دراسات
أ.د. محمد يسلم عبدالنور
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 32 .. ص 81
رابط العدد 32 : اضغط هنا
عرفتْ حضرموت عددًا من علماء التاريخ وهواته في عصرها الحديث، ألفوا فيه وفي علومه وفروعه وأقسامه من: التراجم والثبت (تراجم الشيوخ) والأنساب، بل إنهم ناقشوا في كتاباتهم التاريخية تلك كثيرًا من القضايا والإشكالات التاريخية الحضرمية، وسوف نعرض عبر حلقات من أعداد مجلة المركز هذه، أبرز هؤلاء العلماء وأشهرهم، وذلك في محورين: أولهما: سيرة حياة هذا المؤرخ ومكانته العلمية، وثانيهما: نتاجهم العلمي التاريخي، مع الإشارة إلى عرض القضايا التاريخية ومناقشتها، والتي طرحوها وناقشوها في كتبهم ورسائلهم، في إطار إسهاماتهم في الكتابة التاريخية، ونبدأ بالمؤرخ عبدِالله بن حسن بلفقيه المتوفى سنة 1400هـ.
ترجمة المؤلف([1])
نسبه: عبد الله بن حسن بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن حسين بن محمد بن حسين بن عبد الرحمن([2]) بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن الفقيه المقدم محمد بن علي باعلوي.
ولادته: وُلِدَ بتريم – حضرموت – يوم الخميس الثاني من ربيع الأول سنة 1314هـ.
نشأته وتعليمه: نشأ في حجر والديه. وتلقى أولًا دروس القراءة والكتابة. وقراءة القرآن، ومبادئ الديانة على: الشيخ المعلم عوض بن سالم عواضة، وعندما قدم والده من إندونيسيا (جاوة) سنة 1322هـ – وكان مهاجرًا بها – وبعد سن التميز ألحقه بمعلامة بارشيد، وفي سنة 1324هـ التحق برباط تريم الشهير، وأخذ وقرأ فيه عن عددٍ من الشيوخ.
شيوخه: تلقى العلم عن شيوخ عديدين في تريم أو في المهجر. فمن شيوخه الذين أخذ عنهم أثناء التحاقه برباط تريم :
أحمد بن عبد الله البكري الخطيب (ت1331هـ)، وحسين بن أحمد بن محمد الكاف (ت1333هـ)، وعلوي بن عبد الرحمن بن أبي بكر المشهور (ت1341هـ)، وعلي بن عبد الرحمن بن أبي بكر المشهور (ت1344هـ)، وعبد الله بن عيدروس بن علوي العيدروس (ت1347هـ)، ومحمد بن أحمد بن سالم الخطيب (ت1350هـ)، وعبد الله بن أحمد بن عبد الله البكري الخطيب (ت1354هـ)، وأخوه أبو بكر (ت1356هـ)، وعبد الله بن عمر بن أحمد الشاطري (ت1361هـ)، وعبد الرحيم بن عبد الله بن سالم الخطيب (ت1363هـ)، وأبو بكر بن محمد بن عمر بلفقيه (ت1364هـ)، وسقاف بن حسن بن أحمد العيدروس.
رحلته إلى إندونيسيا: ارتحل من تريم إلى جاوة في الرابع من محرم سنة 1329هـ، وكان الباعث لهذه الرحلة المبكرة – والتي لم يتجاوز سِنُّه إذ ذاك السادسة عشر – طلب المعاش والاشتغال بالتجارة شأنه في ذلك شأن المهاجرين الحضارم، وأثناء إقامته بضعة شهور بسوربايا عند عمه عبد الرحمن بن محمد بلفقيه، وكان ذلك أثناء وجود عمر بن عبد الرحمن المشهور (ت 1322هـ) قاضي تريم السابق بها، فكان عمر المذكور يلح على عمه الشيخ عبد الرحمن لما آنس من حسن استعداد المترجم له وميله الفطري للإقبال على طلب العلم ببعثه إلى الجامع الأزهر بمصر، وقد وافق المترجم له وعمه عبد الرحمن مبدئيًا على هذا الاقتراح، غير أنه حدث أن عدل عبد الرحمن عن تنفيذ ذلك، ولعل السبب هو عدم توفر المال الذي يقوم بكفاية ما يحتاج إليه لتنفيذ هذا الاقتراح من نفقات السفر وغيرها، ومع ذلك فقد انهمك المترجم له في القراءة والمطالعة والبحث والجد والاجتهاد والأخذ والتلقي عن شيوخ العلم والمعرفة، فمن شيوخه هناك:
أبو بكر بن عمر بن عبد الله بن يحيى (ت 1331هـ) وعبد الله بن علي بن حسن الحداد (ت 1331هـ)، و محمد بن عيدروس بن محمد الحبشي (ت 1337هـ)، ومحمد بن أحمد بن محمد المحضار (ت 1344هـ)، وأحمد بن عبد الله بن طالب العطاس (ت 1347هـ)، وعبد الله بن محسن بن محمد العطاس (ت 1351هـ)، وأحمد بن محسن بن عبد الله الهدار (ت 1357هـ)، وعمر بن محمد بن إبراهيم السقاف (ت 1368هـ)، وعلوي بن محمد بن طاهر الحداد (ت 1373هـ)، وأبو بكر بن محمد بن عمر السقاف (ت 1376هـ)، وجعفر بن شيخان السقاف، وعلوي بن سقاف السقاف، ومحمد بن صالح الشواشي الباجي، ويحيى المهدلي اليمني..
