مرزوق .. اللحن الحضرمي الخالد

أضواء

بدر بن عقيل


المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 33 .. ص 16

رابط العدد 33 : اضغط هنا


ارتبطت أغنية (حَـيَّا ليالي جميلة) بوجدان المستمع في مناطق عدّة من الوطن، وخاصة في حضرموت وعدن، وصَدَح بها صوت (محمد جمعة خان)، وصوت الفنان (أبوبكر بلفقيه) الذي أجاد تأديتها أو عبر (فرقة الإنشاد) بعدن، ولا يعلم المغرمون بها أنها أصلًا من ألحان (سعيد مبارك مرزوق)، والكثير يجهل ذلك، ولا أي إشارة حتى من قبل الإذاعة والتلفزيون إلى ملحّنها الحقيقي، وهذا أمر موسِف حقًّا.

ومن ألحانه أغنية (من قُمت ماهو بحد رزقي) وهذا اللّحن من الألحان الشائعة العذبة، غنّاه كثير من الفنانين، وغنّاه الفنان (بلفقيه) أيضًا بأبيات مطلعها:

ذا فضل ضاعَت علَي دُرَّه

في الأرض من شانها بادُوْر

ومن ألحانه أيضًا أغاني (تمناة قلبي يالمختَّم)، و(يقول بن هاشم بكت لَعيان دم)، وهذه الأغنية تغنَّى بها الفنان (محمد سعد عبد الله)، والفنان (أبوبكر سالم)، و(قال الفتى غن باتغزَّل)، و(ياغُصن قد ربّوك أهلك).

أمّا لحن أغنية (يا بوعلي والخاطر امكَدَّر) فقد غنّته الفنانة (رجاء باسودان)، والمجموعة بقصيدة مطلعها:

دوب الزّمن والقلب يتذكَّر

إنَّ ألحان (بن مرزوق) كثيرة ومتعدّدة، ولها نكهة خاصة، ولون خاص، فلا غرابة في أن أطلَق عليه الشّعراء بحضرموت لقب (ملحِّن ألحان الدّان).

 ولا شك في أن سيئون المدينة الفاتنة حورية وادي حضرموت الخصيب سكنت مهجة ملحن الحان الدان الراحل سعيد مبارك مرزوق، فأحبَّها وأحب أهلها وناسها، وزرعها وضرعها، وعبر عن تصوفه بذلك الحب الوقَّاد بالقصيد عندما أطربنا بقوله:

كل من قال لي أرضك قلت أرضي سيئون

نعم سيئون أرضي منبع أشكال وألوان

 وعلى لحنه الشَّهير (ذا فَصْل حِن يالنُّوب لَخضَر)، يقول سعيد مرزوق:

سلام يَهل (القَرْن) رُدُّوا ردُّوا العوايد لَوَّليّه

ياكم وكم أيَّام مَرَّت

هدُّوا على الجودات هدُّوا

لُغصُون ماتَت!

خَلُّوا وَلَد (مرزوق) يسْلَى

ويقول: عاد (القَرْن) ما مات!

 كما يقول:

(سيئون) أرض الفن تِعجب كلّ سالي

يابختهـم حِلان فـيها دوب يـتسلّون

بالدّان والمغنى رخص لي كان غالي

إجبالها وديارها بالدّان كل ليله تناديك

 من ألحانه ومساجلاته

على صوت لحن الدّان الشَّهير (ذا فَصْل ضاعَت عَلَي دُرَّه) لملحّنه سعيد مبارك مرزوق؛ إذ قال مرزوق عليه:

من قُمْت ماهو بحَد رِزقي

رِزقِي عَلَى بَالكَرَم والجود

مانا مرَّكَب عَلَى حَد في الجهه جِنْسِي ومِثْلي

رَبّ فوقَنا قاسِم الأرزاق

فَرَدَّ الشّاعر حَدّاد بن حَسَن الكاف بهذا البيت:

الأرض قال (الحَكَم): حَقّي

بَظهَر خُطُوطي عليها اشهُود

ومن (قَسَم) لا (القزِه) ماليوم شُوه السّوق سُوقي

وانته تُقُول آه ياسَرَّاق؟!

