شخصيات
سالم عبدالمنعم باعثمان
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 3 .. ص 44
رابط العدد 3 : اضغط هنا
الأستاذ القدير عمر أحمد بن ثعلب – رحمه الله – أكبر مني سناً، وقد تخرج قبلي ليعمل مدرساً، تعرفت عليه وهو يؤدي الرسالة الملقاة على عاتقه عام ١٩٦٥م بالمدرسة الشرقية بالمكلا، بدأت المعرفة، وحين تلتقي به وتتبادل معه الحديث تتمنى أن تكون عقارب الساعة ملكك لتوعز إليها بالتوقف عن الدوران، تضيق حانقاً حين يودعك، فترى كل من حولك قد تكالب عليك، شخصية تحب الحوار والجدل، تحب النقاش الموضوعي في مجال العلم والمعرفة، لا يبالغ في طرحه، ولكنه بالمقابل بشر يؤثر ويتأثر ، يتصف بعلاقات واسعة بين فئات المجتمع، بسيط في علاقاته ومرح، فالابتسامة لا تغادر فاه يقضي بعض الوقت مع البسطاء، ينتمي إلى أسرة متواضعة لا تملك في الحياة الدنيا كثيراً من متاعها ودود في تعامله، متواضع في سلوكه، يسهم بشكل فعال في الصلح والصلاح ، يجب النظافة والملبس الذي يهواه البنطلون مع الشميز، متسامح، يتكيف مع أجواء الحياة، يحب الرحلات مع زملائه، يهوى الاستماع إلى الغناء، مرهف الإحساس ينفرد مع من يؤازره المشاعر أثناء سهرات المناسبات، يضيق ذرعاً بالغوغاء والإزعاج.
لا تفوته مناسبة في الثقافة والأدب والفن إلا ما ندر منها، له مساهمات فاعلة ، لا يحب التملق أو المزايدة، يكره النفاق يشترك بكلمة حق صادق المعنى.
البداية في ١٩٦٥م :
في الوقت الذي كنت أدرس بمدرسة المعلمين بغيل باوزير في الصف الثاني ١٩٦٥م كان الأستاذ المرحوم عمر أحمد بن ثعلب يشجعني على الحضور إلى المدرسة الشرقية بحي الشهيد خالد التي كان يعمل بها مدرساً لأخذ بعض الحصص في مختلف المواد الدراسية كتقوية عملية ، وكان من بين زملاء عمله وقتها الأساتذة الأفاضل : أنور عبد الله عبد العزيز محمد عوض باصالح، علي جمعان بن وبر ..
الإذاعة ١٩٦٧م:
في عام ١٩٦٦م كان – رحمة الله عليه – ممن اختير للعمل بالإذاعة معي، وكنا من مؤسسي إذاعة المكلا نقدم البرامج الإذاعية ونلتزم لنوبات مسائية لتقديم الأخبار وبأجهزة لاسلكي حتى في نسيان الإعلام له رفيق دربي وان سمي أحد الاستوديوهات بالإذاعة باسمه ما هو إلا تذكرة ليس إلا، ولضالة الإمكانات ارتأينا – معا – العودة إلى سلك التدريس باستثناء الأستاذ سعيد ناصر التريمي الذي استمر يعمل حتى يومنا هذا، ولكن لم تكن عودتنا إلى سـلك التدريس بسهولة، فقد واجهتنا مصاعب حتى تعهدنا بالعمل في الإذاعة أثناء الإجازة الصيفية، وحينها فرجت ووجهت رسالة من التربية والتعليم إلى إدارة النشر والإعلام تحت مرجع : 6 / 7 42 / و 67 محرر 28 / 7 / 1968م الموافق ٣ / جمادى الأولى عام ١٣٨٨هـ بتوقيع الأستاذ : عباس حسين العيدروس للعمل بالإذاعة أثناء الإجازة الصيفية، ولكنها أصبحت مجرد سحابة تهب بها الرياح لإصرار إدارة النشـر والإعلام على ضرورة تعيننا بالإذاعة في خطابها مرجع : ۲/۱ /ن ٦٨/١م محرر: 1 / 9 / 1986م بتوقيع الأخ : سعيد يسلم الرباكي فعانينا الأمرين – معا – وتوحد رأينا على عدم الموافقة على العودة ورفض التعيين، ووفقنا باعتذار التربية والتعليم بعد معاناة وصراع كبير وذلك بخطابها مرجع : 11 / 2 64 / و / 67 محرر 8 / 9 1986م الموافق ١٥ جمادى الأولى من عام ١٣٨٨ هـ ، وطالبنا بإصدار أمر من التربية والتعليم بالعودة ومباشرة العمل في سلك التدريس فتوفقنا بخطابهم مرجع 22 / 193 / و67 محرر 18 / 9 / 1968م الموافق ٢٥/ جمادى الآخرة عام ۱۳۸۸هـ بتوقيع الأستاذ : علي محفوظ حورة فتنفسنا الصعداء .
