتلمذوا أو اطلعوا على علوم الربابنة العرب، كأمثال ابن ماجد أو سليمان المهري، وخاصةً أن ثمة ممن اشتغلوا في هذه السفن الملكية الهندية تحديدًا كانوا من العرب. وقد عرفنا اسم واحدٍ منهم ويدعى (حيوت المهري)، الذي كان معلمًا(12) في السفينة (درياسرا)، وهي السفينة التي حملت عائلة السلطان بهادر ونفائس خزائنه(13).
ومن الواضح أن البرتغاليين علموا لاحقًا بخبر تلك الأخشاب وبسببها اتهموا السلطان (بهادر شاه) بدعمه للعثمانيين ألدِّ أعدائهم مما تسبب بمقتله غيلة على أيديهم بالرغم من نفي هذه التهمة عن نفسه(14). وكان مقتل هذا السلطان المجاهد يوم الإثنين 3 رمضان 943هـ/ فبراير 1537م(15). وقد أرَّخ المسلمون سنة موته بحساب الجمل بالقول (قتل سلطاننا بهادر)(16)، أما الهنود فيؤرِّخونه بحساب الجمل بالقول (سلطان البر شهيد البحر)(17). وبعضهم بالهندية: (فرنكيان بهادر كش)(18)، وكان هذا بعد بلوغ أسرة هذا السلطان للمدينة بقرابة أربعة عشر شهرًا.
إن هذا الأسطول الهندي الذي حمل عائلة السلطان وبعض رجال مملكته متوجِّهًا لبلاد الحرمين الشريفين، ليس الأخير، فقد تبعه أسطول آخر في 10 شوال 942هـ/ أبريل 1536م ضم عشرين مركبًا، فيهن (عمة السلطان بهادر شاه) ووزيران من وزراء مملكته هما الوزير (حميد الملك) وهو أخو الوزير سابق الذكر (آصف خان)، والوزير (شمس خان)(19)، ومعهم أيضًا أمين المبرَّة البهادرية (الصدقة)، ويدعى الخواجا (خليل بن زين الدين الكيلاني العجمي).
وهذه المراكب محمَّلة أيضًا بالكثير من الأموال والتحف والمؤن(20). وقد عاد هذا الأسطول إلى الهند في 14 صفر 943هـ/ أغسطس 1536م محمَّلًا من جدة بالقماش والخيل والمماليك والسمن وغير ذلك، وفيه الوزير حميد الملك(21).
أما الوزير السابق الذكر (آصف خان) ومعه عائلة السلطان وخدمهم وحشمهم، فقد مكثوا بالحجاز حتى بعد أن وصلتهم الأنباء الأولى عن انتصارات ابنهم السلطان بهادر شاه على المغول، بل وهو مؤكّد أيضًا أنهم مكثوا فيها حتى بعد أن وصلتهم الفاجعة بمقتل ابنهم السلطان بهادر شاه على يد الغزاة البرتغاليين(22). ولكن هل عادت الأسرة بعد ذلك؟ خاصة وأن مملكتهم في كوجرات ما تزال في أيدي أبنائها.
ذلك أنه وبعد مقتل السلطان بهادر شاه وبناءً على وصيته تولى الحكم مباشرة ابن أخته ويدعى ميران محمد شاه فاروقي (محمد بن عادل بن نصير الفاروقي البرهانبوري)(23)، وهو سبط السلطان مظفر شاه. وكان هذا أميرًا على برهانبور أحد أقاليم الكجرات، إلا أنه توفي سنة 944هـ/ 1538م بعد أن حكم شهرًا ونصف(24)، ليتسلم السلطة بعده ابن أخ السلطان بهادر شاه ويدعى (محمود بن لطيف خان)(25). وهذا السلطان الصغير بعد أن تمكن من ضبط البلاد والحفاظ على أمنها واستقرارها أرسل رسالة للوزير آصف خان يأمره بإعادة عائلة السلطان بهادر شاه للهند(26). وكان هذا في شهر محرم سنة 946هـ/ 1539م، فتم له ذلك. أما الوزير (آصف خان) فلم يعد إلى الهند إلا سنة 955هـ/ 1548م(27)، أي بعد أن قضى في بلاد الحرمين الشريفين قرابة ثلاثة عشر عامًا.
