كتابات
أ. سالم العبد الحمومي
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 2 .. ص 99
رابط العدد 2 : اضغط هنا
خلال ما يربو على العقدين من الزمان عانت حضرموت من تجريف ممنهج للأخلاقيات والقيم الأساسية، ولم ينج من آثارها المدمرة كبار أو صغار إلا القلة القليلة ممن نأوا وتواروا بأنفسهم ودفعوا الثمن الجزيل كضريبة ارتضوها مقابل المراهنة على مستقبل مغيب لا ينبئ عنه إلا إيمان صلب برجحان الحق وغلبته وإن عتمت الرؤية وعمقت أرحام البشائر !!
إن الأحداث المتسارعة بعد ثورات الربيع العربي كانت كأجراس خافتة تبددها عاصفة التغيير العاتية، فلم يُحسن التقاطها سوى الرائين الصادقين !!
فأرهفوا السمع ومدوا الأبصار وشحذوا البصائر متشحين صبرهم المغمس بلوعة الفقد والرجاء!! وربت المتأملون على أصلاب الغد وخصوبة المستقبل !! وحتى أتى ذات يوم ربيعي احتوتنا فيه صالة منتدى متطوعون، وتسنم الشباب الحضرمي ذروة المشهد المفتوح !! وأبلوا بلاء حسناً في تشرب فنون المعرفة والعلوم وأظهروا في تمثلها وتطويرها طرائق وطرائف ووصفات تنم عن إرادات حية تصنع عندهم وتؤثثه بملكات المثابرة والتصميم والقدرة على التجاوز .. وقالوا بملء الفم: علينا أن نردم الهوة السحيقة بين أحلامنا وواقعنا !! .. أن نحلم بالأجمل نعم ولكن أن نترك الواقع لغيرنا لتشويهه .. فلا وألف لا .. كفانا التغني بأحلام أجدادنا .. فقد خلقنا الله لزمان غیر زمانهم، سنضعهم عناوين مشعة على دروب مسيرتنا الطويلة، وجسرا يوطئ لنا مفازات المآثر والإنجازات، سنجعلهم مثالاً وقدوة وحافزاً حياً وخلاقاً لاستكمال مسيرة العطاء والعمل كقيمة وجودية نتبوأ بعدها هرم الإنسانية الشاهق ونحجز لحضرميتنا مساحة مضيئة نجسد من خلالها المعاني الجوهرية والبناءة لأوامر وسنن الله فيما يحقق المعنى العميق للاستخلاف في الأرض !!
شباب بحجمهم وزن حضرموت يملئون النفس رضى ينبعثون من ركام الحطام والآلام ويلهجون بترانيم الغد الأفضل قولاً وعملاً، وهديرهم الصامت يملا الآفاق، وعزيمتهم الفوارة تقرب المسافات وتذيب الحواجز
وصدورهم العارية مفتوحة لرياح التغيير .