تعليم البنات بتاربة .. (الجزء الثالث – الأخير)
دراسات
عوض سالم غريبان
المرجع : مجلة حضرموت الثقافية .. العدد 33 .. ص 76
رابط العدد 33 : اضغط هنا
كيف سار التعليم النظامي للبنات في منطقة تاربة في بدايته الأولى؟
في واقع اكتنفه الجهل كان من الطبعي أن تكون البداية صعبة، وأن تكون طريق تعليم البنات ليست مفروشة بالورد والرياحين، وقد برزت ملامحه في:
- تركة مثقلة من الجهل.
- مقاومة بعض الأسر لإدخال بناتها للتعليم النظامي الحكومي.
- قلة أعداد مَنْ يلتحقْنَ بالتعليم.
- تسرب التلميذات من الدراسة بشكل كبير.
- الإجراءات الشديدة التي اتخذت من السلطة الثورية من أجل تعليم البنات.
لقد كان العام الدراسي الأول 1970/1971م مباركًا، وكان العدد مقبولًا للدفعة المؤسسة لتعليم البنات في منطقتنا تاربة في مثل هذا الواقع، غير أن طرق متابعة غياب المنقطعات عن الدراسة، ثم إجراءات السلطة بهذا الشأن، واختلاط الجنسين (بنين وبنات) بعد ذلك قلل أعداد الملتحقات بالمدرسة الابتدائية للبنات بتاربة، ثم في فترة أخرى وبعد أن نقصت وتلاشت تلك المعوقات صار الالتحاق بمدارس البنات حسنًا.
وللتمثيل على الإجراءات التي صدرت ومثَّلت خوفًا وقلقًا للآباء من إلحاق البنات بالتعليم في مرحلة البداية، وهي تنطبق على عدد من المدارس والمناطق، وبرزت في القرى أكثر من المدن:
- ففي عام 1973م صدر قرار محافظ المحافظة الخامسة بمنع سفر العائلات، وبالتحديد تلك التي أطفالها في سن الدراسة، أو الخريجين في الكليات، ودار المعلمين والمعلمات.
- في رسالة من مشرف التعليم بالمديرية الشمالية إلى إدارة المدرسة الابتدائية للبنات بتاربة محررة بتاريخ 3/4/1976م: ((على خطابكم… المختص بزواج الطالبة أعلاه… عليكم إعطائها إجازة مدة أسبوع فقط بعد كتابة تعهد على زوجها وأبيها باستمرارها بالمدرسة حتى الصف السادس الابتدائي)).
مثل هذا الإجراء يمثل حالة طيبة بما فيه من مرونة، ولكن هل ظلت هذه الحالة مستمرة؟
- في منشور من وزارة العدل والأوقاف في عام 1977م: ((يمنع تزويج الفتيات اللواتي في مرحلة الدراسة الإعدادية ولو بلغنَ السن القانونية)).
- وفي رسالة موجَّهة من رئيس المحكمة الجزئية بسيئون بتاريخ 14/2/1977م إلى المأذون الشرعي بحي تاربة: ((وعليه وبناء على المنشور رقم (2) لعام 1977م أوقفوا عقد النكاح للبنت المذكورة… حتى تكمل الدراسة الإعدادية)).
بالتأكيد أن مثل هذه الإجراءات والقوانين ستولّد حالة من الخوف والقلق لدى الأسر، وستسمع من الآباء من يقول: لماذا ألحق ابنتي بالمدرسة، وسأتعرض لكل تلك الإجراءات؟ أليس من الأفضل أن أتركها تتعلم في الكتّاب، أو في المدرسة الأهلية؟
وبعد تجاوز هذه المرحلة، وبوعي الأسر وإدراكها أهمية التعليم زادت نسب الالتحاق بالتعليم الابتدائي، ثم الإعدادي والثانوي والجامعي في يومنا هذا، ولا مجال للمقارنة بين أعداد الملتحقات بالتعليم في أعوام التأسيس وفي يومنا هذا.
وحتى تكون الصورة واضحة وغير مخفية يمكن إبراز بعض الأرقام لأعداد الدارســات في بعض السنوات في الثمانينيات وما بعدها في هذا الكتاب، وبما في ذلك سنوات التعليم المختلط.
أنشطة متنوعة ومراكز متقدمة
عند تأسيس المدارس النظامية في بلادنا شهدت تلك المدارس أنشطة متنوعة، وكان للمدرسين والطلاب الدور البارز في إنجاح هذه الأنشطة؛ إذ يتوزع الطلاب على جمعيات الأنشطة الموجودة في المدارس منذ بدء العام الدراسي، ويشرف أعضاء الهيئة التعليمية على هذه الجمعيات، كما تقيم المدرسة المعارض العلمية والفنية والتراثية، والأعياد المدرسية والرحلات الاستطلاعية.
