من ملامح توثيق الشعر الشعبي للتاريخ الحضرمي
د. محمد يسلم عبدالنور
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
وبعد: فالشعر يُعَدُّ ديوان العرب، وبه حُفظت الأنساب، وعُرفت المآثر، ومنه تُعلمت اللغة، وهو حجة فيما أشكل من غريب كتاب الله، حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآثار صحابته والتابعين، وكان الشعر في الجاهلية ديوان علمهم، ومنتهى حكمهم، به يأخذون، وإليه يصيرون.
وفي حضرموت يقسم الشعر إلى قسمين: حكمي، وحميني (الشعبي). وهذا موضوع يبحث لمعرفة ملامح من توثيق الشعر الشعبي للتاريخ الحضرمي بكافة أنواعه.
انتهجت في هذا البحث المنهج الجمعي الوصفي التحليلي إلى حدٍّ ما، محاولًا استقصاء فيه جميع مناطق حضرموت، وذكر أكبر عدد ممكن من الشعراء، ولو أن ذلك يحتاج إلى دراسة تفصيلية متأنية، أو أن يؤخذ أحد أنواع التاريخ كجانب موضوعي، أو إحدى مناطق حضرموت كجانب مكاني، وتحديد مدة زمنية ما.
اعتمد هذا البحث على عدد من المصادر والمراجع، كانت بمثابة العمود الفقري له، وقد انتظم في مقدمة هذه، وتمهيد، وأربعة مباحث، وخاتمة، وقائمة بالمصادر والمراجع، ومباحث البحث الأربعة، هي:
المبحث الأول: ملمح توثيق الشعر الشعبي للتاريخ السياسي.
المبحث الثاني: ملمح توثيق الشعر الشعبي للتاريخ الاقتصادي.
المبحث الثالث: ملمح توثيق الشعر الشعبي للتاريخ الاجتماعي.
المبحث الرابع: ملمح توثيق الشعر الشعبي للتاريخ العلمي.
هذا ونسأل الله التوفيق والسداد والصواب فيما نقول.
د. محمد يسلم عبدالنور
تريم ـــ القعدة 1438هـ.
التمهيد
يعد الشعر في حضرموت كما هو الحال في جميع البلدان العربية فنًا من الفنون الرئيسة، أو بالأحرى هو الفن السائد الذي تمارسه وتتذوقه كل الطبقات، ولهذا فهو مظهر من مظاهر الحياة، وربما يكون أكثر المظاهر بروزًا في مختلف الأنشطة والاحتفالات الشعبية -وإلى اليوم- ولذا أصبح من الممكن الحصول على معلومات عن جميع مظاهر الحياة السياسية والحضارية بأنواعها: الاقتصادية، والاجتماعية، والعلمية، وغيرها([1]).
والشعر نوعان:
الشعر الحميني ( الشعر العامي): وهو الكلام الذي يفهمه عامة الناس.
الشعر الحكمي: الذي يحافظ على الروي والقافية والقواعد والاسلوب الشعري ويعالج موضوعات مألوفة شائعة([2]).
لقي الشعر الحميني إقبالًا لدى العامة والخاصة، في ظل الصراعات السياسية والقبلية المتكررة والانشغال بأمور الدنيا، مما هيأ له قاعدة شعبية عريضة حفظت له ازدهاره وتفوقه، وبخاصة أن شعراءَهُ قد توفر لهم الخيال الخصب، والتصوير الفني الجميل، الذي يرتقي، بل ويتفوق أحيانًا على خيال وشعراء العربية وتصوّرهم([3]).
تبدأ الكثير من القصائد الشعبية بعبارة ابدي بربي: أي أبدأ بذكر ربي، أو ابديت بالله، أو يا الله ابديت بك، أو ذا فصل، وتنتهي بالختم وبالدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم([4]).
والشعر الشعبي (الحميني) فيه ذخيرة تاريخية وتراثية، وفيه من النصائح والحكم، التي يوجه بها الداني والقاصي، والحاكم والمحكوم، والراعي والرعية، يستحق أن يكون موضوع دراسة بحثية.
المبحث الأول
ملمح توثيق الشعر الشعبي للتاريخ السياسي
لم تعرف حضرموت استقرارًا سياسيًا وبخاصة في القرن الثالث عشر الهجري ومجيء قبائل يافع واستقرارها بحضرموت وإنشاء لها كيانات سياسية، فدخلت حينًا في فراغ في بعض مناطقها، فكثرت الفتن بها، كما حدث في تريم سنة 1243هـ، مما حذا بالشاعر عبدالرحمن بن محمد بن شهاب([5]) أن يجسد ذلك في قصيدة مطلعها:
يا مكرب النفس بالأشعار سليها ومن بديع غريب اللفظ غذيها
وشم من مزهر الآداب غاليها وقل ألهي بحق المصطفى فيها
يا رب اجرنا من الفتنة واهليها ([6])
ولذا فقد حل الخوف بالناس وهجروا أوطانهم ورحلوا عنها، فقال أيضًا:
ثم قال من بات طول الليل يتفكر فيما مضى وسط وادينا وما قد مر
من الفتن والمحن والخوف والمنكر والناس ساروا من الغناء إلى الوديان
قصورها العالية خربت من الباطل تظل تبكي على من حلها هاطل
وكم من ترى بعدهم من مسجد عاطل أهل الهدى والندى والعلم والقرآن([7])
وفي سنة 1254هـ حاصر يافع مدينة دمون وامتد ذلك الحصار أكثر من تسعة أشهر، وبعد حصار دمون مع عدم اتفاق رأي قبيلة آل سلمة استنجد المعلم سعيد عبدالحق([8]) بآل تميم، وعلى رأسهم الأبو (المقدم) بقصيدة مطلعها:
يا الله يا رباه يا جزل العطا يا ذي بعفوك زلتي مرحومة
وفيها يقول:
ثم قال عبدالحق طرفي ساهر وبات ليلي ما تهنا نومه
حيران غيبة الرقيب الزاهر والسبع والميزان غبن انجومه
لا هم من دنيا ولا من فتنه أيضًا ولا نفسي بحد مهمومه
إلى أن يقول:
والعطب فوق الشور بين الجملة من ضاع شوره ديرته مهدومه
لي كثروا العقال ظعن اشوارهم عيني بناس اشوارهم مزمومه
ويقول فيها مستنجدًا:
وبعد يا العاني على احمر طامح لي تنطوي ذرعانه المصمومه
أقصد إلى القوز المعذر بأهله وباعطير اعبر واعبر تومه
واقصد قسم وانشد على أهل العاليه شجعان ما حد شوكته مكدومه
فيها الأبو لا زال عامد راسه لي يعرف الأحكام ما هو زومه
وقله إن شور الجماعة مايل ومن تميل منهم ما لومه
قايستهم بعد الزرا لي فيهم تمسي جميع اشوارهم مزمومه([9])
والمعروف في هذه المدة أن تريم مع يافع والدكين شرقي دمون أيضًا مع يافع ودمون مع آل سلمة التميميين، وقصد آل يافع الاستيلاء على دمون، وقد طال الحصار بحيث استنجد المعلم عبدالحق من دمون بآل تميم([10]).