أعماله: كان المترجم له من قادة النهضة الإصلاحية، وزعماء تنشيط الحركة الدينية والوطنية، سواء في المهجر – إندونيسيا – أو في حضرموت بعد عودته إليها سنة 1346هـ، فقد شارك أثناء إقامته بجاوة في مؤتمر الإصلاح الحضرمي([3])، بكتابة المقالات المفيـدة في جريدتي (الإقبال) و(حضرموت) وكان من العاملين في إدارتها أيضًا، كما ألقى المحاضرات القيمة في الأندية والجمعيات، ونشر الكثير منها في المجلات بعضها باسمه، وبعضها باسم مستعار؛ مراعاةً للظروف المحيطة، وقد أحدثت بعض كتاباته دَوِيًّا هزَّ الرأي العام في حينها، ومنها محاضرته عن مدينة تريم ماضيها وحاضرها، وهي التي نشرتْها مجلة الرابطة العلوي،ة وقد وشاها وطرز حاشيتها علوي بن طاهر الحداد بفوائد عزيزة واستدراكات نفيسة بعنوان مدينة تريم بحضرموت([4]). ومنها محاضرته التي ألقاها في الحجاز أثناء حجه عام 1351هـ.
وفي حضرموت شارك في تأسيس نادي الشبيبة المتحدة بتريم([5]) بإلقاء الدروس والمحاضرات، كما كان عضوًا في هيئة إدارة مدرسة جمعية الحق([6])، وحث وشجع على تأسيس مجلس الإفتـاء الشــرعي بتريم([7]) واشترك في تأسيس المعهد الفقهي بتريم([8])، وكان أحد أعضاء هيئة إدارته، كما عمل مدرسًا في جمعية الأخـوة والمعــاونة بتريم([9])، بإلقاء المحاضرات، وفي غير ما ذكرناه من الجمعيات التي كانت موجودة في ذلك العهد، لم يغب عنها بآرائه وإرشاداته المفيدة وتوجيهاته السديدة.
أقرانه وأصحابه: كان على أقوى روابط الصداقة والأخوة مع أقرانه من قادة الفكر ورجال العلم في كل مكان في المهجر – إندونيسيا – أو حضرموت – ممن عرفهم وعرفوه، وقد أثمرت تلك الروابط والصداقة والأخوة وما تخللها من جلسات ومذاكرات بحوثًا ورسائل علمية وفوائد قيمة.
ومن أخص أصحابه وجلسائه:
أحمد بن عمر بن عوض الشاطري (ت1360هـ)، كان من أخص أصحابه وجلسائه، فقد تولى التدريس بمدرسة جمعية الحق عام 1338هـ، فأدخل فيها من الفنون خلا الفقه والنحو والحساب المعاني والبيان والتاريخ والجغرافيا والمنطق واللغة، وشارك في تأسيس جمعية نشر الفضائل عام 1337هـ، والتي فتحت أربع مدارس في أربع حارات بتريم([10]). وتلا ذلك مشاركته في تأسيس نادي الشبيبة بتريم وإلقاؤه الدروس على أعضائه، وبعد وفاته أبَّنَتْهُ جمعية الأخوة والمعاونة بحفلة كبرى بدار الفقيه، ثم تبعه ابنه الفقيه الأديب المؤرخ محمد (ت1422هـ)، والذي تخرَّج في مدرسة جمعية الحق، ثم اشتغاله بالتدريس بمدرسة جمعية الأخوة والمعاونة، وسعيه في أعمال أخرى، وكان على اتصال وتواصل مع المترجم له حتى بعد أن هاجر واستقر في المملكة العربية السعودية عام 1393هـ إلى وفاته.
– الأديب زين العابدين أحمد بن الجنيد بن أحمد الجنيد (ت1364هـ)، الذي تولى التدريس بمدرسة الجنيد الإسلامية بتريم، بزاوية مسجد الشيخ عبد الرحمن بن محمد بايعقوب منذ افتتاحها سنة 1355هـ وكان قد تولى قبله الأستاذية القاضي مبارك عمير باحريش، ثم الفقيه سالم بن سعيد بكير باغيثان.
– القاضي مبارك عمير باحريش (ت1367هـ)، الذي كان يستفسر المترجم له عن بعض الاستشكالات، وخاصة ما لحظه من تقدير العوام للشيخ سالم بافضل (ت581هـ)، وتجاهل وغمط والده فضل بن محمد وجده عبد الكريم، لما هو معمول به في ترتيب زيارة تربة تريم، وقد أشار المترجم له بذلك في كتابه “جلاء الحقائق”.