ولنا هنا بعد كل هذا أن نضع عددًا من التساؤلات لكي يستقيم لنا المشهد ويتضح أكثر لنتسائل عمن كان في استقبال تلك الأسرة المالكة؟ وكم كان مكوثها في المدينة؟ وما نوع الاستقبال والضيافة وحفاوتها؟ وغيرها من التساؤلات التي من شأنها أن تزيد المشهد جلاء ووضوحًا. والأهم من هذا كلِّه من هم هؤلاء الزوار العابرون تحديدًا والبالغ عددهم قرابة ألفي نسمة؟
من المؤسف له أن المصادر والمراجع المحلية لم تقدم لنا في هذا الشأن سوى إشارات عابرة عن هذا الأسطول، بل ولم تقدم لنا حتى المعلومات الكافية التي تحدد لنا فيها هوية حاكم المدينة الذي استقبلهم في تلك المدة، وإن كنا نرجح أنه الأمير أحمد بن مطران. وطبعًا وبالنظر لتاريخ وصول هذا الأسطول مدينة الشحر (أواخر ربيع الآخر)، وتاريخ وصوله ميناء جدة (10 جمادى الأولى) يعطينا مؤشرًا واضحًا على أن هذا الأسطول لم يمكث في المدينة سوى أيامٍ فقط بغرض التزود أو إصلاح بعض الأعطاب ومن ثمَّ مغادرتها على عجل.
أما عن هؤلاء العابرين والبالغ عددهم الألفين، وفيهم عائلة السلطان ووزراء دولته، فقد حاولت تتبُّعَهم في المصادر والمراجع المختلفة وتوصلت إلى بعض منهم:
عائلة السلطان بهادر شاه المؤكدين والمحتملين:
وفقًا لما في أيدينا من مراجع فقد أشار الطيب بافقيه في تاريخ الشحر أن الأسطول الذي وصل إلى مدينة الشحر وفيه عائلة السلطان بهادر شاه كان يضم ((أم بهادر وزوجته وعياله))(28)، بينما في مراجع أخرى لم نجد أي ذكر لوالدته، وهذا يجعلها في حكم المحتملين وليس المؤكدين، ففي مصنف (نيل المنى بذيل بلوغ القرى) لجار الله بن العز بن فهد أن السلطان بهادر شاه لمَّا أحس بالخطر المغولي أن يداهم مملكته، أركب في المراكب: ((زوجته وأخاه وجماعة من أهله وخواصه نحو ألفي نفس من الفضلاء والمعتبرين، وعين المقدمين الملقب آصف خان..))(29).
ومن خلال البحث والتحري في المصادر والمراجع المختلفة تبين أن والدة السلطان بهادر شاه تدعى (مخدومة جهان)(30). وهي وفقًا ولرواية بافقيه كانت من ضمن أفراد العائلة التي قدمت المدينة. ولكن في إشارات أخرى تبين أن والدته هذه كانت موجودة بالهند لحظة مقتل ابنها السلطان بهادر(31)، فمن المحتمل إذا أخذنا بصحة رواية بافقيه، أنها عادت للهند مع رحلة العودة الأولى التي قادها الوزير حميد الملك وبصحبتها حفيدها محمود بن لطيف خان، الذي عين لاحقًا سلطانًا.
أما زوجة السلطان بهادر فهي من المؤكد أنها في الرحلة، وهي ابنة أحد أمراء السند يدعى (جام فيروز)، تزوجها السلطان بهادر سنة 939هـ/ 1533م. ومن المحتمل أن يكون لديها ابنة واحدة أو ابنتان بصحبتها في الرحلة لقصر مدة الزواج. ومن المؤكد أيضًا جواريهم ومن بينهم داية عيال السلطان (المربية)، والإشارة إليها ذكرت في بعض المصادر(32).