ولما حطوا يافع على دمون سنة 1254هـ وبينهم وبين قبائلها حلف فنقضوه وعابوا قال:
قال الذي له زمن في الشعب عامد وحال
حالفت من فيه عامد حلف ما هو محال
حلفي على نفسي أيضًا وان أتونا عيال
حلفي على الدم والفرث اسمعوا ذي المقال([11])
وعندما أخذ يافع مدينة شبام، قال الشيخ عبدالله بن صالح بن نقيب اليافعي([12]) وأرسلها إلى المعلم سعيد عبدالحق:
يا رب نسألك بالأسماء كلها تشرح من الخطايا عسى بالعفو يوم النور
اغفر ذنوبي إلهي رب لا تفضح راجيك تكرم بجودك عندي التقصور
لاعمال ما هي برية فوقها نطرح عسى الجمالة ونفرح يوم نفخ الصور
رد عليه المعلم بقصيدة طويلة بدأها:
لاحت بروق الظفر في الليل لي جوح وحن رعد الجميلة فوق رؤوس القور
وبعد قيام الدولة الكثيرية الثانية في عهد السلطان غالب بن محسن الكثيري وأخذه بندر الشحر واستولى عليها وملكها سنة 1283هـ هنأه المعلم بقوله:
أسالك يا معبود يا ملجأ ومنجا من سأل
يا من لك التصريف في لولا وفي قوله لعل
والنصر بيدك لا بيد الغير لي يضرب مثل
يقول ما يفعل ولا يربحه فعله لي فعل
وعندما دخل الإنجليز إلى حضرموت جسَّد ذلك الشعراء في قصائدهم ومنهم محمد أحمد باوزير (بوسراجين)([13]) يقول:
طلبناك يا من عند الرزق والاجل وممزق جميع الوحش لي في سهولها
ومنشي سحاب القطر والرعد والسيل ومقدارها عندك وبامرك نزولها([14])
وعندما شنت بريطانيا الحرب على قبائل حضرموت ومنهم البادية بمنطقة رسب وقصفها بالطائرات سنة 1355هـ، قال الشاعر عبيد باعديل([15]):
اللوله قالوا تنقي للمساكين الغريب والثانية ظهرت نمارة لي تفزع كل ذيب
ذا غيث متنوي وبرقه في القزه يلهب لهيب خلفه على المعدي وطرحه في رسب صبه صبيب
وين الذي غراك حل الموت ما جاب الطبيب استحرم الجمعة في الجامع وما شاف الخطيب([16])
كما عبر الشاعر سعيد سالم باعديل([17]) عن هذا الحدث بقصيدة مطلعها:
ابديت بالواحد المعبود عز وجل سبحان من لا له كفؤ ولا له مثل([18])
عندما تدخَّل المستر إنجرامس بأمر من حكومته في شؤون حضرموت الداخلية، وأبعد سلاطينها وأساطينها عن إدارة بلادهم، وتولى هو وحلفاؤه إدارة الأمور، قال الشيخ صلاح أحمد الأحمدي قصيدته (هم حضروا البيعة)([19]) التي أرسلها من مهجره بحيدر أباد الدكن سنة 1358هـ يقول:
ابديت بك وأدعوك يا جيد وغيرك ما يجود يا حي يا قيوم يا مطلق من الساق القيود
اسألك غفرانك إذا بيت وحدي في اللحود قال القعيطي طول ليلي ما تهنيت الرقود
ويقول:
أين الدول أين آل عبدالله وهمدان الأسود وين ابن مطلق وين ربعه وين بن سالم عبود
أين القعيطي أين يافع لي تطرح في الربود ذي يرعضون السيل محري يطلعونه في سنود
واستمر في تعداد قبائل حضرموت من: التميمي والمناهيل وعبدالودود والشنافر ونهد وكندة والعوبثاني وسيبان، فكلهم حضروا البيعة -أي بيعة حضرموت لبريطانيا-، وللأسف فقد كانوا على البيعة شهودًا، ثم استمر فيما سيفعله هؤلاء الأجانب في حضرموت([20]).
قال الشاعر عبيد الإنقريز في قصيدة متهكِّمًا بعد توقيع اتفاقية الحماية البريطانية مع السلطنتين الكثيرية والقعيطية مبينًا الحال الذي وصل إليه أمر الناس قال:
ابديت بك يا الله يا لي رافع السبع الشداد
أنت الصمد من فوق عرشك وأنت رزاق العباد([21])
كما له عدة قصائد في هذا الأمر، وما آلت إليه أوضاع الناس بعد الحماية([22]).