– المفتي فضل بن عبد الله عرفان بارجاء (ت1369هـ) وكانت بينه وبين المترجم له اتصالات علمية، فلم يكن كتاب المترجم له الموسوم بـ “جلاء الحقائق” إلا توضيحًا لإشكال رفعه إليه الشيخ فضل.
– المفتي عبد الرحمن بن عبيدِ الله بن محسن السقاف (ت 1375هـ)، وعندما استقدم أحمد بن عمر بن عبد الله بن يحيى (ت 1357هـ) عبد الرحمن السقاف إلى تريم، فأقام بها مدة من الوقت، كان يعقد بها دروسًا يحضرها عدد كثير، وكان المترجم له من بين الحضور، فنشأت بينهما أخوة أكيدة وعلاقة وطيدة بين الشيخ وطالبه استمرت إلى وفاته.
– الأستاذ محمد بن هاشم بن عبد الرحمن بن طاهر (ت1380هـ)، كان جليسًا له في المهجر وحضرموت منذ سفر المذكور إلى إندونيسيا سنة 1325هـ، فقد كان مولعًا بالكتابة في الجرائد، وكانت له مقالات اجتماعية وسياسية وأدبية تنشرها جريدة الإصلاح والبشير والميزان، كما أشرف مع المترجم له على جريدة الإقبال بسوربايا سنة 1334هـ، وتولى رئاسة تحرير جريدة حضرموت سنة 1341هـ، وبعد عودته إلى حضرموت سنة 1345هـ أدار مدرسة جمعية الحق، واعتنى بإقامة المحاضرات في الجمعيات والأندية، وكتب في مجلة الإخاء التي تصدرها جمعية الأخوة والمعاونة، ولم يكن الأستاذ ابن هاشم ليكتب رحلته إلى الثغرين ( الشحر والمكلا ) بتعليقاته التاريخية عليها لولم يشر عليه المترجم له، كما كان من المساعدين له في إخراج كتابه القيم عن تاريخ الدولة الكثيرية.
– المؤرخ علوي بن طاهر بن عبد الله الحداد (ت 1382هـ)، بدأ يكتب في الصحف بعض المقالات والبحوث القيمة في شؤون مختلفة خصوصًا بعد سفره إلى إندونيسيا، وألقى هناك عددًا من المحاضرات النافعة، وأسهم في تأسيس جمعية الرابطة العلوية([11])، وتولى الإفتاء في جوهور، وكان أول تعارف مع المترجم له عندما شرعا مع عيدروس بن عمر المشهور في تنظيم ليالٍ لافتتاح المحاضرات العلمية والتاريخية وغيرها للجالية العربية بسوربايا في العقد الثالث بعد الألف من القرن الرابع عشر الهجري، وألقى المترجم له أولى المحاضرات، وعنوانها : ماضي تريم وحاضرها – كما ذكرت –، ثم تواصلت الاتصالات والمراسلات بينهما، فلم يكن كتاب علوي بن طاهر الحداد الموسوم بـ “جني الشماريخ”([12]) سوى جواب عن أسئلة في غوامض تاريخ حضرموت رفعها إليه المترجم له، إلى غير ذلك.
– المفتي سالم بن سعيد بكير باغيثان (ت 1386هـ)، الذي عُيِّنَ مدرّسًا بمدرسة جمعية الحق سنة 1340هـ، وبعد إنشاء جمعية نشر الفضائل([13]) انتظم في سلك مدرسيها سنة 1346هـ، ثم قام بالتدريس في المعهد الفقهي العلمي سنـة 1377هـ، كمـا تولى التدريس بمدرسة الإقبال بــ(دمون)، كما تصدّر رئاسة مجلس الإفتاء الشرعي بتريم، وعلاقته بالمترجم له قديمة من حين وصوله من إندونيسيا، حتى أنه أم بالمصلين في الصلاة عليه بجبانة تريم وابنه قبل الصلاة، وتواصلت تلك العلاقة حتى بعد وفاته، فقد حفظها له ابنه علي، الذي لازمه بعد وفاة والده، فكان مريدُه في صحته ومرضه، ينهل من معين علومه ومعارفه.
– الرحَّالة عمر بن أحمد بن أبي بكر بن سميط (ت 1387هـ)، كان لا يترك زيارة المترجم له في كل مرة يقدم فيها إلى تريم، وعندما زاره سنة 1371هـ قابله أجمل مقابلة، وتحدث معه عما هو مشتغل به من التأليف في الرد على قاعدة ابن خلدون المعروفة.
– المؤرخ صالح بن علي الحامد (ت 1387هـ).
– القاضي علوي بن عبد الله بن حسين السقاف (ت 1392هـ).
– الداعي إلى الله علي بن أبي بكر بن علوي المشهور (ت1402هـ)، كان كثير التردد على المترجم له لطلب الفائدة الحسية من العلم وثمرات الأدب والتاريخ، فقد زاره مع ولده أبي بكر عدة مرات في صحته ومرضه.
