أمكنة
يوسف عمر باسنبل
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 2 .. ص 74
رابط العدد 2 : اضغط هنا
منطقة قرن ماجد هي أول المستقبلين للداخل لوادي دوعن الأيمن، غير أنها لم تأخذ حقها فبالكاد تجد الإشارة عابرة إليها في كتب التاريخ، ومن هذا المنطلق أتت فكرة تسليط الضوء عليها عبر صفحات مجلة (حضرموت الثقافية).
تقع قرن ماجد بجانب المرتفعات الشرقية لمدخل وادي دوعن الأيمن وترجع تسميتها بقرن ماجد إلى وجود القلعة الأثرية الجميلة على حافة الجبل المطل عليها ولكن الأرجح أن التسمية كانت قبل بناء القلعة (الحصن ) التي كانت ولايتها للشيخ عبــود أو عبد الله الـقـحــوم أحــد آل الشيخ عبد الله بن سعيد العمودي ، وله أخبار عجيبة ، و أشعار على لسان العامة ويقال إنها المكان المرتفع وسكان القرن آل القحوم العمودي والبانوير والباريان والبايوسف وهم أول من سكنها بحسب رواية المنصب عبود بن محسن القحوم البانوير .
الشيخ الشاعر حسن بلخير وأهل (قرن ماجد)
الشيخ حسن بن عبد الله بلخير – يرحمه الله – شاعر معروف توفي في العام ١٣٥٠ هجرية وقد عاصر الكثير من رجالات وادي دوعن ولا تخلو الطرفة من مجلسه وله القصيدة
المشهورة في ألقاب البلدان في وادي دوعن إلى حريضة، والمسماة (يالله عسى الذنب اغتفر) فقد عم بلاد وادي دوعن وذكر ألقابهم شعراً ولا يقصد في ذلك إلا الطرفة والمداعبة
وله مداعبات وملاطفات شعرية كثيرة منها: أنه مريوماً من الأيام على قرية (قرن ماجد)
وكان لقبهم : (اتقوا الله) وهذه لها قصة مشهورة، ووجد أهل القرية جميعهم في زواج فعندما شاهدوا الشيخ حسن بلخیر رحبوا به وطلبوا منه أن يقول لهم شعراً ويزملون به فقال لهم :
من هو يروم الدائرة ( الله ربه يتقيه )
ومن ذكر ربه ذكر ومن نسي ربه نسيه
فزعلوا منه كل أهل (قرن ماجد) ليلتها ولم يتجرؤوا عليه لوقـاره ومحبته ولمعرفتهم بسلامة صدره وصفاء سريرته، ولكنهم لم يزملوا بهذا البيت فطلبوا أن يقول لهم بيتاً آخر فقال :
يا هاجسي بالله قم وابتهج في قولك وقص
أما العُرس صفوه يعم والفائدة واحد تخص
فزملوا بهذا البيت وأدخل في قلوب أهل القرية السرور بعد الزعل في تلك الليلة .
وأهل قرن ماجد يغضبون إذا قيل: (اتقوا الله) وسبب ذلك أنّه كان لواحد (علب) وهو شجرة السدر في جربة أحدهم، فعرض عليه فيه أكثر من قيمته، فامتنع، فلم يكن إلا أن سرى بأهل قريته فاجتثوه من أصله واحتملوه، ولم يتركوا له أثراً لا ورقة ولا غيرها ثم أثاروا الأرض من ليلتهم، ولما جاء صاحبه، تحير في أمره واندهش في نفسه واختلج في عقله وظن أن بصره كذبه، ثم صاح: (اتقوا الله يا أهل قرن ماجد، أين علبي؟)، فصاروا يغضبون من ذلك. ومنها أتى اللقب الذي يعده البعض دليلا على دهاء وقوة أهل المنطقة الذين يشتهرون اليوم بسرعة البديهة .