وفي مدة الوفاق بين السلطنتين الكثيرية والقعيطية وصل السيد حسين المحضار([23]) وزير السلطنة القعيطية في زيارة إلى تريم، وكانت هناك إشاعة تداولها العامة والخاصة أن الدولة القعيطية تنوي ضم تريم إليها، وقد استقبل سلاطين آل كثير ومشايخهم السيد المحضار بالزامل، وعند وصوله دخل بين الصفوف وقال:
جيته من البندر ولي آمال في خطبة البنت الأصيله
عندي الحسب والدين والمال واليد ما زالت طويله
فرد عليه الزعيم سالم بن جعفر الكثيري([24]):
حذرك تطري باسمها بالبال عرف طرقها والوسيله
مطرود من حبان جانا زال با يخطب البنت الجميله
وعاد السيد المحضار وقال:
وسط الكبد حنه على شربون يا ريتها تصبح ضماري
با عزها مثل أختها دمون بصبر على كل الطواري([25])
وعندما خرج السيد الوزير المحضار إلى وادي حضرموت (تريم) ليقيم العدل، وقد مكث بها عدة أشهر، قال قصيدة الشهيرة، ورمز لها بقوله:
البنت ليه من الشباك تتكلم استحسنوها وكلن با يهاويها
لكنها ريضه في عقد ولد العم وإن بت دارهم معه جاوه يمنيها([26])
عندما قام الحضارم بالحركة الوطنية ضد السلطة القعيطية سنة 1365هـ/ 1946م، قال حسين المحضار قصيدة مطلعها:
قال الفتى تهيض هاجسي والليل جن بيت ليلي في خواطر منها القلب اشتطن
وايش بالقي إذا الهاجس تعبض واشتحن وامسى شبيه الهيج محرى بالسلاسل ما ارتصن([27])
وفي دوعن كان الانقسام بين القبائل والعشائر، فقال أحمد المحضار([28]) يصف الانقسام:
انظر إلى الوادي فقد حلت به السبع الشداد
الخامعي والمرشدي هم والقثم بئس المهاد
والديني والمشجري هو والعبيدي لا يعاد
وبن مطهر سابغ الغل مة وهو رأس الفساد
الله يهديهم ويهد ينا إلى طرق الرشاد
وإلا ينظفهم من الوا دي ويجعلهم بعاد([29])
وبعد استقلال جنوب اليمن من الاحتلال البريطاني سنة 1387هـ/ 1967م، وتولِّي الجبهة القومية الحكم في البلاد واعتناقها أفكار الشيوعية وتطبيق قوانينها، ومنها قوانين التأميم والانتفاضات سنة 1972م، وما رافق ذلك من أعمال تعسفية بحق المواطنين وبالأخص العلماء، قال الشاعر سعيد سالم باعديل قصيدته التي اشتهرت بتخميسها: عَدُوَّة الدين والدنيا الشيوعية، يقول في مطلعها:
أبدي بمولى الديانات السماوية المطلع عا السرائر والعلانية
نسأله اصراف كل موذي وموذية عدوة الدين والدنيا الشيوعية([30])
وفي أواخر الحكم التشطيري وبداية الوحدة سنة 1410هـ، استبشر الشعراء بذلك الوضع رغم وجود أهل المكر والخديعة، فنظموا قصائد في ذلك، ومنهم الشاعر سعيد سالم باعديل بقصيدة أسماها (الثعالة) (الثعلب)، يقول في مطلعها:
يا ساري الليل حذرك لا تقع مهذاه شل بيتري زين والسكين لا تنساه
وانظر يمينك مع يسراك والتقفاه ظهرت ثعالة وتنهش كلما تلفاه([31])
المبحث الثاني
ملمح توثيق الشعر الشعبي للتاريخ الاقتصادي
تعرضت حضرموت لعدد من الكوارث الطبيعية، ومنها الآفات الزراعية، ومن أهمها الجراد؛ حيث واجهت حضرموت هجمات شديدة لأسراب الجراد؛ حيث انعكست آثارها على المحاصيل الزراعية، وقد سجل الشعراء هذه الحوادث في قصائدهم، ومنهم المعلم عبدالحق؛ حيث قال قصيدة فيه سنة 1284هـ أولها:
ابديت بك يا رب يا غافر خطايا المذنبين
ثم يقول:
ثم قال أبو سالم على هذا الجراد الله يعين
جراد ما يحصي عدده إلا الله الحق المبين([32])
ويشاركه أيضًا الشاعر سعيد سالم بن عبيداللاه الملقَّب (نونه)،في قصيدة أخرى يقول:
جاء التهامي رعى للمحشره ما حد قدر للعمل هم ينشرون
عبر على الارض ايمن وايسره ما خاف لي بالطيالة يفقعون([33])
أما الشاعر عبدالله بن علي بن شهاب([34]) فيصور الجراد وما فعله في قصيدة ثالثة بقوله:
الهنا أدرك سريع من ذا الجراد الفضيع
دبا علينا يريع في زرعنا والحوير
جراد جاه الغرام شدد علينا الخصام
أفنى علينا الطعام أيضا وجنده كثير
جراد فيه الوحش ذيله شبيه الحنش
أرقش منقش جش فخذه كفخذ البعير
وجهه كوجه الفرس والناس له كالحرس
يدخل بضرب الطوس في كل شرج وبير
يغير وسط النهار ولا يخاف العزار
يأخذه ظلما جهار له وسط نار السعير
كليت طعم الانام ولا خشيت الملام
يا لص ظالم غرير([35])
ومن الكوارث الطبيعية أيضًا كوارث المناخ ومنها السيول؛ حيث تعرضت حضرموت لسيول كثيرة بسبب غزارة الأمطار الشديدة، وقد سجل الشعراء حوادثها وأرَّخُوها من أمثال الشاعر نونه، ففي الإكليل من سنة 1356هـ/ 1936م جاء سيل وأحدث أضرارًا فسجَّل ذلك بقوله:
ذا غيث لكليل لي خلا الخرب تهوى
القى مسابيل ظلمه نخر الوديان
من يوم شاهدت ذا عقلي علي حيران
خرب مصانع وكمن شامخة معلي
وخلط الطين هو والغيد والعيدان
والناس كم من مهلل قال يا ربي
ذا سيل طوفان شو ما هو على العدان([36])
وفي نجم العوا في 7 رمضان سنة 1376هــ/ 6 أبريل 1957م، داهم سيئون سيل عارم، وأحدث أضرارًا كثيرة، فقال فيها:
البرق والرعاد منة فوق الجبل خص بالمطار