– الأستاذ علي بن محمد بن يحيى بن طاهر (ت 1409هـ)، وقد شارك في التعليم وإلقاء المحاضرات والفتوى بعـد عـودته إلى تريم، وزكَّاه المترجم له حينما عُيّن مفتّشًا لمدارس الدولة في مادتي اللغة العربية والدين.
– المؤرخ عمر بن علوي بن أبي بكر الكاف (ت1412هـ).
– حمزة بن عمر بن عيدروس العيدروس، وعمر الجرو من أهالي شبام، وقد كان من قبل صديق والده في جاوة، ثم تواصلت الصداقة مع المترجم له منذ قدومه إندونيسيا سنة 1329هـ؛ إذ كان يرافقه في زيارة شيخه عبد الله بن علي بن حسن الحداد.
إلى جانب محبيه ومنهم: عمره فرج باحمالة، وحيمد علي بامقيشم، وأخوه سالم، وعلي عبيد بابطاط.
صفاته وأخلاقه: كان علّامةً فاضلًا، جليل القدر، رفيع المحل، مجمعًا على علو مكانته، وسمو منزلته، مُعَظَّمًا محترمًا لدى الموافق والمخالف، ذلك أن أخلاقه العالية وأحاديثه العذبة تفرض على سامعه أن يقر له بما ذكر –؛ فهو ماتع المحاضرة والمذاكرة، كان شريفًا أبِيًّا، سريًّا ألمعيًا، مع وفور العقل وأصالة في الرأي وحِدَّة في الذهن.
مكانته العلمية: كانت تقام عند المترجم له عصرًا جلسة علمٍ (روحة) إلى قرب المغرب، يحضرها كثير من الناس، ومن الأعلام والشخصيات، ومنهم بعض أصحابه وجلسائه وتلامذته. ومنهم – غير ما ذكرت – عبد الرحمن بن حامد بن محمد السري (ت1402هـ)، وعلي بن شيخ بلفقيه (ت1416هـ)، وعلي بن أبي بكر بافضل، وعلوي بن عمر العيدروس، وشيخ بن علوي بن شهاب، ومحمد بن سالم بن حفيظ، وأحمـد بن زين بلفقيه، وعبد القـادر بن علـوي الجنيد، وعبد القادر بن عبد الرحمن الجنيد.
وكان يزوره الكثير من الشخصيات الصحفية، أمثال: محمد علي لقمان، محرّر جريدة فتاة الجزيرة، وعبد الرحمن جرجرة، مدير جريدة النهضة ومحرر جريدة القلم العدني، وشخصياتٌ أخرى عربية وأجنبية مهتمَّة بالتاريخ اليمني والحضرمي، كالمؤرخ محمد عبد القادر بامطرف، الذي استملى منه معلومات عن تاريخ حضرموت. كما التقى بشاعر حضرموت الكبير الأستاذ علي أحمد باكثير (ت 1389هـ)، عندما زار وطنه (حضرموت) بعد غيبةٍ طويلة متواصلة، دامتْ ثمانية وثلاثين عامًا.
كما أن له مراسلات مع شخصيات كثيرة، منهم: إمام اليمن الإمام يحيى حميد الدين، وفي السعودية مع الشيخ حسن بن محمد فدعق، وشيخ الحرم الشيخ محمد أمين كتبي، وفي إندونيسيا مع الأستاذ عبد الله بن عبد القادر بلفقيه مدير مدرسة الحديث، ووالده عبد القادر، وكثير من الأعيان والشخصيات.
تبوَّأتْ تحقيقات المترجم له ودراساتُه في أبحاث النسب والتاريخ، المختصة بحضرموت مكانة سامية، وضربت إلى أقصى ما يمكن من تحري الصواب والتعمق في البحث، واستجلاء الحقائق وتمحيص المعلومات بدافع خدمة العلم، والغَيرة على الحق، إلى جانب نزاهة القصد والأمانة في النقل، فقد كان غواصًا في المعاني، وقد شهد له بذلك مصطفى بن أحمد بن محمد المحضار (ت1374هـ) وذلك عندما أطرى المترجم له وزميله الأستاذ محمد بن هاشم بن طاهر في معرض تقريظه لكتابه تاريخ الدولة الكثيرية، عقيب اطلاعه على الجزء الأول منه، فعدَّهما فرسَيْ رِهَانٍ في هذا الميدان بلا مجازفة، ولا عنهم أزفت الآزفة، بل حصان رزان وكل شيء بالميزان، كلام معقول، عن أهل الصدق منقول.
وقال في موضع آخر من خطاب التقريظ: والتاريخ وضعه ثقيل. ولا نأمن عليـه إلا القليل كالأخ عبدِالله (يعني المترجم له). ثم قال: و بلفقيه دقق. وابن هاشم حقق…
وشهد له بذلك أيضًا زميله الأستاذ علي بن محمد بن يحيى فقد بعث بخطاب للمترجم له بعد اطلاعه على كتابه “تذكرة الباحث المحتاط” مُؤرَّخًا في 16/ 11/ 1378هـ مُثنِيًا على الجهود المخلصة التي يبذلها، ومعجبًا بما أوتي من ذكاء نادر وعقل راجح، يساعدانه على إطالة البحث والصبر والأناة على التحقيق، وتدبر المشاكل، فيدرك اللمحات التي تدق عن إدراك أنظار الفحول.