ومدارس البنات ليست غائبة عن هذه الأنشطة، فلها نصيبها وأنشطتها المتنوعة والمتميزة، مثل: أنشطة الجمعيات العلمية، والصحافة المدرسية، والجلسات الأدبية، والفنون والرسم، ولعبة الطاولة والريشة.
ولم يقف الأمر عند ممارسة هذه الأنشطة في المدارس، بل تقام المنافسات فيما بينها، وتحصد بعضها مراكز متقدمة، ومدرسة السيدة فاطمة الزهراء بتاربة واحدة من تلك المدارس التي وصلت إلى تلك المراكز المتقدمة، وانتزعت عددًا من البطولات في سنوات مختلفة، ولا عجب في أنها حققت المركز الأول في ثلاث منافسات من المنافسات التي نظمت في الأسبوع التربوي العاشر: في عمل المجسَّمات، وفي المسرح، وفي المسابقة الثقافية، والشهادات التقديرية والدروع التي منحت للمدرسة هي خير شاهد على ما نقول.
والجمعيات التي نشطت بالمدرسة خلال السنوات الماضية هي:
- جمعية القرآن والتربية الإسلامية.
- جمعية الثقافة والجلسات الأدبـية.
- جــمــعــية الــصـحافة.
- جمعية الإذاعة المدرسية.
- جمعية النظافـة والصحة.
- جمعية التدبير المنزلـي.
- جمعية الأعمال والزينات.
ومن أنشطة مدرسة السيدة فاطمة الزهراء بتاربة التي تمارس في واقع المدرسة:
الإذاعة المدرسية:
لقد أسهمت الإذاعة المدرسية بمدرسة السيدة فاطمة الزهراء للبنات بتاربة في إبراز الأنشطة والفعاليات المدرسية من خلال الآتي:
- تبني برنامج الطابور الصباحي اليومي بتنوع مادته المقروءة.
- قراءة الأخبار والتوجيهات الصادرة من إدارة المدرسة، ومكتب التربية والتعليم.
- قراءة أسئلة المسابقات الثقافية والمنهجية.
- قراءة فقرات الجلسات الأدبية.
- قراءة برامج الاحتفالات، والتكريم، والأعياد المدرسية.
الصحافة المدرسية:
وهذه لها دورها في نشر المعرفة والوعي لدى الطلاب والطالبات، وإبراز مواهبهم في مجال الخط والرسم، وفي كتابة المقال والشعر والقصة والمسرحية، ويتجلى ذلك من خلال مجلة الصف الدراسي (المجلات الحائطية)، ومجلة المدرسة، والنشرات المطبوعة المتنوعة.
ومن النشرات المطبوعة التي أصدرتها المدرسة:
- الزهراء: وتصدر عن المدرسة في المناسبات والأعياد المدرسية.
- الصحة: وتصدر عن جمعية الصحة المدرسية.
- المائدة الطيبة: وتصدر عن جمعية التدبير المنزلي.
- الموروث الأدبي: فكرة وإعداد المدرِّسة نجلاء صالح عبد الله العامري.
- نشرة في مدرستنا إبداع: فكرة وإعداد وكيل المدرسة الأستاذ: خالد عوض مطيري حميد، وتبرز منافسة الطالبات في مجال كتابة المسرحية.
نشرة مسابقة شاعرة المدرسة: فكرة وإعداد وكيل المدرسة الأستاذ خالد عوض مطيري حميد، ويتم من خلالها إبراز إبداعات الطالبات في مجال كتابة القصيدة، وتقديم الحافز لأفضل نص شعري على مستوى المدرسة.
المسابقات الثقافية والمنهجية:
وهذه يتم من خلالها شحذ عقول التلميذات، وتوجيههن إلى البحث عن المعلومة، ومراجعة الدروس، وقد تنوعت هذه المسابقات لتحقق الفائدة منها، فكان منها:
- المسابقة المنهجية.
- المسابقة الثقافية العامة.
- مسابقة الصف النموذجي.
- مسابقة شاعرة المدرسة.
- مسابقة كتابة النص المسرحي.
أما الجمعيات الأخرى فلها نشاط، ولكنه يبرز من فترة لأخرى، أو من عام لآخر، وفي الأعياد المدرسية.
أما المدرسة الموحدة بتاربة للبنين، فيمكن الرجوع إلى كتابنا (الهيئات التعليمية بالمدرسة الابتدائية بتاربة ) الصفحات (40-71).