ومن المحتمل أيضًا أن تكون معهم زوجة أخيه السلطان المقتول (لطيف خان) (ت: 933هـ/ 1526م)، وتدعى (دولت خانة)، والتي أصبحت لاحقًا سلطانة بعد أن تولى ابنها السلطان محمود بن لطيف شاه الحكم(33). وكان هذا صغير السن عندما قتل عمه بهادر شاه؛ إذ لم يتجاوز اثني عشر عامًا. ومن المحتمل بحكم صغر سنه في تلك المدة أن يكون أيضًا من ضمن الوفد. وقد قتل هذا السلطان سنة 961هـ/ 1554م ومعه وزيره ووزير العائلة الوفي آصف خان.
أما أخوه والذي أشير له في فقرة سابقة، فلم يتبين لنا أيٌّ منهم، على فرضية أن الإشارة صحيحة، ذلك أن السلطان مظفر شاه والدهم لديه سبعة من الأولاد إلى جانب السلطان بهادر، وهما السلطان إسكندر خان، السلطان لطيف خان، السلطان نصير خان (محمود)، جاندخان، إبراهيم خان. والإخوة الثلاثة الأولان قتلا بسبب الصراع على الكرسي قبيل أن يتولى أخوهم بهادر الحكم. فيبقى أحد الاثنين الأخيرين. إلا أن الغريب في الأمر أنَّه لم يذكر في أي من المصادر التي تحدثت عن وجود العائلة في مكة ولم تشر لأي ذكر لهذا الأخ. ومن المحتمل أن تكون الرواية التي تنص على ذكر أخيه بأن المقصود ابن أخيه، ومما يرجح ضعف رواية وجود الأخ أيضًا أنه في سنة 946هـ/ 1539م أرسل السلطان محمود بن لطيف خان السابق الإشارة إليه وبعد أن أصبح سلطانًا رسالة إلى الوزير (آصف خان) يطلب منه إرجاع عائلة السلطان بهادر إلى الهند، دون أي إشارة لوجود أحد أعمامه هناك(34). وهذا الأمر متروك إلى تحقيق أكثر.
وإلى جانبهم – وهو من المؤكد – وأنها معهم (عمة السلطان بهادر)، وهذه مقدمها في الرحلة الثانية.
وزراء الحكومة ورجالها:
أما الوزراء وعوائلهم فأشهرهم:
1- العالي الوزير آصف خان، واسمه عبدالعزيز بن حميد الملك محمد بن ركن الدين محمد(35)، وهو أكثر من حظي بالترجمة مقارنة ببقية الأعلام المذكورين باستثناء السلطان بهادر. وبطبيعة الحال ستكون معه زوجته؛ فقد ذكرت بعض المصادر من أن الوزير آصف خان وبعد وصوله لبلاد الحرمين الشريفين اصطحب معه اثنين من أبنائه لاختتانهم، أحدهما كان في سن المراهقة ويدعى (قطب خان)، والآخر لم يتجاوز عمره السنة(36).
2- الوزير عبدالحليم بن حميد الملك، وهو أخ الوزير آصف خان. وقد أتى في الحملة الثانية.
3- الوزير عماد الملك كاويلي. أمير الأمراء في دولة السلطان محمود شاه.
4- الوزير شمس خان. وقد تكرر ذكر هذا الوزير في الرحلتين. ففي ظفر الواله ذكر أنه من وزراء الرحلة الأولى(37). وفي نيل المنى في الرحلة الثانية(38).
5- الوزير قيصر خان.
6- كاتب الوزير آصف خان ويدعى ميا عمر الهندي.
7- وكيل الوزير آصف خان ويدعى سراج الدين عمر بن كمال النهروالي(39). وهو والد مصنف كتاب ظفر الواله الشيخ محمد بن عمر الآصفي الألغخاني(40).
8- أمين المبرة البهادرية، أي المسؤول عن الصدقات السلطانية. ويدعى الخواجا (خليل بن زين الدين محمد الكيلاني العجمي)، وهذا توفي بمكة شهر ذي القعدة سنة 944هـ/ 1538م(41). وفي إشارة أن لديه ابنة مقبلة على الزواج عندما كانوا في مكة، وعلى ما يبدو أنه اصطحبها معه من الهند.
9- حيوت المهري. ذكره مصنف ظفر الواله، وأشار إلى أنه كان معلمًا في السفينة (درياسرا)، وهي السفينة التي نقلت فيها عائلة السلطان بهادر ونفائس خزائنه وأمواله. وكان شاهد عيان على الرحلة(42).