وتحدث عنه بعض الصحفيين ممن زاره فكتب عنه: إنه ممن يزن كلامه بميزان الذهب، معنى هذا أنه لا يرسل القول على علاته، وإنما إذا تحدث أو كتب فهو يعني ما يقول.
فهو إذا تحدث عن واقعة ما فإنه يصفها بأشخاصها وزمانها ومكانها مبالغ منه في الدقة والاحتياط.
وقد شهد له بمثل هذا وزيادة: علوي بن طاهر الحداد بقوله: العالم، المؤرخ الجامع والمنقب، والآتي من غرائب التاريخ بالغريب المعجب، الكاتب الناشر، الشاعر، والغواص على نفائس الجواهر.
وعلوي بن محمد بن أحمد المحضار (ت 1379هـ) ومحمد بن هاشم بن طاهر وغيرهم في رسائل وتقريظات على بعض مؤلفات المؤلف.
وتحدث عنه بعض المستشرقين من هيئة الإذاعة البريطانية B.B.C فوصفه بالبحَّاثة المحقِّق. وفي رسالة له من علَّامة الحرمين الشريفين الشيخ علوي بن عباس المالكي (ت1391هـ) قال عنه: إلى عالم تريم، وبَدرِها، المؤرِّخ الداعي إلى الله العليم.
ومن أقواله التي تدل على مكانته العلمية تلك المقولة لكتَّاب التاريخ الحضرمي:
“من أراد أن يؤلف أو يكتب في تاريخ حضرموت فليكتب، وهو بذلك مشكور الصنيع، ولكن علينا أن ندرك أن الغربلة مقبلة”([14]).
مرضه ووفاته: ابتُلِيَ المترجم له قبل وفاته بأمراض عدة ومتنوعة، ففي حوالي سنة 1385هـ كف بصرُه. فازدادت بصيرته علمًا وفهمًا، ولم يدع جُمُعَةً ولا جماعة، ولا مجالس علم وتعليم.
وفي سنة 1390هـ خُلعت رجله من عظمة الورك والمسمَّاة بـ (الدومة) بسبب زلة قدمه وقعت له في بيته. فلزم البيت والفراش، حتى شفي وخرج من بيته ماشيًا. وبعد مدة أصيب بجروح، فكان صابرًا على الألم محتسبًا لله تعالى، وظل رغم ذلك متابعًا ومُطّلِعًا على أخبار العالم سواء بالاستماع إلى المذياع أو بالقراءة عليه من الصحف والمجلات والكتب. ومُعَلِّقًا على تلك الأحداث والمتغيرات للأوضاع السياسية والعلمية.
وفي سنة 1398هـ أصيب بجلطة أدت إلى شلل نصفي، ومع ذلك تحسَّنت صحته قليلًا، حتى كان فجر يوم الثاني عشر من شهر رمضان سنة 1400هـ، لعله الموافق 3/7/1980م فاضت روحه الزكية إلى باريها – رحمه الله -.
ودفن بإحدى مقابر تريم (بشار) المسماة بـ (زنبل)، وكان موته عن عمر ناهز خمسـًا وثمـانين سنة وستة أشهر وعشرة أيام. لأن مولده – كما ذكرنا – في الثاني من ربيع الأول سنة 1314هـ، وخلَّف من الأبناء ستة. ثلاثة ذكور، هم: سالم، وصالح، ومحمد.
وممن رثاه أبو بكر عطاس بن عبد الله الحبشي (ت1416هـ)، وعبد القادر بن عبد الرحمن الجنيد، ويسلم بن علي بابطاط بشعر حميني، والشيخ أبو بكر بن عمر الهدار بقصيدة، مطلعُها:
صبراً على المقدور والمكتوب | وعلى فراق الجهبذ المخطوب |
الكتابة التاريخية (أبحاثه و مؤلفاته) :
عُنِيَتْ أكثر أبحاثه ومؤلفاته بتحقيق التاريخ الحضرمي، وتمحيص دراسته، إلى جانب اهتمامه كذلك بعلم النسب وما يتصل به([15])، ومع كثرة أبحاثه ودراساته فإنه لم يكتب في تاريخ حضرموت كتابًا شاملًا، ومع هذا فقد وقف بأبحاثه تلك حارسًا أمينًا لكل من أراد أن يحرّف حقائق التاريخ، أو من يحاول تشويهها والجنوح بها مع الهوى.
وإلى القارئ كشفًا بأسماء مؤلفاته مع التعريف بها:
تحدث فيه عن حياة الإمام المهاجر أحمد بن عيسى بن محمد بن علي العريضي المتوفي سنة 345هـ، وأسباب هجرته من البصرة إلى حضرموت. وعرض حالة القطرين (البصرة وحضرموت) في ذلك العهد، ونسب الإمام المهاجر، ونشأة النقابة الطالبية، وبيت آل العريضي، ونقابة البصرة وغير ذلك، كما أفرد فيه فصلًا عن مذهب الإمام المهاجر، الذي أثار الجدل حوله بعض المؤرخين بين إمامي وسني.