الشيخ القحوم حاكم قرن ماجد في القرن الحادي عشر الهجري :
وأثناء النزول للمنطقة مع الأخ عبد الله محمد بانوير من سكان المنطقة التقينا المنصب عبود بن محسن القحوم العمودي الذي يسكن منطقة بلاد الماء المجاورة للقرن وتحدث عن الشيخ عبود بن محمد القحوم حاكم منطقة قرن ماجد بأنه من مواليد منطقة بضة في القرن الحادي عشر الهجري في الجور المسمى الدرع عند أهله آل محمد سعيد العمودي بجوار مصنعة بضة ولقب بالقحوم في صغره وهو من فخيذة تضم أربع ديار إخوان أي أربعة من الآباء ودارهم تسمى (دار الجد) وهي موجودة للآن في بضة في جور الدرع الأربعة الإخوان هم : آل محمد بن سعيد العمودي وآل مطهر العمودي وآل حـمد العمودي وآل عبدالقادر العمودي وجميع آل العمودي أخوان وجدهم الشيخ سعيد بن عيسى العمودي والشيخ عبود القحوم من دار آل محمد بن سعيد العمودي وإخوانه أهل داره في بضة آل الدقم العمودي والهندي والبادريق والعصري وال حمد بن محسن وكلهم من آل العمودي وأما إخوانه في بلدات أخرى فهم في صيف آل حمد بن حسين العمودي وأخوانهم وأهل حيد الجزيل آل العمودي وآل قاسم العمودي في صبيخ وآل محمد بن سعيد حكموا عدة مناطق من بينها قرن ماجد وما تبعها (بلاد الماء والعرسمة والجحي وخديش) وبعض الديار من ال العمودي لها بادية وبالأخص الذين حكموا حسب العوائد والسوالف، وللشيخ عبود القحوم (5) أبناء انتقل محمد لمنطقة بلاد الماء وأحمد إلى خديش وبقي في القرن حسن وصالح ومحسن و توفي الشيخ القحوم سنة ١٣٩٦هـ. وكان حكم الشيخ عبود بن محمد العمودي يشتهر بالتقى والحكمة، وكان شاعراً مجيداً ويعد من كبار الشعراء في عصره وله قصائد تعد من عيون الشعر الشعبي، و فقيها عالماً، طلب العلم في مكة المكرمة، وصحبه الشيخ عبد الله بن أحمد باشميل والجمعدار عبد الله بن علي العولقي ومن الشعراء الشعبيين الذين عاصروا الشيخ القحوم، الشاعر المعلم عبد الحق والشيخ مقدم بن سالم باوزير والشيخ أحمد بن علي باوزير مولى النقعة وغيرهم وخلال فترة حكمه لم يحالف السلاطين ولم يخضع لحكمهم ومما يروى عنه أنه قام بعزل القاضي باشميل في العرسمة الواقعة تحت حكمه وذلك عندما رأى هلال العيد ولم يكن لديه شهود وقام بعزل القاضي حتى لا يتحمل القاضي ومن ثم قام بإرجاعه بعد يومين للقضاء .
من أشعاره
عيني وجيعه لا هل ليات الظروف
وأنكر وجع عيني وقع من يدي
وان القبيلي قرش لما يصطرف
إذا اصطرف ضاعت عليه العلى
ومن محاسن شعره وبعضهم يرويه لغيره:
الهرج له شوكه وله ميزان
قدام ما يخرج من الحلقوم
ولى خرج شاهد على الإنسان
مثل الظرف لي قابل التبشرم
والتبشوم هو البارود، يكون في أسفل البندق، والظرف ناب الفتيلة المشتعلة إذا لاقت البارود اندفع وصاحت الندقة ومنه قوله في وصيته لابنه :
يا الله يا رباه ياجزل العطاء عبدك دعاك خائف رهين الذنب راجي من قبل جودك فكاك
إلى أن قال:
الشده الشده بها طول المدى عامل عداك ولا يروعك فسل في الوقت العصب يهدم بتك
وان با تخوض الماء توح الغوط قدّم له عصاك وادفع بميس ورك ولا تكره إذا الطرش ضواك
وصيته لابنه محمد:
هذه القصيدة للشيخ عبود بن محمد القحوم العمودي لابنه الأكبر محمد الذي تولى الحكم
فيما بعده:
يا الله يا رباه يا جزل المدد عبدك دعاك
خائف رهين الذنب راجي من قبل جودك فكاك
اني طلبتك عد قطع اليأس كله من رجاك
مالي رجاء في الخلق يا جزل المدد إلا رجاك
أنت الذي تغفر وترحم من دخل داخل حماك
يا ريتا سالك بجاه المصطفى خير أنبياك
أن تصلح أح والي وتغنينا عن ذا وذاك
بالمعطي الوهاب الأكبر ما العطاء الاعطاءك
وبعدنا بوصيك يا زرع الفؤاد أمكن عراك
یا نوره سري يا جمال الدين أسمع ما أتاك
أعكف على الطاعة وشف في المعصية سمك وداك
وأحذر من الدنيا ونفسك والطمع واقمع هواك
وأرفق باخوانك ومن جاه الغضب أطقه بماك
والحلم والرحمة وحسن المعرفة وأبعد مداك
وأكرم بميسورك ولا تكره إذا الطارش اتناك
قالبه بالترحيب والوجه الذي يوجب رضاك
وأنفق ولا تبخل من البخل الكثير الله نهاك
والهمة العليا إذا رمت العلا الله عـلاك
والشدة الشدة بها طول الزمن عامل عداك
ولا يروعك فسل في الوقت العسر يهدم بتاك
وأحذر من أهل الوقت لي يلقون سمك في غداك
لي سار فيما بينهم الكذب والحلية سلاك
واشتد للعادي إذا وطيت له رأسك طغاك
وإن با تخوض الماء با توحي الفوط قدم له عصاك
وأمن على ربك وقل رب يا رافع سماك
الخير خيرك وإن أردت الشر كله من قضاك
ما يقدر الخلق في ضرك إذا الخالق حماك