تراث
صالح باحيدرة
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 3 .. ص 42
رابط العدد 3 : اضغط هنا
يعد وادي دوعن أحد الوديان الفرعية لوادي حضرموت الذي سكنه الإنسان منذ القدم مستغلاً في ذلك الظروف الطبيعية متغلباً على الظروف القهرية فهو بحق أقام مدناً تاريخية رسمت ملامح دوعن في التاريخ الغابر لينطلق الإنسان الدوعني للعيش والاستقرار ليستمر في دورة الحياة مستغلاً كل الإمكانات التي تمكنه لتحسين حياته وظروفه المعيشية ملتصقـاً بـالأرض من خلال استصلاحها للزراعة وحفر الآبار وبناء السدود والحواجز المائية.
قدم نظام الري :
لقد استطاع الإنسان أن يكيف هذه الطبيعة ويسخرها لمنافعه لتصبح أداة طيعة من أدوات عصره ونمائه وتطوره فاستصلح الأرض وشق نظام ري متكاملاً، لكن لا يمكن التكهن بتحديد شق تلك القنوات في تاريخ محدد فقد أجريت بحثاً عن تاريخ شق القنوات شغوفاً بمعرفة الإجابة وفضول دفعني لذلك سالت كبار السن، لكن للأسف لا توجد إجابة عن تاريخ سقياهم فهم يتكلمون عن نظام ري قديم جداً بقدم ساكني الوادي الذي سكنوه كما أنهم توارثوا موروثاً زراعياً عن آبائهم وأجدادهم ولكن قد نستدل ببعض المدن التاريخية التي قامت على مهد هذا الوادي حيث شيدت المباني والمعابد وبنيت السدود والحواجز وعبدت الطرقات وشقت قنوات الري بشكل هندسي فريد ولعل مدينة ريبون التاريخية خير شاهد على ذلك والتي تعود إلى ما قبل الميلاد وغيرها من المدن المجاورة لها كما دلت التنقيبات التي قامت بها البعثة اليمنية السوفيتية في عام ۱۹۸۳م وبهذا استقر الإنسان الدوعني وكانت الزراعة شرطاً لازماً للاستقرار.
مسميات نظام الري ودورها:
عندما نتحدث عن الزراعة في وادي دوعن نجد أننا نتحدث ونقرأ عن حضارة زراعية موغلة في القدم فهي كتاب مفتوح لها دستورها الخاص بها وأنظمتها التي أذهلت جميع الباحثين والمهندسين وعجز عن ترجمتها خبراء غربيون، ومن المسميات المحلية التي تطلق على شبكة الري.
١- الضمير: يقع الضمير في بطن الوادي حيث يقوم المزارعون بالمسح أولاً فيؤخذ الارتفاع في الوادي وبعد المسح يتم حفر الأساس على عمق مناسب ومن ثم يتم بناء الضمير بأحجار كبيرة تعرف محلياً ب (حصي عشي) ويكون وضع الحجار بشكل متدرج يختلف رفع وعرض الضمير من منطقة إلى أخرى وهذا بحسب حاجات الأرض الزراعية من المياه.
أما وظيفة الضمير فهو يقوم برفع الماء من بطن الوادي إلى داخل الساقية الأم.
2 – رؤوس الساقية: هي الجزء الذي يأتي بعد الضمير مباشرة ووظيفتها إدخال حاجة الساقية من الماء وتزيد من جريانه داخل الساقية في حالة ضعف جريان الماء.
3 – العضد: وهو ما يأتي بعد الرؤوس مباشرة ويكون متصلاً برأس الساقية الذي في جهة الوادي ومهمته مقاومة فيضان الماء من فوق العضد في حـ الة صغر السيول وفي حالة السيول الكبيرة مهمته يخفف ضغط السيول على الساقية .
4 – المنسم: يكون بعد العضد وقبل الأراضي الزراعية ومهمته ينزل الماء الزائد عن حاجة الساقية من غير أن يؤثر في كمية المياه الداخلة إلى الساقية والأرض الزراعية.
5 – المعذر : وهو عبارة عن مسافة معينة تترك من غير بناء في سوم الساقية ومهمته في حالة السيول الكبيرة التي لا يقل ضغطها وخطرها في العضد أو من المنسم فيضطر المزارعون إلى كسر المعذر حتى لا تتضرر الأراضي الزراعية.
6- القيد: وهو الجزء المدفون تحت الأرض وهو ممتد على امتداد عرض الساقية . كما تتكون شبكة الري الداخلية من الآتي :
1 – الحرة: وهي : فتحة مستطيلة أو مربعة وقد تكون من أعلى الساقية أو من ثلث الساقية أو في أرضية الساقية بحسب حاجة الأرض الزراعية للماء.
٢- السواقي الفرعية: وهي تفرع للساقية فقد تتفرع الساقية الأم في نهايتها إلى فرعين اثنين أو أكثر.
3 – السواقي الثانوية (البداد): وهي تفرع من السواقي الفرعية وهي عبارة عن قناة صغيرة تعمل على إيصال الماء إلى الأراضي الزراعية أو حقول أشجار النخيل.
٤- الصدع (المفتح): وهو عبارة عن فتحة صغيرة وقد تكون كبيرة تعمل في الساقية الأم حيث تروي الأراضي الزراعية أو حقول أشجار النخيل مباشرة.
ملحقات شبكة الري الداخلية
1 – المسقي: وهو فتحة صغيرة حيث يتم عبرها إدخال الماء إلى الحقل.
٢ – المنكي: وهو عبارة عن مسافة خالية من الزراعة بين الحقول وترصف أرضيته بالأحجار.
3 – المرشقة: وهي عبارة عن فتحة تعمل في سوم الحقل من أجل السماح للماء بالمرور إلى الحقل الآخر.
٤ – المغصاص: وهو عبارة عن جدارين في جهتي البد ومهمة المغصاص إحداث ضغط على الماء الداخل إلى البد من أجل رفع الماء إلى الأراضي الزراعية المرتفعة.
5 – المقسم: وهو عبارة عن الجدار الذي يفصل بين السواقي الثانوية (البداد) عن بعضها البعض ومهمته تقسيم الماء بالتساوي حسب ما تحتاجه الأراضي الزراعية.
٦- المعشي : هو عبارة عن حاجزيني بالحجارة ويكون مؤقتاً حيث يسد مجرى الماء ويترك القليل من الماء يمر من فجوة الحجارة ويقوم بسد المعشي حتى تأخذ الأرض المرتفعة حــاجتها من الماء أو بالأولوية بالنسبة للأراضي الزراعية.