وللأسف لم يتمكن من إكمال كتابه لعدم توفر المراجع التي يمكن الرجوع إليها، ولو أن هذا الكتاب تم ونُشِر لسدَّ فراغًا كبيرًا، ووصلَ حلقة لا تزالُ مفقودةً من تاريخنا الحضرمي، وهو ـ أي الكتاب ـ في عداد المفقود والضائع.
2 – الفرائد في قيد الأوابد وإلحاق الشوارد حول المزارات والزيارات بوادي حضرموت.
وهو عبارة عن تعليقات وتحقيقات تاريخية، تحتوي على ما جاء في أسفار التاريخ الحضرمي وكتبه، وغيرها من التواريخ اليمنية عن المزارات والزيارات، وما كان يرجع إليه تاريخ بناء القبب بوادي حضرموت، والعهد الذي كان فيه إحداث الكتابة على شواهد القبور، وألواح الضرائح، وتطور طرق الزيارة لضرائح مشاهير السلف بوادي حضرموت، وما أعقب ذلك من إقامة الزيارات والحوليات لبعض أضرحة المتأخرين من المشاهير.
3 – كشكول ثقافي تاريخي:
وهو عبارة عن أمالي أملاها في البحث والتنقيب والجمع والتأليف وضم الموضوعات الآتية:
– التاريخ كميزان للتحقيق عند علماء الجرح والتعديل من أهل الحديث النبوي الشريف.
– هل تطور النقل في هجرة الإمام وترحاله من العراق.
– لمحة تمهيدية عن: عبد الرحمن بن عبيدِ الله السقاف (ت 1375هـ)، وصالح بن علي الحامد (ت 1387هـ).
4 – الحياة الثقافية والمذهبية بحضرموت منذ وقبل قدوم الإمام المهاجر.
وفيه بحث المؤلف عن أثر المهاجر في الحياة الثقافية بحضرموت، ومقاومته للمذهب الأباضي، ونشر مذهب الإمام الشافعي وعقيدة أهل السنة.
5 – نحو المدخل إلى التاريخ الحضرمي.
ويشتمل على بحث وتقرير وتحقيق للتعقيب على مقال الأستاذ والكاتب الصحفي أحمد عوض باوزير في دراسة التاريخ الحضرمي، نشره في جريدة الطليعة – المكلا – الصـادرة في 16/ 10/ 1373هـ الموافــق 17 / 6 / 1954م، العدد ( 205 )، بعنوان ( المدخل إلى التاريخ الحضرمي ).
6 – جلاء الحقائق وتمحيص النقل حول ما أورده مؤلف صلة الأهل في الترجمة لفضل بن محمد والد الإمام سالم بن فضل.
وهو إجابة لسؤال رفعه إليه فضيلة الشيخ فضل بن عبد الله عرفان بارجاء يتضمن إشكالًا تاريخيًا عن ما جاء بكتاب صلة الأهل بتدوين ما تفرق من مناقب بني فضل لمحمد بن عوض بن محمد بافضل (ت1369هـ).
7 – أعلام الهدى وسفن النجاة لمن بهم اهتدى واقتدى.
عبارة عن مذكرات في بعض مناقب مشائخه وكراماتهم وتراجمهم في إندونيسيا (جاوة).
وهي في مجمل شؤون رباط تريم (المعهد العلمي الديني) وتاريخه، والذي افتتح في 14 محرم 1305هـ، وانتهى من جمع هذه التذكرة سنة 1378هـ، وقد أثار جدلًا في الأوساط الدينية في تريم حينها؛ لأن موضوعها من المسكوت عنه.
9 – الشواهد الجلية عن مدى الخلف في القـاعدة الخلدونية (طبع بمطابع المختار الإسلامي جدة).
وتحتوي هذه الشواهد على أبحاث وتحقيقات علمية في نقض قاعدة ابن خلدون. التي جعلها أصلًا وقانونًا، يرجع إليه المحقق في تمييز سلاسل الأنساب المضبوطة العد، من غيرها من السلاسل المغلوطة – العد – أي المنقوصة أو المزيدة.
10 – تعليقة مفكر متحير كاشفة عن تمحلات خصوم علم النسب (طبعت مع الشواهد الجلية كملحقة وكتتمة وتذييل للشواهد).
وهي تعليقة خطَّتْها اليراعة تلقاء ما أثار الحيرة وحمل على العجب من محاولات ومداورات المستشرقين للغض من قيمة علم النسب المعتمد عند أئمة الإسلام وعلمائه من الأعاجم والعرب.
وهي رسالة مختصرة، تبين أهمية علم النسب، وردّ الانتقاص منه.
11 – استدراكات وتحريات على تاريخ حضرموت في شخصيات، وهو أول ما طبع من مؤلفاته، بالمطبعة التجارية بعدن 1375هـ/1956م.