من بن يماني لان جثمه سيلها راع الصبار
مثل المزاحي والقدم عقر بها ساس الديار
خلا المنازل جوشت فوق الجواني والزيار
حتى الغنم ماهن سلم في الطين من تحت الجدار
عبر على الاسوام والادوار خلاها وصار([37])
وتعد موجات القحط والجفاف والمجاعة التي اجتاحت حضرموت من أشد الكوارث الطبيعية خطورة على المجتمع الحضرمي إذ كانت تؤدي إلى زعزعة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن ذلك المجاعة سنة 1358هـ/ 1939م مع بداية الحرب العالمية الثانية، فانغلقت البحار وغلت الأسعار، فقال الشاعر سعيد سالم باعديل قصيدته التي مطلعها:
ابدي بمن لا له مثل يوصف ولا عينا تراه الواحد المعبود لي كل الخلائق في حواه([38])
واشتهرت حضرموت بالمحاصيل الزراعية من فواكه وخضروات حذا ببعض الشعراء الشعبيين أن يوثق ذلك في قصائد أشبه بالمقامات الأدبية بل هي كذلك، ومن هؤلاء الشاعر علي باغريب([39]) وقصيدته الطويلة في ذلك ومما قال:
في حضرموت الفواكه جم أشجار وأنهار ما تنتم
واثمار لأربابها مغنم شهرة في الكون بحرا وبر
فيه الفواكه كثير أجناس ما قط تحصى لكل الناس
أشياء غريبة عدد لنفاس شي منه مبهم وشي يذكر
ثم سرد ما اشتهرت به حضرموت من هذه الفواكه والخضروات وغيرها من المنتوجات الزراعية([40])
ومن هذه المحاصيل يأتي التمر وهو المنتوج الأول والمعول عليه؛ حيث كان يعتمد عليه كوجبتَين رئيستين، فلقد تغنىَّ الشعر الشعبي في وصف التمر ووصف خصائص كل نوع وجنس منه، ولزامًا علينا هنا أن نشير إلى قصيدة الشاعر عبدالرحمن بن محمد بن شهاب في (55) بيتًا، التي تعد مقامة أدبية رائعة، وعدّد ووصف أكثر من سبعين صنفًا من أصناف التمر، وبين نوعية كل صنف وأين يوجد؟ ومزايا كل صنف، وتعد القصيدة مدوَّنة النخيل بحضرموت، وهي مربعة وبعد كل أربعة أشطار يأتي التخميس (ما شي كما التمر في الدار)، يقول في أولها:
يا رب تسالك يا بار تحفظ لنا الربع والدار
وانزل الغيث مدرار واسق الحماري مع الزار
ما شي كما التمر في الدار([41])
وكذلك قصيدة الشاعر سعيد سالم باعديل المخمسة هي الآخر (النخلة عمّة ولا نقدر نجازيها)، والتي تضاهي قصيدة ابن شهاب، مقتديًا بالحديث القائل: “أكرموا عمتكم النخلة”([42])، ومما يقول فيها:
ما شي كم النخل بخريفه تقر العين في القلب والشول لي قد قرعها نصفين
تستاهل المدح لي تلقيه كله زين شجرة رحيمة كريمة دوب نجنيها
النخلة عمّة ولا نقدر نجازيها([43])
ولزراعة النخيل وجنيه قوانينها المعروفة بالشراحة، وعندما سن هذا القانون أحدث جدلًا واسعًا بين العلماء، بين مستنكر وهم الأكثرية ومؤيد لها؛ حيث تنص على إلزام مالك النخل بدفع جزء من ثمار النخيل لشارح النخل أو حارسه، فقال الشاعر سعيد سالم باعديل قصيدة في ذلك مطلعها:
ابدى بمن هو خالق الدنيا وآدم والمسيح هو ينزل الماطر وهو لي يلقح الشاره بريح
سأله يسامحنا إذا بيّتت وحدي في الضريح ببركة الهادي شفيع الخلق لي ذكره ربيح([44])
كما لابن شهاب المذكور قصيدة طويلة ضمنها أسماء الأسماك الموجودة بحضرموت([45]).
وفي عهد السلطنة الكثيرية أقيمت بعض مشاريع البنية التحتية، ومن أهمها طريق الكاف: وهي الطريق التي شقت إلى الشحر من تريم عبر عقبة باعشميل سنة 1357هـ/ 1937م، بتمويل السيد الثري أبوبكر بن شيخ الكاف، وهندسة الشاعر عبيد بن عوض باعديل الإنقريز، حيث قال:
بو بكر يخسر على الكلمة تنعشر كر ما هو كما من معه خزنه وهو قساس
وإن كأنها إلا وكالة سعد يا عنبر ما با تخارج طبينك يا سعيد الماس
ونوَّه بخبرته وكفاءته بقوله:
أما المعلم كما السلطان والعسكر عنده قوانين بقعه كل شي بقياس
أبو عوض كذا لقى خطبه على المنبر خطبه طويلة وسمعوها جميع الناس([46])
المبحث الثالث
ملمح توثيق الشعر الشعبي للتاريخ الاجتماعي
ساد في المجتمع الحضرمي نظام الطبقات؛ حيث قسم الناس إلى عدة طبقات، فهذا العلوي، وذاك القبيلي، والثالث الضعيف، والرابع العبد، وكان التمايز الطبقي بينهم حتى في الصفات فهذا الخادم، وذاك السيد، وهذا الوضيع، وذاك الشريف، وبرز هذا الوضع في قصائد الشعراء، فهذا عبيد باشامخة([47]) الشاعر التريمي، وهو من طبقة العمال من سكان حي الخليف بتريم، وهو عامل بناء وطين ونوره قد أرهقه جور الدولة والسادة فأنشأ قصيدته التي يقول فيها:
بني مغراه قال الذي من ناس محنون ومن دوله وساده على الضعفاء يجورون
وجابوا لي تحاريج قالوا لا تخدمون ونا مسكين مثل الغنم في الدرع مرصون
ومن لا له معلّس قتله الجوع والهون والوقية ربع ثمنها شطر مفنون
إلى إن يقول:
ومن ذي الحكم جملة من البلدة يفرون على التغليظ ضعفاء البلد ما با يصبرون
نلقيها السويري وإلا الأرض دمون تقع عشرين خطوة في الجامع يصلون
ولا هذا الجزاء يومهم بالليل يبنون نشو جملة محايل وجمع أكوات وحصون
وقيل إن هذه القصيدة أنشأها لأنهم أرادوا تخفيض أجرة العامل([48]).