10- مبعوث الوزير آصف خان وهو من قبيلة يافع، لم تفصح لنا المصادر والمراجع التي لدي عن اسمه، وهو من أرسله الوزير آصف خان في أثناء إقامته في الحجاز إلى السلطان العثماني حاملًا معه الهدايا النفيسة، وعاد حاملًا الرد الإيجابي من السلطان العثماني.
11- محمد راجا. وهو من أتباع الوزير آصف خان، قتل في 14 محرم سنة 945هـ/ 13 يونيو 1538م في مكة على يد هندي آخر يعمل خياطًا(43).
هؤلاء هم من استطعت جمعهم والتعرف عليهم من خلال متابعة ما لديَّ من مصادر ومراجع محدودة. ومن المحتمل أن مصادر ومراجع أخرى وبخاصة الهندية منها قد تزودنا بالمزيد من المعلومات عن الشخصيات التي رافقت الأسطول، بل والمزيد من الأخبار عن تلك الأسرة الحاكمة، وعن علاقة الحضارمة بالهند.
ونود أن نشير هنا إلى أن الكثير من الأسر والشخصيات الحضرمية هاجرت في حقب تاريخية مختلفة إلى بلاد الهند وإلى إقليم كوجرات تحديدًا، وكان لها الأثر البالغ في الحياة الاجتماعية والعلمية والفكرية لتلك البلاد، وفي الأكثر الأسر العلوية كآل العيدروس(44)، ومنهم السيد شيخ بن عبدالله العيدروس الأحمد آبادي(45) (ت: 990هـ/ 1582م)، وابنه عبدالقادر بن شيخ العيدروس(46) مصنف (النور السافر في أخبار القرن العاشر)، والأديب النحرير عبدالله بن أحمد بافلاح الشحري(47) (ت: 1020هـ/ 1611م)، والأديب أحمد بن محمد باجابر(48). كما أن العلامة الفقيه محمد بن عمر بحرق الشحري(49) (ت: 930هـ/ 1523م) صاحب المصنفات الشهيرة، والذي تولى قضاء مدينة الشحر مدة، هاجر قبيل وفاته إلى الهند واستقر في أحمد أباد حيث أكرم من قبل سلاطين هذه الأسرة وبخاصة من قبل السلطان (مظفر شاه الحليم) (ت: 932هـ/ 1525م) والد السلطان (بهادر)؛ إذ كان الفقيه محمد بحرق معلمًا لهذا السلطان ومقربًا منه، وقد صنف له كتابه (تبصرة الحضرة الشاهية الأحمدية بسيرة الحضرة النبوية)، وهو الكتاب الذي غيّر بحرق اسمه فيما بعد إلى كتاب (حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار). وفي تلك الأرض توفي العلامة بحرق ودفن. وبعض روايات تقول إنه مات مسمومًا(50). وكذلك الأديب عبدالمعطي بن حسن باكثير (ت: 989هـ/ 1581م)(51)، وغيرهما كثير.
الهوامش:
(1) من ملوك كوجرات (على الساحل الغربي للهند)، اعتلى العرش في 24 شوال 932هـ/ 1525م. ويعد العاشر من سلالة ملوك كوجرات. كان ملكًا ذو همة ونشاط استطاع فتح مالوه في شعبان 937هـ/ 1530م. خاض معارك مع همايون بن بابر المغولي، فاضطر للاستعانة بالبرتغاليين، الذين قبلوا مساعدته مقابل شروط وافق عليها، ثم حاول التملص منهم ومساعدة المسلمين، فعلم البرتغاليون بأفعاله فكادوا له مؤامرة أفضت لمقتله سنة 943هـ/ 1536م. انظر ترجمته المفصلة في كتاب المسلمون في الهند من الفتح العربي حتى الاستعمار البريطاني، الترجمة الكاملة لكتاب طبقات اكبري لنظام الدين أحمد بخشى الهروي، ترجمه عن الفارسية د. أحمد عبدالقادر الشاذلي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، (3/ 126- 144)؛ الحسني، عبدالحي، نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر المسمى الإعلام بمن في تاريخ الهند من أعلام (4/ 318)؛ المنيباري، أحمد زين الدين، تحفة المجاهدين في أخبار البرتكاليين، تحقيق: محمد سعيد الطريحي، مؤسسة الوفاء، بيروت، لبنان، ط1، 1980م، ص201- 202. الآصفي، عبدالله محمد العخاني، ظفر الواله بمظفر واله، لندن، 1910م. (1/ 139). وانظر خبر وصول الأسطول باسنجلة، عبدالله محمد، العقد الثمين الفاخر في تاريخ القرن العاشر، تحقيق: عبدالله محمد الحبشي، مكتبة الإرشاد، صنعاء، ط1، 2007م، ص54. بافقيه، محمد بن عمر، تاريخ الشحر وأخبار القرن العاشر، تحقيق: عبدالله محمد الحبشي، مكتبة الإرشاد، صنعاء، ط1، 1999م، ص231.