 وعندما ذهب شاعر الدّان الحضرمي ومغنّيه وملحّنه سعيد مبارك مرزوق إلى زيارة نبي الله هود (عليه السلام)، ثم حَلَّ ضيفًا عند أهل القرن من مدينته سيئون (الطويلة)، ومن داخل خدرهم خاطبهم بلحنه فقال:

فَصْل ياهل (القَرن) شِلُّونا

واطرَحُونا حيث ماترضُون

في مَحَل ترضُون فضلاً رِيِّضُونا

بي مرض من وِلفكم مَتعوب

شُو دُواي اللّيم لي في (بير مَشهور)

وعلى ذلك اللحن بَنَى عميد الدان الحضرمي الشاعر حدّاد بن حسن الكاف هذه الأبيات، فقال:

نِسنسُوا بالدَّان واحيونا

عندكم مِن مات حَد تحيُون

ضيفكم والضّيف واجب تكرمونا

(خَلِع راشِد)* فيه لي مطلوب

إن حَصَل والاَّ كَفى ولعاد بازُور

****

لي ليالي صِيح ما اتهنَّا

نومي اتزعَّل من اللِّعيون

شي بَصَر والاَّ نَظَر باتِرحَمُونا؟

شُو غريب الدَّار له ماجوب

من رِحِم لُه فَضل عند اللَّه مأجُور

****

عَ الوفاء والشَّرع شُوفونا

لَنَّنا من ناس لي يُوفون

جيت بِيِّه ضيق خاطر نِسِّمُونا

بَيْت باتسَمَّع حَنينِ النُّوب

والجَنَا إن لا وُقِع مَعذور .. مَعذور

****

وعلى شعر لحن سعيد مرزوق:

ذا خَرَج فصْل والثّاني بَرارِيد مَصريّه

والمَعالِق تحِن رأسي لها ياعرَب يدْوِي

رَوَّح العَقل من رَيحَة عَشِيّه

ما تفَنَّد لي الكَف من زجاج الفناجين

****

يقول الشاعر مَستور سليمان حُمادي:

حَسبَك اللّه يالمَضنون، بالجَبر قاتِلنا

قَنَّعونا وانا لي قلب ما طاع يتقَنَّع

بانحط الوَصِيّه كان مُتنا

عَ الشَّواهِد وقولوا: مات مسكين مَقهور

****

عَبَرت اسنين والأشهُر ولَبعَد توافَقنا

لي نخاطُبه ما تخاطَب ولا طاع لي يسمَع

ريتنا ماعرِفته أو عرِفنا

في سَبايبه جُمله عُذُّبُوا قَبل (مستور)

****

كيف بَسلى في الدّنيا و (عاشور) خاصَمنا؟

بعد ما كنت انا وايّاه بالصّدق تَو نصدَع

في (عنِيزات) سَيَّبنا!، قَلَعنا

قُلت له: بارَك اللّه فيك، ياخوي مشكور

****

 ويقول سعيد مرزوق على صوت (ذا فصل حي ممساك) واللّحن له:

ذا فصَل حبّة مَيْس لي تِقْطَع الكاشات

من دون كاشه في الولايه ما قدر فيها

ما باقي الكاشات قَطَّعْهِن على ارباع واثمان

ويقول سعيد مرزوق والذي كان يعمل بمهنة نقش البيوت وطلائها وعلى صوت دان من ألحان وغناء مغنّي الدان عوض عبيد فاضل:

(جثمه) لقيتي جم مصايب قوم منش عاطله

كمّين فالق فيه نقَّش شهر (بن مرزوق)

أصبح عدانه يوم مالش يالخبيثه تاليه

(سواقي المنكأ) و(صَقره) و(الفَلَس) تحتش يصيحون

****

هم غشّوا الفضّه وهي كانت معاهم صافيه

حطَّوا رَشَد فيها عويله من عيال السُّوق

كل ما نظرها صيغ نكَّر قال: فضّه باليه

ذلا بُدع فيكم ولا كنتوا كذا قُل لَهل (سيئون)

****

ياسيل عصري بالعشيّه ما عبر في السَّاقيه

ظلّى مفرَّق في (الطَّويله) بينهم مفروق

من عند (بن داعر) وكم عدّى القصور العاليه

شو ربّنا بايقبل التّوبه عساهم با يتوبون

ويعد صوت (ياغُصن قد رَبُّوك أهلك من زمن محروب) من أجمل أصوات الدان الحضرمي ..

هذا الصوت من الحان الشاعر والملحّن ومغنّي الدان المرحوم سعيد مبارك مرزوق إذ قال:

ابديت بالله يا رفيع الشَان لك باتُوب

انظر لحالي في كَلَف نا شفتها زرَّه

ذا فصل فيَ اْشجار العنب وشجرة النّاناس

ترعِش ثماره بالزّهر مغروس في الهلاّس ما بين البساتين

****

وبالسّهَـالِه كِيه دُعُوا لي يومنا مغصوب

وبِالعياده عندكم بانطرح المَدره

ودِّي مَحَلِّه في الطويله شوَّقَت في الرَّاس

ما مثلها في مصر واسطنبول وارض الهند لي فيها الملايين

****

ثم نظم عليه الشاعر المرحوم: حداد بن حسن الكاف هذه الأبيات الخالدة الجميلة:

ياغُصن قد رَبُّوك أهلك من زمن محروب

يسقونك الاّ الطائفي قُطره قفا قُطره

مُولاك مِتْعِزّز بحث لك داخل الهلاّس

وطَرَحَك في قصعة عسل والله يا ذا الغُصن لا يلمسك شي طين

****

ياحيّ يامرحيب من جاء ألف لك ترحوب

يا (باسعيده) خُذ سلام آلاف لك مرّه

هت لي خَبَر في اهل الطَّويله كيف حال الناس؟

هم عادهم في بسطهم. أو هم كمايه ضقت وِكْثُرن التّماحين

****

وعادهم يتذكّرون الخِّل والمحبوب

ويذكرون الوقت . وقت الشَّرع والعِشره

ويِتقنون أيّام مرّت دايرين الكأس

وان قُد نسونا . كيف بَنسى شرعهم والجود من ذيك المضانين

ياللي طلعته في الخواطر عندنا مشبوب

وش يخرج الشابات لا طلعت في النّظره

ما باقي الاّ الذكر . يوم الذكر بين الناس

يحيي القلوب الميّته لي شوّقت لَرواح من بُعد المضانين

****

مسكين من مثلي معذّب في المحبّه لُوب

عطشان مابين الموارد قِطِّع العَبره

ماحد رثي حالي سمير الشُّهب في لغلاس

خايف يقع موتي وَنَا عطشان ما بين الموارد والـمعايين

****

لي هاش عقلي عَذب في قَصرُه مَسَـى محجوب

حسيبك الله هُشتنا ياباهي الغُرَّه

خلّيتنا هايم وحاير غايب الأحواس

سلّيت حالي يا رضي قَطَّعت في قلب المحب من غير سكّين

****

عيني على ميزَر مخرَّج صنعته ملبوب

زين الحَدِيْـدِه والمشط ما يمتسك خصره

ياريتنا بـَتسلّبُه بلقي عمامة لاس

ياخير سُلبَه شَلَّت الشُّهره ولا تستاهل الاّ للسلاطين

عَبرَت حياتي في تعب يَهل الهوى منشوب

في عذب تنظر في جبينُه مطلع الزّهره

والمطلبِه نلقاه في سمرَه ندير الكأس

ننظر خدوده والعيون النّاعسه لا شط واذلاق الحجابين

****

لا قلت له واصل مُحِبَّك قال لي: مغصوب

واهلي عليِّه مَنَّعَوْا . والا نُبَا سمره

وندير كاسات الهوى والقلب في إيناس

واطرحك وسط العين يالحبّان لي توفي عهودك للمحبّين

****

ياجُبح عامد في جبل شمسان في شنطوب

ما عذر ما ندبسك واقطع منّك الحسره

لا ياعسل مأزون بالأقفال والمقياس

ويا دواء العشّاق من نسع الخناجر ياعسـل مصبوب في صِين

****

ومتاه يالَصحاب يلقى الطالب المطلوب؟

ويحصّل الحبّان يُسرُه بعد ذي العُسره؟

والصين شو قدّه مخادر من حبوب المّاس

والسّعد لا هبّت نُوادُه بايهـزّ الغصن من ذيك البساتين

****

مُدُّوا بسجله للفتى يا دابسين النّوب

لا هُو ملأ فنجان واحد يقطع العبره

والكبد باتت تنقلي كالبُنّ في المحماس

يا قلب يظفر من صَبَر بانخزي الحُسَّاد مرّه والشياطين

****

كما يقول شاعر الدان مستور سليمان حمادي وعلى لحن (تشوّقنا الخضيره) لعملاق ملحِّني أصوات الدان (سعيد مبارك مرزوق):

هذا خرج فصل والثاني تشوّقنا الخضيره

لا خضّرت قلبي الميّت بها خضّر

قتلتنا خذت عمري بالحياء يا غصن ضِيره

سبحان ربّك

أخلقك وأنشاك من طين

****

يا ريت لي تحت ظلّك زام في هجر الهجيره

يا طِب لرواح من غبّش ومن هجّر

بعدت شذابك على المسكين لي يدّه قصيره

يومه يحبّك

لحمه برته السكاكين

****

و يقول الشاعر والملحن سعيد مرزوق:

لما قعوضه نا نويت العزم سارح

جا بن يمانى قال لا تسرح

قبلك رصاص الشرف والباروت ذالح

بوفي كلامي قلت له جاء خط مشروح

رد الشاعر مستور حمادي:

ذا فصل والثانى خرج فى بير راجح

واحد دلى دلوه وبا ينزح

والدلو ما جمّل جرت فيه الفضايح

جرذان كلن الدلو يومه كان مطروح

فقال الشاعر جعفر عبيد:

الناس لا طرحوا نا مانا مطارح

على الخط لا قالوا لزم تطرح

ماحد يبيع الولف بيعه بالمصالح

ريت المشاغل كلها يا سعيد لشحوح

        * * *