الشاعر الأديب :
كان الأستاذ عمر أحمد بن ثعلب شاعراً وأديباً وهو أول شخصية أدبية بادرت في تأليف كتاب عن الشاعر والملحن حسين المحضار تحت عنوان (المحضار الإنسان والفنان) وهو على قيد الحياة، وهو أول من برز في الكتابة عن عبقرية شعره لإعجابه وتأثره بشعر المحضار، وقد أهداني رحمه الله نسخة من ذلك المؤلف .
( بن ثعلب ) والمسرح :
حين كنت سـكرتيراً للنشاطات العامة بالمجلس العمالي م/ حضرموت أسست فرقة عمالية تسمى فرقة الفقيد بارادم للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية تابعة للاتحاد العام للنقابات بالمحافظة وكان الأستاذ المرحوم عمر أحمد بن ثعلب أحد أعضائها، وله مساهمات وبصمات منقوشة على الحجر منها على سبيل المثال في شهر يوليو من عام ۱۹۷۷م واحتفالاً بالعيد السنوي الأول لتأسيس الفرقة أقيمت ندوة عن المسرح بعنوان: كيف كنا؟ وكيف أصبحنا؟ وكيف سنكون غداً؟ أدارها الأستاذ عمر باقتدار، شارك فيها كبار المهتمين والمتتبعين لتطور الحركة المسرحية في محافظة حضرموت تناولت فيها : التمثيل والإخراج، الديكور الإضاءة، المكياج، النص المسرحي، واشترك في هذه الندوة كل من الإخوة : عوض سالم باعطب، محمد عوض باصالح، زكي سالم بن كوير، سالم عبد اللاه الحبشي، مبروك بشير بن عسلة.
(بن ثعلب) ومحاولة غنائية :
في عام ١٩٧٨م الذكرى (١٥) لاندلاع ثورة ١٤ أكتوبر شارك الأستاذ المرحوم عمر أحمد بن ثعلب بتأليف أنشودة بعنوان (مشاهد حب) قام بتلحينها الأستاذ والملحن الموهوب : فرج برك محفوظ عرضت ضمن برامج الاحتفالات من قبل الفرقة بمحافظة عدن .
رئيساً لفرقة بارادم :
في مطلع يناير من عام ۱۹۷۹م اجتمعت الجمعية العمومية وناقشت التقرير المقدم من قبل الهيئة الإدارية لفرقة الفقيد بارادم وأغنته بالملاحظات، وانتخبت هيئة إدارية جديدة مكونة من الإخوة : عمر أحمد بن ثعلب رئيسا، عمر مرزوق حسنون نائب الرئيس أبو بكر محمد باناجه سكرتير العلاقات الداخلية عمر عبد الله عمير مسؤولاً مالياً، عبد القادر سعيد بصعر مسؤول الثقافة والإعلام، عبد العزيز محمد باحكيم عضواً إدارياً.
من طرائف الحياة :
من طرائف الحياة التي عشناها أننا كنا نهوى ممارسة البيع والشراء في (الراديوهات) و(المسجلات) و(الساعات) و(الحراجات) في الشرج، وكان المرحوم الأستاذ القدير عمر
أحمد بن ثعلب مولعاً بالمرح وتعجبه النكات ويأخذ من الوقوع في المطبات دروساً، ويمارس معنا هذه الهواية المرحوم الأستاذ حاج عبد الله الحداد، وكم من مقالب ومطبات خسرنا فيها لمصلحة ممارسي هذه المهنة بالحراج وكنا وقتها مدرسين نجهل الطرق والأساليب .. وفي ذات مرة فكرنا في عمل يثبت لنا قدرتنا في معرفة الأساليب ، فكنا نمتلك راديو نوع فيليبس أبو زرارات ضغط وهو عاطل غير قابل للإصلاح، فوضعنا بين أحشائه الداخلية قوالب صغيرة من التمر وعرضناه للبيع في الحراج بصوت مرتفع … حراج حراج راديو فيليبس کندم غیر قابل للفحص أو المعاينة، ما ينفع، يا الله كم يقول فبدأ المزاد العلني وكنت حينها متمسكاً بالراديو، وأتى المرحومان عمر أحمد بن ثعلب وحاج عبد الله الحداد واشتركنا في المزاد وأنا أصيح بصوت عال .. الراديو كندم ما ينفع …
وحينما رسي المبلغ عند أصحاب الحراج واقتنعنا به انسحب الأستاذان يرحمهم الله فباركت البيع واستلمت المبلغ وغادرت الموقع، والتقينا معاً بمقهى في الشرج نتبادل الضحك … وانتشر الخبر فأصبحت حينها نكتة الحدث الجديد في حينها..