(2) تباينت روايات المؤرخين في عدد سفن ذلك الأسطول فعند المؤرخ عبدالله بن محمد باسنجلة في كتابه تاريخ الشحر المسمى العقد الثمين الفاخر في تاريخ القرن العاشر، أن عدد تلك السفن هي ثمان (أربع برش وأربع غربان)، ص54، بينما في تاريخ الشحر للمؤرخ محمد بن عمر بافقيه أن عدد السفن التي قدمت إلى الشحر حاملة عائلة بهادر شاه وخدمهم عددها نحو سبع خشب من نوع البرش وغيرها. ص231. أما في ظفر الواله فعنده عدد السفن عشر، (1/ 257)، وفي نيل المنى بذيل بلوغ القرى لجار الله بن فهد، أن عدد السفن التي حملت الأسرة ووصلت إلى الحجاز ست سفن. نيل المنى (2/ 602).
(3) ذكر الباحث عمر الخالدي في بحثه الموسوم (عرب حضرموت في حيدر أباد) أن جيش بهادر شاه الذي حكم كوجرات من 1526- 1537م ضم حوالي (10,000) من الجنود جلهم من اليافعيين والمهريين ومن جماعات أخرى من جنوب الجزيرة العربية. انظر البحث ترجمة جمال محمود حامد، مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية، جامعة الكويت، العدد (45)، ربيع ثاني 1406هـ، ص136.
(4) ظفر الواله، (1/ 257).
(5) لمعرفة المزيد من حياة الوزير آصف خان يمكن الرجوع إلى بحث د. لمياء أحمد شافعي، حياة الوزير الكجراتي الهندي آصف خان بمكة المكرمة، مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة والدراسات الإسلامية، العدد (48) ذو الحجة 1430هـ، ص754، العيدروس، النور السافر، ص325، بافقيه، تاريخ الشحر، ص239، ص345.
(6) باسنجلة، العقد الثمين الفاخر، ص54، بافقيه، تاريخ الشحر، ص231.
(7) من المحتمل أن يكون حاكم مدينة الشحر آنذاك هو الأمير أحمد بن مطران كنائبًا للسطان بدر بن عبدالله الكثيري.
(8) لتفصيل ذلك انظر كتاب السكوتي، أنور حسن، المختصر في تاريخ مدينة الشحر العام، من إصدارات مركز حضرموت للدراسات التاريخية والتوثيق والنشر، توزيع دار الوفاق للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، ط1، 2021م، ص260- 262، د. الجعيدي، عبدالله سعيد، السلطنة الكثيرية الأولى في حضرموت، دار تريم للدراسات والنشر، ط1، 2014م، ص133.
(9) هو مظفر بن محمود بن محمد بن أحمد بن محمد بن المظفر الكجراتي أبو النصر مظفر شاه الحليم. انظر ترجمته في المختار المصون في أعلام القرون (2/ 881)، والإعلام بمن في تاريخ الهند من أعلام (4/ 431)، المسلمون في الهند (3/ 110).
(10) نيل المنى، ص602.
(11) شهاب، حسن صالح، أحمد بن ماجد والملاحة في المحيط الهندي، مركز الدراسات والوثائق، الإمارات العربية المتحدة، ط2، 2001م، ص36.