ملاحظات :
- عام التأسيس كانت البداية طيبة، إذ كان التعليم مستقلًا عن البنين حتى العام الدراسي 1976/1977م.
- الأعوام من 1977/1978حتى 1991/1992م تغير السلم التعليمي (المرحلة الموحدة)، وصار التعليم مختلطًا، فقل دخول الدارسات، وظهر ذلك خلال عامين من أعوام الاختلاط.
- العام الدراسي 1992/1993م استقلت مدرسة البنات عن البنين إداريًا وفنيًا، فكانت الزيادة في إقبال الفتيات على التعليم.
1) بدأت بإدارة مشتركة مع البنين، ثم عينت مديرة لها الأستاذة سامية أحمد سالم بن سلمان في العام الدراسي 2005/2006م، وكانت قد عينت وكيلة مع الإدارة المشتركة لعامين سابقين، وهي المديرة في عامنا الدراسي هذا.
2) بدأ التعليم مختلطا مع مدرسة الوادي بتاربة، ثم استقل تعليم البنات عن هذه المدرسة في العام المحدد أعلاه.
3) بدأ التعليم مختلطًا في هذه المدرسة في العام الدراسي 1989/1990م، ثم استقلت في العام المحدد أعلاه.
الخاتمة
بتوفيق من الله العلي القدير وصلت إلى نهاية بحثي هذا عن (تعليم البنات بتاربة)، وقد عملت من خلاله على الابتعاد عن الطريقة التي اتبعتها في سرد الهيئات التعليمية كالكتب السابقة التي أصدرتها عن بعض مدارس تاربة لخصوصية تعليم البنت من ناحية، ولأن عددًا من الإدارات والهيئات التعليمية كانت مشتركة للبنين والبنات عندما أخذ بالسلم التعليمي نظام ثماني سنوات، وعرف بالمرحلة الموحدة من ناحية ثانية.
لقد تركز البحث في ثلاثة عنوانات أساسية، هي:
* تعليم البنات في الكتاتيب.
* تعليم البنات في المدارس الأهلية.
* تعليم البنات في المدرسة النظامية (الحكومية) بتاربة، والمدرسة الابتدائية للبنات/ مدرسة السيدة فاطمة الزهراء بتاربة أنموذجًا.
وفي نهاية البحث قدمت بعض الملاحق كشواهد على تطور تعليم البنات بتاربة، وأنشطة المدرسة، وذلك من خلال الجداول الإحصائية، وشهادات الشكر والتقدير، وإصدارات المدرسة المطبوعة.
أرجو الله تعالى أن ينفع بهذا العمل الذي وثقت من خلاله تاريخ تعليم البنات بتاربة كل من قرأه، وأن يجازيني به الجزاء الأوفى، إنه سميع مجيب.
مراجع البحث
– أحمد علي الحاج محمد، التعليم اليمني جذور تشكله واتجاهات تطوره/ دار الشوكاني للطباعة والنشر – صنعاء.
– عوض سالم غريبان، الهيئات التعليمية بالمدرسة الابتدائية بتاربة 1962/1963م/ إصدار محلي 1439هـ /2018م.
– عبد اللطيف عبد الله الكسادي، التعليم في حضرموت .. الحامي نموذجًا – دار الحامي للدراسات والنشر/ الطبعة الأولى 1434هـ / 2013م.
– ملف سير التعليم بمدارس مركز سيئون رقم 102/س/76/77 – أرشيف التربــيـة بــنـــادي المعلم بسيئون.
– ملف سير التعليم بالمدرسة الابتدائية للبنات بتاربة رقم 26/س/70/71 – أرشيف التربية بنادي المعلم بسيئون.
– ملف أدوات مدرسة تاربة الابتدائية للبنات رقم 15/د/70/71 – أرشيف التربية بنادي المعلم بسيئون.
– ملف سير التعليم بالمدارس الأهلية بأرشيف التربية بنادي المعلم بسيئون.
– ملف التنقلات بمدرسة السيدة فاطمة الزهراء بتاربة – منشور برقم 46/32/29/أ بتاريخ 17/2/1413هـ الموافق 15/8/1992م.
– كشف بتنقلات مدراء المدارس ومساعديهم والنواب السياسيين بمدارس المديرية الشمالية صادر بتاريخ 1/3/1977م.
– مجلة (التنوير) الصادرة عن رباط تاربة (المدرسة العيدروسية) / العدد (الأول) – من مقال للأستاذ حسين إسماعيل محمد العيدروس.
– مقابلات مع بعض الشخصيات التي ارتبطت بمدرسة البنات بتاربة.