وحتى في الساحل لم ينجوا من المعاناة المساكين، ففي الشحر مثلًا عانى قِطَاعٌ من المصنَّفين من أبناء الفئات الدنيا؛ كونهم عبيدًا في نظر القائمين على شؤون البلاد حينها، وقد تحدث الشاعر عمر كرامة بارمادة، ([49]) يصف حالته وحالة من هو في طبقته:
نا عبد بني عبد وبني ذي مكانه بطن امه
وابني الذي في عالم الذر مثل أخواله وعمه
عبيد في الخدمة ويا ساحب سحب لا وسط كمه
في العيد يذبحنا وجدي قد سحق لحمه وعظمه
وخوي قد خلى العرائس خضبن من سيل دمه([50])
وقسم المجتمع إلى عدة طبقات: العليا والسفلى، ومن الأخيرة الطبقة العاملة، وقد لاقت في مجتمعها من التهميش والحرمان، مما حذا بالشعراء أن يصور لنا ذلك في عدة قصائد، ومنهم خميس كندي([51]) الذي أعطى لنا صورة حيَّة لما تعانيه هذه الطبقة دفعنا أن نسردها برُمَّتها قال:
قال الفتى الشاعر نظمت أبيات من وحي الحياة
كلام شعبي بحت ما له أي علاقة بالنحاة
لا رفع للفاعل ولا مفعول به مخفوظ لاه
كلام للعقال والحذاق من كندي بناه
لحميد ومبيرك وسويلم ومن يحذو حذاه
والعامل العادي وللبحره ولخوان السناه
والحيك والحراث لي يسرح ويضوي في خلاه
لي راس ماله حبل والتاجر معه بقره وشاه
الراسماليون حرموهم وخلوهم صلاة
ما علموهم شئ خلاف الوضؤ واركان الصلاة
من شان ما حد منهم يعرف حقوقه في الحياة
يخاطب الشاعر في هذه القصيدة الطبقة العاملة، ويخصُّ بالذكر منهم الفئات الأكثر كدحًا واضطهادًا، ويمثل بهذه الفئات “حميد” و”مبيرك” و”سويلم” وغيرهم، الذين كان من المحظور عليهم أن يُسَمُّوا أنفسهم بأحمد ومبارك وسالم، فهم يُصَغَّرون للتدليل على احتقار الطبقات العليا لهم، فإذا تمرد أحدهم وسمَّى نفسه بغير أسماء التصغير عُدَّ ذلك خارجًا عن العادات والتقاليد، وربما عُدَّ خارجًا عن الدين، ويتَّهمُ الشاعرُ الطبقاتِ الغنيَّةَ بأنها هي التي حرمت تلك الطبقات من حقوقها المشروعة في الحرية والتعليم؛ حتى لا تثور ضد مستغلِّيها الطبقيين، من ذوي الامتيازات المادية والروحية.
يسرح بمزحاته ولكده تمر في قفة غداه
والي ضوى الليل حصل قرص والروبة عشاه
وإذا رفع راسه شويه كلهم شطوا قداه
قالوا تغير ما لخويدم او تكبر ايش جاه
وتدخلوا في اسمه وفي قوته وحتى في كساه
عبيد لا يمكن يسمي عندهم عبدالاله
والقوت خوريه يطحنها ويلقيها غذاه
واللبس خمسة ياردة كاره يذبلها رداه
والعيد معوز موشحي يلبسه للزينه كفاه
الحاصل ان الظلم عالعامل وصل لا منتهاه
ما حد تنكف له ولا حد قال ليه الظلم لاه
صبروا على التمييز لكن صبرهم غلق مداه
يصف الشاعر هنا الواقع الاجتماعي الذي كان سائدًا في حضرموت قبل الاستقلال، فالعامل هو الذي يحمل آلة حرثه وعمله (المزحاة)، ومعه وجبة غدائه المؤلفة من تمرات معدودات، أما إذا عاد إلى بيته ليلًا فإن وجبة عشائه لا تتعدَّى قرص الخبز مصحوبًا بالرُّوبة، وعليه بعد ذلك أن يتمسكن، وأن يعيش عيشة خاملة وادعة، وإلَّا وُوجِهَ بالاستنكار الشديد كأنما اقترف إثمًا كبيرًا، ولباسه هو الكارة: قطعة قماش زهيدة الثمن، يُلَفُّ بها النصفُ التحتي من جسمه الأسمر، الذي أحالته الشمس المحرقة والبرد القارس فحمةً سوداء، وظل أولئك العمال يعيشون ذلك الواقع المؤلم دون أن يثير ذلك شفقة أحد عليهم، وصبروا وصبروا ولكن صبرهم انتهى ونفد وأخذت الطبقة العاملة تعي واقعها، وتتمرَّد عليه ولم تعد تنطلي عليها اللعبة القديمة:
والمستغل والراسمالي ذا الزمن ما حد بغاه
مهما بذل من مال بايسقط ولا واحد قفاه
مضى الزمن ايام كل الناس تتمنى رضاه
ايام حد ماسك له الحذيه وحد ماسك عصاه
ماليوم يا لعامل تنبه حان وقت الانتباه
قل للحبايب والطبانه حقنا الشرعي نباه
وتتغير الصورة ولم يُعَدْ اولئك المستغلون والرأسماليون يحظون باحترام أحد، ومضى ذلك الزمن الذي كان الناس فيه يتقربون إلى المستغل من أجل الفوز بلقمة العيش، التي كان يتفضَّل بها عليهم لِقَاءَ استغلال عرقهم وكدحهم، وأصبح العامل اليوم متسلِّحًا بالوعي، فهو عند ما يطالب بحقوقه منهم لا يفعل ذلك من موقف الاستجداء أو العطف بل هو يطالب حقًا مشروعًا معترفًا به.
والفاس والمزحاة صاحبها مقدس في الحياة
لو لا المزاحي والقدم ما نبعت اعين المياه
والبيت والدكان والميناء وغيره من بناه؟
والتمر لي تاكله نخله في الحفر من لي سباه؟
والمال هذا لي تبخبخ فيه هو ومن لي نماه؟
ثم يتطرق الشاعر إلى القيمة المادية للعامل فهو أساس كل تقدُّم وعمران، فهو الذي يقوم بحفر عيون المياه، وينشئ الدور والمباني، ويغرس النخيل، الذي ينتج الثمرة المحببة لدى الجميع، ثم إن تلك الأموال المكدَّسة التي يختزنها المستغلون كانت ناتج عرقهم وعملهم:
اليس هو من عرقه العامل ومن صفوة دماه
ما تعرفون ان خيركم كله بما كسبت يداه
ذا لي حصل من حضرمي مارس وذا كله راه
والجوع في رمضان ذكره المساكين العراه
والعاطفة دفعته ولا القول هذا ما بغاه
وينتهي الشاعر إلى النتيجة المترتَّبة عمَّا سبق من وقائع، وهي ان الخير كله الذي يعم الدنيا إنما هو من عمل الطبقة العاملة وكفاحها الدؤوب، لهذا فلا معنى لإنكار حقوق العامل واضطهاده وهذا الذي أورده الشاعر عن أحوال العمال في بلاده ليس من وضع الخيال، أو التصور، بل هي الحقيقة كاملة عاشها الشاعر وتجرَّع مرارتها، وقد دفعته الغيرة والوطنية لتصوير آلام الطبقة العاملة؛ ليستحثها على الثورة ضد مستغلِّيها وجلَّاديها، الذين فرضوا عليهم التخلف والخمول طوال السنوات الماضية([52]).
