كتابات
سالم العبد الحمومي
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 32 .. ص 106
رابط العدد 32 : اضغط هنا
كانت الريح قد بدأت تعول وتئن منذ عصر الأمس، وفي ساعات الليل الأولى تحولت إلى زمهرير بارد.. أما الآن وقد تجاوزت الساعة الرابعة فجراً وتجاوزت الزمن المخصص ليوم الأحد، فإن الرياح الباردة قد تجاوزت هي الأخرى مرحلة العويل والأنين، وراحت تصهل غاضبة مزجرة، تريد أن تقتلع وتدمر وتترك الأرض يباباً وخراباً..
إن هذه الصورة القاتمة لترتسم في الذهن بضراوة شديدة وتوغل في النفس الكئيبة المتوحدة حد استقصاء قعر الغور السحيق!! هذا التكوين ذو الملمح المأساوي البالغ لهذه الصورة الحالكة.. التكوين النفسي.. الريح.. الخراب.. اليباب…. أي مأزق فظيع؟!
إنه ليتجلى بكل دمامل وتقرحات منعرجاته الكثيرة الآن!! أي وصفة علاجية رهيبة أجبرت نفسي على الامتثال الجبري لها؟! أن أفجر فيها كل جموع مشاعر الكره، حتى لا أدع لها ذرة واحدة من الحب تتنسم عبيرها، أن أجعلها تتفسخ عفونة من الكره والحقد والتشفي.. هل هو الغرور؟ البحث عن دروب لم يطرقها أحد قبلي لتسجيل تجربة الـ.. وهل أستطيع ذلك؟
ما زلت أتعاطى الوصفة النارية، وما زلت أجهل دوافعي الحقيقية؟ هل أتفوق على نفسي؟!
ما زال في الوقت متسع، ليس بالانبهار بالتجربة ولكن بالغوص فيها، والاستمتاع المؤلم بها وبكل ما قد تفرزه من نتائج. لا أريد لها أن تحس بغير ما أريد لها أن تحس به، أن أمررها في وحل مشاعل الكره لأدعها تتجاوز محنتها، وهذه ربما تكون بداية الطريق، لأنني حينئذٍ ربما أزداد إكباراً لها!! مهما كلفها لك التحول ومهما كلفني، لأنه السبيل الوحيد لابتعاثها خلوداً مصفى.. صوفي الملامح والجوهر! شيء لا أجد مسمى حقيقياً له بعد، ولكنه لا محالة سيكون أسمى من الإنسان المرتهن للتفسح والانحلال والتلاشي.