(12) المعلم تطلق على الخبير في قيادة السفن الشراعية لمسافات طويلة، ويتطلب منه أن يمتلك خبرة واسعة في شئون الملاحة، والفلك، ومعرفة تامة بالخرائط البحرية، وعمل البوصلة والاسطرلاب وغيرها، الكسادي، بدر بن أحمد، القاموس البحري، مراجعة: حسن صالح شهاب، المجمع الثقافي، أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة، ط1، 2004م، ص138.
(13) ظفر الواله (1/ 257).
(14) بافقيه، تاريخ الشحر، ص239، باسنجلة، العقد الثمين الفاخر، ص47.
(15) انظر خبر مقتله: بافقيه، تاريخ الشحر، ص199، ص238، المنيباري، تحفة المجاهدين في أحوال البرتغاليين، ص201.
(16) العيدروس، النور السافر، ص283.
(17) المنيباري، تحفة المجاهدين، بالهامش، ص202.
(18) الحسني، الإعلام بمن في تاريخ الهند من أعلام (4/ 318).
(19) ثمة إشارة في بعض المراجع إلى أن هذا الوزير كان من مرافقي الأسطول الأول. نيل المنى (2/ 625).
(20) نيل المنى (2/ 625).
(21) المرجع السابق (2/ 647).
(22) انظر خبر وصول الفاجعة في نيل المنى (2/ 672).
(23) المسلمون في الهند (3/145)، الإعلام بمن في تاريخ الهند من أعلام (4/ 411).
(24) الإعلام بمن في تاريخ الهند من أعلام (4/ 411)، المسلمون في الهند (3/ 145).
(25) في نيل المنى أن من استلم السلطة بعده هو السلطان محمود بن إسكندر، وهذا وهم (2/ 785).
(26) نيل المنى (2/ 785).
(27) العيدروس، النور السافر، ص325.
(28) بافقيه، تاريخ الشحر، ص231.
(29) نيل المنى، ص603، وظفر الواله (1/ 257).
(30) المسلمون في الهند (3/ 144).
(31) المرجع السابق، الصفحة نفسها.
(32) نيل المنى (2/ 604).
(33) ترجمته في الإعلام بمن في تاريخ الهند من أعلام (4/ 424).
(34) نيل المنى (2/ 785).
(35) ترجمته الإعلام بمن في تاريخ الهند من أعلام (4/ 366).
(36) نيل المنى (2/ 661).
(37) ظفر الواله (1/ 257).
(38) نيل المنى (2/ 625).
(39) الإعلام بمن في تاريخ الهند من أعلام (4/ 367).
(40) ترجمته المرجع السابق (5/ 624).
(41) نيل المنى (2/ 730).
(42) ظفر الواله (2/ 257).
(43) نيل المنى (2/ 743).
(44) انظر للتفصيل باذيب، د. محمد أبوبكر، إسهامات علماء حضرموت في نشر الإسلام وعلومه في الهند، دار الفتح للدراسات والنشر، ص71 وما بعدها.
(45) انظر ترجمته: الإعلام بمن في تاريخ الهند من أعلام (4/ 352)، السقاف، عبدالله بن محمد، تاريخ الشعراء الحضرميين، مطبعة حجازي بالقاهرة، 1353هـ، (1/ 171).
(46) انظر ترجمته: بامطرف، محمد عبدالقادر، الجامع، الهيئة العامة للكتاب، صنعاء، ط1، 2003م، ص323.
(47) ترجمته تاريخ الشعراء الحضرميين، (1/ 185).
(48) انظر ترجمته: الشلي، محمد بن أبي بكر، تحقيق: إبراهيم المقحفي، عقد الجواهر في أخبار القرن الحادي عشر، مكتبة الإرشاد، صنعاء، مكتبة تريم الحديثة، ط1، 2003م، ص17، تاريخ الشعراء الحضرميين، (1/ 204)، الإعلام بمن في تاريخ الهند من أعلام (5/ 490).
(49) انظر ترجمته: الإعلام بمن في تاريخ الهند من أعلام (4/ 412). باذيب، إسهامات علماء حضرموت، ص73.
(50) الإعلام بمن في تاريخ الهند من أعلام (4/ 414).
(51) المرجع السابق (4/ 377).