ومن قصائده:
حتى العباده في المساجد كل طبقة في مكان
(حميد) يجلس في الوراء حتى دخل قبل الاذان
وفي المحاكم حد يدينونه والاخر لا يدان
في كل شيء تمييز حتى في المقابر والكفان([53])
وحظيت المرأة بنصيب من قصائد الشعراء، ومن ذلك قصيدة عبدالقادر الشعيرة([54]) في النساء وما يناسبهن في (37) بيت يقول:
ويقول ابو صالح تذكرت النساء وافعالهن
شفت الرجال اليوم تحت اقدامهن واحكامهن
وتخلعوا ما يفعلون الشور الا شورهن
وختمها بقوله:
الله يجمعنا بخيرات النساء وحسانهن
ما نصلح الا بالنساء والنور في مصباحهن([55])
وعرف الحضارم بالهجرة إلى أصقاع المعمورة، فعندما هاجروا إلى جاوة نظموا قصائد يمدحون فيها جاوة، ويَذُمُّون حضرموت، ومنها قصيدة سالم بايعشوت،([56]) فرد عليه الشعيرة بقصيدة يمدح حضرموت ويَذُمُ جاوة في (22) بيتًا([57]).
وظهرت في المجتمع ظاهرة التنابذ بألقاب القرى والبلدان، وقيلت في ذلك القصائد منها قصيدة عبود من الغرف([58]) في (61) بيتًا([59])، وقصيدة عبدالله بن حسين بافضل([60]) في (60) بيتًا([61])
المبحث الرابع
ملمح توثيق الشعر الشعبي للتاريخ العلمي
ازدهرت وتطورت الحياة العلمية في حضرموت في عصورها المختلفة، وتعدَّدتْ مؤسساتها التعليمية والعلمية، ومنها المساجد، التي كانت بالكثرة من أية منطقة أخرى، وفي تريم كانت بالكثرة من أية منطقة في حضرموت، وقد عانت في وقت ما من هجران المصلين لها، وأصبحت خرابًا يسكنها البوم والغراب، فأوقافها تلفتْ مع الزمن، فاجتمعت هذه المساجد في يوم الخميس وذهبتْ إلى المسجد الجامع، وَبَثَّتْ شكواها، فيرد عليهم الجامع إنَّ حاله نفس حالهم، وقد جسد هذه الصورة الشاعر عبدالرحمن بن محمد بن شهاب في قصيدته التي يقول في أولها:
سمعت من بعد العشاء حمامة تنوح بالغريد من تهامه
جاوبتها تهناكم السلامة من اين ذي الوصلة واين قاصد
ان المساجد في تريم جمعا جمهن في يوم الخميس جمعا
كل إلى الجامع تراه يسعى يبث ما لاقاه من شدائد([62])
ومن المؤسسات العلمية كذلك الجمعيات التي أخذت على عاتقها النهوض بالعملية التعليمية بإنشاء المدارس، ومنها جمعية الحق التي تأسست سنة 1333هـ في تريم، ومع ذلك لم تكن تحظى بتوافق المجتمع الحضرمي، وبرز من عارضها من أمثال الشاعر عبدالقادر الشعيرة؛ حيث يذكرها في أقواله وأبياته الشعرية بأسوأ الذكر، ومنه:
يقول بن شيبان جمعية ظهر قانونهــــــــــــا خلو شيابتهم حيارى من حجج يبكونهــــــــا وان جئت تسألهم مسائل علم ما يفتونهــــــا جمعية الباطل على المسكين والناس الزيان | حلق اللحى من لا حلق لحيته يتعادونهــــا وتولوا احكام الشريعة عا الذي يهدونونها مثل البهائم والبقر لي برقصت بعيونهــــا قطعت علينا رحمة الله كأنه الوادي مـلان |
بان الكم من يوم ظهرت والعور والعجز بان ([63]).
ولعل الشاعر في نفسه شيء من رجال هذه الجمعية.
وكثر العلماء والدعاة بمختلف تخصصاتهم، ومن سنة الكون أن يغيب البعض منهم بالوفاة، فيسهم الشعراء الشعبيون في رثاء هؤلاء وهم كثر، ومن أمثلة ذلك مرثَّيات الشاعر سعيد سالم باعديل في السلطان علي بن منصور الكثيري (ت 1357هـ) بقصيدة مطلها:
يا الله يا رباه يا عالم بحالي يا غفور يا مالك الاملاك سالك يا منور كل نور([64])
ومرثية الأستاذ التربوي حسن بن زين بلفقيه (ت1399هـ) بقصيدة مطلها:
يا رايحا حول باحبليل ودياره سلم على دار وأهله يا لها من دار([65])
ومرثية السيد الداعي محمد بن علوي ين شهاب (ت1400ه) بقصيدة مطلها:
الحمد للواحد الباقي وغيره فان سبحانه الحاكم القاضي بكل ما كان([66])
ومرثية المؤرخ والنحوي عمر بن علوي الكاف (ت1412هـ) بقصيدة مطلها:
الحمد لله رب العالمين الاف على قضائه ونعمائه بدون اخلاف([67])
الخاتمة
بعد أن وصلنا إلى نهاية البحث رغم أنه يحتاج إلى وقت وتفصيل أكثر وأكثر يحسن بنا أن نعطي خلاصة له، فقد كان للشعر الشعبي دور في تصوير الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية، فقد استطاع من خلال شحنات الأفكار التي نادى بها أن يسهم في حركة الوعي الوطني، وأن يدفع في طريق التحرر والانعتاق من القديم.