ويحتوي على نقد كتاب الأستاذ سعيد بن عوض باوزير، المتوفَّى سنة 1398هـ ([16])، أستاذ التاريخ بمدارس غيل باوزير، والكتاب المذكور عُرف بعد تلك الاستدراكات بصفحات من التاريخ الحضرمي.
12 – نقاش وتمحيص وتنقيب عن حقيقة الملقب بـ (النفاط) في بني عيسى النقيب (طبع في جاكرتا – أندونيسيا -). وهي رسالة مختصرة أرسلها إلى الاستاذ محمد بن أحمد الحجري اليمني.
13 – تفنيد مزاعم الشيخ صلاح البكري في تحككه بنسب الإمام أحمد بن عيسى النقيب العلوي البصري. ( طبع في جاكرتا – أندونيسيا – في كتاب واحد مع – نقاش وتمحيص ).
وتلك المزاعم هي تلك التي أوردها في كتابه تاريخ حضرموت السياسي، ولعل التفنيد هذا قطعة منقولة من كتابه المفقود صبح الدياجر في تاريخ المهاجر.
14 – لمحة من زاوية التاريخ الحضرمي([17]).
وهو عبارة عن محاضرة ألقاها بمقر جمعية الأخوة والمعاونة بتريم سنة 1379هـ، في شرح أبيات الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ عبدالله بن أسعد اليافعي (ت 768هـ) عندما أرسله والده إلى حضرموت، وعندما عاد منها أجابه عن سؤاله عنها بقوله:
مررت بوادي حضرموت مسلما فألفيته بالبشر مبتسما رحبا
وألفيت فيه من جهابذة العلا أكابر لا يلقون شرقا ولا غربا
15ــ الزهروات الثلاث الجواهر: وهي رسالة ترجم فيها لكل من والدته وزوجته وابنته، المسماة كل واحدة منهن زهراء، وما زالت مخطوطة.
هذا فضلًا عن المحاضرات التي ألقاها في المهجر (جاوة) أو حضرموت.
وبهذا العرض في سيرة بلفقيه وحياته، وجهوده في الكتابة التاريخية، ألا يستحق أن يفرد بدراسة علمية مستقلة، تبيّن وتدرس هذا النتاج المتميز، فهي دعوة إلى طلاب الدراسات العليا لقطف هذه الثمرة، والله الموفق والمسدد للصواب.
أ.د. محمد يسلم عبدالنور .. أستاذ التاريخ الإسلامي وحضارته المشارك – جامعة حضرموت.
([1]) ترجم له: السري : تذكرة الباحث المحتاط 3- 10، بكير : الشواهد الجلية 94 – 102، شهاب: تعليقات شمس الظهيرة 1/ 394 – 396، المشهور: لوامع النور 2/ 85 – 88، وقبسات النور185 – 187.
([2]) وهو المسمى بلفقيه وأصلها ابن الفقيه فحذفت الألف من ابن تخفيفًا فصارت بن، ثم حذفت النون فصارت بلفقيه. وهذا يقع في كلام العرب. فهم يقولون بلحارث بن كعب في ابن الحارث بن كعب. ولُقب بهذا لاشتهار أبيه (محمد) بالفقيه، ولا يتعارض هذا مع اتساعه واشتهاره في كثير من العلوم. توفي سنة 917هـ ( الشاطري: المعجم اللطيف 155).
([3]) عقد هذا المؤتمر ( 16 جلسة ) بدعوة من الوفد الحضرمي برئاسة الطيب الساسي الذي ابتعثته السلطنتين القعيطية والكثيرية لعقده، لهدف اشراك المهاجرين الحضارم في الإصلاح العام وإطلاعهم على نتائج المؤتمر الحضرمي الأول للإصلاح ( والذي عقد بالمكلا عام 1346هـ، ونتج عنه معاهدة الشحر، وبموجبها تم الصلح بين القبائل والسلطنتين وإشراك المهاجرين في الجمعية الوطنية )، فدعا إلى إشراك المهاجرين في دعم الإصلاح ماديًّا عن طريق الاكتتاب العام (محاضر جلسات المؤتمر(خ) ).
([4]) في الجزء الثالث. شوال 1346هـ. السنة الأولى، وقد طبعت عن دار تريم سنة 2005 بتحقيق وتقديم: مصطفى عبدالرحمن العطاس، بعنوان (صفحات مجهولة من تاريخ حضرموت)، على خلاف عنوانها، وللأسف لم تكن كاملة في طبعتها المحققة، إذ جاءت تكملتها في أعداد أخرى من المجلة.
([5]) أقدم نادي رياضي أسسه مجموعة من الشباب. ومقره قصر ( المنيصورة )، وقد تولى رئاسته لعدة سنوات الشيخ عمر بن شيخ الكاف، وقد أراده مؤسسوه أن يكون ناديًا رياضيًا وثقافيًا.
([6]) تأسست جمعية الحق عام 1333هـ وأسسها مجموعة من الشبـاب؛ إذ هـالهم ما وصلت إليه أوضاع مدينتهم، وترأسها الشيخ عبد الرحمن بن شيخ الكاف، وابن عمه حسـن بن عبــد الله الكاف، وأبرز أعمالها في الجانب التربوي: إنشاء مدرسة جمعيـة الحـق، وفي الجـانـب الاجتماعي: إصلاح ذات البين، وفض النزاعات. وقد ضعف نشاطها وانتهت، وخلفتْـها جمعيـة الأخوة والمعاونة.
