إبداع
أحمد عوض بن هامل
أَلَا لَيتَ لِي دَمعًا إذا عُزتُ أَنجَدَا
فَلَا السَّعدُ يَأتِينِي وَلَا الحُزنُ قَد بَدَا
ولَا العيشُ قَد يصفُو وَفِي مَا يَرَى الفَتَى
برِيئًا جَرِيحًا ، أَو شُجَاعًا مُقَيَّدًا
ولِلَّهِ أَطلَالٌ بِغَزَّةَ قَد خَوَتْ
تُجِيبُكَ إِن نَادَيتَ صَوتًا مُرَدَّدًا
أَلَحَّ عَلَيهَا القَصفُ حَتَّى وَجَدتُنِي
تَحَدَّرَ مِنِّي الدَّمعُ حَتَّى تَبَدَّدَا
أُتِيحَت عَلَيهَا النَّارُ مِن كُلِّ جَانِبٍ
وَهُدِّمَتِ الجُدرَانُ مَثنَى وَمَوحَدًا
أَأَبكِي عَلَى بَيتٍ وَقَد بَاتَ مُوحِشًا
أَمَ اْبكِي عَلَى هَدمٍ وَقَد كَانَ مَسجِدًا
أَلَا أَيُّهَا الجُرحُ الَّذِي ظَلَّ رَاعِفًا
يُداوَى بِخِذلَانٍ فَيَدمَى مُجَدَّدًا
وَيَا أَيُّهَا الأُسدُ الصَّنَادِيدُ فِي الوَغَى
ضَرَبتُم فَأَثخَنتُم عَدُوًّا مُؤَيَّدًا
أَتَاهُم سَحَابُ المَوتِ يَغشَى سَمَاءَهُم
فَأَبرَقَ هَطَّالٌ عَلَيهِم وَأَرعَدَا
رَمَيتُم فَسُدِّدتُم وَصُلتُم كَأَنَّمَا
قَسَاوِرُ تَجتَاحُ القَطِيعَ المُجَرَّدَا
فَللهِ دَرُّ الصَّامِدِينَ بِثَغرِهِم
إِذَا رَضِيَ النَّاسُ الفِرَاشَ المُوَسَّدَا
هُمُ العِزُّ إِن ذَلَّت رِقَابٌ ، وَأُطلِقَت
عَلَيهِم عُيُونُ الغَربِ يَرقُبنَ حُسَّدًا
تَكَالَبَتِ الدُّنيَا عَلَيهِم ، وَإِنَّهُم
لَأَظهَرُ مَن فِي الأَرضِ عِزًّا وسُؤدُدًا
ولِلهِ دَرُّكَ مِن خَطِيبٍ مُلَثَّمٍ
إِذَا قَالَ أَدنَى من أرَادَ ، وَأَبعَدَا
إِذَا قَامَ فِي الدُّنيَا خَطِيبًا بِمَشهَدٍ
مَهِيبٍ لَدَى الأَحرَارِ صَعبِ عَلَى العِدَى
أَلِكنِي إَلَيهِم بِالسَّلَامِ فَإِنَّنِي
أَرَى النَّجمَ يأبَى أَن يُعَالَى وَيُقصَدَا
ألَا لَيتَ شِعرِي هَل أَبِيتَنَّ لَيلَةً
بِغَزَّةَ أَم أَبقَى عَلَى الشَّوقِ مُقعَدًا؟
ويَالَيتَنِي أُعطِي قَصِيدِي حَمَامَةً
تُبَلِّغُهُ عَنِّي وإِن كُنتُ مُبعَدًا