كان الشعر الشعبي في بدايته يؤثر الرمزية والتستر وراء ضرب الأمثلة وصولًا إلى تحديد الهدف الذي يقصده، فإنه في مرحلة متقدمة امتلك الشجاعة، فلم يعد بحاجة إلى التعمية وأصبح متجرَّدًا في تناول قضاياه.
وجدْنا أنَّ من الشعراء قد يشترك في تصوير وتجسيد وقائع وحوادث معينة، بمعنى أن الحادثة الواقعة نجد لها معالجة من أكثر من شاعر، كما هو ملاحظ في البحث.
إن هذا الموضوع لا توفيه هذه الدراسة المبتسرة، وما ذكرناه ما هو إلَّا نموذج مصغر للتعرُّف والتأكيد على دور الشعر الشعبي في توثيق التاريخ الحضرمي على كافة الصعد.
نتمنى من الباحثين والدارسين أن يسلطوا الأضواء على هذا الموضوع، وأنْ نرى قريبًا دراسة وافية شافية عنه، وإنَّ غدًا لناظره قريب.
والله الموفق للصواب
قائمة المصادر والمراجع
باحمدان، محمد سالم
- من أشعار حسين حامد المحضار، الطبعة الاولى، 2010م.
بارجاء، علي أحمد
- الشاعر الحكيم الفلاح ابو عامر، الطبعة الثانية، 1429هـ/2009م، مركز عبادي، صنعاء.
باعبود، علي
- الأسماك في الشواطي الحضرمية، في كتاب حضرموت فصول في التاريخ والثقافة والثروة، جمعها د. محمد أبوبكر حميد، جمعية أصدقاء علي أحمد باكثير، 1420هـ.
بامطرف، عمر عبدالله
- دمون قراءة في ماضيها والحاضر، بحث معد للنشر
باوزير، أحمد عوض
- الشعر الوطني العامي، مؤسسة الطباعة والنشر، عدن، 1982م.
- الوطنية في الشعر الشعبي، المركز اليمني للأبحاث الثقافية والآثار والمتاحف، المكلا، 1980م.
البطاطي، عبدالخالق عبدالله صالح
- إثبات ما ليس مثبوت من تاريخ يافع في حضرموت، الطبعة الأولى، 1409هـ/1989م، مطابع البلاد، جدة.
بكير، علي سالم
- رجال وكتب، دار حضرموت للدراسات والنشر، 2001م، المكلا.
بلدرم، حسن سعيد
- ديوان الشاعر المعلم سعيد سالم عوض باعديل لنقريز، جمعه أولاده، الطبعة الأولى، 1435هـ/2014م، مكتب إتقان للمطبوعات، تريم، حضرموت.
حداد، عبدالله صالح
- معجم شعراء العامية الحضارمة، الطبعة الاولى، 1437ه/2016م، مركز حضرموت للدراسات التاريخية والتوثيق والنشر.
سارجنت، روبرت
- نثر وشعر من حضرموت، ترجمة: سعيد محمد دحي، الطبعة الأولى، 1435هـ/2014م، الإمارات.
السقاف، جعفر محمد
- حامد المحضار كما عرفته، الطبعة الأولى، 1429هـ/2009م، تريم للدراسات والنشر، حضرموت.
السقاف، عبدالرحمن بن عبيد اللاه (ت 1375هـ)
- بضائع التابوت في نتف من تاريخ حضرموت، نسخة مخطوطة.
الصبان، عبدالقادر محمد
- الشعر الشعبي مع المزارعين، إدارة الثقافة والسياحة، مديرية سيئون م/ حضرموت
عبدالحق، المعلم الحضرمي (ت 1289هـ)
- الديوان المسمى: الوقائع فيما جرى بين آل تميم ويافع، جمعه واهتم بطبعه: السيد علي بن أحمد بن شهاب، 1315هـ، بومبي، الهند.
قرموص، أحمد علي حيمد (ت 1438هـ/2017م)
- الإبريز في شعر عبيد الانقريز، الطبعة الأولى، 1433هـ/2012م، مكتبة تريم الحديثة، حضرموت.
محروس، محمد عوض
- حضرموت والجوار القبلي التحالف والمواجهة، الطبعة الأولى، 1433هـ/2012م، مطبعة وحدين، المكلا، حضرموت.
[1])) سارجنت، نثر وشعر صـ31.
[2])) سارجنت، نثر وشعر صـ41.
[3])) بارجاء، ابو عامر صـ 67.
[4])) سارجنت ، نثر وشعر صـ44.
[5])) والد الشاعر والاديب الذائع الصيت ابي بكر بن شهاب، اديب ولد بتريم ودرس على علمائها ولع بالهجرة والتطواف، توفي بتريم سنة 1290هـ (حداد، معجم شعراء العامية صـ 162).
[6])) بكير، رجال وكتب صـ 21.
[7])) بكير، رجال وكتب صـ 26.
[8])) سعيد عبدالحق الدموني: عمل معلما للصبيان، ولد بتريم وتوفي بها سنة 1289هـ (حداد، معجم شعراء العامية صـ 116).
[9])) عبدالحق، الديوان صـ134.
[10])) بامطرف، دمون صـ31
[11])) عبدالحق، الديوان صـ2.
[12])) ولد بشبام وتوفي بها سنة 1290هـ، من شعراء القصيد (حداد، معجم شعراء العامية صـ 180).
[13])) ولد بغيل باوزير، شاعر مجيد في الغناء والقصيد والمساجلات، اشتغل بالزراعة ثم بحارا، ثم سلك سبيل الهجرة، توفي سنة 1418هـ (حداد، معجم شعراء العامية صـ 301).
[14])) الصبان، الوطنية في الشعر الشعبي صـ 10.
[15])) عبيد عوض باعديل لنقريز: ولد بتريم، كان اميا مهندسا جيدا شق طرقا ومهد عقابا، توفي بتريم سنة 1374هـ (حداد، معجم شعراء العامية صـ 210).
[16])) قرموص، الإبريز صـ15، صـ53.
[17])) سعيد سالم باعديل لنقريز: ولد بتريم، درس في المعلامة القران ومبادي القراءة والحساب، ثم درس في جمعية الحق، عمل في شق الطرق، قلدته ملكة بريطانيا وساما، توفي بتريم 1421هـ (بلدرم، ديوان باعديل صـ 6).