([7]) أسسه جماعة من العلماء والفقهاء والوجهاء، وترأسه الشيخ سالم سعيد بكير حتى وفاته عام 1386هـ، فخلفه الشيخ محمد بن سالم بن حفيظ، وكان مقره مكتبة الشيخ عبد الرحمن بن شيخ الكاف بجامع تريم.
([8]) تأسس عام 1377هـ، أسسه مجموعة من العلماء والفقهاء، ومنهم الشيخ حمزة بن علوي العيدروس، والشيخ عمر بن علوي الكاف، ومقره بالسوق، وآخر مَنْ تولى إدارته الشيخ علوي بن عمر الحداد إلى إغلاقه عام 1389هـ، وهو عبارة عن معهد متوسط، يدرس فيه الطالب بعد إنهاء المرحلة الابتدائية، إضافة إلى الفقه والعلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية والتاريخ، وكانت الدولة تعادل شهادته بالصف الثاني الثانوي.
([9]) أسسها سنة 1348هـ جماعة من طلبة مدرسة الحق، وفي سنة 1350هـ أعلنت رسميًا، نشر قانونها، وأنشأت الجمعية مدرسة ابتدائية وأخرى متوسطة وثالثة ابتدائية خاصة للبنات، وقامت ببعض النشاط في المجلات الدينية والثقافية وأصدرت مجلتها شهرية (الإخاء).
([10]) وهي: واحدة بحارة الخليف. وأخرى بحارة السحيل والرضيمة. وثالثة بحارة النويدرة. وثلاث أخريات في حارة السوق. وبلغ مجموع تلاميذها 150 تلميذًا.
([11]) الرابطة العلوية: جمعية تأسست عام 1338هـ لتوحيد العلويين بعد صراعهم مع الإرشاديين وجمع كلمتهم وللمحافظة على مركزهم، انضم إليها الكثير منهم، وأقيمت لها فروع في جاوة، وأصدرت لها مجلة هي مجلة حضرموت.
([12]) وقد نشر وطبع بتحقيقنا عن مركز النور للدراسات والأبحاث ودار تريم للدراسات والنشر سنة 1434هـ/2013م.
([13]) جمعية نشر الفضائل : أسسها مجموعة من الشباب المتعلمين الواعين، برئاسة الشيخ أحمد بن عمر الشاطري عام 1337هـ بعد تأسيس جمعية الحق، وقد كان بعض أعضائها عضوًا في جمعية الحق، غير أن رجال جمعية نشر الفضائل أرادوا لجمعيتهم دورًا متميزًا وتخصصيًا في مجال التعليم والدعوة، فوزعت أعضاءها للخروج الدعوي في مختلف ضواحي تريم، كما كلفت بعض أعضائها بتعليم البدو الداخلين إلى تريم، وأبرز أعضـائها: عطاس بن عبد الرحمن الكاف، ومحمد بن عبد الله بن هارون، و سالم سعيد بكير، وتوفيق فرج أمان، وغيرهم ( قانون جمعية نشر الفضائل (خ) ).
([14]) المدخل إلى التاريخ الحضرمي 73.
([15]) طبعت جميع كتبه وأبحاثه في الأعمال الكاملة، تحت مسمى مجموعة كتب في تاريخ وأنساب حضرموت، عن دار تريم للدراسات والنشر سنة 1430هـ/2009م، ومراجعة ابنه صالح، ولعلي هنا أذكر ارتباطي وعلاقتي بمؤلفات المترجم أثناء دراستي الجامعية، ومطالعتي إياها من مكتبة شيخي علي بكير، ونسخها بخط يدي، أما مؤلفاته المخطوطة فقد أرشدني إلى وجودها شيخي بمكتبة الأحقاف للمخطوطات (أمينُها)، وهي بخط صهر المترجم عبدالرحمن الخطيب، بتكليف من الشيخ نفسه، وقد عمدتُ بعد إنهاء دراستي الجامعية سنة 1996م إلى نسخها وخطها، في وقت يعزُّ فيه التصوير الورقي، ولا أزال احتفظ بها.
([16]) تقلد وظيفة القضاء، ثم التحق بالتربية والتعليم. وعمل في أكثر من مجال من مجالاتها (الإداري والتربوي والتعليمي والتفتيشي)، له عدة مؤلفات، أشهرها: معالم تاريخ الجزيرة العربية، وصفحات من التاريخ الحضرمي، والفكر والثقافة في التاريخ الحضرمي (نشرة [ الفكر ] العدد الأول 1996م. تصدرها جمعية أصدقاء المؤرخ سعيد باوزير).
([17]) نشر وطبع بتحقيقنا وتعليقنا عن مركز النور للدراسات والنشر سنة 1426هـ/2005م، وهو من أوائل تحقيقاتي وإصداراتي.