عتمة
إبداع
صالح سعيد بحرق
من زمن، كان يتمنى الشيء ولا يجده، وكان يعزو ذلك إلى أشياء دفينة فيه، إلى ضعف الإرادة، إلى عدم القدرة على صنع القرار، لكنه في أحيان يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى طبيعة حياة الحرمان، وشظف العيش، وحرمان الحب.
حدث مرة إلى أنه اشترى هدية لطفله، وما إن هم بإدخال يده في جيبه لإخراج النقود حتى تراجع، شعر بوخزات متتالية في ضميره، وانتكاسة حادة، وبكاء في صدره وتخاذل.
ها هو الآن في يوم عيد، وقد دخل محلًّا للملابس، اختار بدلة لطفله، بدلة أنيقة، أعجبته، وكانت النقود تكفي لشرائها، إلا أن امرأة بدينة، جاءت واشترت تلك البدلة، كان هو ينظر إليها في صمت، لم يستطع الكلام.
وفي الخارج كان يعد النقود ويقول: انها تكفي، فما الذي أعاقه؟
أسند رأسه بزجاج المعرض، وتأمل في ملامح عتمة تنمو داخله، تتفتح على كوى مثخنة بالخوف والخسارة.
ثم مشى باتجاه ناحية مظلمة من المدينة، يكون فيها قادرًا على قراءة نفسه من جديد، وإذ ذاك مضى لا يألو على شيء، يتفقد مواطن الضعف فيه، وعندما وصل إلى محطة الحافلات وصعد تلك الحافلة تبدت له طريق أخرى ما لبث ينشأ يمضي فيها مسرعًا، كانت الشمس ساطعة على جميع الأنحاء، وحمى السوق قد نشطت، وسمعت أصوات الباعة على مقربة منه، والدرب تحته يلامس شجنه، ويقوده إلى شمس جديدة، ستشرق في داخله، من جديد..