[18])) بلدرم، ديوان الشاعر المعلم سعيد سالم باعديل صـ 75.
[19])) ولد بالقطن وهاجر مبكِّرًا الى الهند، وزار حضرموت ثم عاد الى الهجرة وتوفي بها سنة 1374هـ (حداد، معجم شعراء العامية صـ 153).
[20])) السقاف، بضائع التابوت جـ 2 صـ14 ــ البطاطي، إثبات ما ليس مثبوت صـ 101، صـ 102ــ باوزير، الشعر الوطني العامي، ص؛ الصبان، الوطنية في الشعر الشعبي 16ــ السقاف، حامد المحضار صـ 14.
[21])) قرموص، الإبريز صـ12، صـ 43.
[22])) قرموص، الإبريز صـ18 ــ صـ 20.
[23])) حسين بن حامد المحضار: ولد بالقويرة بدوعن، أصبح وزيرًا للسلطان غالب ثم أخوه عمر، شاعر عامي مجيد من شعراء القصيد والزوامل، توفي بالمكلا سنة 1345هـ (حداد، معجم شعراء العامية صـ 63).
[24])) من مواليد جفل بشبام، من مشايخ الدولة الكثيرية ومن أعيانها، ومستشار السلطان، توفي بها حوالي سنة 1948م (حداد، معجم شعراء العامية صـ 80).
[25])) باحمدان، اشعار المحضار صـ 179.
[26])) قرموص، الإبريز صـ27.
[27])) السقاف، حامد المحضار صـ65.
[28])) أحمد بن محمد بن علوي المحضار: ولد بالرشيد بدوعن، درس بالوادي ومكة، توفي بالقويرة سنة 1304هـ (حداد، معجم شعراء العامية صـ 42).
[29])) محروس ، حضرموت والجوار القبلي صـ 332، بامطرف، دمون صـ33.
[30])) بلدرم، ديوان الشاعر المعلم سعيد سالم باعديل 79.
[31])) بلدرم، ديوان الشاعر المعلم سعيد سالم باعديل 59.
[32])) عبدالحق، الديوان صـ66.
[33])) الصبان، الشعر الشعبي مع المزارعين صـ 39.
[34])) العالم الباحث، ولد بتريم، ودرس بها وبزبيد والحجاز، عاد الى تريم ليدرس وبها كانت وفاته سنة 1265هـ (حداد، معجم شعراء العامية صـ 185).
[35])) الصبان، الشعر الشعبي مع المزارعين صـ 40
[36])) الصبان، الشعر الشعبي مع المزارعين صـ 16.
[37])) الصبان، الشعر الشعبي مع المزارعين صـ 15.
[38])) بلدرم، ديوان الشاعر المعلم سعيد سالم باعديل صـ 30.
[39])) لعله من مواليد تريم، هاجر الى أندونيسيا وبها وفاته في الربع الأول من القرن الرابع عشر (حداد، معجم شعراء العامية صـ 229).
[40])) الصبان، الشعر الشعبي مع المزارعين صـ 22 ــ25.
[41])) سارجنت، نثر وشعر صـ 288 ــ الصبان، الشعر الشعبي مع المزارعين صـ 28 ــ35.
[42])) مسند أبي يعلى جـ1 صـ353.
[43])) بلدرم، ديوان الشاعر المعلم سعيد سالم باعديل صـ 100.
[44])) بلدرم، ديوان الشاعر المعلم سعيد سالم باعديل صـ 26.
[45])) باعبود، الأسماك في الشواطي الحضرمية صـ 95.
[46])) قرموص، الإبريز صـ29.
[47])) ولد بتريم، من المشهورين بالمرح والنكتة رغم أمِّيتَّه، توفي سنة 1355هـ (حداد، معجم شعراء العامية صـ 208).
[48])) سارجنت، نثر وشعر صـ 241ــ، باوزير، الشعر الوطني العامي، ص56؛ بامطرف، دمون صـ 31.
[49])) الشاعر الشعبي الساخر، من الشحر ميلادًا ونشاة ووفاة في أواخر القرن الثالث عشر (حداد، معجم شعراء العامية صـ 250).
[50])) باوزير، الشعر الوطني العامي، ص57؛ محروس ، حضرموت والجوار القبلي صـ 332، بامطرف، دمون صـ31.
[51])) خميس سالم كندي: من الغرفة، امتهن الحياكة، هاجر الى الهند والصومال والحبشة معلِّمًا للصبيان، توفي بالإمارات سنة 1990م (حداد، معجم شعراء العامية صـ 74).
[52])) الصبان، الوطنية في الشعر الشعبي صـ 49 ــ 52.
[53])) باوزير، الشعر الوطني العامي، ص57؛ حداد، معجم شعراء العامية صـ 75.
[54])) عبدالقادر عمر التميمي الشعيرة: ولد بثبي، شاعر مجيد من شعراء القصيد، له نشاط سياسي واجتماعي توفي بأندونسيا سنة 1343هـ (حداد، معجم شعراء العامية صـ 165).
[55])) سارجنت، نثر وشعر صـ 260.
[56])) من مواليد حورة، من شعراء القصيد، هاجر إلى إندونسيا وأقام بمدينة شربون، فعُرِفَ بشاعر بلد شربون، توفي بها في عشرينيات القرن الرابع عشر (حداد، معجم شعراء العامية صـ 100).
[57])) سارجنت، نثر وشعر صـ 266، صــ268.
[58])) من شعراء القصيد المجيدين (حداد، معجم شعراء العامية صـ 206).
[59])) سارجنت، نثر وشعر صـ 224.
[60])) الشهير برحيم، من شعراء القصيد، توفي بتريم سنة 1980م (حداد، معجم شعراء العامية صـ 177).
[61])) سارجنت، نثر وشعر صـ 228
[62])) بكير، رجال وكتب صـ 27 ــ 30.
[63])) السقاف، بضائع التابوت جـ3 صـ148 – 149.
[64])) بلدرم، ديوان الشاعر المعلم سعيد سالم باعديل صـ 18.
[65])) بلدرم، ديوان الشاعر المعلم سعيد سالم باعديل صـ 90.
[66])) بلدرم، ديوان الشاعر المعلم سعيد سالم باعديل صـ 92.
[67])) بلدرم، ديوان الشاعر المعلم سعيد سالم باعديل صـ 94.